رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

سعدية مفرح

كاتبة كويتية

مساحة إعلانية

مقالات

648

سعدية مفرح

مجرد فضفضة..!

14 يوليو 2025 , 05:41ص

تبدو الكلمات أحيانًا مجرد جسور عابرة، لا تُفضي إلا إلى الضفة التي نُريد أن نظهرها للعابرين، لا إلى أعماقنا حيث تقيم الحكايات الحقيقية. 

نحن نتحدث كثيرًا، نتبادل الأحاديث مع من نعرف ومن لا نعرف، نناقش ونُعلّق ونُعلِّم ونُجادل ونبتسم ونصغي ونتظاهر بالاهتمام أحيانًا… ولكن، هل كل حديث هو فضفضة؟ وهل كل من نتحدث إليه يجدر بنا أن نُسميه صديقًا؟

الحقيقة التي كثيرًا ما نهرب منها، أو نُخفيها خلف ضحكاتٍ مصطنعة، أن الفضفضة ليست ترفًا لفظيًا، بل طقس روحي خاص، لا يُمارَس إلا في حضرة من يُحسن الإصغاء من دون أن يُدين. وحدهم الذين نكاشفهم بالقلب قبل اللسان، هم الذين لا نُخجل منهم حين تنكسر أرواحنا، ولا نرتبك أمامهم إذا تلعثمت مشاعرنا، ولا نخاف من صمتهم لأن صمتهم ملاذ لا محكمة.

الفضفضة، ببساطة، هي تلك الحالة التي تخلع فيها النفس عباءتها الثقيلة، وتجثو على ركبتيها كطفلٍ يُريد أن ينام في حضنٍ آمن. هي ليست مجرد حديثٍ طويل، بل هي إفشاء أسرار الداخل، وإعلان هدنة مع الذات، ومناشدة دفءٍ إنساني لا يُشترى ولا يُطلب. ولهذا، لا يُمكن للمرء أن يُمارسها مع الجميع. الفضفضة فعل نخبوي خاص، يستحقه من ينصت ويحافظ على ما يُقال كما لو أنها صلاة سرية لا يجوز كشفها.

كم من مرة تحدّثنا إلى غرباء، وخرجنا من حديثنا كما دخلنا.. مثقلين! وكم من مرة جلسنا إلى أصدقاء العمر وخرجنا وقد تضاعف الألم! لأن الحديث لا يعني دائمًا البوح، والكلمات ليست دائمًا مفاتيح للراحة. هناك من يتحدث كثيرًا ويظل غريبًا عن نفسه، وهناك من يصمت طويلًا ثم يُلقي في حضرة من يحب كل ما في جوفه دفعة واحدة، وكأنه كان ينتظر هذا الحضن العاطفي كي ينهار.

والقلوب، حين تُحب، لا تسأل كثيرًا، لكنها تُنصت أكثر مما نظن، وتلتقط خبايا الوجع بلا حاجة إلى تفصيل. ولذا، لا عجب أن كنا نفضّل الصمت على الإفصاح حين نفتقد هذا النوع من القلوب، فنمشي بين الناس كأننا نؤدي أدوارًا محفوظة، بينما الجزء الأصدق فينا يظل ساكنًا في الأعماق، لا يُخاطب إلا حين يُطل من نُحب.

في تفاصيل يومنا، أشياء لا تُقال، لا لأنها تُخجلنا، بل لأنها لا تستحق أن تُقال إلا لمن يعرف كيف يراها بعين القلب. تلك التفاصيل الصغيرة والبسيطة والتي لا تعني لأحد شيئًا، لكنها تحمل لنا معنى العالم كله، لا نفصح عنها إلا لأرواح تشبهنا، أرواح عرفناها ربما مصادفة لكننا أحببناها عمدًا. هؤلاء، هم الذين نكتب لهم نصوصنا غير المكتوبة، ونُهديهم لحظاتنا الموشاة بالصمت، ونُشاطرهم اتساع قلوبنا حين تضيق الدنيا.

نعم.. يبقى دائما بحاجة إلى هذا الواحد الذي لا يُشبه غيره. الواحد الذي نُحب أن نُحادثه قبل أن ننام، لا لنتحدث عن قضايا العالم الكبرى ولا عن مسارات الحرب التي نسمع ضجيجها حولنا، بل لنسرد له كيف علقنا ملابسنا على المشجب فانقطع منها زر مهمل، وكيف نسينا المفاتيح فاضطررنا للعودة، وكيف شعرنا بالحزن من كلمة عابرة، أو بالفرح من أغنية في الطريق. نبوح له بكل هذا وكأننا نعترف، لا لأنّ ما نبوح به عظيم، بل لأن الإصغاء في وجدانه يُعطي لكل شيء أهمية.

أن تفتح قلبك لأحد، يعني أنك منحته مفاتيح العزلة، وأذنت له بأن يُقيم في منطقة لا يصل إليها غيره. ولهذا، لا أحد يستحق هذه المفاتيح إلا من أثبت أنه لن يستعملها إلا ليُضيء المكان.

اقرأ المزيد

alsharq حين تضعف منظومة الحكم الرشيد

لم يعد مشهد الاحتجاجات والحراك الشبابي مفاجئًا لنا وللمراقبين في عالمٍ يتغير بسرعة مذهلة، وحيث تتقاطع الأزمات الاقتصادية... اقرأ المزيد

234

| 22 أكتوبر 2025

alsharq خطاب سمو الأمير.. رؤية واضحة ومسار وطني راسخ

جاء خطاب حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، في افتتاح دور الانعقاد... اقرأ المزيد

99

| 22 أكتوبر 2025

alsharq الجعفراوي.. شهادة سبقت الرحى

في آخر مشاهد حياته، ظهر صحفي الجزيرة صالح الجعفراوي في مقطع مصور تداولته وسائل التواصل الاجتماعي، ممددا على... اقرأ المزيد

159

| 22 أكتوبر 2025

مساحة إعلانية