رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تعتبر إشكالية الموضوعية من المواضيع الشائكة في أدبيات علوم الإعلام والاتصال، حيث إنها كانت ولا تزال على الدوام موضوع جدال ونقاش واختلاف كبير بين العلماء والباحثين والمهتمين بالشأن الإعلامي.
والكلام عن الموضوعية هو تمويه وتبرير لممارسة، مهما كانت نية صاحبها للتجرد من الذاتية ومن الانحياز لطرف على طرف آخر. إلا أنها في واقع الأمر ممارسة لا يستطيع صاحبها أن يتجرد من الذاتية عندما يفضل عنصرا في القصة الخبرية على عنصر آخر أو حتى عندما يرتب العناصر المختلفة في الخبر. بحيث يتم هذا الترتيب وفق أولويات يحدد هو أو تحددها معايير مهنية قد لا تكون موضوعية. هذا ناهيك عن السياق والخلفية والإطار الخاص والعام الذي تقدم من خلاله الأخبار والأحداث اليومية. والقائم بالاتصال، مهما كانت حرفيته ومهنيته والدرجة العالية من الأخلاق والنزاهة التي يتحلى بها إلا أنه يبقى إنسانا له أيديولوجية معينة وإطار مرجعي محدد وخلفية وجذور وميول وأفضليات وأولويات وتأويلات وأفكار مسبقة وصور نمطية. فهناك أحداث كبيرة عبر التاريخ كشفت عن الانحياز الأعمى لصحفيين كبار على الصعيد الدولي، ليس لصالح الحق والحرية والاستقلال وإنما لصالح التمويه والتشويه والانحياز للقوى الغاشمة الظالمة.
فالموضوعية المطلقة في الصناعة الإعلامية ضرب من الخيال وأمر بعيد المنال. فالمفهوم يبقى نسبيا ومتفاوتا من بلد لآخر ومن ثقافة لأخرى. فمنهم من يرى أنه لا يقصد بها الموضوعية الكاملة وإنما على الأقل هي عملية وموقف وطريقة تفكير. فالموضوعية هي غاية يطمح أن يحققها أي صحفي في العالم، لكن إدراكها في الواقع ليس سهلا على الإطلاق. فحسب هربرت ألتشول ميثاق الموضوعية في النظام الرأسمالي ما هو إلا وسيلة للمحافظة على النظام العام والترويج للأيديولوجية الأرثوذكسية الرأسمالية. إن مجرد تقديم وجهتي نظر الطرفين في القصة الخبرية لا يعني بالضرورة الموضوعية. حيث إنه إذا تم تقديم الطرفين من دون سياق ومن دون إطار وإذا كان طرف على عكس الطرف الآخر غير قادر على تقديم وجهة نظره بطريقة مقنعة وقوية ومنطقية فهذا يخل بالموضوعية والمبادئ التي تقوم عليها. بالنسبة لـ"غاي توكمان" الموضوعية هي طقس إستراتيجي "strategic ritual" من طقوس الممارسة الإعلامية يستعملها الصحفي للدفاع عن نفسه من الاتهامات التي قد تُوجه له في تحريف وتشويه الواقع. توكمان ترى أن المؤسسة الإعلامية هي مؤسسة اجتماعية ومثلها مثل المؤسسات الأخرى في المجتمع لها هيكلها البيروقراطي ونظامها القيمي. الممارسة الإعلامية مثلها مثل الممارسات الأخرى في المجتمع تقوم على مجموعة اتفاقيات conventions تحدد ما يجب أن يُنشر وما يجب أن يُرمى في سلة المهملات ويُلغى ويتم إقصاؤه من ساحة العلنية. وبهذا يصبح مفهوم الخبر مفهوما ذاتيا، حيث قد يكون حدث ما خبرا لجريدة أو لجهة معينة وقد لا يعني شيئا لجهات أخرى. فالخبر هو ما يشمه ويحدده الصحفي، فلا يوجد هناك تعريف محدد شامل ومانع للخبر يصلح لكل الدول والثقافات والحضارات وحتى لقوى مختلفة ومتنوعة داخل الإطار السياسي والاقتصادي الواحد. وعلى حد قول الصحفي الأمريكي الشهير "ديفيد برنكلي": "الأخبار هي التي أقول عنها إنها أخبار".
فميثاق الموضوعية ما هو إلا خدعة كبيرة للرأي العام ولجماهير القراء ومستهلكي وسائل الإعلام لإقناعهم بأن هذه الأخيرة تقوم على الحرفية والمهنية وعدم الانحياز والالتزام بالحقيقة وتقديم وجهات نظر الطرفين أو الأطراف الضالعة في الخبر. فيرى ألتشول مثلا، أن في قضية واترغيت ورغم الضجيج الإعلامي الكبير والانتقادات الكبيرة التي وُجهت للرئيس نيكسون، رغم كل ذلك فشلت المؤسسة الإعلامية الأمريكية في الكشف عن عيوب وسلبيات مؤسسة الرئاسة الأمريكية وفي الأخير انتُقد الرئيس ولم تُنتقد الرئاسة وفي النهاية أُجبر نيكسون على الاستقالة، وراح ضحية النظام أو ما يسمى عند الأمريكيين بالإستبليشمنات Establishment.
من جهة أخرى، نلاحظ أن ميثاق الموضوعية يكون صالحا في حدود الدولة فقط، لكن عندما ينتقل الموضوع إلى نزاع بين دولة الصحفي أو المؤسسة الإعلامية ودولة أخرى، فتصبح الموضوعية أسطورة وخرافة. وهنا تصبح المؤسسة الإعلامية والصحفي غير ملزمين بتقديم وجهتي نظر الدولتين محل النزاع. فالصحفي ينحاز بطريقة أوتوماتيكية لبلده وإذا قدم أطروحة البلد الخصم يصبح خائنا وغير وطني وغير ملتزم بخدمة وطنه. وهذا ما أكدته الأحداث التاريخية كتعامل الإعلام الفرنسي مع حرب التحرير الجزائرية، أو تغطية الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي، أو الصراع بين أمريكا وكوبا، أو حرب الخليج الثانية والثالثة...إلخ.
يفرض منطق التعددية الديمقراطية على وسائل الإعلام إعطاء نفس الفرص ونفس المساحة لمختلف القوى السياسية والاقتصادية في المجتمع. لكن وسائل الإعلام، ومع الأسف الشديد، تعمل وفق ضغوط وقيود خفية تقصي كل ما من شأنه أن يحاول التغيير في المجتمع أو يهدد النظام الاجتماعي والنظام السياسي والاقتصادي. وكنتيجة لهذه الآليات الخفية والميكانيزمات المحددة سلفا، فإن وسائل الإعلام تقوم بالدور الإستراتيجي في عملية التحكم الاجتماعي، حيث إنها تعمل كعميل للنظام القائم. وبهذا المفهوم، فإن ميثاق الموضوعية نفسه ما هو إلا ميكانيزم للتحكم الاجتماعي.
بالنسبة لرجال السياسة تعتبر وسائل الإعلام الوسيط الأساسي والإستراتيجي للوصول إلى الجماهير العريضة للتأثير فيها وتكوين وتشكيل الرأي العام الذي يتبنى آراءهم وأفكارهم ووجهات نظرهم وبذلك برامجهم. فالسياسي الناجح هو ذلك الذي يحسن التعامل مع وسائل الإعلام والذي يعرف كيف يمرر خطابه السياسي عبر وسائل الإعلام بلباقة وبمهنية عالية. فالعلاقة بين وسائل الإعلام والحياة السياسية تشكل عنصرا هاما من عناصر فهم الرهانات المرتبطة بتطور الديمقراطيات العصرية. تؤثر وسائل الإعلام في الحكام والمحكومين، فوسائل الإعلام تغير القوانين التقليدية للعبة الديمقراطية، فسمعة السياسي تحددها بدرجة كبيرة الصورة التي يكونها ويصنعها لنفسه من خلال وسائل الإعلام. هذه الصورة يجب أن تكون متناغمة ومتناسقة مع الصورة المقدمة والصورة التي تدركها الحشود والجماهير. فإدارة الصورة تعتبر ظاهرة رئيسية ومحورية في جعل الحياة السياسية ظاهرة إعلامية، أي تتناولها وتناقشها وسائل الإعلام باهتمام بالغ وبتركيز كبير. من جهة أخرى نلاحظ أن التغطية الإعلامية لنشاط السياسيين وعملهم اليومي تترك آثارا كبيرة على الجماهير والمتتبعين للفعل السياسي الذين يقومون بمتابعة نشاط السياسيين ومدى تطابق أقوالهم مع أفعالهم. وحسب ليبمان فإن الأخبار لا تعكس الحقيقة، بل تفبرك الواقع: الأخبار والحقيقة ليسا الشيء نفسه، ولا بد من التمييز بينهما. فوظيفة الأخبار هي الإشارة إلى حادثة، ووظيفة الحقيقة هي إظهار الحقائق المخفية وربط الواحدة منها بالأخرى، ورسم صورة للحقيقة يستطيع الناس أن يتصرفوا بناء عليها.
لا يتلقى الجمهور صورة كاملة في غالب الأحيان عن المشهد السياسي، بل يحصل بدلا من ذلك على سلسلة مختارة للغاية من الومضات أو اللمحات وتكون النتيجة في النهاية تشويه الواقع. وحسب والتر ليبمان هناك تضارب بين الديمقراطية والممارسة الإعلامية اليومية، حيث إن وسائل الإعلام لا تقدر على تأدية وظيفة التنوير العام. لا تستطيع وسائط الإعلام تقديم الحقيقة بموضوعية، لأن الحقيقة شخصية وتستوجب الكثير من الدقة والتمحيص والتفسير والتأكد والتدقيق، الأمر الذي لا تسمح به صناعة الأخبار التي تتطلب السرعة الكبيرة والمواعيد الدقيقة التي لا ترحم. فحسب والتر ليبمان، الجمهور لا يحصل على صورة كاملة ووافية وشاملة للمشهد السياسي ؛ بل يتلقى بدلا من ذلك مجموعة أو سلسلة من الومضات أو اللمحات التي تفبرك هذا المشهد السياسي أكثر مما تعكسه. وبذلك يفبرك الواقع ويُقدم للرأي العام بالتناغم والتناسق مع مصالح القوى السياسية والاقتصادية في المجتمع.
نستنتج مما تقدم أن وسائل الإعلام تعيق الديمقراطية أكثر مما تخدمها، لأن الديمقراطية تقوم على السوق الحرة للأفكار وعلى الرأي والرأي الآخر، الأمر الذي فشلت وتفشل وسائل الإعلام في تحقيقه في أرض الواقع.
صيف سويسري ضائع
«سأعود مُعافَى من الشعارات المخزونة في طيات لساني، أترك التعصب الذي يستولي عليَّ ويحيلني ببغاء تكرر المحفوظات. تطرفت... اقرأ المزيد
333
| 06 نوفمبر 2025
بين الصحافة التقليدية ووسائل التواصل المتجددة
كانت المقالات في الصحف من أكثر الأشياء المؤثرة في صناعة الرأي العام والتوجيه المجتمعي، وكان كاتب المقال صاحب... اقرأ المزيد
477
| 06 نوفمبر 2025
مؤتمر الأمم المتحدة الثلاثون للأطراف بشأن تغيرات المناخ.. لحظة الحقيقة
تبدأ اليوم في منطقة الأمازون البرازيلية «قمة بيليم» التي تسبق مؤتمر الأمم المتحدة الثلاثين للأطراف بشأن تغير المناخ... اقرأ المزيد
207
| 06 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية



مساحة إعلانية
حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد وحدودٍ من نار، انقطعت شرايين الأخوة التي كانت تسقي القلوب قبل أن تربط الأوطان. تمزّقت الخريطة، وتبعثرت القلوب، حتى غدا المسلم يسأل ببرودٍ مريب: ما شأني بفلسطين؟! أو بالسودان ؟! أو بالصين ؟! ونَسِيَ أنَّ تعاطُفَه عبادةٌ لا عادة، وإيمانٌ لا انفعال، وأنّ مَن لم يهتمّ بأمر المسلمين فليس منهم. لقد رسم الاستعمار حدودهُ لا على الورق فحسب، بل في العقول والضمائر، فزرعَ بين الإخوة أسوارا من وهم، وأوقد في الصدورِ نارَ الأحقادِ والأطماع. قسّم الأرضَ فأضعفَ الروح، وأحيا العصبيةَ فقتلَ الإنسانية. باتَ المسلمُ غريبًا في أرضه، باردًا أمام جراح أمّته، يشاهدُ المجازرَ في الفاشر وغزّة وفي الإيغور وكأنها لقطات من كوكب زحل. ألا يعلم أنَّ فقدَ الأرضِ يسهلُ تعويضُه، أمّا فقد الأخِ فهلاكٌ للأمّة؟! لقد أصبح الدينُ عند كثيرين بطاقة تعريفٍ ثانوية بعدَ المذهبِ والقبيلةِ والوطن، إنّ العلاجَ يبدأُ من إعادةِ بناءِ الوعي، من تعليمِ الجيلِ أنّ الإسلام لا يعرف حدودًا ولا يسكنُ خرائطَ صمّاء، وأنّ نُصرةَ المظلومِ واجبٌ شرعيٌّ، لا خِيارٌا مزاجيّا. قال النبي صلى الله عليه وسلم (مثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمِهم «وتعاطُفِهم» كمثلِ الجسدِ الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائرُ الجسدِ بالسهرِ والحمّى). التعاطف عبادة، التعاطف مطلب، التعاطف غاية، التعاطف هدف، التعاطف إنسانية وفطرة طبيعية، لذلك فلننهضْ بإعلامٍ صادقٍ يذكّرُ الأمةَ أنّها جسدٌ واحدٌ لا أطرافا متناحرة، وبعمل جماعي يترجمُ الأخوّةَ إلى عطاءٍ، والتكافلَ إلى فعلٍ لا شعار. حين يعودُ قلبُ المسلم يخفقُ في المغربِ فيسقي عروقَه في المشرق، وتنبضُ روحهُ في الشمالِ فتلهم الجنوبَ، حينئذٍ تُهدَمُ حدودُ الوهم، وتُبعثُ روحُ الأمةِ من رمادِ الغفلة، وتستعيدُ مجدَها الذي هو خير لها وللناس جميعاً قال تعالى (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ). عندها لن تبقى للأمّة خرائط تُفرّقها،. وتغدو حدود وخطوط أعدائنا التي علينا سرابًا تذروه الرياح، وتتقطع خيوطُ العنكبوتِ التي سحروا أعيننا بوهم قيودها التي لا تنفك. فإذا استيقظَ الوجدان تعانقَ المشرقُ والمغربُ في جسدٍ واحد يهتفُ بصوتٍ واحد فداك أخي.
3510
| 04 نوفمبر 2025
كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق بالحياة، تملؤه الأصوات وتشتعل فيه الأرواح حماسةً وانتماء. اليوم، صار صامتًا كمدينةٍ هجرتها أحلامها، لا صدى لهتاف، ولا ظلّ لفرح. المقاعد الباردة تروي بصمتها حكاية شغفٍ انطفأ، والهواء يحمل سؤالًا موجعًا: كيف يُمكن لمكانٍ كان يفيض بالحب أن يتحول إلى ذاكرةٍ تنتظر من يوقظها من سباتها؟ صحيح أن تراجع المستوى الفني لفرق الأندية الجماهيرية، هو السبب الرئيسي في تلك الظاهرة، إلا أن المسؤول الأول هو السياسات القاصرة للأندية في تحفيز الجماهير واستقطاب الناشئة والشباب وإحياء الملاعب بحضورهم. ولنتحدث بوضوح عن روابط المشجعين في أنديتنا، فهي تقوم على أساس تجاري بدائي يعتمد مبدأ المُقايضة، حين يتم دفع مبلغ من المال لشخص أو مجموعة أشخاص يقومون بجمع أفراد من هنا وهناك، ويأتون بهم إلى الملعب ليصفقوا ويُغنّوا بلا روح ولا حماسة، انتظاراً لانتهاء المباراة والحصول على الأجرة التي حُدّدت لهم. على الأندية تحديث رؤاها الخاصة بروابط المشجعين، فلا يجوز أن يكون المسؤولون عنها أفراداً بلا ثقافة ولا قدرة على التعامل مع وسائل الإعلام، ولا كفاءة في إقناع الناشئة والشباب بهم. بل يجب أن يتم اختيارهم بعيداً عن التوفير المالي الذي تحرص عليه إدارات الأندية، والذي يدل على قصور في فهم الدور العظيم لتلك الروابط. إن اختيار أشخاص ذوي ثقافة وطلاقة في الحديث، تُناط بهم مسؤولية الروابط، سيكون المُقدمة للانطلاق إلى البيئة المحلية التي تتواجد فيها الأندية، ليتم التواصل مع المدارس والتنسيق مع إداراتها لعقد لقاءات مع الطلاب ومحاولة اجتذابهم إلى الملاعب من خلال أنشطة يتم خلالها تواجد اللاعبين المعروفين في النادي، وتقديم حوافز عينية. إننا نتحدث عن تكوين جيل من المشجعين يرتبط نفسياً بالأندية، هو جيل الناشئة والشباب الذي لم يزل غضاً، ويمتلك بحكم السن الحماسة والاندفاع اللازمين لعودة الروح إلى ملاعبنا. وأيضاً نلوم إعلامنا الرياضي، وهو إعلام متميز بإمكاناته البشرية والمادية، وبمستواه الاحترافي والمهني الرفيع. فقد لعب دوراً سلبياً في وجود الظاهرة، من خلال تركيزه على التحليل الفني المُجرّد، ومخاطبة المختصين أو الأجيال التي تخطت سن الشباب ولم يعد ممكناً جذبها إلى الملاعب بسهولة، وتناسى إعلامنا جيل الناشئة والشباب ولم يستطع، حتى يومنا، بلورة خطاب إعلامي يلفت انتباههم ويُرسّخ في عقولهم ونفوسهم مفاهيم حضارية تتعلق بالرياضة كروح جماهيرية تدفع بهم إلى ملاعبنا. كلمة أخيرة: نطالب بمبادرة رياضية تعيد الجماهير للمدرجات، تشعل شغف المنافسة، وتحوّل كل مباراة إلى تجربة مليئة بالحماس والانتماء الحقيقي.
2580
| 30 أكتوبر 2025
اطلعت على الكثير من التعليقات حول موضوع المقال الذي نشرته الأسبوع الماضي بجريدة الشرق بذات العنوان وهو «انخفاض معدلات المواليد في قطر»، وقد جاء الكثير من هذه التعليقات أو الملاحظات حول أن هذه مشكلة تكاد تكون في مختلف دول العالم وتتشابه الى حد كبير، والبعض أرجعها الى غلاء المعيشة بشكل عام في العالم، وهذه المشكلة حسبما أعتقد يجب ألا يكون تأثيرها بذات القدر في دول أخرى؛ لأن الوضع عندنا يختلف تماما، فالدولة قد يسرت على المواطنين الكثير من المعوقات الحياتية وتوفر المساكن والوظائف والرواتب المجزية التي يجب ألا يكون غلاء المعيشة وغيرها من المتطلبات الأخرى سببا في عدم الاقبال على الزواج وتكوين أسرة أو الحد من عدد المواليد الجدد، وهو ما يجب معه أن يتم البحث عن حلول جديدة يمكن أن تسهم في حل مثل هذه المشكلة التي بدأت في التزايد. وفي هذا المجال فقد أبرز معهد الدوحة الدولي للأسرة توصيات لرفع معدل الخصوبة والتي تساهم بدورها في زيادة المواليد ومن هذه التوصيات منح الموظفة الحامل إجازة مدفوعة الاجر لـ 6 اشهر مع اشتراط ان تعود الموظفة الى موقعها الوظيفي دون أي انتقاص من حقوقها الوظيفية، وكذلك الزام أصحاب العمل الذين لديهم 20 موظفة بإنشاء دار للحضانة مع منح الأب إجازة مدفوعة الأجر لا تقل عن أسبوعين، وإنشاء صندوق لتنمية الطفل يقدم إعانات شهرية وتسهيل الإجراءات الخاصة بتأمين مساكن للمتزوجين الجدد، وكذلك إنشاء صندوق للزواج يقدم دعما ماليا للمتزوجين الجدد ولمن ينوي الزواج مع التوسع في قاعات الافراح المختلفة، وهذه الاقتراحات هي في المجمل تسهل بشكل كبير العقبات والصعاب التي يواجهها الكثير من المقبلين على الزواج، وبتوفيرها لا شك ان الوضع سيختلف وستسهم في تحقيق ما نطمح اليه جميعا بتسهيل أمور الزواج. لكن على ما يبدو ومن خلال الواقع الذي نعيشه فإن الجيل الحالي يحتاج الى تغيير نظرته الى الزواج، فالكثير اصبح لا ينظر الى الزواج بالاهمية التي كانت في السابق، ولذلك لابد ان يكون من ضمن الحلول التي يجب العمل عليها، إيجاد أو إقرار مواد تدرس للطلاب خاصة بالمرحلة الثانوية وتتمحور حول أهمية تكوين وبناء الاسرة وأهمية ذلك للشباب من الجنسين، والعمل على تغيير بعض القناعات والاولويات لدى الشباب من الجنسين، حيث أصبحت هذه القناعات غير منضبطة أو غير مرتبة بالشكل الصحيح، والعمل على تقديم الزواج على الكثير من الأولويات الثانوية، وغرس هذه القيمة لتكون ضمن الأولويات القصوى للشباب على أن يتم مساعدتهم في ذلك من خلال ما تم ذكره من أسباب التيسير ومن خلال أمور أخرى يمكن النظر فيها بشكل مستمر للوصول الى الهدف المنشود. وفي ظل هذا النقاش والبحث عن الحلول، يرى بعض المهتمين بالتركيبة السكانية ان هناك من الحلول الاخرى التي يمكن أن تكون مؤثرة، مثل التشجيع على التعدد ومنح الموظفة التي تكون الزوجة الثانية أو الثالثة أو حتى الرابعة، علاوة مستحدثة على أن تكون مجزية، الى جانب حوافز أخرى تشجع على ذلك وتحث عليه في أوساط المجتمع، حيث يرى هؤلاء أن فتح باب النقاش حول تعدد الزوجات قد يكون إحدى الأدوات للمساهمة في رفع معدلات الإنجاب، خصوصًا إذا ما اقترن بدعم اجتماعي ومؤسسي يضمن كرامة الأسرة ويحقق التوازن المطلوب.
2130
| 03 نوفمبر 2025