رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

الجادل بنت ناصر

الجادل بنت ناصر

مساحة إعلانية

مقالات

1375

الجادل بنت ناصر

إلى راحل لا يسمعني

10 نوفمبر 2014 , 01:55ص

كلماتنا التي نرددها، الحكم التي نحفظها دون الإدراك الحقيقي لما تحمل من معانٍ ومبادئ لا علاقة لها إلا بالآخرة، دون تجربة حية تمر فتعصرنا حتى نعي أخيرا أن هذا هو معناها الحقيقي في الحياة، أنها خُلقت لهذا الهدف، تمامًا كالرضا في حياتي، المفردة التي لم أستوعبها إلا على مدى مراحل ليست بالقصيرة، كل مرحلة كانت أقسى علي من الأخرى، لتنتهي هذه الرحلة أخيرا بما سماه الله في كتابه "مصيبة الموت".

خالتي التي رحلت..

رحلت بعد أربع سنوات من أخبث الأمراض الذي ما اختار من جسدها إلا الرأس، أربع سنوات وهو يفتك بذاكرتها، ذكرياتها، عافيتها، علاقاتها، ولكنه ما استطاع أن يفتك باطمئنانها، بالرضا بما قُدّر لها، بالذي كنا نراه شرا مستطيرا، وكانت تراه خيرا وفيرا.

أربع سنوات، يُشق فيها رأسها أربع مرات، في كل مرة كانت تمتلئ بالرضا أكثر، كانت ترانا كيف ننذبح من ضعف عافيتها، وكانت ترانا وهي تبتسم، مطمئنة إلى الحد الذي لا يمكن لبؤسي عليها أن يستوعبه، كأنها كانت ترى شيئًا لا نراه، ولا يمكن لنا ونحن بتمام عافيتنا أن نراه.

إنني عندما أتحدث عن رحيلها، فإنني أتحدث عن رحيلها عن طفولتي، أوراقي، مكتبتي وكتبي، رحيلها عن لغتي، وهي معلمتي الأولى، الكتف الذي كنت أستند عليه وقت كتابتي، عن مدرسة اللغة العربية التي تنبأت بأنني سأكتب، سأكتب حرفًا جميلا، وقصيدة جميلة، ومقالا جميلا، خالتي التي جعلتني أؤمن بأن العدم خُلق للأجساد، والوجود خُلق للكلمات، الآن، إنني أبصر أن جسدها رحل إلى العدم، وكلماتها ظلت في الوجود.

إنها الطاهرة التي تجلّت بالرضا، لتُعطيني درسها الأخير، كنا نراها تصارع الألم وما سخطت قط، يُحلق رأسها وما تذمرت قط، تتصدّع من العلاج الكيماوي وما اشتكت قط، كانت تصبر في باطنها، وترضى في ظاهرها، إنها أبهى من ذي قبل، أجمل من جميع أيامها التي مضت، ترتفع لتترك رجس الحياة وسقمها وضنكها، لتكون في الضيافة البهية، ابتسامة من شفتيها وقت صعودها تلقننا أن الجنة للصابرين، أن الله لن يخلف وعده وهو الحق الذي قال (إنما يوفّى الصابرون أجرهم بغير حساب).

لقد ذابت جميع الصور من ذاكرتي، ورسخت صورة واحدة، لا أستطيع تخيّل غيرها، خالتي التي رحلت إلى الجنة، إنها متكئة على متكئٍ من نور، ببهجة اللذة التي لا تُكدّر، تضحك في مجلس وضاء، إنها تحكي لجدي الذي سبقها عن أخبارنا، تزورها جدتي فتسلّم عليها بحرارة الفقد القديم، إنها الآن بعافية لا تهلك، بقلب سليم لا يضعف، وخز الإبر في جسدها تحول إلى منابع مسك، تسيل حتى تصل قصرها، رأسها الذي أعطبه الخبيث سيبدله الله بشعر جميل طويل، يفوق حرير الحياة البخس، خالتي ستكون في الجنة، ستكون إن شاء الله في الجنة.

اقرأ المزيد

alsharq لا نريدها هدنة مؤقتة

أثناء تصفحي لمواقع التواصل الاجتماعي استوقفني أحدهم ممن يصفونهم بالمنجمين والذين يدّعون العلم بالمستقبل ولا يعلم بالغيب سوى... اقرأ المزيد

150

| 05 أكتوبر 2025

alsharq يوم المعلم.. مهنة لن تختفي

يقول الاسكندر الأكبر: أنا مدين لمعلمي لأنه قدم لي حياة جديدة. يحتفل العالم أجمع بيوم المعلم الذي ينظم... اقرأ المزيد

156

| 05 أكتوبر 2025

alsharq المبادرة.. وتداعيات حرب الإبادة

ضغوط عالمية وداخلية شعبية لوقف الحرب وانهاء الابادة، تسارع مكوكي لا يوصف في مفاوضات الصلح بين حماس واسرائيل... اقرأ المزيد

96

| 05 أكتوبر 2025

مساحة إعلانية