رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
لا شك أن قطر تواجه اليوم إحدى الحروب الإعلامية الشعواء التي يشنها الإعلام البريطاني بسبب تفوق قطر على "بريطانيا العظمى" عندما نجحت قطر بامتياز في اقتناص ملف كأس العالم 2022 وحصولها على حق وشرف التنظيم لهذا المحفل الدولي الذي تتوجه اليه كل شعوب العالم بالاهتمام والمتابعة لكونه أهم المنافسات المحبوبة والمفضلة في مجال لعبة كرة القدم. واذا كانت بريطانيا ما زالت تعتقد بأنها الأجدر على تنظيم هذا المحفل العالمي، فان فشلها في نيل هذا الشرف جعلها تموت حرقة، فلجأت إلى تسخير وسائلها الإعلامية بأنواعها المختلفة لتشويه سمعة دولة قطر، والزج باسمها في كل الأخبار التلفزيونية والصحفية والاذاعية.
فقد كانت الصحافة البريطانية خلال الفترة القليلة الماضية هي الاكثر تنظيما واحترافية
في نشر الاكاذيب والاخبار الصفراء التي تعود عليها الشعب البريطاني منذ مئات السنين لكونها لا تحترم المهنية ولا تقدم لشعبها الموضوعية والمصداقية والحيادية فيما تكتب وتفبرك من اخبار وتقارير.
ولنأخذ هنا — على سبيل المثال لا الحصر — احدى هذه الفبركات التي كانت تلك الصحافة حاضرة فيها وهو ما كانت تنشره قبل عقدين من الزمان عن الأميرة الجميلة "الليدي ديانا" حتى قتلوها وهي في سن الشباب بسبب ملاحقتها وتصويرها في كافة المواقع حتى في دورة المياه، فماتت بسبب الصحافة البريطانية، وكل العالم يعرف هذه الحقيقة وما كانت تتمتع به من قذارة ولؤم وخبث بهدف الاثارة والضحك على الرأي العام المحلي والعالمي لتحقيق بعض المكاسب المالية في التوزيع.
ورغم عراقة الصحافة البريطانية وتاريخها الطويل في التأسيس والنشأة فان هذا التاريخ الاسود تحول الى حقيقة مفادها ان هذه الصحافة الصفراء لا تقوم على المهنية العالية التي تتمتع بها جاراتها من الدول المجاورة لها في نفس القارة مثل الصحافة الفرنسية والألمانية والهولندية والنمساوية وغيرها، وهي صحافة تتمتع بالنزاهة والشفافية وعدم الاساءة للدول، بينما نجد الصحافة الانجليزية ما زالت تنشر اكاذيبها بدون اية دلائل او براهين سعيا منها للاثارة وتشويه سمعة قطر لسحب ملف كأس العالم منا بالقوة الاعلامية التي يتمتعون بها باستخدام الاكاذيب والتضليل للتأثير على الفيفا.
من هنا فيجب الا يضخم ويكبر ما ينشر عن قطر في بريطانيا دفاعا عن حرمان المملكة المتحدة من تنظيم كأس العالم 2022 رغم ان القرار قد صدر ومنح لدولة صغيرة في حجمها ولكنها كبيرة في انجازاتها ومبادراتها الرياضية والاقتصادية والسياسية وعلى كافة المستويات المحلية والاقليمية والعالمية، وهذا ما اثار حفيظة البريطانيين، وجعلهم يتصيدون في الماء العكر لدولة قطر، من خلال العمل على فتح ملفات قد اغلقت وحان الوقت لفتحها من جديد كما يعتقدون، ومن تلك الملفات ملف الفساد الذي يدعون فيه ان قطر ضليعة فيه، ومن هنا فلا يجب منح قطر تنظيم هذه البطولة العالمية. ومن المخجل ايضا ان بعض المحطات العربية المغرضة والحاقدة على قطر منذ وقت طويل اصبحت تردد نفس النغمة البريطانية في اخبارها اليومية نكاية بقطر مع كل اسف، والسبب انها مدفوع لها لتشويه سمعتنا، والقارئ العربي لا يمكن ان تضحك عليه مثل هذه القنوات المأجورة والأفاقة في تحاليلها واخبارها التي لا يثق بها المواطن العربي ابدا.
وبالامس القريب أصدرت اللجنة العليا للمشاريع والإرث بيانا حول المزاعم التي نشرتها صحيفة "صنداي تايمز" الإنجليزية وأكدت اللجنة في بيانها أن لجنة ملف قطر 2022 كانت طوال عملها حريصة على الالتزام بالنزاهة أثناء المنافسة على استضافة كأس العالم، وقالت اللجنة في بيانها: إن محمد بن همام لم يكن له أي دور رسمي أو غير رسمي في لجنة ملف قطر 2022، وكان دور اللجنة إقناع محمد بن همام كونه من أعضاء اللجنة التنفيذية للفيفا بمزايا الملف القطري.
وأكدت اللجنة أنها كامتداد طبيعي للجنة ملف قطر تتعاون مع التحقيقات الحالية، وأنها تثق أن أي تحقيق موضوعي سيؤكد في النهاية أن فوز قطر باستضافة كأس العالم 2022 كان نزيها، وأوضح البيان رفض اللجنة جملة وتفصيلا كافة ما نشر في مختلف الوسائل الإعلامية من مزاعم وافتراءات، وسنتخذ كافة اﻹجراءات الضرورية للدفاع عن سلامة وسمعة ملفنا، وفي ما يلى نص بيان اللجنة العليا للمشاريع والإرث: إننا نؤكد في مطلع هذا البيان حرص لجنة ملف قطر 2022 طوال فترة عملها على الالتزام بأعلى درجات النزاهة والمعايير المهنية والأخلاقية أثناء خوضها منافسات نيل شرف استضافة بطولة كأس العالم 2022 أما في ما يتعلق بالمزاعم اﻷخيرة التي نشرتها صحيفة "صنداي تاﯾمز" الإنجليزية، فإننا نعلن مجددا أن محمد بن همام لم يكن له أي دور رسمي أو غير رسمي في لجنة ملف قطر 2022. فكما كان الحال مع أي من أعضاء المكتب التنفيذي في الفيفا فقد كان على فرﯾق ملف قطر 2022 إقناع السيد بن همام بالمزايا التي يتضمنها الملف القطري.
إننا في اللجنة العليا للمشاريع والإرث كامتداد طبيعي للجنة ملف قطر 2022 نتعاون بشكل كامل مع التحقيقات الحالية التي يجريها السيد غارسيا وفريق عمله ونثق تماما بأن أي تحقيق موضوعي سيؤكد في النهاية حقيقة أن فوز ملفنا باستضافة كأس العالم 2022 كان نزيها ولم تشبه أي شائبة. كما أننا نرفض جملة وتفصيلا كافة ما نشر في مختلف الوسائل الإعلامية من مزاعم وافتراءات، وسنتخذ كافة اﻹجراءات الضرورية للدفاع عن سلامة وسمعة ملفنا وسيتولى محامونا النظر في هذه القضية. إن فوز ملفنا بحق استضافة البطولة قد تحقق ﻷننا على قناعة بأنه كان أفضل الملفات وأكثرها تميزا ولأن الوقت قد حان لمنطقة الشرق اﻷوسط ﻻستضافة هذا الحدث العالمي ﻷول مرة في تاريخ البطولة.
** كلمة أخيرة:
أحدهم علق على ذلك الموقف الشائن لصحافتهم السخيفة بان السفارات البريطانية في الخارج لها اليد الطولى في مد تلك الصحف بهذه السخافات الاستخباراتية وبالاخبار المفبركة لنشر هذه الاكاذيب، وقوفا مع الحكومة التي كانت لا تغيب عنها الشمس!!.
في مقابلة في إحدى القنوات الإخبارية ظهرت الأم الشابة التي تتحدث بألم وأسى عن الحالة التي وصلوا إليها... اقرأ المزيد
18
| 01 أكتوبر 2025
في رحاب معهد الدراسات الجنائية التابع للنيابة العامة في دولة قطر، خضتُ تجربة جميلة وجديرة بالتوثيق، إذ قدّمت،... اقرأ المزيد
21
| 01 أكتوبر 2025
في إطار الاهتمام المتنامي الذي توليه الدولة لفئة التدخل المبكر ورعاية الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، جاءت خطوة... اقرأ المزيد
15
| 01 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يطلّ عليك فجأة، لا يستأذن ولا يعلن عن نفسه بوضوح. تمرّ في زقاق العمر فتجده واقفًا، يحمل على كتفه صندوقًا ثقيلًا ويعرض بضاعة لا تشبه أي سوق عرفته من قبل. لا يصرخ مثل الباعة العاديين ولا يمد يده نحوك، لكنه يعرف أنك لن تستطيع مقاومته. في طفولتك كان يأتيك خفيفًا، كأنه يوزّع الهدايا مجانًا. يمد يده فتتساقط منها ضحكات بريئة وخطوات صغيرة ودهشة أول مرة ترى المطر. لم تكن تسأله عن السعر، لأنك لم تكن تفهم معنى الثمن. وحين كبُرت، صار أكثر استعجالًا. يقف للحظة عابرة ويفتح صندوقه فتلمع أمامك بضاعة براقة: أحلام متوهجة وصداقات جديدة وطرق كثيرة لا تنتهي. يغمرك بالخيارات حتى تنشغل بجمعها، ولا تنتبه أنه اختفى قبل أن تسأله: كم ستدوم؟ بعد ذلك، يعود إليك بهدوء، كأنه شيخ حكيم يعرف سرّك. يعرض ما لم يخطر لك أن يُباع: خسارات ودروس وحنين. يضع أمامك مرآة صغيرة، تكتشف فيها وجهًا أنهكته الأيام. عندها تدرك أن كل ما أخذته منه في السابق لم يكن بلا مقابل، وأنك دفعت ثمنه من روحك دون أن تدري. والأدهى من ذلك، أنه لا يقبل الاسترجاع. لا تستطيع أن تعيد له طفولتك ولا أن تسترد شغفك الأول. كل ما تملكه منه يصبح ملكك إلى الأبد، حتى الندم. الغريب أنه لا يظلم أحدًا. يقف عند أبواب الجميع ويعرض بضاعته نفسها على كل العابرين. لكننا نحن من نتفاوت: واحد يشتري بتهور وآخر يضيّع اللحظة في التفكير وثالث يتجاهله فيفاجأ أن السوق قد انفض. وفي النهاية، يطوي بضاعته ويمضي كما جاء، بلا وداع وبلا عودة. يتركك تتفقد ما اشتريته منه طوال الطريق، ضحكة عبرت سريعًا وحبًا ترك ندبة وحنينًا يثقل صدرك وحكاية لم تكتمل. تمشي في أثره، تفتش بين الزوايا عن أثر قدميه، لكنك لا تجد سوى تقاويم تتساقط كالأوراق اليابسة، وساعات صامتة تذكرك بأن البائع الذي غادرك لا يعود أبدًا، تمسح العرق عن جبينك وتدرك متأخرًا أنك لم تكن تتعامل مع بائع عادي، بل مع الزمن نفسه وهو يتجول في حياتك ويبيعك أيامك قطعةً قطعة حتى لا يتبقى في صندوقه سوى النهاية.
4593
| 26 سبتمبر 2025
هناك لحظات تفاجئ المرء في منتصف الطريق، لحظات لا تحتمل التأجيل ولا المجاملة، لحظات تبدو كأنها قادمة من عمق الذاكرة لتذكره بأن الحياة، مهما تزينت بضحكاتها، تحمل في جيبها دائمًا بذرة الفقد. كنتُ أظن أني تعلّمت لغة الغياب بما يكفي، وأنني امتلكت مناعة ما أمام رحيل الأصدقاء، لكن موتًا آخر جاء هذه المرة أكثر اقترابًا، أكثر إيغالًا في هشاشتي، حتى شعرتُ أن المرآة التي أطل منها على وجهي اليوم ليست إلا ظلًّا لامرأة كانت بالأمس بجانبي. قبل أيام قليلة رحلت صديقتي النبيلة لطيفة الثويني، بعد صراع طويل مع المرض، صراع لم يكن سوى امتحان صعب لجسدها الواهن وإرادتها الصلبة. كانت تقاتل الألم بابتسامة، كأنها تقول لنا جميعًا: لا تسمحوا للوجع أن يسرقكم من أنفسكم. لكن ماذا نفعل حين ينسحب أحدهم فجأة من حياتنا تاركًا وراءه فراغًا يشبه هوة بلا قاع؟ كيف يتهيأ القلب لاستيعاب فكرة أن الصوت الذي كان يجيب مكالماتنا لم يعد موجودًا؟ وأن الضحكة التي كانت تفكّك تعقيدات أيامنا قد صمتت إلى الأبد؟ الموت ليس حدثًا يُحكى، بل تجربة تنغرس في الروح مثل سكين بطيئة، تجبرنا على إعادة النظر في أبسط تفاصيل حياتنا. مع كل رحيل، يتقلص مدى الأمان من حولنا. نشعر أن الموت، ذلك الكائن المتربّص، لم يعد بعيدًا في تخوم الزمن، بل صار يتجوّل بالقرب منا، يختبر خطواتنا، ويتحرّى أعمارنا التي تتقارب مع أعمار الراحلين. وحين يكون الراحل صديقًا يشبهنا في العمر، ويشاركنا تفاصيل جيل واحد، تصبح المسافة بيننا وبين الفناء أقصر وأكثر قسوة. لم يعد الموت حكاية كبار السن، ولا خبرًا يخص آخرين، بل صار جارًا يتلصص علينا من نافذة الجسد والذاكرة. صديقتي الراحلة كانت تمتلك تلك القدرة النادرة على أن تراك من الداخل، وأن تمنحك شعورًا بأنك مفهوم بلا حاجة لتبرير أو تفسير. لهذا بدا غيابها ثقيلاً، ليس لأنها تركت مقعدًا فارغًا وحسب، بل لأنها حملت معها تلك المساحة الآمنة التي يصعب أن تجد بديلًا لها. أفكر الآن في كل ما تركته خلفها من أسئلة. لماذا نُفاجأ بالموت كل مرة وكأنها الأولى؟ أليس من المفترض أن نكون قد اعتدنا حضوره؟ ومع ذلك يظل الموت غريبًا في كل مرة، جديدًا في صدمته، جارحًا في اختباره، وكأنه يفتح جرحًا لم يلتئم أبدًا. هل نحن من نرفض التصالح معه، أم أنه هو الذي يتقن فنّ المداهمة حتى لو كان متوقعًا؟ ما يوجعني أكثر أن رحيلها كان درسًا لا يمكن تجاهله: أن العمر ليس سوى اتفاق مؤقت بين المرء وجسده، وأن الألفة مع الحياة قد تنكسر في لحظة. كل ابتسامة جمعتها بنا، وكل كلمة قالتها في محاولة لتهوين وجعها، تتحول الآن إلى شاهد على شجاعة نادرة. رحيلها يفضح ضعفنا أمام المرض، لكنه في الوقت ذاته يكشف جمال قدرتها على الصمود حتى اللحظة الأخيرة. إنها واحدة من تلك الأرواح التي تترك أثرًا أبعد من وجودها الجسدي. صارت بعد موتها أكثر حضورًا مما كانت عليه في حياتها. حضور من نوع مختلف، يحاورنا في صمت، ويذكّرنا بأن المحبة الحقيقية لا تموت، بل تعيد ترتيب نفسها في قلوبنا. وربما لهذا نشعر أن الغياب ليس غيابًا كاملًا، بل انتقالًا إلى شكل آخر من الوجود، وجود نراه في الذكريات، في نبرة الصوت التي لا تغيب، في اللمسة التي لا تزال عالقة في الذاكرة. أكتب عن لطيفة رحمها الله اليوم ليس لأحكي حكاية موتها، بل لأواجه موتي القادم. كلما فقدت صديقًا أدركت أن حياتي ليست طويلة كما كنت أتوهم، وأنني أسير في الطريق ذاته، بخطوات متفاوتة، لكن النهاية تظل مشتركة. وما بين بداية ونهاية، ليس أمامي إلا أن أعيش بشجاعة، أن أتمسك بالبوح كما كانت تفعل، وأن أبتسم رغم الألم كما كانت تبتسم. نعم.. الحياة ليست سوى فرصة قصيرة لتبادل المحبة، وأن أجمل ما يبقى بعدنا ليس عدد سنواتنا، بل نوع الأثر الذي نتركه في أرواح من أحببنا. هكذا فقط يمكن أن يتحول الموت من وحشة جارحة إلى معنى يفتح فينا شرفة أمل، حتى ونحن نغالب الفقد الثقيل. مثواك الجنة يا صديقتي.
4332
| 29 سبتمبر 2025
في قاعة الأمم المتحدة كان خطاب صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حفظه الله مشهدا سياسيا قلب المعادلات، الكلمة التي ألقاها سموه لم تكن خطابًا بروتوكوليًا يضاف إلى أرشيف الأمم المتحدة المكدّس، بل كانت كمن يفتح نافذة في قاعة خانقة. قطر لم تطرح نفسها كقوة تبحث عن مكان على الخريطة؛ بل كصوت يذكّر العالم أن الصِغَر في المساحة لا يعني الصِغَر في التأثير. في لحظة، تحوّل المنبر الأممي من مجرد منصة للوعود المكررة والخطابات المعلبة إلى ساحة مواجهة ناعمة: كلمات صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وضعتهم في قفص الاتهام دون أن تمنحهم شرف ذكر أسمائهم. يزورون بلادنا ويخططون لقصفها، يفاوضون وفودًا ويخططون لاغتيال أعضائها.. اللغة العربية تعرف قوة الضمير، خصوصًا الضمير المستتر الذي لا يُذكر لفظًا لكنه يُفهم معنى. في خطاب الأمير الضمير هنا مستتر كالذي يختبئ خلف الأحداث، يحرّكها في الخفاء، لكنه لا يجرؤ على الظهور علنًا. استخدام هذا الأسلوب لم يكن محض صدفة لغوية، بل ذكاء سياسي وبلاغي رفيع ؛ إذ جعل كل مستمع يربط الجملة مباشرة بالفاعل الحقيقي في ذهنه من دون أن يحتاج إلى تسميته. ذكاء سياسي ولغوي في آن واحد».... هذا الاستخدام ليس صدفة لغوية، بل استراتيجية بلاغية. في الخطاب السياسي، التسمية المباشرة قد تفتح باب الردّ والجدل، بينما ضمير الغائب يُربك الخصم أكثر لأنه يجعله يتساءل: هل يقصدني وحدي؟ أم يقصد غيري معي؟ إنّه كالسهم الذي ينطلق في القاعة فيصيب أكثر من صدر. محكمة علنية بلا أسماء: لقد حول الأمير خطابًا قصيرًا إلى محكمة علنية بلا أسماء، لكنها محكمة يعرف الجميع من هم المتهمون فيها. وهنا تتجلى العبارة الأبلغ، أن الضمير المستتر في النص كان أبلغ حضورًا من أي تصريح مباشر. العالم في مرآة قطر: في النهاية، لم يكن ضمير المستتر في خطاب صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله - مجرد أداة لغوية؛ بل كان سلاحًا سياسيًا صامتًا، أشد وقعًا من الضجيج. لقد أجبر العالم على أن يرى نفسه في مرآة قطر. وما بين الغياب والحضور، تجلت الحقيقة أن القيمة تُقاس بجرأة الموقف لا باتساع الأرض، وأن الكلمة حين تُصاغ بذكاء قادرة على أن تهز أركان السياسات الدولية كما تعجز عنها جيوش كاملة. فالمخاطَب يكتشف أن المرآة وُضعت أمامه من دون أن يُذكر اسمه. تلك هي براعة السياسة: أن تُدين خصمك من دون أن تمنحه شرف الذكر.
4185
| 25 سبتمبر 2025