رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
فشلت إدارة باراك أوباما في المهمة التي أخذتها على عاتقها بتسهيل استئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، واعترفت بالفشل لكنها موَّهته بأنها تجري مراجعة لخياراتها بالنسبة إلى الشرق الأوسط، وقال ناطق الخارجية: "نغير تكتيكاتنا ولا نغير استراتيجيتنا"، وكأن العالم لم يختبر هذه الاستراتيجية على مدى العقدين الأخيرين ولم يتلمس إخفاقاتها المتتالية، ويكفي أن "عملية السلام" لم تتوصل إلى بداية سلام بل مكنت إسرائيل من الدفاع عن احتلالها وحمايته مستندة تحديدا إلى التأييد الأمريكي الثابت لسياساتها وانتهاكاتها للقانون الدولي سواء في الاستيطان أو في حصار غزة.
هذا الفشل أثار استياء وارتباكا في العالم العربي، مع تساؤلات عن البدائل، فيما بدت مظاهر الارتياح واضحة لدى إسرائيل التي لا تنضب بدائلها، لكن إدارة أوباما جريا على عادة الإدارات الأمريكية، لا تحمل إسرائيل مسؤولية فشلها، وإذا اضطرت فإنها توزع المسؤولية بين الطرفين لئلا تواجه مطالبات بمحاسبة من يعرقل السلام، كان الرئيس الأسبق بيل كلينتون مثلا قد استخلص من مفاوضات كامب ديفيد عام 2000 أن الجانب الفلسطيني هو الذي أفشل المسعى الذي خاضه شخصيا، وقيل يومذاك إنه أراد إنقاذ حليفه ايهود باراك من تفاعلات أزمة داخلية كانت بدأت تتفاقم في انتظار عودته من المفاوضات، وطبعا، لم ينقذه بل أعطى معارضيه ذرائع إضافية للإجهاز على حكومته، وبالتالي فرضت انتخابات مبكرة، لكن كلينتون تسبب باندلاع انتفاضة فلسطينية وبانفجار الوحشية الإسرائيلية، أكثر من ذلك ودع كلينتون البيت الأبيض بوصية إلى خلفه جورج دبليو بوش نصحه فيها بعدم التعامل مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وهو ما ترجمه بوش بعدم إعطاء أولوية للملف الشرق أوسطي في بداية عهده.
قد تكون واشنطن أجرت تلك "المراجعة" فعلا، لكن عودة المبعوث الخاص جورج ميتشل تعني للمراقبين أن الإدارة لم تنتج أفكارا جديدة ولم تبلور أي مبادرة يمكن أن تشكل الانطلاقة الجديدة للمفاوضات، كما سمتها وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، كان ميتشل اشتغل طوال ما يقرب من عامين للتوصل أولاً إلى تجميد الاستيطان، ثم لإجراء مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين، ثم لترتيب إطلاق المفاوضات المباشرة ودائما على أساس أن الاستيطان مجمد، في مختلف المراحل كانت الجهة التي تسهل أو تعرقل هي إسرائيل، وفي يوليو الماضي طلب بنيامين نتنياهو الانتقال من غير المباشر إلى المباشر، واستطاع إقناع أوباما بوجهة نظره بل اتفق معه على ضرورة الضغط على الفلسطينيين والعرب كي يوافقوا على هذه الخطوة.
لم تتبرع إدارة أوباما بأي تفسير سياسي منطقي لاتفاق مع نتنياهو، وقد ربط آنذاك بحتمية استقطاب اللوبي اليهودي قبيل انتخابات التجديد النصفي لمجلس الكونجرس، إلا أن الجمهوريين هم الذين فازوا فيها، ولم يخفِ الإسرائيليون اغتباطهم بهزيمة أوباما وحزبه الديمقراطي، وقيل إن أوباما اعتبر أن إلحاح نتنياهو للانتقال إلى مفاوضات مباشرة يعني انه مستعد فعلا لمفاوضات جدية وهادفة، لذلك وافق على فكرته معتقدا أن هناك "فرصة" يجب ألا تفوت، قيل أيضا ان اوباما يريد بأي شكل أن يتسرع الطرفان في التفاوض لأنه في هذه الحال فقط تستطيع واشنطن أن تلعب دورا وأن تمارس ضغطا على إسرائيل، لكن "الفرصة" تبدو الآن وقد بددت وضاعت، تماماً كما خطط لها الإسرائيليون الذين دخلوا عمليا على استراتيجية أوباما وعملوا على تخريبها من داخلها، وقد تمكنوا من ذلك بفضل أشخاص في الطاقم الأمريكي المشرف على ملف المفاوضات.
الآن، وفقاً لـ"التكتيكات" الجديدة، لن يعود الأمريكيون إلى القول بوجوب تجميد الاستيطان، بل أصبح واضحا أنهم سيرمون هذه الورقة مع علمهم بأن الفلسطينيين والعرب متمسكون بها، وسيكون على هؤلاء أن يفهموا ماذا يعني "تخلي الولايات المتحدة عن محاولة إقناع الإسرائيليين بتجميد الاستيطان"، إذ لابد أن يعني أن هذه الورقة لن تعود في التداول، أي أن واشنطن قررت ترك الإسرائيليين يبنون في أراض سطوا عليها لتعود فتطالب الفلسطينيين بالتفاوض من دون شروط، وفي ذلك دليل جديد على أن الموقف الأمريكي من الاستيطان لا يقوم على اعتبارات القانون الدولي وإنما على تكتيكات التفاوض بل في ذلك خصوصاً رضوخ أمريكي لمطلب كان نتنياهو وضعه باكراً على الطاولة قائلاً إن الفلسطينيين تمسكوا بوقف الاستيطان لأن أوباما هو من بادر إلى جعله خطوة أولى لابد منها قبل بدء التفاوض، فإذا تخلى عنها – كما يفعل الآن مضطرا –سيتخلى الفلسطينيون عنها مضطرين لأن خياراتهم البديلة عديمة الفاعلية.
وحتى لو وجدت هذه الخيارات فإن واشنطن أبلغت العرب مسبقاً أنها لن تتردد باستخدام "الفيتو"، فهي ترفض إعادة الملف الفلسطيني إلى مجلس الأمن لأنه يرمي إلى رفع اليد الأمريكية عن هذا الملف، كما أنها لن تؤيد قراراً دولياً بإنشاء دولة فلسطينية ما دام أنه سيصدر من خارج التفاوض، وهكذا فإن أمريكا تبقى إلى جانب إسرائيل في مختلف الأحوال، سواء أفشلتها أو أنجحتها، من هنا فإن الارتباك العربي إزاء الفشل الأمريكي لن يساهم في إنتاج أي بدائل جدية يمكن أن تزعج واشنطن أكثر مما تزعج إسرائيل.
الأسوأ من الفشل الأمريكي هو منهج إضاعة الوقت الذي فرضته اسرائيل لتمضية ما تبقى من ولاية أوباما من دون مفاوضات، والأخطر أنها ماضية في استغلال الجمود بسلسلة إجراءات من شأنها أن تفسد أي اتفاق سلام مقبل، سواء بتكريس يهودية الدولة أو بالتضييق على فلسطينيي "48" أو بتهويد القدس وتهويد الأماكن المقدسة الإسلامية، فهذا أيضا "استيطان" من نوع آخر ولا تبدو الولايات المتحدة مدركة لمخاطره.
النهايات السوداء!
تمتاز المراحل الإنسانية الضبابية والغامضة، سواء على مستوى الدول أو الأفراد، بظهور بعض الشخصيات والحركات، المدنية والمسلحة، التي... اقرأ المزيد
216
| 12 ديسمبر 2025
عام على رحيل الأسد وانتصار الشعب
كان منتدى الدوحة المنعقد يومي 6 و7 ديسمبر الجاري فرصة متاحة للرئيس أحمد الشرع حتى يستخلص العبر من... اقرأ المزيد
81
| 12 ديسمبر 2025
نسيج الإنسان في مدارس قطر
اسمي موناليزا… نعم، أعرف ماذا تفكّرون الآن! مثل اللوحة الإيطالية الشهيرة تمامًا، لكن بيننا فرق بسيط: هي تجلس... اقرأ المزيد
120
| 12 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول شعاع يلامس مياه الخليج الهادئة، من المعتاد أن أقصد شاطئ الوكرة لأجد فيه ملاذا هادئا بعد صلاة الفجر. لكن ما شهده الشاطئ اليوم لم يكن منظرا مألوفا للجمال، بل كان صدمة بصرية مؤسفة، مخلفات ممتدة على طول الرمال النظيفة، تحكي قصة إهمال وتعدٍ على البيئة والمكان العام. شعرت بالإحباط الشديد عند رؤية هذا المنظر المؤسف على شاطئ الوكرة في هذا الصباح. إنه لأمر محزن حقا أن تتحول مساحة طبيعية جميلة ومكان للسكينة إلى مشهد مليء بالمخلفات. الذي يصفه الزوار بأنه «غير لائق» بكل المقاييس، يثير موجة من التساؤلات التي تتردد على ألسنة كل من يرى المشهد. أين الرقابة؟ وأين المحاسبة؟ والأهم من ذلك كله ما ذنب عامل النظافة المسكين؟ لماذا يتحمل عناء هذا المشهد المؤسف؟ صحيح أن تنظيف الشاطئ هو من عمله الرسمي، ولكن ليس هو المسؤول. والمسؤول الحقيقي هو الزائر أولا وأخيرا، ومخالفة هؤلاء هي ما تصنع هذا الواقع المؤلم. بالعكس، فقد شاهدت بنفسي جهود الجهات المختصة في المتابعة والتنظيم، كما لمست جدية وجهد عمال النظافة دون أي تقصير منهم. ولكن للأسف، بعض رواد هذا المكان هم المقصرون، وبعضهم هو من يترك خلفه هذا الكم من الإهمال. شواطئنا هي وجهتنا وواجهتنا الحضارية. إنها المتنفس الأول للعائلات، ومساحة الاستمتاع بالبيئة البحرية التي هي جزء أصيل من هويتنا. أن نرى هذه المساحات تتحول إلى مكب للنفايات بفعل فاعل، سواء كان مستخدما غير واعٍ هو أمر غير مقبول. أين الوعي البيئي لدى بعض رواد الشاطئ الذين يتجردون من أدنى حس للمسؤولية ويتركون وراءهم مخلفاتهم؟ يجب أن يكون هناك تشديد وتطبيق صارم للغرامات والعقوبات على كل من يرمي النفايات في الأماكن غير المخصصة لها، لجعل السلوك الخاطئ مكلفا ورادعا.
4347
| 05 ديسمبر 2025
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو الطيب» يتألق في نَظْم الشعر.. وفي تنظيم البطولات تتفوق قطر - «بطولة العرب» تجدد شراكة الجذور.. ووحدة الشعور - قطر بسواعد أبنائها وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر باستضافتها الناجحة للبطولات - قطر تراهن على الرياضة كقطاع تنموي مجزٍ ومجال حيوي محفز - الحدث العربي ليس مجرد بطولة رياضية بل يشكل حدثاً قومياً جامعاً -دمج الأناشيد الوطنية العربية في نشيد واحد يعبر عن شراكة الجذور ووحدة الشعور لم يكن «جحا»، صاحب النوادر، هو الوحيد الحاضر، حفل افتتاح بطولة «كأس العرب»، قادماً من كتب التراث العربي، وأزقة الحضارات، وأروقة التاريخ، بصفته تعويذة البطولة، وأيقونتها النادرة. كان هناك حاضر آخر، أكثر حضوراً في مجال الإبداع، وأبرز تأثيراً في مسارات الحكمة، وأشد أثرا في مجالات الفلسفة، وأوضح تأثيرا في ملفات الثقافة العربية، ودواوين الشعر والقصائد. هناك في «استاد البيت»، كان من بين الحضور، نادرة زمانه، وأعجوبة عصره، مهندس الأبيات الشعرية، والقصائد الإبداعية، المبدع المتحضر، الشاعر المتفاخر، بأن «الأعمى نظر إلى أدبه، وأسمعت كلماته من به صمم»! وكيف لا يأتي، ذلك العربي الفخور بنفسه، إلى قطر العروبة، ويحضر افتتاح «كأس العرب» وهو المتباهي بعروبته، المتمكن في لغة الضاد، العارف بقواعدها، الخبير بأحكامها، المتدفق بحكمها، الضليع بأوزان الشعر، وهندسة القوافي؟ كيف لا يأتي إلى قطر، ويشارك جماهير العرب، أفراحهم ويحضر احتفالاتهم، وهو منذ أكثر من ألف عام ولا يزال، يلهم الأجيال بقصائده ويحفزهم بأشعاره؟ كيف لا يأتي وهو الذي يثير الإعجاب، باعتباره صاحب الآلة اللغوية الإبداعية، التي تفتّقت عنها ومنها، عبقريته الشعرية الفريدة؟ كيف لا يحضر فعاليات «بطولة العرب»، ذلك العربي الفصيح، الشاعر الصريح، الذي يعد أكثر العرب موهبة شعرية، وأكثرهم حنكة عربية، وأبرزهم حكمة إنسانية؟ كيف لا يحضر افتتاح «كأس العرب»، وهو الشخصية الأسطورية العربية، التي سجلت اسمها في قائمة أساطير الشعر العربي، باعتباره أكثر شعراء العرب شهرة، إن لم يكن أشهرهم على الإطلاق في مجال التباهي بنفسه، والتفاخر بذاته، وهو الفخر الممتد إلى جميع الأجيال، والمتواصل في نفوس الرجال؟ هناك في الاستاد «المونديالي»، جاء «المتنبي» من الماضي البعيد، قادماً من «الكوفة»، من مسافة أكثر من ألف سنة، وتحديداً من العصر العباسي لحضور افتتاح كأس العرب! ولا عجب، أن يأتي «أبو الطيب»، على ظهر حصانه، قادماً من القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي، لمشاركة العرب، في تجمعهم الرياضي، الذي تحتضنه قطر. وما من شك، في أن حرصي على استحضار شخصية «المتنبي» في مقالي، وسط أجواء «كأس العرب»، يستهدف التأكيد المؤكد، بأن هذا الحدث العربي، ليس مجرد بطولة رياضية.. بل هو يشكل، في أهدافه ويختصر في مضامينه، حدثاً قومياً جامعاً، يحتفل بالهوية العربية المشتركة، ويحتفي بالجذور القومية الجامعة لكل العرب. وكان ذلك واضحاً، وظاهراً، في حرص قطر، على دمج الأناشيد الوطنية للدول العربية، خلال حفل الافتتاح، ومزجها في قالب واحد، وصهرها في نشيد واحد، يعبر عن شراكة الجذور، ووحدة الشعور، مما أضاف بعداً قومياً قوياً، على أجواء البطولة. ووسط هذه الأجواء الحماسية، والمشاعر القومية، أعاد «المتنبي» خلال حضوره الافتراضي، حفل افتتاح كأس العرب، إنشاد مطلع قصيدته الشهيرة التي يقول فيها: «على قدر أهل العزم تأتي العزائم» «وتأتي على قدر الكرام المكارم» والمعنى المقصود، أن الإنجازات العظيمة، لا تتحقق إلا بسواعد أصحاب العزيمة الصلبة، والإرادة القوية، والإدارة الناجحة. معبراً عن إعجابه بروعة حفل الافتتاح، وانبهاره، بما شاهده في عاصمة الرياضة. مشيداً بروعة ودقة التنظيم القطري، مشيراً إلى أن هذا النجاح الإداري، يجعل كل بطولة تستضيفها قطر، تشكل إنجازاً حضارياً، وتبرز نجاحاً تنظيمياً، يصعب تكراره في دولة أخرى. وهكذا هي قطر، بسواعد أبنائها، وعزيمة رجالها، وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر، خلال استضافتها الناجحة للبطولات الرياضية، وتنظيمها المبهر للفعاليات التنافسية، والأحداث العالمية. وخلال السنوات الماضية، تبلورت في قطر، مرتكزات استراتيجية ثابتة، وتشكلت قناعات راسخة، وهي الرهان على الرياضة، كقطاع تنموي منتج ومجزٍ، ومجال حيوي محفز، قادر على تفعيل وجرّ القطاعات الأخرى، للحاق بركبه، والسير على منواله. وتشغيل المجالات الأخرى، وتحريك التخصصات الأخرى، مثل السياحة، والاقتصاد، والإعلام والدعاية، والترويج للبلاد، على المستوى العالمي، بأرقى حسابات المعيار العالمي. ويكفي تدشينها «استاد البيت»، ليحتضن افتتاح «كأس العرب»، الذي سبق له احتضان «كأس العالم»، وهو ليس مجرد ملعب، بل رمز تراثي، يجسد في تفاصيله الهندسية، معنى أعمق، ورمزا أعرق، حيث يحمل في مدرجاته عبق التراث القطري، وعمل الإرث العربي. وفي سياق كل هذا، تنساب في داخلك، عندما تكون حاضراً في ملاعب «كأس العرب»، نفحات من الروح العربية، التي نعيشها هذه الأيام، ونشهدها في هذه الساعات، ونشاهدها خلال هذه اللحظات وهي تغطي المشهد القطري، من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه. وما من شك، في أن تكرار نجاحات قطر، في احتضان البطولات الرياضية الكبرى، ومن بينها بطولة «كأس العرب»، بهذا التميز التنظيمي، وهذا الامتياز الإداري، يشكل علامة فارقة في التنظيم الرياضي. .. ويؤكد نجاح قطر، في ترسيخ مكانتها على الساحة الرياضية، بصفتها عاصمة الرياضة العربية، والقارية، والعالمية. ويعكس قدرتها على تحقيق التقارب، بين الجماهير العربية، وتوثيق الروابط الأخوية بين المشجعين، وتوطيد العلاقات الإنسانية، في أوساط المتابعين! ولعل ما يميز قطر، في مجال التنظيم الرياضي، حرصها على إضافة البعد الثقافي والحضاري، والتاريخي والتراثي والإنساني، في البطولات التي تستضيفها، لتؤكد بذلك أن الرياضة، في المنظور القطري، لا تقتصر على الفوز والخسارة، وإنما تحمل بطولاتها، مجموعة من القيم الجميلة، وحزمة من الأهداف الجليلة. ولهذا، فإن البطولات التي تستضيفها قطر، لها تأثير جماهيري، يشبه السحر، وهذا هو السر، الذي يجعلها الأفضل والأرقى والأبدع، والأروع، وليس في روعتها أحد. ومثلما في الشعر، يتصدر «المتنبي» ولا يضاهيه في الفخر شاعر، فإن في تنظيم البطولات تأتي قطر، ولا تضاهيها دولة أخرى، في حسن التنظيم، وروعة الاستضافة. ولا أكتب هذا مديحاً، ولكن أدوّنه صريحاً، وأقوله فصيحاً. وليس من قبيل المبالغة، ولكن في صميم البلاغة، القول إنه مثلما يشكل الإبداع الشعري في قصائد «المتنبي» لوحات إبداعية، تشكل قطر، في البطولات الرياضية التي تستضيفها، إبداعات حضارية. ولكل هذا الإبداع في التنظيم، والروعة في الاستضافة، والحفاوة في استقبال ضيوف «كأس العرب».. يحق لدولتنا قطر، أن تنشد، على طريقة «المتنبي»: «أنا الذي حضر العربي إلى ملعبي» «وأسعدت بطولاتي من يشجع كرة القدمِ» وقبل أن أرسم نقطة الختام، أستطيع القول ـ بثقة ـ إن هناك ثلاثة، لا ينتهي الحديث عنهم في مختلف الأوساط، في كل الأزمنة وجميع الأمكنة. أولهم قصائد «أبو الطيب»، والثاني كرة القدم باعتبارها اللعبة الشعبية العالمية الأولى، أمــــا ثالثهم فهي التجمعات الحاشدة، والبطولات الناجحة، التي تستضيفها - بكل فخر- «بلدي» قطر.
2271
| 07 ديسمبر 2025
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب مجرد خيبة رياضية عابرة، بل كانت صدمة حقيقية لجماهير كانت تنتظر ظهوراً مشرفاً يليق ببطل آسيا وبمنتخب يلعب على أرضه وبين جماهيره. ولكن ما حدث في دور المجموعات كان مؤشراً واضحاً على أزمة فنية حقيقية، أزمة بدأت مع اختيارات المدرب لوبيتيغي قبل أن تبدأ البطولة أصلاً، وتفاقمت مع كل دقيقة لعبها المنتخب بلا هوية وبلا روح وبلا حلول! من غير المفهوم إطلاقاً كيف يتجاهل مدرب العنابي أسماء خبرة صنعت حضور المنتخب في أكبر المناسبات! أين خوخي بوعلام و بيدرو؟ أين كريم بوضياف وحسن الهيدوس؟ أين بسام الراوي وأحمد سهيل؟ كيف يمكن الاستغناء عن أكثر اللاعبين قدرة على ضبط إيقاع الفريق وقراءة المباريات؟ هل يعقل أن تُستبعد هذه الركائز دفعة واحدة دون أي تفسير منطقي؟! الأغرب أن المنتخب لعب البطولة وكأنه فريق يُجرَّب لأول مرة، لا يعرف كيف يبني الهجمة، ولا يعرف كيف يدافع، ولا يعرف كيف يخرج بالكرة من مناطقه. ثلاث مباريات فقط كانت كفيلة بكشف حجم الفوضى: خمسة أهداف استقبلتها الشباك مقابل هدف يتيم سجله العنابي! هل هذا أداء منتخب يلعب على أرضه في بطولة يُفترض أن تكون مناسبة لتعزيز الثقة وإعادة بناء الهيبة؟! المؤلم أن المشكلة لم تكن في اللاعبين الشباب أنفسهم، بل في كيفية إدارتهم داخل الملعب. لوبيتيغي ظهر وكأنه غير قادر على استثمار طاقات عناصره، ولا يعرف متى يغيّر، وكيف يقرأ المباراة، ومتى يضغط، ومتى يدافع. أين أفكاره؟ أين أسلوبه؟ أين بصمته التي قيل إنها ستقود المنتخب إلى مرحلة جديدة؟! لم نرَ سوى ارتباك مستمر، وخيارات غريبة، وتبديلات بلا معنى، وخطوط مفككة لا يجمعها أي رابط فني. المنتخب بدا بلا تنظيم دفاعي على الإطلاق. تمريرات سهلة تخترق العمق، وأطراف تُترك بلا رقابة، وتمركز غائب عند كل هجمة. أما الهجوم، فقد كان حاضراً بالاسم فقط؛ لا حلول، لا جرأة، لا انتقال سريع، ولا لاعب قادر على صناعة الفارق. كيف يمكن لفريق بهذا الأداء أن ينافس؟ وكيف يمكن لجماهيره أن تثق بأنه يسير في الطريق الصحيح؟! الخروج من دور المجموعات ليس مجرد نتيجة سيئة، بل مؤشر مخيف! فهل يدرك الجهاز الفني حجم ما حدث؟ هل يستوعب لوبيتيغي أنه أضاع هوية منتخب بطل آسيا؟ وهل يتعلم من أخطاء اختياراته وإدارته؟ أم أننا سننتظر صدمة جديدة في استحقاقات أكبر؟! كلمة أخيرة: الأسئلة كثيرة، والإجابات حتى الآن غائبة، لكن من المؤكّد أن العنابي بحاجة إلى مراجعة عاجلة وحقيقية قبل أن تتكرر الخيبة مرة أخرى.
2241
| 10 ديسمبر 2025