رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

إبراهيم عبد المجيد

كاتب وروائي مصري

مساحة إعلانية

مقالات

213

إبراهيم عبد المجيد

صندوق باندورا والسوشيال ميديا

11 ديسمبر 2025 , 04:00ص

كتبت من قبل عن المعاني العابرة للزمن في بعض الأساطير الإغريقية. أسطورة كعب أخيل وكيف أن لكل انسان نقطة ضعف مهما بلغ في حياته من القوة والجبروت، وأسطورة أوديب وكيف لا تقوم البلاد على إثم وخطيئة. هذه المرة قفزت إلى روحي اسطورة صندوق باندورا. الحكاية ببساطة هي أن زيوس رب أرباب الإغريق أهدى إلى باندورا، صندوقا بين مجموعة من الهدايا وحذرها من فتحه. كان الصندوق يحتوي على كل الشرور. لكنها في لحظة، وتحت وطأة حب الاستطلاع فتحته، فخرجت منه كل الشرور تملأ العالم ولم يخرج الأمل. الأمل باقي، وإلا ما تقدمت الحياة رغم كل الشرور التي عرفها التاريخ، بل هو حافز من أصابتهم كل الشرور إلى الحياة. أعرف ما مر على الأرض من شرور صنعتها الطبيعة من أعاصير وزلازل وفيضانات، فشكل الكرة الأرضية الآن ليس هو شكلها من مئات الآلاف من السنين. حقا استقرت على القارات الخمس، والبحار والمحيطات والسهول والوديان والمناجم والجبال المعروفة، لكنها لا تزال تعاني من مُفاجآت مثل الزلازل والأعاصير يدفع البشر ثمنها، ويستطيعون في النهاية المرور منها رغم الخسارات. في المقابل فالتاريخ يتحدث عن شرور كثيرة قام بها البشر مثل الغزوات والحروب. المقارنة بين الانسان والطبيعة تنتهي إلى صالح الطبيعة التي صار الانسان خبيرا بها، فهي لا تفعل ذلك قصدا، ولا حب استطلاع، بل للأسف يساهم الإنسان في تغييرها سلبا بما يجريه عليها من صناعات تلوث الفضاء، واعتداءات على مياهها وخضرتها فضلا عن الحروب. آخر ما نراه أمامنا هو ما جرى ويجري في غزة التي فتحت الدولة الإسرائيلية صندوقها القديم بأفكارها. تظل اسرائيل هي أكثر من فتح صندوق باندورا في التاريخ الحديث، ولا تدرك أن الأمل في صندوقها وهم. نفس ما جرى في أوروبا من النازية وهتلر ودمار بلاد كبير مثل روسيا وألمانيا نفسها، وما حدث في اليابان بعد القنبلة الذرية الأمريكية، والأمل دائما في الشعوب صاحبة الأرض ومنهم شعب فلسطين. أحاول الابتعاد عن هذه الحقيقة الواضحة للعالم لكني حين أنظر حولي في عالم السوشيال ميديا أرى كثيرا جدا من الشرور، سواء كان أصحابها يدرون أم لا. يكتبون حبا في الاستطلاع أم يقصدون. أعرف إنها تجسيد كبير للتفاهة، لكن كثيرا منها يقوم على الكذب. أتجاهلها وأترك نفسي كما تعودت أسيرا لقراءة الكتب الهامة لكن يظل السؤال. لماذا حقا يعتقد البعض أن ما يقولونه هو الحقيقة المطلقة، بينما مسيرة البشر هي البحث عن الحقيقة، والا ما تغيرت نظم الحكم والحكام، وما تغيرت النظريات العلمية. النظريات العلمية التي حين تظهر تبدو نهاية العلم، لكن كما قال يوما الفيلسوف كارل بوبر أن النظرية العلمية الحقيقية هي ما يقبل الكذب. والكذب هنا يعني أن تأتي نظرية أشمل وأكثر دقة، ولنا في قوانين الجاذبية التي توسعت فيها نظرية النسبية، ثم أتت نظرية الفيمتو ثانية أكثر شمولا ودقة. قضايا كثيرة حولي تتفجر بين شخصيات من دول عربية مختلفة ومصريين، يتهم فيها البعض الآخر ليميزوا دولهم عن غيرها. من حق كل انسان أن يميز دولته، لكن لا يعني تخلف دولة أخرى أن شعبها يستحق المعايرة بذلك. ولا يجب على الناحية الأخرى تمييز شعب على آخر، فأي شعب ليس صندوقا واحدا. وصم شعب آخر بالتخلف في سلوكه أمر صعب، فالشعوب تدفع ثمن تقدمها. لا يجب أن نغفل هذه الحقيقة. نتركها لأصحابها فهم الأدري بما هم فيه.

مساحة إعلانية