رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
بين ما قبل التاريخ وحتى العام 2003، أنتجت البشرية كمّاً من المعلومات يقدّر بخمسة إكسابايت (ملايين الميغابايت) على شكل نصوص ورسومات وموسيقى وقياسات وحسابات، إلخ. وفي العام 2011 تم إنتاج نفس القدر السابق من المعلومات خلال يومين فقط. وفي عامنا الحاليّ 2013 سيكون بالإمكان إنتاج ذلك الكمّ كلّ عشر دقائق! إننا اليوم نسبح في بحر من المعلومات، بل سنغرق فيها إن لم نستطع مواكبة هذا المدّ الهائل بقدرة مناسبة على تحليل هذه الكميات الضخمة من المعلومات.
لقد ظهر مفهوم "المعلومات الكثيرةBig Data " لأول مرة في العام 2006، وصار شائعاً في العام 2012 عندما جعل البيت الأبيض ومنتدى دافوس الاقتصادي العالميّ (ومؤسسات مهمة أخرى) هذا المفهوم قضية مركزية تحتاج إلى متابعة واهتمام. ويتضمّن هذا الأمر فكرتين رئيستين: أولاً، نحن ننتج المعلومات حالياً بتزايد أسّيّ (متسارع)؛ ثانياً، نحن بحاجة إلى أساليب جديدة لتحليل المعلومات، إذ إنّ الأساليب القديمة لم تعد قادرة على مجاراة هذا النوع من المعطيات.
وحيثما التفتنا نجد إنتاج المعلومات يتم بوفرة من خلال كلّ نشاط في حياتنا المعاصرة: بواسطة حواسيبنا وهواتفنا الذكية وكاميراتنا وأنظمة تحديد الموقع GPS، بالإضافة إلى مختلف الأجهزة الرقمية الأخرى والمجسّات والماسحات كافّة، مثل التجهيزات الطبية وأدوات البحث وأجهزة الأمن وغيرها.
ولقد كان للشبكة العنكبوتية (الإنترنت) الدور الأعظم في ثورة " المعلومات الكثيرة" هذه: فهناك 200 مليون من رسائل البريد الإلكتروني يتم إرسالها كلّ دقيقة، و20 مليون من التغريدات على "تويتر" كلّ ساعة، ومائة ألف ساعة بثّ للفيديوهات تُرفع على اليوتيوب كلّ يوم، وبلايين من التدوينات تضخّ المعلومات باستمرار. أليس من المثير أن نعلم أنّه خلال ساعة واحدة فقط يستطيع تدفّق المعلومات الذي توفّره شبكة الإنترنت ملء 10 بلايين من أقراص الـDVD، وهو كمٌّ من الضخامة بحيث لو تمّ تكديس هذه الأقراص فوق بعضها لبلغت ارتفاعاً أكبر بعشر مرّات من ارتفاع قمة إفرست! ليس هذا فحسب، بل إن هذا الكمّ يتضاعف مرتين كلّ 20 شهراً.
حسناً، إنّ ما ذكر أعلاه يجلب معه بعض الأخبار الطيبة وبعض الأخبار السيئة أيضاً.
دعونا نبدأ بالجانب الأكثر إشراقاً من المسألة. إن المزيد من المعلومات يعني المزيد من فرص المعرفة، وبالتالي تحسينات أكبر على حياتنا والمزيد من التقدم للإنسانية. خذوا مثلاً كيف يمكن لتسجيل سلوك المستهلك (من خلال التخزين القانوني لمعلومات بطاقات الائتمان، وبيانات التسوّق وبحثنا على الإنترنت) وكذلك رصد عادات العمّال، كيف يمكن لكلّ ذلك أن يزيد من الإنتاجية ومستوى المبيعات.
لقد أشارت دراسة حديثة شملت 179 من كبرى الشركات إلى أن الجهات التي عملت على الاستفادة من "المعلومات الكثيرة"، ووضعتها في صلب استراتيجيتها، استطاعت أن تزيد من الإنتاجية بنسبة 5 إلى 6 بالمائة، اعتماداً على هذا العامل فقط. أما ما هو أكثر أهمية لسوق العمل، فقد خلُص تقرير صدر العام الفائت إلى أن الولايات المتحدة تحتاج وحدها ما بين 140.000 و190.000 من العاملين القادرين على التعامل مع البيانات، وقدّر التقرير أن 1.5 مليون من المديرين بحاجة أن يكونوا ذوي قدرة على "قراءة البيانات".
وفي العلوم، أصبحت "المعلومات الكثيرة" جزءاً من هيكلية البحث، خاصةً في المشاريع العلمية الضخمة مثل الجينوم البشري، والمسح الرقميّ للسماء، والمصادم الهادروني الكبير. ففكّ شفرة الجينوم البشريّ استغرق عشر سنوات وكلّف 100 مليون دولار في أول مرة تم تنفيذه (منذ عقد من الزمن)، بينما يمكن تنفيذه حاليا خلال أسبوع بكلفة أقلّ من 10 آلاف دولار، وسيكون بالإمكان تنفيذه قريباً خلال يوم واحد وبكلفة ألف دولار فقط، أي أسرع بـ500 مرة وأرخص كلفة بـ100 ألف مرة عن ذي قبل. وبالمثل، اكتشف الباحثون في المصادم الهادروني الكبير جسيم "هيغز" فقط لأنهم استطاعوا انتقاء حدث واحد من بين 6 مليون خلال كلّ ثانية وحلّلوا البيانات على مدى 6 أشهر. إنه أمر أشبه بالعثور على إبرة في تلّة من القشّ.
وحتى المجالات المتنوّعة الأخرى مثل العلوم السياسية والرياضة فإنها تتطلّب الآن خبرة في تحليل البيانات، حيث يمكن لتأثير صغير مستخرج من "أطنان" من المعلومات أن يقدّم تفوّقا على المنافسين. على سبيل المثال، من خلال تحليل أنماط تعبير مستخدمي الفيسبوك "بالإعجاب" أو رصد اختياراتهم في قراءة بعض الأخبار ومتابعتهم لها يمكن تطوير استراتيجيات للحملات الانتخابية وجذب اهتمام الناخبين.
في المقابل، فإن "المعلومات الكثيرة" يمكن أن تتحوّل – إن لم نكن حذرين – إلى ما يسمى بـ"الأخ الأكبر" (المراقب الأكبر) بما تمثله من معرفة مفصّلة لمجاميع الناس وبالتالي من وصاية عليهم. فقد ظهرت شركات متخصصة بجمع البيانات وبيعها (تُعرف بـ"سماسرة البيانات")، تجني أرباحاً هائلة من بياناتنا دون علمنا.
مشاهير.. وترندات
عندما سئل الشخص الذي بال في زمزم عن سبب فعله؟... فرد معللا بأنه أراد الشهرة فاشتهر، ولكن بهذا... اقرأ المزيد
30
| 26 نوفمبر 2025
«وين فلانة ؟» سؤال خرج مني هذه المرة بإصرار بعد أن اكتشفت فجأة أن سنوات طويلة مرت دون... اقرأ المزيد
36
| 26 نوفمبر 2025
الدوحة تُعيد صياغة العقد الاجتماعي العالمي
استضافت الدوحة أعمال القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية 2025 في لحظة مفصلية يمر فيها العالم بتحولات اجتماعية واقتصادية... اقرأ المزيد
18
| 26 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور الكرام… لحظات تُعلن فيها مؤسسات الدولة أنها انتقلت من مرحلة “تسيير الأمور” إلى مرحلة صناعة التغيير ونقل الجيل من مرحلة كان إلى مرحلة يكون. وهذا بالضبط ما فعلته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في السنوات الأخيرة. الأسرة أولاً… بُعدٌ لا يفهمه إلا من يعي أهمية المجتمع ومكوناته، مجتمعٌ يدرس فيه أكثر من 300 ألف طالب وطالبة ويسند هذه المنظومة أكثر من 28 ألف معلم ومعلمة في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب آلاف الإداريين والمتخصصين العاملين في الوزارة ومؤسساتها المختلفة. لذلك حين قررت الوزارة أن تضع الأسرة في قلب العملية التعليمية هي فعلاً وضعت قلب الوطن ونبضه بين يديها ونصب عينيها. فقد كان إعلانًا واضحًا أن المدرسة ليست مبنى، بل هي امتداد للبيت وبيت المستقبل القريب، وهذا ليس فقط في المدارس الحكومية، فالمدارس الخاصة أيضًا تسجل قفزات واضحة وتنافس وتقدم يداً بيد مع المدارس الحكومية. فمثلاً دور الحضانة داخل رياض الأطفال للمعلمات، خطوة جريئة وقفزة للأمام لم تقدّمها كثير من الأنظمة التعليمية في العالم والمنطقة. خطوة تقول للأم المعلمة: طفلك في حضن مدرستك… ومدرستك أمانة لديك فأنتِ المدرسة الحقيقية. إنها سياسة تُعيد تعريف “بيئة العمل” بمعناها الإنساني والحقيقي. المعلم… لم يعد جنديًا مُرهقًا بل عقلاً مُنطلقًا وفكرًا وقادًا وهكذا يجب أن يكون. لأول مرة منذ سنوات يشعر المُعلم أن هناك من يرفع عنه الحِمل بدل أن يضيف عليه. فالوزارة لم تُخفف الأعباء لمجرد التخفيف… بل لأنها تريد للمعلم أن يقوم بأهم وظيفة. المدرس المُرهق لا يصنع جيلاً، والوزارة أدركت ذلك، وأعادت تنظيم يومه المدرسي وساعاته ومهامه ليعود لجوهر رسالته. هو لا يُعلّم (أمة اقرأ) كيف تقرأ فقط، بل يعلمها كيف تحترم الكبير وتقدر المعلم وتعطي المكانة للمربي لأن التربية قبل العلم، فما حاجتنا لمتعلم بلا أدب؟ ومثقف بلا اخلاق؟ فنحن نحتاج القدوة ونحتاج الضمير ونحتاج الإخلاص، وكل هذه تأتي من القيم والتربية الدينية والأخلاق الحميدة. فحين يصدر في الدولة مرسوم أميري يؤكد على تعزيز حضور اللغة العربية، فهذا ليس قرارًا تعليميًا فحسب ولا قرارًا إلزاميًا وانتهى، وليس قانونًا تشريعيًا وكفى. لا، هذا قرار هوية. قرار دولة تعرف من أين وكيف تبدأ وإلى أين تتجه. فالبوصلة لديها واضحة معروفة لا غبار عليها ولا غشاوة. وبينما كانت المدارس تتهيأ للتنفيذ وترتب الصفوف لأننا في معركة فعلية مع الهوية والحفاظ عليها حتى لا تُسلب من لصوص الهوية والمستعمرين الجدد، ظهرت لنا ثمار هذا التوجه الوطني في مشاهد عظيمة مثل مسابقة “فصاحة” في نسختها الأولى التي تكشف لنا حرص إدارة المدارس الخاصة على التميز خمس وثلاثون مدرسة… جيش من المعلمين والمربين… أطفال في المرحلة المتوسطة يتحدثون بالعربية الفصحى أفضل منّا نحن الكبار. ومني أنا شخصيًا والله. وهذا نتيجة عمل بعد العمل لأن من يحمل هذا المشعل له غاية وعنده هدف، وهذا هو أصل التربية والتعليم، حين لا يعُدّ المربي والمعلم الدقيقة متى تبدأ ومتى ينصرف، هنا يُصنع الفرق. ولم تكتفِ المدارس الخاصة بهذا، فهي منذ سنوات تنظم مسابقة اقرأ وارتقِ ورتّل، ولحقت بها المدارس الحكومية مؤخراً وهذا دليل التسابق على الخير. من الروضات إلى المدارس الخاصة إلى التعليم الحكومي، كل خطوة تُدار من مختصين يعرفون ماذا يريدون، وإلى أين الوجهة وما هو الهدف. في النهاية… شكرًا لأنكم رأيتم المعلم إنسانًا، والطفل أمانة، والأسرة شريكًا، واللغة والقرآن هوية. وشكرًا لأنكم جعلتمونا: نفخر بكم… ونثق بكم… ونمضي معكم نحو تعليم يبني المستقبل.
13617
| 20 نوفمبر 2025
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به المؤمن أذى الناس، ليس كضعفٍ أو استسلام، بل كقوة روحية ولحمة أخلاقية. من منظور قرآني، الصبر على أذى الخلق هو تجلٍّ من مفهوم الصبر الأوسع (الصبر على الابتلاءات والطاعة)، لكنه هنا يختصّ بالصبر في مواجهة الناس — سواء بالكلام المؤذي أو المعاملة الجارحة. يحثّنا القرآن على هذا النوع من الصبر في آيات سامية؛ يقول الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ (المزمل: 10). هذا الهجر «الجميل» يعني الانسحاب بكرامة، دون جدال أو صراع، بل بهدوء وثقة. كما يذكر القرآن صفات من هم من أهل التقوى: ﴿… وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ … وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 134). إن كظم الغيظ والعفو عن الناس ليس تهاونًا، بل خلق كريم يدل على الاتزان النفسي ومستوى رفيع من الإيمان. وقد أبرز العلماء أن هذا الصبر يُعدُّ من أرقى الفضائل. يقول البعض إن كظم الغيظ يعكس عظمة النفس، فالشخص الذي يمسك غضبه رغم القدرة على الردّ، يظهر عزمًا راسخًا وإخلاصًا في عبادته لله. كما أن العفو والكظم معًا يؤدّيان إلى بناء السلم الاجتماعي، ويطفئان نيران الخصام، ويمنحان ساحة العلاقات الإنسانية سلامًا. من السنة النبوية، ورد عن النبي ﷺ أن من كظم غيظه وهو قادر على الانتقام، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فكم هو عظيم جزاء من يضبط نفسه لصالح رضا الله. كما تبيّن المروءة الحقيقية في قوله ﷺ: ليس الشديد في الإسلام من يملك يده، بل من يملك نفسه وقت الغضب. أهمية هذا الصبر لم تذهب سدى في حياة المسلم. في مواجهة الأذى، يكون الصبر وسيلة للارتقاء الروحي، مظهراً لثقته بتقدير الله وعدله، ومعبّراً عن تطلع حقيقي للأجر العظيم عنده. ولكي ينمّي الإنسان هذا الخلق، يُنصح بأن يربّي نفسه على ضبط الغضب، أن يعرف الثواب العظيم للكاظمين الغيظ، وأن يدعو الله ليساعده على ذلك. خلاصة القول، الصبر على أذى الخلق ليس مجرد تحمل، بل هو خلق كرامة: كظم الغيظ، والعفو، والهجر الجميل حين لا فائدة من الجدال. ومن خلال ذلك، يرتقي المؤمن في نظر ربه، ويَحرز لذاته راحة وسموًا، ويحقّق ما وصفه الله من مكارم الأخلاق.
1800
| 21 نوفمبر 2025
في لحظة تاريخية، ارتقى شباب المغرب تحت 17 عاماً إلى أسمى آفاق الإنجاز، حين حجزوا مقعدهم بين عمالقة كرة القدم العالمية، متأهلين إلى ربع نهائي كأس العالم في قطر 2025. لم يكن هذا التأهل مجرد نتيجة، بل سيمفونية من الإرادة والانضباط والإبداع، أبدعها أسود الأطلس في كل حركة، وفي كل لمسة للكرة. المغرب قدم عرضاً كروياً يعكس التميز الفني الراقي والجاهزية الذهنية للاعبين الصغار، الذين جمعوا بين براعة الأداء وروح التحدي، ليحولوا الملعب إلى مسرح للإصرار والابتكار. كل هجمة كانت تحفة فنية تروي قصة عزيمتهم، وكل هدف كان شاهداً على موهبة نادرة وذكاء تكتيكي بالغ، مؤكدين أن الكرة المغربية لا تعرف حدوداً، وأن مستقبلها مزدهر بالنجوم الذين يشقون طريقهم نحو المجد بخطوات ثابتة وواثقة. هذا الإنجاز يعكس رؤية واضحة في تطوير الفئات العمرية، حيث استثمر الاتحاد المغربي لكرة القدم في صقل مهارات اللاعبين منذ الصغر، ليصبحوا اليوم قادرين على مواجهة أقوى المنتخبات العالمية ورفع اسم بلادهم عالياً في سماء البطولة. وليس الفوز وحده، بل القدرة على فرض أسلوب اللعب وإدارة اللحظات الحرجة والتحلي بالهدوء أمام الضغوط، ويجعل هذا التأهل لحظة فارقة تُخلّد في التاريخ الرياضي المغربي. أسود الأطلس الصغار اليوم ليسوا لاعبين فحسب، بل رموز لإصرار أمة وعزيمة شعب، حاملين معهم آمال ملايين المغاربة الذين تابعوا كل لحظة من مغامرتهم بفخر لا ينضب. واليوم، يبقى السؤال الأعمق: هل سيستطيع هؤلاء الأبطال أن يحولوا التحديات القادمة إلى ملحمة تاريخية تخلّد اسم الكرة المغربية؟ كل المؤشرات تقول نعم، فهم بالفعل قادرون على تحويل المستحيل إلى حقيقة، وإثبات أن كرة القدم المغربية قادرة على صناعة المعجزات. كلمة أخيرة: المغرب ليس مجرد منتخب، بل ظاهرة تتألق بالفخر والإبداع، وبرهان حي على أن الإرادة تصنع التاريخ، وأن أسود الأطلس يسيرون نحو المجد الذي يليق بعظمة إرادتهم ومهارتهم.
1173
| 20 نوفمبر 2025