رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

أمل عبدالملك

[email protected]
@amalabdulmalik

مساحة إعلانية

مقالات

663

أمل عبدالملك

حُب الشهرة

08 سبتمبر 2024 , 02:00ص

قديماً كان يُطلق صفة مشهور على الشخصية العامة ذات النفوذ أو الشخص المعروف بإنجازاته مهما تنوعت المجالات، فقد يكون مشهورا سياسيا، إعلاميا، فنيا، أدبيا، هندسيا، طبيا، اجتماعيا وغيرها من التخصصات، ودائماً ما التصق الإبداع، الإنجاز والنجاح مع الشخص المشهور، ولكي يشتهر كان لابد من تسليط الضوء عليه إعلامياً كأن تُجري معه القنوات الإذاعية والتلفزيونية لقاءات أو تتصدر صوره وحواراته الصحف والمجلات أو يخطف الأضواء في المجالس الاجتماعية، وكان الصحفيون يتهافتون على معرفة آخر أخبار المشاهير وأعمالهم وإنجازاتهم لتكون مادة دسمة لصحفهم وقنواتهم، وكانت مسؤولية المشهور تُحتم عليه الحفاظ على سمعته طيبة، وتجنب إثارة المشكلات خاصة مع الصحافة لأنها ستحول حياته إلى جحيم ويمكن أن تهدم مستقبله لما لها من سُلطة فكيف لا وهي السلطة الرابعة، وتأثيرها هو الأقوى على الرأي العام وتوجهاته؟.

ومع الإقبال على شبكات التواصل الاجتماعي التي سحبت البساط من الوسائل الإعلامية التقليدية تغير الوضع تماماً، وتغيرت مفاهيم الشهرة ومسؤولياتها ولم تعد مرتبطة بالإنجازات ولا بالسمعة الطيبة ولا بالمحتوى الهادف، بل ارتبطت بعلامات التوثيق وعدد المتابعين بغض النظر عن نوع المحتوى بل إنه وللأسف أحياناً كلما انحدر المحتوى زاد عدد المتابعين وزادت مشاهدات المحتوى فتَوثقَ الحساب في تلك المنصات.

عندما أتصفح منصات التواصل الاجتماعي أنصدم من كمية التفاهة، قلة الحياء والأدب، عرض المقتنيات بشكل مقزز، التنمر على الآخرين، التحريض على الفسق والفجور، العنصرية وغيرها كثير من المحتوى غير الأخلاقي، بالتأكيد توجد حسابات راقية الفكر، متنوعة، تعرض ما هو مفيد للمتابع بكل أدب وأخلاق وفكر، حسابات أصحابها يحرصون على سمعتهم ويبحثون عن شهرة نظيفة وراقية وتقديم خبراتهم للآخرين للاستفادة، ومشاركة تجاربهم المتنوعة ويومياتهم دون الإساءة للمتابعين أو خدش حيائهم أو عرض مواد ينحرج منها الكبار أمام صغارهم.  ثقافة الاستهلاك والشراء طغت على كثير من الحسابات في منصات التواصل الاجتماعي، فأغلب الحسابات (خاصة المشهورة بالتوثيق) تُشجع على الشراء واقتناء الماركات العالمية التي هي بدورها رفعت أسعارها بشكل مبالغ فيه، وأصبح المشاهير يبالغون بعرض مشترياتهم التي تُقّدر بمئات الآلاف الريالات، ولا تقتصر تلك المقتنيات على الشنط والساعات والاكسسوارات الباهظة بل وصلت للسيارات واليخوت والفلل والشقق خارج مدنهم الأصلية، فهذا من جهة يشجع على خلق ثقافة الاستهلاك ومن جهة أخرى يخلق نوعا من اليأس والسخط والحقد ربما في قلوب البعض المحرومين من أساسيات الحياة، فقد تتولد لديهم نزعات إجرامية وتبرير للسرقة وغيرها من السلوكيات الخاطئة نتيجة الحرمان الذي يعانون منه.

لا بأس من العرض إن كان مهماً أو يخدم المحتوى أو لإعلان مدفوع، لكن أن يتم عرض قائمة الشراء وفتح العلب أمام المتابعين بشكل مبالغ به وبشكل شبه يومي فهذا غير منطقي ويسبب مشكلات في المجتمع.  البعض لم يتردد في القيام بأفعال مُسيئة تحت مسمى التحديات من أجل كسب المال، وبعض الفتيات والنساء عرضن أجسادهن بطريقة مبتذلة من أجل كسب عدد أكبر من المتابعين والمال وذلك بمبدأ الغاية تبرر الوسيلة، فمن أجل توثيق الحساب أو من أجل الحصول على متابعبن أكثر ومنها الحصول على أموال لن يتردد الشخص في القيام بأية أفعال، وقول ما يخطر على باله دون مراعاة لما يجب أن يقوله وما لا يجب قوله، للأسف أصبحنا في عالم المادة وهي التي تتحكم بأفعال ومبدأ البشر، وأصبح الشخص الصالح والمحافظ منبوذا و(مخه قديم).

كما أن مفاهيم الأخلاق تغيرت عند البعض، وبمبدأ الحرية الشخصية تتعرى النساء ويتراقصن أمام الشاشات، ويتلفظن بألفاظ غير أخلاقية، ناهيك عن بروز الشخصيات الشاذة والتي تعرض تفاصيل حياتها غير السوية وكأنهم يشجعون المراهقين على اتباع طريقهم الشاذ، وبشكل عام تشعر بأن هناك أزمة أخلاق يعاني منها كثير من مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي. في النهاية نحن نتعرض لكل تلك الفئات وإن حاولنا اختيار من نتابعهم لأن طريقة عرض تلك المنصات تجبرك على التعرض لتلك الحسابات بطريقة عرضها واضحة ودافع الفضول يحركنا دائماً، والحمد لله أننا على وعي لنميز بين الصالح والطالح ولكن الخوف على المراهقين والشخصيات غير الواعية والتي قد تتأثر وتقلد تلك النماذج ظناً منها أنه الطريق الأقصر للشهرة والحصول على المال في أنه قاع الهاوية.

• لا تصدقوا كل ما تشاهدونه في منصات التواصل الاجتماعي، فأكثر الاخبار والتقارير ملفقة وكاذبة وتنشر إشاعات مغرضة تسيء للأشخاص والدول وتثير النعرات القبلية والعنصرية، اعتمدوا على معلوماتكم من المصادر الرسمية والموثوق فيها.

• كونوا واعين لكل ما تتعرضون له من محتوى في منصات التواصل الاجتماعي واهتموا بصغاركم ووجهوهم للحسابات المفيدة وتناقشوا معهم حول كل ما يُعرض من محتوى هابط ليتكون لديهم الوعي فلا ينجرفوا في تيار الشهرة المزيف.

مساحة إعلانية