رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
لا يختلف أي من المراقبين على أهمية السوق الآسيوية ومتابعة مستجداتها في أعلى سلم الأولويات بالنسبة لكل من له مصلحة في آسيا.
تأتي أهمية الموضوع إلى كون النفط يمثل غالب إيراداتنا المحققة وتتأثر موازنتنا بتقلبات أسعار النفط، وكذلك بالنظر إلى التحديات التي نواجهها كمنتجين والتي من أهمها: انحسار الطلب الزيادة في الطلب على النفط نحو الأسواق الآسيوية والنامية، وتباطؤ معدلات في هذه الأسواق، والتوسع في استخدامات أنواع الطاقة الأخرى على حساب النفط على الخصوص، واعتدال معدلات الزيادة في تنامي الطلب على النفط.
مازالت أسعار نفط خام الإشارة دبي في الكونتانغو وأسعار دبي في شهر سبتمبر أقل منها في شهر نوفمبر بـ2.75 دولار للبرميل، وهو مؤشر يساعد في تخزين النفط الخام خصوصاً للبلدان التي تسعى لبناء المخزون الاستراتيجي وهو يدعم الطلب على النفط، كذلك ارتفاع مستوى الأسعار في المستقبل ليصل قريبا من 46 دولارا للبرميل مؤشر إيجابي إذا ما تم اعتباره على أساس توازن في أساسيات السوق في المستقبل.
اتساع الفروقات ما بين نفط خام الإشارة برنت ونفط خام الإشارة دبي من 1.15 دولار للبرميل خلال شهر أغسطس 2015 حيث بلغ سعر برنت 46.72 دولار للبرميل بينما بلغ سعر نفط خام دبي 47.87 دولار للبرميل بمعنى أسعار دبي كانت أغلى من أسعار برنت وهو عامل لا يصب في صالح المحافظة على أسواق النفوط الخليجية في آسيا، وهو ما يبرر خفض في تسعير النفوط الخليجية بقصد تحفيز الطلب على نفوطنا في الخليج العربي.
تغير الوضع ليكون أكثر طبيعياً في شهر سبتمبر حيث انخفض متوسط سعر نفط دبي إلى 45.57 دولار للبرميل، بينما ارتفع نفط خام برنت ليصل إلى 47.63 دولار للبرميل واتسعت الفروقات ما بينها لتصل إلى 2.06 دولار للبرميل وهو تطور إيجابي يصب لصالح النفوط الخليجية والتي أصبحت أكثر جدوى اقتصادية للمصافي الآسيوية وهو تطور يساعد بلا شك في المحافظة على أسواقنا في آسيا ويشير إلى مهمة ربما تكون يسيرة بالنسبة لتسعير النفط الخليجية والتي سيتم الإعلان عنها في بداية شهر أكتوبر 2015.
إعلان إيران عن تأجيل المؤتمر الدولي المقرر في إطار تسويق الفرص الاستثمارية في إيران للشركات النفطية إلى نهاية الفصل الأول من عام 2014، يؤكد ما ذهبنا إليه وتوقعه كثير من تأخر عوده النفط الإيراني للسوق وهو يساهم في استقرار ودعم الأسعار من جهة توافقه مع ارتفاع الطلب على نفط الأوبك وانخفاض الزيادة من خارج الأوبك وهو أمر إيجابي لصالح تواجدنا في أسواقنا الآسيوية.
من الأمور التي هناك توافق حولها هي أن مما يحدد هوامش أرباح المصافي هي حالة الطلب والعرض في تلك المنطقة، وقد عكس تعافي هوامش أرباح المصافي خلال عام 2015 متانة الطلب العالمي على النفط والمنتجات البترولية والتي كانت في الغالب تفوق التوقعات.
وفي هذا السياق، يقدر بنك جولدمان ساكس في دراسة حديثة أن معدل الزيادة في الطلب العالمي على النفط خلال الأشهر يناير – يوليو 2015 بمقدار 1.7 مليون برميل يومياً مقارنة مع الفترة ذاتها من عام 2014، وجاءت غالب الزيادة من الجازولين ثم الديزل ثم وقود الطائرات، وقد أسهمت ثلاث دول رئيسية في هذه الزيادة وهي الصين والولايات المتحدة الأمريكية والهند وقد أسهم في تحفيز الطلب ضعف أسعار النفط الخام، وتتوقع الدراسة استمرار الطلب العالمي على النفط في الزيادة بمقدار 1.3 مليون برميل يوميا خلال عام 2016 رغم الشكوك التي تلف أداء الاقتصاد الصيني، ذلك أن الطلب الصيني على النفط لن يتأثر كثيرا.
ويؤكد البيت الاستشاري أي أش أس سيرا أن تباطؤ وتيرة إضافة مصافي جديدة في آسيا ومنطقة الخليج العربي يسهم في دعم أداء ونشاط طاقة التكرير الآسيوية لمصلحة استقرار الأسواق هناك.
تقدر مصادر السوق أن الطلب الآسيوي على النفط عند 31 مليون برميل يومياً خلال عام 2015 مقابل إجمالي الطلب على النفط عند 94 مليون برميل يومياً أي يمثل نسبه 33%، وهو مستمر في الزيادة وهو ما يدلل على أهمية السوق الآسيوية واستمرار تعافيها.
وقد ارتفع الطلب في الصين من 10.4 مليون برميل يوميا في عام 2013، إلى 10.7 مليون برميل يومياً في عام 2014، ثم 11.3 مليون برميل يومياً خلال عام 2015 أي زيادة كبيرة مقدارها 600 ألف برميل يوميا، ولكن في عام 2016 تتباطأ الزيادة ليصل إجمالي الطلب إلى 11.55 مليون برميل يومياً يعني فقط 250 ألف برميل يومياً.
وعلى صعيد الإمدادات من دول الخليج عموماً أيضاً تشهد ثباتاً أو تناقصاً وحتى عند اعتبارات الزيادة فإنها أقل من التوقعات السابقة، مع انتهاء موسم الذروة في استهلاك الكهرباء في الصيف والتي يتم تصريف كميات كبيرة من النفط الخام لتوليد الكهرباء وهو ما يعني إنتاج أقل متوقع خصوصاً مع خروج نسبه من المصافي في برامج الصيانة خلال شهري سبتمبر وأكتوبر 2015 ونحن بانتظار تقديرات مصادر السوق حول إنتاج الأوبك خلال شهر سبتمبر 2015، وفي هذا السياق بالإمكان أن نتحدث عن إعلان الإمارات تأخر استهداف رفع الطاقة الإنتاجية إلى 3.5 مليون برميل يومياً إلى نهاية عام 2017 أو بداية 2018 وهو بلا شك يعني أن تأثير ضعف الأسعار لا يؤثر فقط خارج الأوبك وإنما أيضاً داخل الأوبك ويؤثر في إعادة التوازن للسوق، وأخيرا تأتي تقديرات البيت الاستشاري بيرا حول إنتاج العراق والذي بلغ في المتوسط خلال عام 2015 3.9 مليون برميل يومياً (تشمل 3.2 مليون برميل يوميا من الجنوب و700 ألف برميل يومياً من الشمال) وأن المتوسط سيبلغ فقط 4.2 مليون برميل يومياً خلال عام 2016 (تشمل 3.4 مليون برميل يومياً من الجنوب و800 ألف برميل يومياً) وهي زيادة متواضعة مقارنة مع التوقعات السابقة.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في عالم اليوم المتسارع، أصبحت المعرفة المالية ليست مجرد مهارة إضافية، بل ضرورة تمس حياة كل فرد وإذا كان العالم بأسره يتجه نحو تنويع اقتصادي يخفف من الاعتماد على مصدر واحد للدخل، فإن قطر – بما تمتلكه من رؤية استراتيجية – تدرك أن الاستدامة الاقتصادية تبدأ من المدارس القطرية ومن وعي الطلاب القطريين. هنا، يتحول التعليم من أداة محلية إلى بوابة عالمية، ويصبح الوعي المالي وسيلة لإلغاء الحدود الفكرية وبناء أجيال قادرة على محاكاة العالم لا الاكتفاء بالمحلية. التعليم المالي كاستثمار في الاستدامة الاقتصادية القطرية: عندما يتعلم الطالب القطري إدارة أمواله، فهو لا يضمن استقراره الشخصي فقط، بل يساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني. فالوعي المالي يساهم في تقليل الديون وزيادة الادخار والاستثمار. لذا فإن إدماج هذا التعليم يجعل من الطالب القطري مواطنا عالمي التفكير، مشاركا في الاقتصاد العالمي وقادرا على دعم قطر لتنويع الاقتصاد. كيف يمكن دمج الثقافة المالية في المناهج القطرية؟ لكي لا يبقى الوعي المالي مجرد شعار، يجب أن يكون إدماجه في التعليم واقعًا ملموسًا ومحاكيًا للعالمية ومن المقترحات: للمدارس القطرية: • حصص مبسطة تدرّب الطلاب على إدارة المصروف الشخصي والميزانية الصغيرة. • محاكاة «المتجر الافتراضي القطري» أو «المحفظة الاستثمارية المدرسية». للجامعات القطرية: • مقررات إلزامية في «الإدارة المالية الشخصية» و»مبادئ الاستثمار». • منصات محاكاة للتداول بالأسهم والعملات الافتراضية، تجعل الطالب يعيش تجربة عالمية من داخل قاعة قطرية. • مسابقات ريادة الأعمال التي تدمج بين الفكر الاقتصادي والابتكار، وتبني «وعيًا قطريًا عالميًا» في آن واحد. من التجارب الدولية الملهمة: - تجربة الولايات المتحدة الأمريكية: تطبيق إلزامي للتعليم المالي في بعض الولايات أدى إلى انخفاض الديون الطلابية بنسبة 15%. تجربة سنغافورة: دمجت الوعي المالي منذ الابتدائية عبر مناهج عملية تحاكي الأسواق المصغرة - تجربة المملكة المتحدة: إدراج التربية المالية إلزاميًا في الثانوية منذ 2014، ورفع مستوى إدارة الميزانيات الشخصية للطلاب بنسبة 60%. تجربة استراليا من خلال مبادرة (MONEY SMART) حسنت وعي الطلاب المالي بنسبة 35%. هذه النماذج تبيّن أن قطر قادرة على أن تكون رائدة عربيًا إذا نقلت التجارب العالمية إلى المدارس القطرية وصياغتها بما يناسب الوعي القطري المرتبط بهوية عالمية. ختاما.. المعرفة المالية في المناهج القطرية ليست مجرد خطوة تعليمية، بل خيار استراتيجي يفتح أبواب الاستدامة الاقتصادية ويصنع وعيًا مجتمعيًا يتجاوز حدود الجغرافيا، قطر اليوم تملك فرصة لتقود المنطقة في هذا المجال عبر تعليم مالي حديث، يحاكي التجارب العالمية، ويجعل من الطالب القطري أنموذجًا لمواطن عالمي التفكير، محلي الجذور، عالمي الأفق فالعالمية تبدأ من إلغاء الحدود الفكرية، ومن إدراك أن التعليم ليس فقط للحاضر، بل لصناعة مستقبل اقتصادي مستدام.
2286
| 22 سبتمبر 2025
في قاعة الأمم المتحدة كان خطاب صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حفظه الله مشهدا سياسيا قلب المعادلات، الكلمة التي ألقاها سموه لم تكن خطابًا بروتوكوليًا يضاف إلى أرشيف الأمم المتحدة المكدّس، بل كانت كمن يفتح نافذة في قاعة خانقة. قطر لم تطرح نفسها كقوة تبحث عن مكان على الخريطة؛ بل كصوت يذكّر العالم أن الصِغَر في المساحة لا يعني الصِغَر في التأثير. في لحظة، تحوّل المنبر الأممي من مجرد منصة للوعود المكررة والخطابات المعلبة إلى ساحة مواجهة ناعمة: كلمات صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وضعتهم في قفص الاتهام دون أن تمنحهم شرف ذكر أسمائهم. يزورون بلادنا ويخططون لقصفها، يفاوضون وفودًا ويخططون لاغتيال أعضائها.. اللغة العربية تعرف قوة الضمير، خصوصًا الضمير المستتر الذي لا يُذكر لفظًا لكنه يُفهم معنى. في خطاب الأمير الضمير هنا مستتر كالذي يختبئ خلف الأحداث، يحرّكها في الخفاء، لكنه لا يجرؤ على الظهور علنًا. استخدام هذا الأسلوب لم يكن محض صدفة لغوية، بل ذكاء سياسي وبلاغي رفيع ؛ إذ جعل كل مستمع يربط الجملة مباشرة بالفاعل الحقيقي في ذهنه من دون أن يحتاج إلى تسميته. ذكاء سياسي ولغوي في آن واحد».... هذا الاستخدام ليس صدفة لغوية، بل استراتيجية بلاغية. في الخطاب السياسي، التسمية المباشرة قد تفتح باب الردّ والجدل، بينما ضمير الغائب يُربك الخصم أكثر لأنه يجعله يتساءل: هل يقصدني وحدي؟ أم يقصد غيري معي؟ إنّه كالسهم الذي ينطلق في القاعة فيصيب أكثر من صدر. محكمة علنية بلا أسماء: لقد حول الأمير خطابًا قصيرًا إلى محكمة علنية بلا أسماء، لكنها محكمة يعرف الجميع من هم المتهمون فيها. وهنا تتجلى العبارة الأبلغ، أن الضمير المستتر في النص كان أبلغ حضورًا من أي تصريح مباشر. العالم في مرآة قطر: في النهاية، لم يكن ضمير المستتر في خطاب صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله - مجرد أداة لغوية؛ بل كان سلاحًا سياسيًا صامتًا، أشد وقعًا من الضجيج. لقد أجبر العالم على أن يرى نفسه في مرآة قطر. وما بين الغياب والحضور، تجلت الحقيقة أن القيمة تُقاس بجرأة الموقف لا باتساع الأرض، وأن الكلمة حين تُصاغ بذكاء قادرة على أن تهز أركان السياسات الدولية كما تعجز عنها جيوش كاملة. فالمخاطَب يكتشف أن المرآة وُضعت أمامه من دون أن يُذكر اسمه. تلك هي براعة السياسة: أن تُدين خصمك من دون أن تمنحه شرف الذكر.
2229
| 25 سبتمبر 2025
يطلّ عليك فجأة، لا يستأذن ولا يعلن عن نفسه بوضوح. تمرّ في زقاق العمر فتجده واقفًا، يحمل على كتفه صندوقًا ثقيلًا ويعرض بضاعة لا تشبه أي سوق عرفته من قبل. لا يصرخ مثل الباعة العاديين ولا يمد يده نحوك، لكنه يعرف أنك لن تستطيع مقاومته. في طفولتك كان يأتيك خفيفًا، كأنه يوزّع الهدايا مجانًا. يمد يده فتتساقط منها ضحكات بريئة وخطوات صغيرة ودهشة أول مرة ترى المطر. لم تكن تسأله عن السعر، لأنك لم تكن تفهم معنى الثمن. وحين كبُرت، صار أكثر استعجالًا. يقف للحظة عابرة ويفتح صندوقه فتلمع أمامك بضاعة براقة: أحلام متوهجة وصداقات جديدة وطرق كثيرة لا تنتهي. يغمرك بالخيارات حتى تنشغل بجمعها، ولا تنتبه أنه اختفى قبل أن تسأله: كم ستدوم؟ بعد ذلك، يعود إليك بهدوء، كأنه شيخ حكيم يعرف سرّك. يعرض ما لم يخطر لك أن يُباع: خسارات ودروس وحنين. يضع أمامك مرآة صغيرة، تكتشف فيها وجهًا أنهكته الأيام. عندها تدرك أن كل ما أخذته منه في السابق لم يكن بلا مقابل، وأنك دفعت ثمنه من روحك دون أن تدري. والأدهى من ذلك، أنه لا يقبل الاسترجاع. لا تستطيع أن تعيد له طفولتك ولا أن تسترد شغفك الأول. كل ما تملكه منه يصبح ملكك إلى الأبد، حتى الندم. الغريب أنه لا يظلم أحدًا. يقف عند أبواب الجميع ويعرض بضاعته نفسها على كل العابرين. لكننا نحن من نتفاوت: واحد يشتري بتهور وآخر يضيّع اللحظة في التفكير وثالث يتجاهله فيفاجأ أن السوق قد انفض. وفي النهاية، يطوي بضاعته ويمضي كما جاء، بلا وداع وبلا عودة. يتركك تتفقد ما اشتريته منه طوال الطريق، ضحكة عبرت سريعًا وحبًا ترك ندبة وحنينًا يثقل صدرك وحكاية لم تكتمل. تمشي في أثره، تفتش بين الزوايا عن أثر قدميه، لكنك لا تجد سوى تقاويم تتساقط كالأوراق اليابسة، وساعات صامتة تذكرك بأن البائع الذي غادرك لا يعود أبدًا، تمسح العرق عن جبينك وتدرك متأخرًا أنك لم تكن تتعامل مع بائع عادي، بل مع الزمن نفسه وهو يتجول في حياتك ويبيعك أيامك قطعةً قطعة حتى لا يتبقى في صندوقه سوى النهاية.
1698
| 26 سبتمبر 2025