رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. سلوى حامد الملا

[email protected]

@salwaalmulla

مساحة إعلانية

مقالات

2034

د. سلوى حامد الملا

مركبنا واحد..

07 نوفمبر 2024 , 02:00ص

أتذكر قصص وسوالف والدتي رحمها الله وغفر لها.. عن جيرانها وعلاقاتهم كيف كانت في الماضي، ان جارتها كان زوجها اسبوعيا يذهب للعمل في منطقة دخان، وكان أطفالها صغارا ولا وجود لرجل يحميهم خلال غياب الزوج.. فكانت تتواصل مع والدتي ويكون أحد إخواني متواجدا ومساعدا لما يحتاجون. وكانت هناك سيدة تملك مالا كثيرا نقدا، وترفض ان تودعه في البنك او ان تحفظه في منزلها.. فكانت تأمن أموالها عند جار لها لأمانته وصدقه. وكانت الجارات يجتمعن في وقت الضحى باستمتاع وشرب القهوة واكل الحلوى، في هدوء دون ضجيج تلفاز ودون انشغال العين والأصابع بمتابعة الجوال ودون ضجيج الاطفال، وكانت النساء أعمارا وجنسيات مختلفة ؛ إلا انهم يجتمعن بحب لصدق ونقاء أرواحهم، في ساعة متعة حقيقية من الزمن. كانت الجارة متى نقص عندها غرض معين او حتى لوازم الطبخ «.. ارسلت احد أبنائها للجارة لجلب ما ينقصها.. دون تذمر ودون تردد.. ودون سوء ظن وتحليل لما قد تفكره به جارتها.. العقول تقرر سريعا دون أن تعبر على فلتر لتنقية قرارها بـ « لا. ويمكن. وعيب ووو» وتجد ما تحتاجه.. كان الجار يستقبل ضيوفا في مناسبات خاصة أفراح او عزاء.. ويأتون أقاربه من دول مجاورة.. ولم تكن هناك الفنادق القريبة او المنازل او الفلل الكبيرة التي تسع اعداداً من الضيوف… فكان الجار يستعين ببيت جاره لاستضافة ضيوفه.. دون تذمر ودون ثقل نفس.. كانت المساعدات وإغاثة الملهوف حاضرة في كل مناسبة ومصاب.. وفي الأفراح والمناسبات الجميع يتعاون ويساعد، ويعين ويقدم ما ينقص لإتمام الفرحة على جاره.. وكان الجار يأخذ الأطفال للمدرسة ويعود بهم بعد انتهاء الدوام المدرسي بحب.. وهو ما كان يعزز علاقة الأطفال لتكبر وتنمو عقولهم وإدراكهم وأرواحهم وأجسادهم لما يجدونه من مبادره الاب.. ومساعدة الام.. والحث على التواصل والتقارب مع الجيران.. دون تمييز ودون عنصرية ودون كبر مقيت.. ودون شوفة نفس!كانت علاقة الجيرة نقية وطيبة النفس، وكم من علاقات زواج ونسب كانت وتستمر بحب، لا لعلاقة عائلية وقرابة، وإنما لمعرفة اخلاق وامانة والتزام وحشمة وادب الجيران وأبنائهم والذي كان عاملا ومبدأ مهما للنسب والمصاهرة دون مصالح أو غايات دنيوية.. فلم يكن ينظر ويفحص في تاريخ العائلة وأصولها وتاريخ حضورها ووجودها على أرض الوطن، ولم يكن يبحث في تاريخها المالي والاقتصادي ! علاقات صحية ونظيفة وصادقة وطيبة، كان مخرجاتها أجيالا طيبة النفس والفكر والتعامل، تتعامل مع الآخرين من منطلق من هم الذين أمامهم ويتعاملون معهم، وكيف هي أخلاقهم وتعاملهم مع الصغير والكبير.. وحتى الحيوان والجماد. كان مفهوم الالتحام والوحدة الوطنية دون مواد دستور، ودون قوانين تحدد وتلزم وتمنع، ودون ارقام وتواريخ.. تحفظها الذاكرة ولا توثيق ولا تسجيل واقعي لها.. ليأتي يوم 5 نوفمبر واقعا حقيقيا وحيا ونابضا بالمعنى الحقيقي لتاريخ الاجداد، وتاريخ اهل قطر الصادقين والطيبين والمخلصين بإيمان وعقيدة حقيقية لمصلحة البلد والعمل لها..

*رأينا وسجلت العدسات والكاميرات ووثقت توجه المواطنين للتصويت على التعديلات الدستورية، في لحمة حقيقية ستتذكرها الاجيال القادمة. الوطن بحاجة لتنقية بعض العقول من أفكار زعزعت وحدته في فترة انتخابات مجلس الشورى، التي للأسف زعزعت وشتت ما كان قبلها من لحمة؛ والشعب والمقيمون يتذكرون جيدا كيف كانت اللحمة والوحدة في خدمة الوطن .

تأتي الشورى الحقيقية بأسمى معانيها الايمانية والإنسانية القائمة على العدل والمساواة؛ بما أعلن عنه سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في خطابه التاريخيّ يوم 15/‏10/‏2024 في مجلس الشورى:» إن التغيير المدروس هو السبيل الموثوق للتطور وتلبية طموحات الشعوب وتحقيق مصالحها.

* نعم هذه الوحدة والتماسك القوي والحقيقي الذي يقوي الدول ويبنيها، ويجعلها قوية في مواجهة التحديات والأزمات. ويجعل لها الحضور والتميز القوي والحقيقي عالميا، ويجعل شعوبها طيبة النفس ومنتجة وتعمل بصدق لرفعة الوطن وحمايته. كانت الوحدة الوطنية، والتحام الشعب في اصدق وأروع معانية، دون تقليل شأن لأحد.. ودون عنصرية وتمييز بين اصل ولون، وممارسات جاهلية نبذها ومنعها خير البشرية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم،ودون حسد ومنع لعموم الخير لمن هم ابناء وأهل هذا البلد، من ولدوا وتحركوا وبذلوا العمل والإخلاص، وبذلوا الأرواح ليبقى الوطن قويا بلحمة لا تتفرق، ولا يفرقها تفكير البعض بما يعتقدونه من استحقاقات لهم دون غيرهم !

آخر جرة قلم: نحن جميعا في مركب واحد؛ «كما رسميا في شعار الدولة»، يحميه سيفان لحماية الوطن من أي خطر يهدده، وتظلّنا نخلة تصمد أمام تقلبات المناخ والظروف، حفظ الله قطر وقيادتها وشعبها ومقيميها وجعلها نموذجا للدول وللعالم في معنى اللحمة الوطنية القائمة على العدل والمساواة.

مساحة إعلانية