رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

العزب الطيب الطاهر

العزب الطيب الطاهر

مساحة إعلانية

مقالات

331

العزب الطيب الطاهر

إشارات الانتفاضة الثالثة

12 أكتوبر 2015 , 01:41ص

تلوح في الأفق بقوة إشارات انتفاضة فلسطينية ثالثة. رغم حرص كل من السلطة الوطنية. بقيادة الرئيس محمود عباس أبو مازن وسلطة الاحتلال الصهيوني على تجنبها. بيد أن عدوانية السلطة الأخيرة واستمرائها القتل الممنهج. ضد الفلسطينيين على نحو ينطوي على كافة ألوان الاستهانة بهم كبشر وكمواطنين. فضلا عن استمرارها في تدنيس مقدساتهم وفي مقدمتها قدس الأقداس - المسجد الأقصى -الذي لم تفتر همة قطعان المستوطنين مدعومين بقوات الأمن والجيش. عن اقتحامه بصورة يومية في تحد سافر للمشاعر الدينية تدفع الأمور دفعا. إلى تبني خيار الانتفاضة والتي ستكون هذه المرة أكثر اندفاعا. وربما تتجه إلى تعميق فعل العسكرة. بحسبان أن منهجية الخيارات السلمية التي اتبعت على مدى العقد والنصف الفائتين. لم تفض إلا إلى المزيد من عدوانية الكيان وقطعان مستوطنيه. والتهام المزيد من الأراضي ضمن مشروعه الاستيطاني الاستعماري الذي تطبقه حكوماته المتعاقبة. والذي اتسع نطاقه في زمن بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الأشد تطرفا من فرط تشكلها من عتاة المستوطنين. الذين باتوا يفرضون معادلتهم التلمودية على المشهد الصهيوني الداخلي برمته. خشية انفراط عقد التحالف الذي يربطهم بالإرهابي الأكبر نتنياهو.

واللافت أن موجات الغضب الفلسطيني باتت تنطلق من كل أنحاء فلسطين. سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة أو داخل الأراضي التي احتلت في العام 1948. فتوحد الفلسطينيون ربما للمرة الأولى منذ عقود في مواجهة النزوع العدواني الصهيوني. الذي لا يترك المقدس أو البشر أو الحجر. دون أن يطاله بشراسته التي تؤكد أنه ما زال سادرا في غيه وماضيا في مشروعه. لإنهاء كل ما هو فلسطيني وتكريس وجوده الغاصب. بصرف النظر عن كل ما يتردد عبثا من حلول ومبادرات وخيارات سلام. لأنها لم تعد قادرة على ردع المعتدي. وإنما تكتفي فقط بتوجيه فوهاتها إلى الطرف المعتدى الضحية المحتل. والذي قدم على مدى ثلاثة عقود كل ما يمكن اعتباره محفزا للطرف الآخر. لكي يقبل بمعادلة سلام تقوم على انسحابه من الأراضي المحتلة في يونيو من العام 1967. مقابل القبول بإقامة علاقات طبيعية معه. بل إن ثمة دولتين عربيتين هما مصر والأردن وقعتا معه بالفعل على اتفاقيتي سلام معه ورغم ذلك لم يتخل مطلقا عن منظوره العدواني للدولتين وشعبهما.

ووفق قناعتي أنه لم يعد خيار أمام الفلسطينيين سوى الانخراط في انتفاضة ثالثة. على الرغم مما يبدو من كلفة عالية قد تصل إلى حد قيام جيش الاحتلال الصهيوني. بعملية اجتياح واسعة لمدن الضفة الغربية وربما قطاع غزة. بعد مشاركة شبابه بقوة في موجة الغضب الراهنة. والأثمان الباهظة التي تدفعها الشعوب من أجل نيل حريتها واستقلالها هي واحدة من حقائق التاريخ والذي حفل بتضحيات الشعوب خلال مقاومتها للمحتل والغاصب وبعضها تجاوز مداه الزمني أكثر من 130 عاما مثل الشعب الجزائري الذي قدم مليون شهيد من شعبه لكنه في الأخير استعادة هويته التي كادت فرنسا الاستعمارية أن تمحوها من الحضور، ورفل في أثواب استقلاله. ومن ثم فإنه ينبغي أن يتوقف المرجفون والرافضون للانخراط في المقاومة بكل أشكالها ضد العدو الصهيوني الشديد الشعور بغطرسة القوة التي يمتلك بالفعل مقوماتها من جراء الإسناد الأمريكي والذي بلغ منذ سنوات مستوى التحالف الإستراتيجي معه وتبنى عقيدة تقوم على ضمان أمنه وضمان تفوقه العسكري على كافة جيرانه من العرب وغير العرب.

إن عبارة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر التي قالها في أعقاب هزيمة يونيو 1967 والتي أكد فيها أن ما أخذ بالقوة لا يسترد بالقوة ما زالت صالحة وقابلة للتطبيق في فلسطين على الرغم مما يبدو من ميل ميزان القوة لصالح العدو الصهيوني على نحو يتجاوز بكثير إمكانات الشعب الفلسطيني. غير أن الروح القتالية والنضالية لهذا الشعب بمقدورها أن تتغلب على هذا العامل. وقد تحقق ذلك في أمثلة تفوق الكيان المدعوم بالأساس من قوى خارجية فالشعب الفيتنامي أنجز انتصاراته على الولايات المتحدة الأمريكية - القوة العالمية الأولى - في سبعينيات القرن الفائت والشعب الأفغاني أجبر الاتحاد السوفييتي – القوة العالمية الثانية- على الانسحاب من أراضيه ثمانينات القرن نفسه.

ولكن تجسيد هذه الحقيقة على الأرض. ولضمان انتفاضة قوية على الأرض يمكنها أن تسفر عن تغيير المعادلة السائدة في الأراضي المحتلة. لصالح حقوق الشعب الفلسطيني يتعين تحقيق جملة من المطالب:

أولا: الإسراع بتوحيد جهود كل الفصائل الفلسطينية والسعي إلى تجاوز كل خلافاتها لاسيَّما فتح وحماس. واللتان تمتلكان المساحة الشعبية الأوسع والقدرات التنظيمية الأكثر رسوخا. فمعادلة الخلاف التي ظلت سائدة منذ يونيو 2007 يجب أن تنتهي فورا وأن تتم إزالة كل مخلفاتها التي أضرمت نيران الكراهية والتناقض بين مشروعين. هما في الأساس موجهان للتحرير وليس لإشعال فتيل الحرب بينهما. إن القدس والأقصى والشهداء الذين رحلوا خلال الأيام القليلة الماضية ومن قبل ومن بعد. وكل الحقوق المغتصبة والأسرى الذين ما زالوا قابعين في سجون الاحتلال. والأطفال والأسر الذين قتلوا حرقا وبالرصاص الحي والمطاطي. يستحقون أن تتوحد من أجلهم كل الإمكانات النضالية للقوى الحية الفلسطينية.

ففي ظل استمرار الخلافات والتناقضات والانتهاكات المتبادلة فرض العدو معادلاته الاستيطانية والاستعمارية. وتمدد إلى القدس لتهويدها وأقصاها لتقسيمه زمانيا ومكانيا. تكفي كل هذه السنوات من غياب المصالحة.

ثانيا: إن النظام الإقليمي العربي مطالب بالتخلي عن دبلوماسيته الهادئة والناعمة. في التعاطي مع الكيان المحتل والعدو الذي ما زال يحتل الأرض.

إن لغة خطاب جديدة مطلوبة في المرحلة الراهنة. فلم تعد عبارة "السلام خيارنا الإستراتيجي" ملائمة للتعامل مع عدوانية قطعان بني صهيون. بالطبع لا أدعو إلى إعلان حالة الحرب من قبل الدول العربية. فذلك أدرك مدى صعوبته إلى حد الاستحالة في المرحلة الراهنة على الأقل. بفعل سيطرة حالة اضطراب غير مسبوقة على الأمة ودولها. والتي دفعتها دفعا إلى إزاحة القضية الفلسطينية من مرتبة القضية المركزية الأولى. إلى خانة القضية العادية النمطية اليومية التي لم تعد تلهم حماسا أو تحظى بتأييد مثلما كان الحال عليه قبل ثورات الربيع العربي. وفي الوقت نفسه فإن انتفاضة الشعب الفلسطيني المرتقبة. في حاجة إلى شبكة أمان مالية عربية وثمة قرارات صدرت في هذا الاتجاه منذ قمة بغداد في 2012. قضت بتوفير مائة مليون دولار للسلطة الوطنية شهريا مازالت بمنأى عن التزام أغلبية الدول العربية - ما عدا قلة قليلة - وبالتالي فإن تفعيل هذا الالتزام. فضلا عن دفع الدول العربية لمستحقاتها في صندوقي الأقصى والانتفاضة. والمقررة منذ قمة سرت في العام 2010 ضروري في هذه المرحلة بإلحاح. حتى يكون ذلك رافدا للمرحلة الجديدة لنضال الشعب الفسطيني. الذي يتساءل رجاله وشبابه ونساؤه دوما عن العرب.

ثالثا: إن تحركا فلسطينيا وعربيا على المستويين الإقليمي والدولي. متزامنا مع انطلاق الانتفاضة الجديدة أو حتى موجات الغضب الراهنة. من شأنه أن يشكل عنصر إسناد فاعلا لاسيَّما لدى النخب الثقافية بالذات داخل الجامعات والنخب السياسية والقوى الحزبية والبرلمانية. وذلك حتى يمكن تغيير توجهاتها لصالح نضال الشعب الفلسطيني. والذي تحركت قوى عديدة في أوروبا وأمريكا اللاتينية وحتى داخل الولايات المتحدة باتجاه تأييد حقوقه. بعد ما ترسخت لديها عدوانية الكيان وشراسة حكامه. المهم الاستمرار في هذا المنحى. ما يتطلب بالتأكيد تمويلا يمكن لبعض المؤسسات ورجال المال العرب أن يلعبوا دورا إيجابيا في توفيره.

مساحة إعلانية