رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يؤلمني أن تجتاح اليمن حالات من العنف وسفك الدماء على نحو ينبئ بغياب العقلانية في هذا البلد المعروف بحكمته على مدى التاريخ، فهل ثمة من يهمه استمرار الهلع وغياب السكينة وانتشار آلة القتل اليومي موجهة من أطراف بالداخل وبالخارج؟
إن اليمن لا يليق به هذا الجنون، فهو وطن حضارة وشعبه يعكس الأصالة بكل تجلياتها، وبالتالي ما يتعرض له يخصم من رصيده الحضاري ويدفعه دفعا إلى الانخراط فيما يسمى بدائرة الدول الفاشلة والتي يبدو أن أعداد الأقطار العربية المرشحة لها آخذة في التزايد، سواء بقصد من نخبها السياسية أو دون قصد ما يجري في بلاد الحكمة يؤشر جملة من الظواهر الخطيرة.
أولا: تفاقم حالة عدم التوافق بين مكونات الواقع اليمني رغم انتهاء الحوار الوطني وبلورته لقرارات حظيت بقدر من الرضا العام وذلك يعني أن ثمة من لا يعنيه دخول اليمن إلى خانة الاستقرار ليبدأ جهاده الحقيقي في عملية إعادة بناء الدولة الوطنية الحديثة القائمة على الأساس الفيدرالي عبر ستة أقاليم تتمتع بقدر كبير من الحكم الذاتي وفقا لخصوصية كل إقليم وبالتالي يدفع إلى إبقاء جذوة الخلافات والتباينات والتناقضات متقدة، لأن في ذلك تحقيقا لمصالحه والتي يأتي في مقدمتها تمهيد السبيل للسيطرة على مقدرات البلاد، ليس بوسعي أن أحدد يقينيا طبيعة هذه الدوائر التي لا ترغب في يمن قوي حديث صاعد ناهض، لكنها بكل تأكيد تنتمي إلى أعداء هذا الوطن، وهم كثر، وفي صدارتهم هذا التنظيم الهلامي المسمى بالقاعدة والذي يوظف بعضا من المظاهر السلبية كغياب التنمية والبطالة وحالة الفراغ السياسي في تجنيد الشباب وبعض أبناء القبائل تحت مزاعم دينية وسياسية مغلوطة ليحقق من ورائها رغبته في إشعال المنطقة بما يفتح الباب أمامه لإقامة ما يطلق عليه عبثا الحكم الإسلامي عبر مساحات الدم الواسعة التي ينشئها والتدمير الذي يطال البنى التحتية للبلاد والعباد.
وفي هذا السياق فإن عناصر التنظيم تستهدف قوى الجيش واليمن ولا تتورع عن القيام بسلسلة من الاغتيالات لرموز سياسية وعسكرية وأمنية واستخباراتية، كان آخرها محاولة اغتيال اللواء الركن محمد ناصر أحمد وزير الدفاع الذي نجا من موت محقق في العاصمة صنعاء يوم الخميس الفائت وذلك نتيجة لقيادته شخصيا العمليات العسكرية ضد أوكار التنظيم في عدد من محافظات ومناطق الجنوب التي تحتضن عناصر التنظيم.
ثانيا: ليس لدي شك في أن ثمة دوائر داخل السلطة اليمنية أو بالأحرى داخل التحالف الحاكم تعمل على تقويض التجربة من الداخل وتقدم المعلومات للمناوئين للنظام الجديد الذي نهض على أنقاض نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وهو ما يجعل عملياتهم تنجح في الكثير من الأحيان عبر إصابة أهدافها.
وفي هذا الصدد تقلقني أنباء غير مؤكدة عن تنسيق بين أنصاره وجماعة الحوثيين التي باتت تمارس دورا سلبيا لتقويض مقومات الدولة اليمنية سعيا لتحقيق مآربها في الانفصال بإقليمها – صعدة - على أسس مذهبية.
ولو صح ذلك – أي تحالفها مع أنصار صالح - وتيقنت السلطة الجديدة منه فقد يشكل ذلك مبررا قويا لفض صيغة حكومة الوحدة الوطنية التي تحكم منذ نجاح المبادرة الخليجية في توفير مخرج آمن لليمن بكل قواه السياسية، بما في ذلك الرئيس السابق وحزبه وجماعته وقل دائرته الأمنية التي اتسمت بالتغلغل في مختلف مفاصل الدولة.
ثالثا: صحيح أن محاربة الإرهاب باتت فريضة واجبة داخل اليمن، خاصة أنها تصدرت نتائج وقرارات معطيات مؤتمر الحوار الوطني وهو ما وفر للدولة اليمنية قدرة أفضل على إدارة عمليات ناجحة في الآونة الأخيرة على هذا الصعيد، متجليا ذلك في استعادة السيطرة على معاقل قوية لتنظيم القاعدة والقضاء على بعض رموزه القيادية، غير أن ذلك يستوجب حشدا وطنيا أشد متانة وأكثر فعالية على نحو يؤسس لمشروع متكامل لمحاربة التنظيم وحلفائه القبليين الذين يتسترون خلف شعاراته لتحقيق مآرب ذات طبيعة قبلية بالأساس تتعارض مع توجهات الدولة التي ترمي إلى تجاوز البعد القبلي الذي شكل على مدى العقود الستين المنصرمة رقما مهما في
معادلة أزمات اليمن ولاشك أن المسيرات التي شهدتها صنعاء مؤخرا وغيرها من المدن تمثل بداية مهمة في هذا السبيل، بيد أن المطلوب أن تظهر مختلف القوى الوطنية الحديثة حرصها على محاربة الإرهاب وجماعاته المختلفة حتى ولو أخذت مسحة دينية أو قبلية أو مناطقية، ذلك أن تنظيم القاعدة يمتلك بعض المقومات التي تؤهله للاستمرار في محاربة الدولة بفعل قدرته على ممارسة لعبة التخفي في الحاضنة الاجتماعية – القبيلة – واستغلال وعورة المناطق التي تشكل معقلا له، فضلا عن وجود مؤشرات لتلقيه دعما لوجستيا متعدد المستويات من قوى وأطراف محلية وأجنبية وهو ما يجعل من مهمة استئصاله بالكامل - وفي فترة وجيزة – من الصعوبة بمكان وهو ما يستوجب من مؤسسات الدولة اللجوء إلى تفعيل آلية القانون، إلى جانب العمل العسكري، ليس فقط في مناطق وجود عناصر القاعدة، بل أيضاً في مختلف مناطق البلاد، أي أن عليها أن تسد كل المنافذ التي تختبر قوة الدولة وإرادتها باستمرار، وهي مهمة شاقة في ظل هشاشة الوضع السياسي وشحة الإمكانات والموارد ولكنها ستكون يسيرة إن سعت الحكومة إلى تنفيذ مشروعات تنمية حقيقية وجوهرية في مناطق التماس مع القاعدة وغيرها من القوى المناوئة يكون بمقدورها اجتذاب طاقات الشباب بدلا من أن يلجأ إلى التنظيم الذي يوفر له كل متطلبات الحياة.
رابعا: لن يكون بمقدور الدولة اليمنية عبر مؤسستها العسكرية والأمنية بمفردها مواجهة هذا الإرهاب، فهي في حاجة إلى استمرار التدفق المساعداتي سواء الإقليمي أو الدولي.
صحيح هو متاح بقدر، لكنه ليس على النحو المطلوب ورغم انعقاد عدة مؤتمرات كان آخرها مؤتمر أصدقاء اليمن في لندن في التاسع والعشرين من أبريل الماضي إلا أن الدعم المالي ما زال محدودا وما يتم الإعلان عنه عبر وسائل الإعلام لا يصل منه إلى صنعاء إلا النذر اليسير وهي سمة مؤتمرات المانحين الدوليين لمناطق الأزمات ومن ثم فإن دول مجلس التعاون الخليجي مطالبة بتكثيف تدفق إسنادها المالي والاقتصادي إلى جانب السياسي المتمثل في نجاح مبادرتها التي أسست الطريق لحل الأزمة التي اندلعت في 2011 كما أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مطالبان ليس فقط بتوفير المتطلبات العسكرية واللوجستية للجيش ولقوات الأمن وإنما الدفع بكل ثقلهما لبرنامج استثماري يسهم في نقل اليمن إلى خانة الدولة الحديثة.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم خارج إطار العطاء، بل نراهم ذاكرة الوطن الحية، وامتداد مسيرة بنائه منذ عقود. هم الجيل الذي زرع، وأسّس، وساهم في تشكيل الملامح الأولى لمؤسسات الدولة الحديثة. ولأن قطر لم تكن يومًا دولة تنسى أبناءها، فقد كانت من أوائل الدول التي خصّت المتقاعدين برعاية استثنائية، وعلاوات تحفيزية، ومكافآت تليق بتاريخ عطائهم، في نهج إنساني رسخته القيادة الحكيمة منذ أعوام. لكن أبناء الوطن هؤلاء «المتقاعدون» لا يزالون ينظرون بعين الفخر والمحبة إلى كل خطوة تُتخذ اليوم، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله – فهم يرون في كل قرار جديد نبض الوطن يتجدد. ويقولون من قلوبهم: نحن أيضًا أبناؤك يا صاحب السمو، ما زلنا نعيش على عهدك، ننتظر لمستك الحانية التي تعودناها، ونثق أن كرمك لا يفرق بين من لا يزال في الميدان، ومن تقاعد بعد رحلة شرف وخدمة. وفي هذا الإطار، جاء اعتماد القانون الجديد للموارد البشرية ليؤكد من جديد أن التحفيز في قطر لا يقف عند حد، ولا يُوجّه لفئة دون أخرى. فالقانون ليس مجرد تحديث إداري أو تعديل في اللوائح، بل هو رؤية وطنية متكاملة تستهدف الإنسان قبل المنصب، والعطاء قبل العنوان الوظيفي. وقد حمل القانون في طياته علاوات متعددة، من بدل الزواج إلى بدل العمل الإضافي، وحوافز الأداء، وتشجيع التطوير المهني، في خطوة تُكرس العدالة، وتُعزز ثقافة التحفيز والاستقرار الأسري والمهني. هذا القانون يُعد امتدادًا طبيعيًا لنهج القيادة القطرية في تمكين الإنسان، سواء كان موظفًا أو متقاعدًا، فالجميع في عين الوطن سواء، وكل من خدم قطر سيبقى جزءًا من نسيجها وذاكرتها. إنه نهج يُترجم رؤية القيادة التي تؤمن بأن الوفاء ليس مجرد قيمة اجتماعية، بل سياسة دولة تُكرم العطاء وتزرع في الأجيال حب الخدمة العامة. في النهاية، يثبت هذا القانون أن قطر ماضية في تعزيز العدالة الوظيفية والتحفيز الإنساني، وأن الاستثمار في الإنسان – في كل مراحله – هو الاستثمار الأجدر والأبقى. فالموظف في مكتبه، والمتقاعد في بيته، كلاهما يسهم في كتابة الحكاية نفسها: حكاية وطن لا ينسى أبناءه.
8478
| 09 أكتوبر 2025
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة الترويج، برنامج إعداد المدربين، يطرحونه كأنه عصا سحرية، يَعِدون المشترك بأنه بعد خمسة أيام أو أسبوع من «الدروس» سيخرج مدربًا متمكنًا، يقف على المنصة، ويُدير القاعة، ويعالج كل التحديات، كأن التدريب مجرد شهادة تُعلق على الجدار، أو بطاقة مرور سريعة إلى عالم لم يعرفه الطالب بعد. المشكلة ليست في البرنامج بحد ذاته، بل في الوهم المعبأ معه. يتم تسويقه للمشتركين على أنه بوابة النجومية في التدريب، بينما في الواقع هو مجرد خطوة أولى في طريق طويل. ليس أكثر من مدخل نظري يضع أساسيات عامة: كيف تُصمم عرضًا؟ كيف ترتب محتوى؟ كيف تُعرّف التدريب؟. لكنه لا يمنح المتدرب أدوات مواجهة التحديات المعقدة في القاعة، ولا يصنع له كاريزما، ولا يضع بين يديه لغة جسد قوية، ولا يمنحه مهارة السيطرة على المواقف. ومع ذلك، يتم بيعه تحت ستار «إعداد المدربين» وكأن من أنهى البرنامج صار فجأة خبيرًا يقود الحشود. تجارب دولية متعمقة في دول نجحت في بناء مدربين حقيقيين، نرى الصورة مختلفة تمامًا: • بريطانيا: لدى «معهد التعلم والأداء» (CIPD) برامج طويلة المدى، لا تُمنح فيها شهادة «مدرب محترف» إلا بعد إنجاز مشاريع تدريبية عملية وتقييم صارم من لجنة مختصة. • الولايات المتحدة: تقدم «جمعية تطوير المواهب – ATD» مسارات متعددة، تبدأ بالمعارف، ثم ورش تطبيقية، تليها اختبارات عملية، ولا يُعتمد المدرب إلا بعد أن يُثبت قدرته في جلسات تدريب واقعية. • فنلندا: يمر المدرب ببرنامج يمتد لأشهر، يتضمن محاكاة واقعية، مراقبة في الصفوف، ثم تقييما شاملا لمهارات العرض، إدارة النقاش، والقدرة على حل المشكلات. هذه التجارب تثبت أن إعداد المدرب يتم عبر برامج متعمقة، اجتيازات، وتدرّج عملي. المجتمع يجب أن يعي الحقيقة: الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع أن TOT ليس نقطة الانطلاق، بل الخطوة المعرفية الأولى فقط. المدرب الحقيقي لا يُصنع في أسبوع، بل يُبنى عبر برامج تخصصية أعمق مثل «اختصاصي تدريب»، التي تغوص في تفاصيل لغة الجسد، السيطرة على الحضور، مواجهة المواقف الحرجة، وبناء الكاريزما. هذه هي المراحل التي تُشكل شخصية المدرب، لا مجرد ورقة مكتوب عليها «مدرب معتمد». لكي نحمي المجتمع من أوهام «الشهادات الورقية»، يجب أن يُعتمد مبدأ الاختبار قبل الدخول، بحيث لا يُقبل أي شخص في برنامج إعداد مدربين إلا بعد اجتياز اختبار قبلي يقيس مهاراته الأساسية في التواصل والعرض. ثم، بعد انتهاء البرنامج، يجب أن يخضع المتدرب لاختبار عملي أمام لجنة تقييم مستقلة، ليُثبت أنه قادر على التدريب لا على الحفظ. الشهادة يجب أن تكون شهادة اجتياز، لا مجرد «شهادة حضور». هل يُعقل أن يتحول من حضر خمسة أيام إلى «قائد قاعة»؟ هل يكفي أن تحفظ شرائح عرض لتصير مدربًا؟ أين الارتباك والتجربة والخطأ؟ أين الكاريزما التي تُبنى عبر سنوات؟ أم أن المسألة مجرد صور على إنستغرام تُوهم الناس بأنهم أصبحوا «مدربين عالميين» في أسبوع؟ TOT مجرد مدخل بسيط للتدريب، فالتدريب مهنة جادة وليس عرضا استهلاكيا. المطلوب وعي مجتمعي ورقابة مؤسسية وآليات صارمة للاجتياز، فمن دون ذلك سيبقى سوق التدريب ساحة لبيع الوهم تحت عناوين براقة.
5463
| 06 أكتوبر 2025
تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في قطر، وهو رجل أعمال من المقيمين في قطر كان قد جدد لتوّه إقامته، ولكنه لم يحصل إلا على تأشيرة سارية لمدة عام واحد فقط، بحجة أنه تجاوز الستين من عمره. وبالنظر إلى أنه قد يعيش عقدين آخرين أو أكثر، وإلى أن حجم استثماره ضخم، فضلاً عن أن الاستثمار في الكفاءات الوافدة واستقطابها يُعدّان من الأولويات للدولة، فإن تمديد الإقامة لمدة عام واحد يبدو قصيرًا للغاية. وتُسلط هذه الحادثة الضوء على مسألة حساسة تتمثل في كيفية تشجيع الإقامات الطويلة بدولة قطر، في إطار الالتزام الإستراتيجي بزيادة عدد السكان، وهي قضية تواجهها جميع دول الخليج. ويُعد النمو السكاني أحد أكثر أسباب النمو الاقتصادي، إلا أن بعض أشكال النمو السكاني المعزز تعود بفوائد اقتصادية أكبر من غيرها، حيث إن المهنيين ورواد الأعمال الشباب هم الأكثر طلبًا في الدول التي تسعى لاستقطاب الوافدين. ولا تمنح دول الخليج في العادة الجنسية الكاملة للمقيمين الأجانب. ويُعد الحصول على تأشيرة إقامة طويلة الأمد السبيل الرئيسي للبقاء في البلاد لفترات طويلة. ولا يقل الاحتفاظ بالمتخصصين والمستثمرين الأجانب ذوي الكفاءة العالية أهميةً عن استقطابهم، بل قد يكون أكثر أهمية. فكلما طالت فترة إقامتهم في البلاد، ازدادت المنافع، حيث يكون المقيمون لفترات طويلة أكثر ميلاً للاستثمار في الاقتصاد المحلي، وتقل احتمالات تحويل مدخراتهم إلى الخارج. ويمكن تحسين سياسة قطر لتصبح أكثر جاذبية ووضوحًا، عبر توفير شروط وإجراءات الإقامة الدائمة بوضوح وسهولة عبر منصات إلكترونية، بما في ذلك إمكانية العمل في مختلف القطاعات وإنشاء المشاريع التجارية بدون نقل الكفالة. وفي الوقت الحالي، تتوفر المعلومات من مصادر متعددة، ولكنها ليست دقيقة أو متسقة في جميع الأحيان، ولا يوجد وضوح بخصوص إمكانية العمل أو الوقت المطلوب لإنهاء إجراءات الإقامة الدائمة. وقد أصبحت شروط إصدار «تأشيرات الإقامة الذهبية»، التي تمنحها العديد من الدول، أكثر تطورًا وسهولة. فهناك توجه للابتعاد عن ربطها بالثروة الصافية أو تملك العقارات فقط، وتقديمها لأصحاب المهارات والتخصصات المطلوبة في الدولة. وفي سلطنة عمان، يُمثل برنامج الإقامة الذهبية الجديد الذي يمتد لعشر سنوات توسعًا في البرامج القائمة. ويشمل هذا النظام الجديد شريحة أوسع من المتقدمين، ويُسهّل إجراءات التقديم إلكترونيًا، كما يتيح إمكانية ضم أفراد الأسرة من الدرجة الأولى. وتتوفر المعلومات اللازمة حول الشروط وإجراءات التقديم بسهولة. أما في دولة الإمارات العربية المتحدة، فهناك أيضًا مجموعة واضحة من المتطلبات لبرنامج التأشيرة الذهبية، حيث تمنح الإقامة لمدة تتراوح بين خمس و10 سنوات، وتُمنح للمستثمرين ورواد الأعمال وفئات متنوعة من المهنيين، مع إمكانية ضم أفراد الأسرة. ويتم منح الإقامة الذهبية خلال 48 ساعة فقط. وقد شهدت قطر نموًا سكانيًا سريعًا خلال أول عقدين من القرن الحالي، ثم تباطأ هذا النمو لاحقًا. فقد ارتفع عدد السكان من 1.7 مليون نسمة وفقًا لتعداد عام 2010 إلى 2.4 مليون نسمة في عام 2015، أي بزيادة قدرها 41.5 %. وبلغ العدد 2.8 مليون نسمة في تعداد عام 2020، ويُقدَّر حاليًا بحوالي 3.1 مليون نسمة. ومن المشاكل التي تواجه القطاع العقاري عدم تناسب وتيرة النمو السكاني مع توسع هذا القطاع. فخلال فترة انخفاض أسعار الفائدة والاستعداد لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، شهد قطاع البناء انتعاشًا كبيرًا. ومع ذلك، لا يُشكل هذا الفائض من العقارات المعروضة مشكلة كبيرة، بل يمكن تحويله إلى ميزة. فمثلاً، يُمكن للمقيمين الأجانب ذوي الدخل المرتفع الاستفادة وشراء المساكن الحديثة بأسعار معقولة. إن تطوير سياسات الإقامة في قطر ليكون التقديم عليها سهلًا وواضحًا عبر المنصات الإلكترونية سيجعلها أكثر جاذبية للكفاءات التي تبحث عن بيئة مستقرة وواضحة المعالم. فكلما كانت الإجراءات أسرع والمتطلبات أقل تعقيدًا، كلما شعر المستثمر والمهني أن وقته مُقدَّر وأن استقراره مضمون. كما أن السماح للمقيمين بالعمل مباشرة تحت مظلة الإقامة الدائمة، من دون الحاجة لنقل الكفالة أو الارتباط بصاحب عمل محدد، سيعزز حرية الحركة الاقتصادية ويفتح المجال لابتكار المشاريع وتأسيس الأعمال الجديدة. وهذا بدوره ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني عبر زيادة الإنفاق والاستثمار المحلي، وتقليل تحويلات الأموال إلى الخارج، وتحقيق استقرار سكاني طويل الأمد.
4692
| 05 أكتوبر 2025