رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
إدارة السوق الثانوي للبورصة سيحدث صدمة الإنعاش المطلوبة للسوق
نزل الستار عن فعاليات الإفصاح عن نتائج 43 من الشركات المدرجة في البورصة عن العام 2016، ولم يتبقَ إلا استكمال انعقاد عدد من الجمعيات العمومية، حتى ينتهي الموسم. وكما هو معروفٌ الآن، فإن النتائج في مجملها كانت ضعيفة، حيث تراجع إجمالي الأرباح المتحققة بنسبة 12.4% عن عام 2015 لتصل إلى 38.3 مليار ريال. وانعكس هذا التراجع في الأرباح على حركة المؤشر العام الذي أنهى الأسبوع الأول من أبريل بدون تغير يُذكر عن إقفال عام 2016 البالغ 10437 نقطة. ولأن المعطيات العامة في الربع الأول من العام الحالي لم تسجل تغيرات ملموسة عما كانت عليه في عام 2016، فإن من غير المتوقع أن تأتي نتائج الربع الأول -التي سيتوالى الإفصاح عنها في الأسابيع القليلة القادمة- بأي جديد يغير من المعالم الرئيسية لمجاميع السوق. فمن المسلم به أن البورصة تواجه حالة من شح السيولة تمثلت في أمور عدة، كان أولها ضعف أحجام التداولات. فبعد ارتفاع الإجمالي السنوي لقيمة التداولات إلى 200 مليار ريال في عام 2014، فإنه قد انخفض إلى 93 مليار ريال في عام 2015، ثم إلى 69 مليار ريال في عام 2016. وهذا الرقم الأخير يقترب من أدنى المستويات المتحققة في 10 سنوات سابقة. ورغم التحسن النسبي لتداولات شهر مارس الماضي إلى 10.3 مليار ريال، إلا أن ذلك قد يرجع إلى كونه شهر توزيعات الأرباح السنوية. ويؤثر تراجع التداولات سلبًا في أرباح كل من البورصة والوسطاء، ويخلق حالة من شح السيولة في الجهاز المصرفي. وقد انعكست هذه الحالة في صورة إقدام بعض البنوك والشركات على زيادة رؤوس أموالها عن طرق الاكتتاب، أو في قيام البعض منها بإصدار سندات أو صكوك في السوق العالمية، كما أقدمت بعض الشركات على خفض توزيعاتها النقدية إلى مستويات متدنية، وبعضها لم يوزع أي أرباح. وأقدم مصرف قطر المركزي على خفض نسبة الاحتياطي الإلزامي لأول مرة منذ العام 2008 إلى مستوى 4.5% بدلًا من 4.75%. ومن جهة أخرى تواصَل خروج الاستثمارات القطرية من البورصة، حيث سجلت تداولات القطريين أفرادًا ومحافظ عمليات بيع صافي في العام 2016 مقابل "شراء صافي" من غير القطريين خاصة من المحافظ الأجنبية. وهذه الظاهرة استمرت في الربع الأول من العام 2017، وهي ظاهرة مقلقة، باعتبار أن الاستثمارات الأجنبية لا تتصف بالديمومة والاستقرار، بل يغلب عليها التقلبات.
إزاء هذه المعطيات لا بد من حث الجهات المعنية بأمر السوق، على اتخاذ خطوات حازمة تعيد الثقة للمستثمر القطري وتشجعه على العودة للتداول في البورصة باعتبار أن ذلك أحد الفرص المتاحة له لتحقيق عائد مهم. ولن أتوقف كثيرا عند موضوع طرح إدراج شركات مربحة جديدة، فهذا الموضوع قتلناه بحثًا من كثر ما كررناه، وكانت النتيجة استعجال إدراج شركة غير جاهزة وغير مدروسة على عكس الإدراج الناجح لشركة مسيعيد قبل ثلاثة أعوام. إن ما أدعو له اليوم يتعلق بإدارة السوق الثانوي تحديدًا، حيث إن هنالك اقتراحات مهمة يمكن لإدارة البورصة الأخذ بها لإحداث صدمة الإنعاش المطلوبة لحال السوق. ومن هذه الاقتراحات:
1- إعادة النظر في مدة جلسة التداول اليومية التي تمتد 225 دقيقة إضافة إلى 30 دقيقة قبل الافتتاح. وهذه الجلسة الطويلة تبعث على الملل، وغالبًا ما يتم إجراء الصفقات المهمة في ربع الساعة الأخير. وإذا ما تم ضغط الجلسة في ساعتين فقط، فإن الجلسات سوف تنشط، وتعود البورصة إلى استقطاب المتعاملين من جديد، وقد كان هذا هو الحال أيام الزمن الجميل عندما كانت تداولات البورصة نشطة جدًا، وكذلك أسعار الأسهم والمؤشرات.
2- إعادة نشاط الوكلاء الذي تم إلغاؤه، فمن المسلم به أن كثيرا من أصحاب الأموال ليس لديهم الوقت اللازم للتداول، وبعضهم ليست لديه الدراية لإدارة تداولات في البورصة، فلماذا لا يُسمح بعودة الوكلاء وفق ضوابط محددة؟
3- إعادة النظر في سقف نسبة التملك البالغة 5%، لأن هذه النسبة وإن كانت تناسب دولًا أخرى فإنها قد لا تتماشى مع مجتمع محافظ كالمجتمع القطري، ولهذا باع بعض كبار المستثمرين أسهمهم التي حتى لا تقوم البورصة بالإفصاح عنها. فماذا لو تم رفع السقف إلى 7% أو 8% مثلًا؟
4- أن تقوم البورصة بافتتاح سوق مواز للشركات الخاصة كما حدث في الدول المجاورة.
5- إضافة أنشطة جديدة للبورصة من قبيل البيع على المكشوف.
6- هناك من يرى أن يتم تجزئة القيمة الاسمية للسهم إلى ريال واحد بدلًا من عشرة، لتشجيع عمليات المضاربة اليومية. إلا أن هكذا قرار قد لا يفيد في استقطاب الاستثمارات التي خرجت من السوق، وقد يُحدث ربكة في تطبيق كثير من الأنظمة والاتفاقيات المستجدة كالرهون وغيرها.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب مجرد خيبة رياضية عابرة، بل كانت صدمة حقيقية لجماهير كانت تنتظر ظهوراً مشرفاً يليق ببطل آسيا وبمنتخب يلعب على أرضه وبين جماهيره. ولكن ما حدث في دور المجموعات كان مؤشراً واضحاً على أزمة فنية حقيقية، أزمة بدأت مع اختيارات المدرب لوبيتيغي قبل أن تبدأ البطولة أصلاً، وتفاقمت مع كل دقيقة لعبها المنتخب بلا هوية وبلا روح وبلا حلول! من غير المفهوم إطلاقاً كيف يتجاهل مدرب العنابي أسماء خبرة صنعت حضور المنتخب في أكبر المناسبات! أين خوخي بوعلام و بيدرو؟ أين كريم بوضياف وحسن الهيدوس؟ أين بسام الراوي وأحمد سهيل؟ كيف يمكن الاستغناء عن أكثر اللاعبين قدرة على ضبط إيقاع الفريق وقراءة المباريات؟ هل يعقل أن تُستبعد هذه الركائز دفعة واحدة دون أي تفسير منطقي؟! الأغرب أن المنتخب لعب البطولة وكأنه فريق يُجرَّب لأول مرة، لا يعرف كيف يبني الهجمة، ولا يعرف كيف يدافع، ولا يعرف كيف يخرج بالكرة من مناطقه. ثلاث مباريات فقط كانت كفيلة بكشف حجم الفوضى: خمسة أهداف استقبلتها الشباك مقابل هدف يتيم سجله العنابي! هل هذا أداء منتخب يلعب على أرضه في بطولة يُفترض أن تكون مناسبة لتعزيز الثقة وإعادة بناء الهيبة؟! المؤلم أن المشكلة لم تكن في اللاعبين الشباب أنفسهم، بل في كيفية إدارتهم داخل الملعب. لوبيتيغي ظهر وكأنه غير قادر على استثمار طاقات عناصره، ولا يعرف متى يغيّر، وكيف يقرأ المباراة، ومتى يضغط، ومتى يدافع. أين أفكاره؟ أين أسلوبه؟ أين بصمته التي قيل إنها ستقود المنتخب إلى مرحلة جديدة؟! لم نرَ سوى ارتباك مستمر، وخيارات غريبة، وتبديلات بلا معنى، وخطوط مفككة لا يجمعها أي رابط فني. المنتخب بدا بلا تنظيم دفاعي على الإطلاق. تمريرات سهلة تخترق العمق، وأطراف تُترك بلا رقابة، وتمركز غائب عند كل هجمة. أما الهجوم، فقد كان حاضراً بالاسم فقط؛ لا حلول، لا جرأة، لا انتقال سريع، ولا لاعب قادر على صناعة الفارق. كيف يمكن لفريق بهذا الأداء أن ينافس؟ وكيف يمكن لجماهيره أن تثق بأنه يسير في الطريق الصحيح؟! الخروج من دور المجموعات ليس مجرد نتيجة سيئة، بل مؤشر مخيف! فهل يدرك الجهاز الفني حجم ما حدث؟ هل يستوعب لوبيتيغي أنه أضاع هوية منتخب بطل آسيا؟ وهل يتعلم من أخطاء اختياراته وإدارته؟ أم أننا سننتظر صدمة جديدة في استحقاقات أكبر؟! كلمة أخيرة: الأسئلة كثيرة، والإجابات حتى الآن غائبة، لكن من المؤكّد أن العنابي بحاجة إلى مراجعة عاجلة وحقيقية قبل أن تتكرر الخيبة مرة أخرى.
2325
| 10 ديسمبر 2025
عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا لا يعني بالضرورة أنه الأفضل والأذكى والأكثر كفاءة، بل قد تكون الظروف والفرص قد أسهمت في وصوله. وهذه ليست انتقاصًا منه، بل فرصة يجب أن تُستثمر بحكمة. ومن الطبيعي أن يواجه القائد الشاب تحفظات أو مقاومة ضمنية من أصحاب الخبرة والكفاءات. وهنا يظهر أول اختبار له: هل يستفيد من هذه الخبرات أم يتجاهلها ؟ وكلما استطاع القائد الشاب احتواء الخبرات والاستفادة منها، ازداد نضجه القيادي، وتراجع أثر الفجوة العمرية، وتحوّل الفريق إلى قوة مشتركة بدل أن يكون ساحة تنافس خفي. ومن الضروري أن يدرك القائد الشاب أن أي مؤسسة يتسلّمها تمتلك تاريخًا مؤسسيًا وإرثًا طويلًا، وأن ما هو قائم اليوم هو حصيلة جهود وسياسات وقرارات صاغتها أجيال متعاقبة عملت تحت ظروف وتحديات قد لا يدرك تفاصيلها. لذلك، لا ينبغي أن يبدأ بهدم ما مضى أو السعي لإلغائه؛ فالتطوير والبناء على ما تحقق سابقًا هو النهج الأكثر نضجًا واستقرارًا وأقل كلفة. وهو وحده ما يضمن استمرارية العمل ويُجنّب المؤسسة خسائر الهدم وإعادة البناء. وإذا أراد القائد الشاب أن يرد الجميل لمن منحه الثقة، فعليه أن يعي أن خبرته العملية لا يمكن أن تضاهي خبرات من سبقه، وهذا ليس نقصًا بل فرصة للتعلّم وتجنّب الوقوع في وهم الغرور أو الاكتفاء بالذات. ومن هنا تأتي أهمية إحاطة نفسه بدائرة من أصحاب الخبرة والكفاءة والمشورة الصادقة، والابتعاد عن المتسلقين والمجاملين. فهؤلاء الخبراء هم البوصلة التي تمنعه من اتخاذ قرارات متسرّعة قد تكلّف المؤسسة الكثير، وهم في الوقت ذاته إحدى ركائز نجاحه الحقيقي ونضجه القيادي. وأي خطأ إداري ناتج عن حماس أو عناد قد يربك المسار الاستراتيجي للمؤسسة. لذلك، ينبغي أن يوازن بين الحماس ورشادة القرار، وأن يتجنب الارتجال والتسرع. ومن واجبات القائد اختيار فريقه من أصحاب الكفاءة (Competency) والخبرة (Experience)، فنجاحه لا يتحقق دون فريق قوي ومتجانس من حوله. أما الاجتماعات والسفرات، فالأصل أن تُعقَد معظم الاجتماعات داخل المؤسسة (On-Site Meetings) ليبقى القائد قريبًا من فريقه وواقع عمله. كما يجب الحدّ من رحلات العمل (Business Travel) إلا للضرورة؛ لأن التواجد المستمر يعزّز الانضباط، ويمنح القائد فهمًا أعمق للتحديات اليومية، ويُشعر الفريق بأن قائده معهم وليس منعزلًا عن بيئة عملهم. ويمكن للقائد الشاب قياس نجاحه من خلال مؤشرات أداء (KPIs) أهمها هل بدأت الكفاءات تفكر في المغادرة؟ هل ارتفع معدل دوران الموظفين (Turnover Rate)؟ تُمثل خسارة الكفاءات أخطر تهديد لاستمرارية المؤسسة، فهي أشد وطأة من خسارة المناقصات أو المشاريع أو أي فرصة تجارية عابرة. وكتطبيق عملي لتعزيز التناغم ونقل المعرفة بين الأجيال، يُعدّ تشكيل لجنة استشارية مشتركة بين أصحاب الخبرة الراسخة والقيادات الصاعدة آلية ذات جدوى مضاعفة. فإلى جانب ضمانها اتخاذ قرارات متوازنة ومدروسة ومنع الاندفاع أو التفرد بالرأي، فإن وجود هذه اللجنة يُغني المؤسسة عن اللجوء المتكرر للاستشارات العالمية المكلفة في كثير من الخطط والأهداف التي يمكن بلورتها داخليًا بفضل الخبرات المتراكمة. وفي النهاية، تبقى القيادة الشابة مسؤولية قبل أن تكون امتيازًا، واختبارًا قبل أن تكون لقبًا. فالنجاح لا يأتي لأن الظروف منحت القائد منصبًا مبكرًا، بل لأنه عرف كيف يحوّل تلك الظروف والفرص إلى قيمة مضافة، وكيف يبني على خبرات من سبقه، ويستثمر طاقات من حوله.
1227
| 09 ديسمبر 2025
في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل بالتحزّبات والصراعات والاصطفافات، اختارت قطر أن تقدّم درسًا غير معلن للعالم: أن الرياضة يمكن أن تكون مرآة السياسة حين تكون السياسة نظيفة، عادلة، ومحلّ قبول الجميع واحترام عند الجميع. نجاح قطر في استضافة كأس العرب لم يكن مجرد تنظيم لبطولة رياضية، بل كان حدثًا فلسفيًا عميقًا، ونقلاً حياً ومباشراً عن واقعنا الراهن، وإعلانًا جديدًا عن شكلٍ مختلف من القوة. قوة لا تفرض نفسها بالصوت العالي، ولا تتفاخر بالانحياز، ولا تقتات على تفتيت الشعوب، بل على القبول وقبول الأطراف كلها بكل تناقضاتها، هكذا تكون عندما تصبح مساحة آمنة، وسطٌ حضاري، لا يميل، لا يخاصم، ولا يساوم على الحق. لطالما وُصفت الدوحة بأنها (وسيط سياسي ناجح ) بينما الحقيقة أكبر من ذلك بكثير. الوسيط يمكن أن يُستَخدم، يُستدعى، أو يُستغنى عنه. أما المركز فيصنع الثقل، ويعيد التوازن، ويصبح مرجعًا لا يمكن تجاوزه. ما فعلته قطر في كأس العرب كان إثباتاً لهذه الحقيقة: أن الدولة الصغيرة جغرافيًا، الكبيرة حضاريًا، تستطيع أن تجمع حولها من لا يجتمع. ولم يكن ذلك بسبب المال، ولا بسبب البنية التحتية الضخمة، بل بسبب رأس مال سياسي أخلاقي حضاري راكمته قطر عبر سنوات، رأس مال نادر في منطقتنا. لأن البطولة لم تكن مجرد ملاعب، فالملاعب يمكن لأي دولة أن تبنيها. فالروح التي ظهرت في كأس العرب روح الضيافة، الوحدة، الحياد، والانتماء لكل القضايا العادلة هي ما لا يمكن فعله وتقليده. قطر لم تنحز يومًا ضد شعب. لم تتخلّ عن قضية عادلة خوفًا أو طمعًا. لم تسمح للإعلام أو السياسة بأن يُقسّما ضميرها، لم تتورّط في الظلم لتكسب قوة، ولم تسكت عن الظلم لتكسب رضا أحد. لذلك حين قالت للعرب: حيهم إلى كأس العرب، جاؤوا لأنهم يأمنون، لأنهم يثقون، لأنهم يعلمون أن قطر لا تحمل أجندة خفية ضد أحد. في المدرجات، اختلطت اللهجات كما لم تختلط من قبل، بلا حدود عسكرية وبلا قيود أمنية، أصبح الشقيق مع الشقيق لأننا في الأصل والحقيقة أشقاء فرقتنا خيوط العنكبوت المرسومة بيننا، في الشوارع شعر العربي بأنه في بلده، فلا يخاف من رفع علم ولا راية أو شعار. نجحت قطر مرة أخرى ولكن ليس كوسيط سياسي، نجحت بأنها أعادت تعريف معنى «العروبة» و»الروح المشتركة» بطريقة لم تستطع أي دولة أخرى فعلها. لقد أثبتت أن الحياد العادل قوة. وأن القبول العام سياسة. وأن الاحترام المتبادل أكبر من أي خطاب صاخب. الرسالة كانت واضحة: الدول لا تُقاس بمساحتها، بل بقدرتها على جمع المختلفين. أن النفوذ الحقيقي لا يُشترى، بل يُبنى على ثقة الشعوب. أن الانحياز للحق لا يخلق أعداء، بل يصنع احترامًا. قطر لم تنظّم بطولة فقط، قطر قدّمت للعالم نموذج دولة تستطيع أن تكون جسرًا لا خندقًا، ومساحة لقاء لا ساحة صراع، وصوتًا جامعًا لا صوتًا تابعًا.
795
| 10 ديسمبر 2025