رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
امتد لهيب الأزمة السورية طويلة الأمد إلى جميع دول المنطقة، وتعتبر تركيا واحدة من أكثر البلدان التي تضررت جراء انتشار واستشراء ذلك اللهيب. لقد أثرت الأزمة السورية سلبًا على عملية السلام الداخلي وعلى الديناميات الاجتماعية وجملة من القضايا العرقية والدينية داخل المجتمع التركي، فضلًا عن أزمة اللاجئين، الذين تجاوزت أعدادهم الـ1.7 مليون لاجئ.
وتشكل مشاكل من قبيل المشكلة الكردية، ومشكلة العلويين، والتمدد الشيعي، وارتفاع نسبة القوميين في الشارع التركي، والتكاليف الباهظة لاستقبال اللاجئين السوريين التي وصلت إلى مليارات الدولارات، مشاكل خطيرة بالنسبة لتركيا. في الواقع، إن هذه المشاكل والسياسات المتعلقة بها، انعكست على صناديق الاقتراع خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة، التي أضعفت حزب العدالة والتنمية، وأظهرت حدوث ارتفاع في نسبة القوميين الأتراك والأكراد.
هل ستدخل تركيا في الحرب؟
إن تركيا، تواجه في هذه الآونة مشاكل خطيرة للغاية، في حين تشهد البلاد نقاشات ساخنة، تتمحور حول الدخول في صراعٍ حامي الوطيس، وتنفيذ عمليات عسكرية خلف الحدود، وإرسال قوات عسكرية إلى سوريا. وأعتقد أن الأمور قد تعدت النقاشات في تلك المواضيع، سيما أن الدافع الرئيسي الذي حرك تلك النقاشات، كان سيطرة مسلحي تنظيم "حزب الاتحاد الديمقراطي" (الكردي)، الذي يعرف اختصارًا باسم "بي يي دي"، على مناطق الشمال السوري، والمساعي التي يبذلها مسلحو التنظيم من أجل إعلان منطقة مستقلة أو شبه مستقلة، في المناطق التي سيطروا عليها. من جهتها تركيا، ترى بأن خطوة من هذا القبيل، يقدم عليها المسلحون الذين يعتبرون امتدادًا لمنظمة "بي كا كا"، التي حارب الدولة التركية لعدة عقود، ستكون بمثابة خطوة أولى لبناء دولة كردية، وتعتقد تركيا أن الخطوة الثانية، ستكون بانتزاع جزء من أراضيها لصالح تلك الدولة في حال تم إنشاؤها.
لقد عمل تنظيم "بي يي دي"، منذ زمن طويل، على تحقيق مشروعه الذي أطلق عليه اسم "روجافا"، ووفقًا لهذا المشروع، فإن التنظيم يطمح للسيطرة على الأراضي السورية الواقعة على امتداد الحدود مع تركيا، بدءًا من الحدود العراقية التي تقع تحت سيطرة البارزاني وحتى شمال اللاذقية المطلة على البحر المتوسط، وهذا سيقطع بشكل تام أي تواصل جغرافي لتركيا مع العرب والتركمان، أي أن تركيا ستصبح دولة تمتلك حدودًا مع منطقة مستقلة أو ذاتية الحكم، تقع تحت سيطرة منظمتي "بي يي دي" و"بي كا كا" الإرهابيتين، اللتين خاضت معهما حروبًا استمرت لسنوات طويلة.
منطقة حكم ذاتي للأكراد وانفراط العقد السوري
شرع تنظيم "بي يي دي"، الذي عقد تفاهمًا مع مثلث التحالف الأمريكي البريطاني الإسرائيلي، بالتجهيز لمشروعه مع ظهور خطر تنظيم داعش، وعدما بدأ بتلقي الدعم العسكري واللوجستي من التحالف، تمكن من السيطرة على بلدة "تل أبيض" التي كانت تحت سيطرة تنظيم داعش، ووصل المناطق التي تقع تحت سيطرته جغرافيًا، فوحد مناطق "عين العرب" (كوباني) و"الجزيرة" و"تل أبيض"، واضعًا منطقتي بلدة "اعزاز" ومدينة "الرقة" نصب عينيه، وبدأ بتغيير التوازنات المحلية والتركيبة السكانية في تلك المناطق التي وقعت تحت سيطرته، فيما تواردت أنباء تحدثت عن استقدامه للاجئين من أكراد العراق، وإسكانهم في القرى والبلدات التي تم إفراغها من سكانها داخل الحدود السورية، جاء ذلك بالتزامن مع تأكيد العائلات التركمانية والعربية التي لجأت إلى تركيا من "عين العرب" و"تل أبيض" لتلك الأنباء، حيث تحدثت تلك العائلات عن تهجير قصري تعرضت له من قبل مسلحي الـ"بي يي دي"، الذين أرغموا تلك العائلات على ترك منازلها والرحيل نحو تركيا.
وباختصار، فإن مسلحي الـ"بي يي دي"، الذين تسلحوا بالدعم المقدم من قبل التحالف، ارتكبوا أعمالًا يمكن وصفها بالخطيرة، وإذا ما تمكنوا من السيطرة على الجزء الشمالي من سوريا، فسيعني هذا ذهاب البلاد نحو التفكك. وهنا أود الإشارة إلى نقطة هامة وخطيرة، حيث إن تمكن مسلحي الـ"بي يي دي" من السيطرة على تلك المناطق، سيعني أيضًا تمكنهم من تصدير النفط الكردي القادم من أربيل إلى مختلف أنحاء العالم، عبر الشمال السوري والبحر المتوسط.
أردوغان: سنتدخل مهما كانت التكلفة
أكّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن بلاده لن تسمح أبداً بإقامة دولة أو منطقة حكم ذاتي في شمال سوريا، وأنها ستتدخل للحيلولة دون حدوث ذلك مهما كان الثمن، كما تم مناقشة هذه المسألة وتناولها من كافة الجوانب، خلال الاجتماع الأخير لمجلس الأمن القومي، الذي يعتبر أهم مرجعية لصناعة القرار في تركيا، وعقب ذلك، أصدرت التعليمات من أجل التحضير لكافة الاحتمالات، بما في ذلك التدخل في سوريا عسكريًا، ومنذ ذلك الحين، فإن المنطقة الحدودية مع سوريا، تشهد نشاط عسكريًا مكثفًا للغاية.
وقد أعلنت الحكومة التركية بشكل غير رسمي عبر وسائل، أنها ستكون مضطرة للتدخل عسكريًا شمال سوريا، إذا ما تدفقت موجة أخرى من اللاجئين السوريين نحو الأراضي التركية، جراء عبور محتمل لمسلحي الـ"بي يي دي" إلى الضفة الغربية لنهر الفرات، بهدف مهاجمة مدينة "جرابلس".
لن ترسل تركيا قوات عسكرية مكثفة إلى داخل الأراضي السورية، ولن تخوض حربًا ساخنة مع تنظيمات "بي يي دي" و"بي كا كا" و"داعش"، خاصة أن حزبي "الشعب الجمهوري" والشعوب الديمقراطي" المعارضين في تركيا، يرفضان تمامًا هذه الفكرة، إضافة إلى أن خوض حرب من هذا القبيل ضد مسلحي الـ"بي يي دي"، سيدفع بأنصار منظمة "بي كا كا" في تركيا، نحو النزول إلى الشارع وإحداث فوضى في البلاد.
الخطوة الأولى ستقتصر على تدخل عسكري محدود
أعتقد أن احتمال تدخل عسكري في سوريا، سيكون من خلال نشر مدفعيات طويلة المدى على الحدود وشن غارات جوية، حيث ستبذل تركيا قصارى جهدها من أجل منع توحد الكانتونات، التي تقع تحت سيطرة مسلحي الـ"بي يي دي".
ومع ذلك، فإن الأيام المقبلة ستكون عصيبة بالنسبة لتركيا، فمن الواضح أن نظام الأسد وإيران والولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل قد أعطوا الضوء الأخضر لتنظيم الـ"بي يي دي"، من أجل إنشاء دولة أو منطقة حكم ذاتي كردية شمالي سوريا، فيما ترفض روسيا تلك الفكرة، فقط لأن تلك المنطقة ستكون حتمًا ضمن حدود السيطرة والهيمنة الأمريكية. إن كل هذه الأحداث تشكل ضغطًا كبيرا على الحكومة التركية، الخارجة لتوها من الانتخابات البرلمانية، والتي لم تتمكن من الوصول إلى اتفاق من أجل تشكيل حكومة جديدة، والتي تسيُّرُ أعمالها تحت ضغوط احتمالات إجراء انتخابات مبكرة.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في منتصف العام الدراسي، تأتي الإجازات القصيرة كاستراحة ضرورية للطلبة والأسر، لكنها في الوقت ذاته تُعد محطة حساسة تتطلب قدراً عالياً من الوعي في كيفية التعامل معها. فهذه الإجازات، على قِصر مدتها، قد تكون عاملاً مساعداً على تجديد النشاط الذهني والنفسي، وقد تتحول إن أُسيء استغلالها إلى سبب مباشر في تراجع التحصيل الدراسي وصعوبة العودة إلى النسق التعليمي المعتاد. من الطبيعي أن يشعر الأبناء برغبة في كسر الروتين المدرسي، وأن يطالبوا بالسفر والتغيير، غير أن الانصياع التام لهذه الرغبات دون النظر إلى طبيعة المرحلة الدراسية وتوقيتها يحمل في طياته مخاطر تربوية لا يمكن تجاهلها. فالسفر إلى دول تختلف بيئتها ومناخها وثقافتها عن بيئتنا، وفي وقت قصير ومزدحم دراسياً، يؤدي غالباً إلى انفصال ذهني كامل عن أجواء الدراسة، ويضع الطالب في حالة من التشتت يصعب تجاوزها سريعاً عند العودة. توقيت الإجازة وأثره المباشر على المسار الدراسي التجربة التربوية تؤكد أن الطالب بعد الإجازات القصيرة التي تتخلل العام الدراسي يحتاج إلى قدر من الاستقرار والروتين، لا إلى مزيد من التنقل والإرهاق الجسدي والذهني. فالسفر، مهما بدا ممتعاً، يفرض تغييرات في مواعيد النوم والاستيقاظ، ويُربك النظام الغذائي، ويُضعف الالتزام بالواجبات والمتابعة الدراسية، وهو ما ينعكس لاحقاً على مستوى التركيز داخل الصف، ويجعل العودة إلى الإيقاع المدرسي عملية بطيئة ومجهدة. وتكمن الخطورة الحقيقية في أن هذه الإجازات لا تمنح الطالب الوقت الكافي للتكيّف مرتين: مرة مع السفر، ومرة أخرى مع العودة إلى المدرسة. فيضيع جزء غير يسير من زمن الفصل الدراسي في محاولة استعادة النشاط الذهني والانخراط مجدداً في الدروس، وهو زمن ثمين كان الأولى الحفاظ عليه، خصوصاً في المراحل التي تكثر فيها الاختبارات والتقييمات. قطر وجهة سياحية غنية تناسب الإجازات القصيرة في المقابل، تمتلك دولة قطر بيئة مثالية لاستثمار هذه الإجازات القصيرة بشكل متوازن وذكي، فالأجواء الجميلة خلال معظم فترات العام، وتنوع الوجهات السياحية والترفيهية، من حدائق ومتنزهات وشواطئ ومراكز ثقافية وتراثية، تمنح الأسر خيارات واسعة لقضاء أوقات ممتعة دون الحاجة إلى مغادرة البلاد. وهي خيارات تحقق الترفيه المطلوب، وتُشعر الأبناء بالتجديد، دون أن تخلّ باستقرارهم النفسي والتعليمي. كما أن قضاء الإجازة داخل الوطن يتيح للأسرة المحافظة على جزء من الروتين اليومي، ويمنح الأبناء فرصة للعودة السلسة إلى مدارسهم دون صدمة التغيير المفاجئ. ويمكن للأسر أن توظف هذه الفترة في أنشطة خفيفة تعزز مهارات الأبناء، مثل القراءة، والرياضة، والأنشطة الثقافية، وزيارات الأماكن التعليمية والتراثية، بما يحقق فائدة مزدوجة: متعة الإجازة واستمرارية التحصيل. ترشيد الإنفاق خلال العام الدراسي ومن زاوية أخرى، فإن ترشيد الإنفاق خلال هذه الإجازات القصيرة يمثل بُعداً مهماً لا يقل أهمية عن البعد التربوي. فالسفر المتكرر خلال العام الدراسي يستهلك جزءاً كبيراً من ميزانية الأسرة، بينما يمكن ادخار هذه المبالغ وتوجيهها إلى إجازة صيفية طويلة، حيث يكون الطالب قد أنهى عامه الدراسي، وتصبح متطلبات الاسترخاء والسفر مبررة ومفيدة نفسياً وتعليمياً. الإجازة الصيفية، بطولها واتساع وقتها، هي الفرصة الأنسب للسفر البعيد، والتعرف على ثقافات جديدة، وخوض تجارب مختلفة دون ضغط دراسي أو التزامات تعليمية. حينها يستطيع الأبناء الاستمتاع بالسفر بكامل طاقتهم، وتعود الأسرة بذكريات جميلة دون القلق من تأثير ذلك على الأداء المدرسي. دور الأسرة في تحقيق التوازن بين الراحة والانضباط في المحصلة، ليست المشكلة في الإجازة ذاتها، بل في كيفية إدارتها، فالإجازات التي تقع في منتصف العام الدراسي ينبغي أن تُفهم على أنها استراحة قصيرة لإعادة الشحن، لا قطيعة مع المسار التعليمي. ودور الأسرة هنا محوري في تحقيق هذا التوازن، من خلال توجيه الأبناء، وضبط رغباتهم، واتخاذ قرارات واعية تضع مصلحة الطالب التعليمية في المقام الأول، دون حرمانه من حقه في الترفيه والاستمتاع. كسرة أخيرة إن حسن استثمار هذه الإجازات يعكس نضجاً تربوياً، ووعياً بأن النجاح الدراسي لا يُبنى فقط داخل الصفوف، بل يبدأ من البيت، ومن قرارات تبدو بسيطة، لكنها تصنع فارقاً كبيراً في مستقبل الأبناء.
1968
| 24 ديسمبر 2025
حين تُذكر قمم الكرة القطرية، يتقدّم اسم العربي والريان دون استئذان. هذا اللقاء يحمل في طيّاته أكثر من مجرد ثلاث نقاط؛ إنها مواجهة تاريخية، يرافقها جدل جماهيري ممتد لسنوات، وسؤال لم يُحسم حتى اليوم: من يملك القاعدة الجماهيرية الأكبر؟ في هذا المقال، سنبتعد عن التكتيك والخطط الفنية، لنركز على الحضور الجماهيري وتأثيره القوي على اللاعبين. هذا التأثير يتجسد في ردود الأفعال نفسها: حيث يشدد الرياني على أن "الرهيب" هو صاحب الحضور الأوسع، بينما يرد العرباوي بثقة: "جمهورنا الرقم الأصعب، وهو ما يصنع الفارق". مع كل موسم، يتجدد النقاش، ويشتعل أكثر مع كل مواجهة مباشرة، مؤكدًا أن المعركة في المدرجات لا تقل أهمية عن المعركة على أرضية الملعب. لكن هذه المرة، الحكم سيكون واضحًا: في مدرجات استاد الثمامة. هنا فقط سيظهر الوزن الحقيقي لكل قاعدة جماهيرية، من سيملأ المقاعد؟ من سيخلق الأجواء، ويحوّل الهتافات إلى دعم معنوي يحافظ على اندفاع الفريق ويزيده قوة؟ هل سيتمكن الريان من إثبات أن جماهيريته لا تُنافس؟ أم سيؤكد العربي مجددًا أن الحضور الكبير لا يُقاس بالكلام بل بالفعل؟ بين الهتافات والدعم المعنوي، يتجدد النقاش حول من يحضر أكثر في المباريات المهمة، الريان أم العربي؟ ومن يمتلك القدرة على تحويل المدرج إلى قوة إضافية تدفع فريقه للأمام؟ هذه المباراة تتجاوز التسعين دقيقة، وتتخطى حدود النتيجة. إنها مواجهة انتماء وحضور، واختبار حقيقي لقوة التأثير الجماهيري. كلمة أخيرة: يا جماهير العربي والريان، من المدرجات يبدأ النصر الحقيقي، أنتم الحكاية والصوت الذي يهز الملاعب، احضروا واملأوا المقاعد ودعوا هتافكم يصنع المستحيل، هذه المباراة تُخاض بالشغف وتُحسم بالعزيمة وتكتمل بكم.
1290
| 28 ديسمبر 2025
في هذا اليوم المجيد من أيام الوطن، الثامن عشر من ديسمبر، تتجدد في القلوب مشاعر الفخر والولاء والانتماء لدولة قطر، ونستحضر مسيرة وطنٍ بُني على القيم، والعدل، والإنسان، وكان ولا يزال نموذجًا في احتضان أبنائه جميعًا دون استثناء. فالولاء للوطن ليس شعارًا يُرفع، بل ممارسة يومية ومسؤولية نغرسها في نفوس أبنائنا منذ الصغر، ليكبروا وهم يشعرون بأن هذا الوطن لهم، وهم له. ويأتي الحديث عن أبنائنا من ذوي الإعاقة تأكيدًا على أنهم جزء أصيل من نسيج المجتمع القطري، لهم الحق الكامل في أن يعيشوا الهوية الوطنية ويفتخروا بانتمائهم، ويشاركوا في بناء وطنهم، كلٌ حسب قدراته وإمكاناته. فالوطن القوي هو الذي يؤمن بأن الاختلاف قوة، وأن التنوع ثراء، وأن الكرامة الإنسانية حق للجميع. إن تنمية الهوية الوطنية لدى الأبناء من ذوي الإعاقة تبدأ من الأسرة، حين نحدثهم عن الوطن بلغة بسيطة قريبة من قلوبهم، نعرّفهم بتاريخ قطر، برموزها، بقيمها، بعَلَمها، وبإنجازاتها، ونُشعرهم بأنهم شركاء في هذا المجد، لا متلقّين للرعاية فقط. فالكلمة الصادقة، والقدوة الحسنة، والاحتفال معهم بالمناسبات الوطنية، كلها أدوات تصنع الانتماء. كما تلعب المؤسسات التعليمية والمراكز المتخصصة دورًا محوريًا في تعزيز هذا الانتماء، من خلال أنشطة وطنية دامجة، ومناهج تراعي الفروق الفردية، وبرامج تُشعر الطفل من ذوي الإعاقة أنه حاضر، ومسموع، ومقدَّر. فالدمج الحقيقي لا يقتصر على الصفوف الدراسية، بل يمتد ليشمل الهوية، والمشاركة، والاحتفال بالوطن. ونحن في مركز الدوحة العالمي لذوي الإعاقة نحرص على تعزيز الهوية الوطنية لدى أبنائنا من ذوي الإعاقة من خلال احتفال وطني كبير نجسّد فيه معاني الانتماء والولاء بصورة عملية وقريبة من قلوبهم. حيث نُشرك أبناءنا في أجواء اليوم الوطني عبر ارتداء الزي القطري التقليدي، وتزيين المكان بأعلام دولة قطر، وتوزيع الأعلام والهدايا التذكارية، بما يعزز شعور الفخر والاعتزاز بالوطن. كما نُحيي رقصة العرضة القطرية (الرزيف) بطريقة تتناسب مع قدرات الأطفال، ونُعرّفهم بالموروث الشعبي من خلال تقديم المأكولات الشعبية القطرية، إلى جانب تنظيم مسابقات وأنشطة وطنية تفاعلية تشجّع المشاركة، وتنمّي روح الانتماء بأسلوب مرح وبسيط. ومن خلال هذه الفعاليات، نؤكد لأبنائنا أن الوطن يعيش في تفاصيلهم اليومية، وأن الاحتفال به ليس مجرد مناسبة، بل شعور يُزرع في القلب ويترجم إلى سلوك وهوية راسخة. ولا يمكن إغفال دور المجتمع والإعلام في تقديم صورة إيجابية عن الأشخاص ذوي الإعاقة، وإبراز نماذج ناجحة ومُلهمة منهم، مما يعزز شعورهم بالفخر بذواتهم وبوطنهم، ويكسر الصور النمطية، ويؤكد أن كل مواطن قادر على العطاء حين تتوفر له الفرصة. وفي اليوم الوطني المجيد، نؤكد أن الولاء للوطن مسؤولية مشتركة، وأن غرس الهوية الوطنية في نفوس أبنائنا من ذوي الإعاقة هو استثمار في مستقبل أكثر شمولًا وإنسانية. فهؤلاء الأبناء ليسوا على هامش الوطن، بل في قلبه، يحملون الحب ذاته، ويستحقون الفرص ذاتها، ويشاركون في مسيرته كلٌ بطريقته. حفظ الله قطر، قيادةً وشعبًا، وجعلها دائمًا وطنًا يحتضن جميع أبنائه… لكل القدرات، ولكل القلوب التي تنبض بحب الوطن كل عام وقطر بخير دام عزّها، ودام مجدها، ودام قائدها وشعبها فخرًا للأمة.
1137
| 22 ديسمبر 2025