رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عبد اللطيف آل محمود

عبد اللطيف آل محمود

مساحة إعلانية

مقالات

664

عبد اللطيف آل محمود

جريمة البيع للجمهور

08 مايو 2005 , 12:00ص

الدوحة التي انطلقت منها مفاوضات تحرير التجارة العالمية لإزالة القيود الجمركية وفتح الأسواق امام منتجات الدول الأخرى.. هي ذاتها الدوحة التي شهدت يوم امس الأول وامس رجال الضبط القضائي لوزارة الاقتصاد والتجارة وهم يتفحصون أروقة معرض الأسبوع اللبناني ويغلقون منصات عرض لعدد من المشاركين بسبب مخالفة "البيع للجمهور".

والخلاف على البيع من عدمه في المعارض التي تنظم في قطر قضية قديمة متجددة، ففي كل عام تنشب الخلافات بين العارضين ووزارة الاقتصاد والتجارة التي ترفض البيع بالتجزئة بحجة أن المعارض تحولت الى متاجر صغيرة تباع فيها السلع الرديئة مما يسيء الى صناعة المعارض والى السوق القطري ويضر بمصالح المستهلكين . وهذه حجة - في نظري - لا يعتد بها . وما أتت البضائع الرديئة إلا بعد السماح للتجار المحليين - للأسف- بعرض بضائعهم في مركز المعارض وتحويله الى "معرض لتصفية السلع الراكدة". واذا كانت هذه هي الحجة فبإمكان الوزارة التأكد من نوعية السلع والبضائع المعروضة قبل إقرارها وقبولها للعرض.

ولكن في اعتقادي ان معارضة بعض التجار الجشعين هي السبب الرئيسي وراء منع البيع خلال المعرض. وهؤلاء يبيعون بضاعتهم بأسعار مرتفعة طوال العام، ويمنون على المستهلكين الحصول على سلع جيدة وبأسعار تقل بـ 75 - 50% عن أسعار السوق خلال فترة المعرض.

والخلاف حول البيع للجمهور أو تحويل المعارض المتخصصة الى معارض تجارية أمر شائع في كل دول العالم ، وتحدده في العادة نوعية المعرض والمعروضات. ففي المانيا وهي من اكبر الدول الصناعية ويعتمد اقتصادها على اقامة المعارض بدرجة كبيرة - يقام في مدينة فرانكفورت وحدها 400 معرض سنويا - يُسمح بالبيع للجمهور في انواع معينة منها. وفي دبي يسمح في بعض المعارض بالبيع للجمهور في اليومين الاخيرين من ايام العرض أو يقام ملحق خاص بالبيع للجمهور كما هو الحال في المؤتمر الدولي لتكنولوجيا المعلومات.

وهناك أبعاد أخرى وتساؤلات تكشفها هذه القضية..... أولها الأسعار... فهل يعقل ان يكون سعر البيع في السوق المحلي اعلى من اسعار المعرض بثلاثة اضعاف. فإذا كان التجار يتحملون مصاريف ادارية وجمركية وخلافه، فالعارضون ايضا تحملوا تكلفة السفر واستئجار قاعة ارض المعارض ودفع الرسوم الجمركية كما هي حال المشاركين في المعرض اللبناني . فمن اين اتى هذا الفرق الكبير في الاسعار والذي لمسه المستهلكون خلال زياراتهم للمعرض؟ وهل من واجب وزارة الاقتصاد والتجارة ان تحمي التجار أم المستهلكين؟ فإذا كانت غرفة تجارة قطر تسعى لمنفعة التجار وتدافع عن حقوقهم، فمن باب اولى ان يكون احد الاهداف الرئيسية للوزارة حماية المستهلك. فهل كان قرارها بمنع البيع في المعرض المذكور يصب في مصلحة التاجر أم المستهلك؟

واذا كان التجار يبيعون بأسعارهم طوال 365 يوما في السنة فلماذا يعارضون انتفاع المستهلكين بالشراء من المعارض لمدة خمسة أيام فقط في السنة؟

لا شك في ان قطر اصبحت خلال السنوات القليلة الماضية مركز جذب للكثير من المؤتمرات والتجمعات الاقتصادية والرياضية والثقافية. ولا شك ايضاً ان القرار الذي اصدرته وزارة الاقتصاد والتجارة عام1999 بعدم البيع في المعارض لا يتناسب مع تطلعاتها في هذا الاتجاه ولا يتوافق مع متطلبات العصر في انفتاح الاسواق وجعل الجودة هي الفيصل في الاختيار . فالدعم و"نظام الوكالة" والقيود الادارية والجمركية اصبحت أو ستصبح قريبا من مخلفات الماضي.. فقد ادى القرار المذكور الى تقليص عدد المعارض التي استضافتها دولة قطر من30 معرضا في المتوسط خلال الفترة من 93 الى98 الى8 معارض فقط خلال العام الحالي.

ونحن بإثارة هذة القضية لا نتبنى رأي العارضين في السماح بالبيع بدون حسيب او رقيب وبما يضر بمصالح التجار والمستهلكين ، ولكن ندعو الى تنظيم النشاط التجاري للمعارض والخروج بصيغة تسمح للعارضين الجادين بالبيع في المعارض المتخصصة ولو لفترة محدودة وبما يحفظ لكل طرف من هؤلاء الاطراف حقه دون المساس بحقوق الاخرين. وحتى يتحقق هذا الهدف نأمل من وزارة الاقتصاد والتجارة ان تضع في المقام الاول تهيئة المناخ العام في الدولة ليكون عنصر جذب للاستثمار في قطر. وفي ظل الترويج للمناخ الاقتصادي القطري لا نتوقع من مسؤولي الضبط القضائي بوزارة الاقتصاد ان يبحثوا عن المخالفات الخاصة بارتكاب "جريمة البيع للجمهور" في المعارض التجارية.

مساحة إعلانية