رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
ما حدث في مصر هذا الصيف من «انقلاب» ذكي على صناديق الاقتراع ، ومس بشرعية رئيس منتخب، و ليس حدثا صغيرا في يوميات السياسة العربية ، ولا عملية «تقليدية» مما نراه من ذبح للديمقراطية في غابة الاستبداد العربي ، ولا صراع بين خصمين ايديولوجيين على شاطئ النيل وصلا إلى القطيعة بينهما فلجأ طرف للدبابة والآخر إلى رابعة العدوية . ما جرى مؤامرة كبيرة إقليمية ودولية ، وخطة جهنمية ستستعمل غدا في دول عربية وثالثية أخرى لإجهاض التحول الديمقراطي الهادئ من قبل «الدولة العميقة». ولكي نفهم أكثر كيف تحبك مثل هذه المؤامرات التي لا تصدقها العقول المبهورة اليوم بالأضواء الصادر عن الكامرات، والشعارات والضجيج والإعلامي وصناعة الكذب، سنرجع إلى صفحة صغيرة من التاريخ عله ينير لنا الطريق، أو يفتح عقولنا لتستشرف ما وراء «الستار»..كاتب هذه السطور ليس من هواة نظرية المؤامرة ولا من اتباع التفسير المخابراتي للتاريخ، لكن عندما يكون المرء أمام جبل للجليد فمن السذاجة ان لا يرى الأجزاء التي تحت الماء، وهي الأكبر والأخطر، وعندما يكون المرء أمام آثار الأقدام فوق الرمال فمن الحمق ان لا يجزم ان قافلة او قطاع طرق مروا من هنا .
في التاسع عشر من شهر غشت ( أغسطس ) الماضي حلت الذكرى الـ60 للانقلاب على حكومة محمد مصدق في إيران سنة 1965 وبهذه المناسبة ، اعترفت وكالة الاستخبارات الأمريكية «CIA» لاول مرة بمسووليتها عن الانقلاب ونشرت وثائق جديدة عن عملية «AJAX»، وهو الاسم الحركي او الرمزي الذي أعطي لهذه العملية سنة 1953، حيث تكفلت وكالة المخابرات الأمريكية بالإعداد لمخطط كامل سياسي وإعلامي واقتصادي وعسكري، وحتى ديني، للإطاحة بهذه الحكومة الوطنية ،التي جاءت عن طريق صناديق الاقتراع للحد من فساد واستبداد الشاه ومن استغلال بريطانيا والغرب لنفط ايران الذي كانت عائداته الكبرى تذهب إلى خزائن الشركة البريطانية الأسطورية ( بريتش بتروليوم). وكان من أول القرارات التي اتخذتها حكومة الدكتور مصدق ، تأميم شركة النفط البريطانية، والقيام بإصلاح الزراعي عميق وأعاد توزيع الأراضي على صغار الفلاحين وقلم أظافر الإقطاع الذي كان يعيش على عرق الفقراء في بوادي ايران ، كما سعى مصدق إلى ، تشكيل جبهة موسعة للحكم، فيها اليسار والوسط والبيبراليين وبتأييد بعض كبار رجال الدين المتنورين.. في بلاد ظلت قاعدتها إسلامية رغم مظاهر التغريب التي حاول نظام الشاه ونخبه ان ينشرونها وبطرق فجة أحيانا في وسط محافظ.
. لنقرأ دون تدخل في الوثيقة المنشورة هذا الشهر من أرشيف المخابرات الأمريكية: «كان الهدف الأول للعملية التي أشرفت عليها «CIA» بالكامل،و بتنسيق مع المخابرات البريطانية، هو الإطاحة بحكومة مصدق. كان هذا عملا من أعمال السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية ، لأن ترك إيران مصدق عرضة للخطر السوفياتي( كانت الحرب الباردة بين المعسكر الشرقي والغربي على أشدها آنذاك، وكانت ايران تعتبر دركيا غربيا في المنطقة وإحدى القواعد الكبرة للنادي الرأسمالي في آسيا ) لم يكن يحتمل في واشنطن ان نرى ايران تقترب من السوفيات . لقد جرى التعاون لتنفيذ خطة الانقلاب هذه مع عدة متعاونين محليين... وهكذا، بدأت الخطة بنشر الإشاعات الكاذبة حول حكومة مصدق في الداخل والخارج. جرى تصويره كشيوعي معاد للدين تارة، وكعميل موال للسوفيات تارة أخرى، ثم كعدو للديمقراطية والاقتصاد الحر، وكعدو للفقراء مرة، وضد الأغنياء أخرى. ثم جرى، بعد ذلك ، إقناع الشاه، رضا بهلوي، بالتعاون مع المخابرات الأمريكية لتنفيذ الخطة، وتم تقديم الرشاوى بملايين الدولارات لأعضاء في البرلمان وخارج البرلمان لتعاون لإنجاح خطة الإطاحة بالحكومة. وجرى تنظيم صفوف رجال الأمن، بحيث يصيرون ضد الحكومة ورئيسها، ثم جاءت عملية تنظيم مظاهرات في الشارع وفي أكثر من إقليم». تظهر الوثائق الأمريكية أسماء شخصيات كثيرة من «البلطجية» كما يسمون اليوم في مصر أو «عصابة الأشرار» كما تسميهم الوثائق الأمريكية الذين كانوا يبعثون أتباعهم للخروج في مظاهرات مفبركة ، وتذكر الوثائق حتى أعداد أتباع كل واحد من هؤلاء، فمثلا، الطيب طاهر حاج رضائي كان له 300 شخص، يؤدي أجورهم مقابل النزول إلى الشارع للتظاهر، وكان حسين ونقي إسماعيل بور له ما بين 300 و400 شخص تابعين له، بالإضافة إلى محمود عسكر وبويك صابر اللذين كانا شخصيتين بارزتين في تنظيم تلك العصابات التي توجهت إلى منزل مصدق في محاولة لاستهدافه شخصيا .
المهم، استمرت الحرب الإعلامية الدعائية وحرب الشوارع عن طريق المظاهرات المفبركة ورشوة النخبة، ثم جاء الدور على الاقتصاد، حيث قادت بريطانيا حربا قاسية على النفط الإيراني في الأسواق العالمية، بدعوى أن إيران اعتدت على الحقوق التجارية البريطانية في الشركة المؤممة... ساءت الأوضاع في الداخل ، واحتدم الصراع بين مصدق والشاه، ما دفع هذا الأخير إلى الهرب إلى إيطاليا في بداية غشت 1953، وقبل أن يهرب وقع قرارين؛ الأول هو عزل رئيس الوزراء محمد مصدق، والثاني تعيين الجنرال فضل الله زاهدي محله...
.. لما انضم رجل الدين، آية الله كاشاني، إلى حركة مصدق، وأفتى بأن كل من يعارض تأميم النفط الإيراني فهو عدو الإسلام، تعرض لضغوط كبيرة للتراجع عن تأييده لمصدق وهذا ما وقع بعد نجاح الانقلاب العسكري كان محمود ابن أية الله أبي القاسم كاشاني ثاني خطيب في الراديو الإيراني الذي اعلن التأييد للانقلاب على مصدق.،
هذا وخرج مجموعة من رجال الدين، قبيل الانقلاب بأيام، يفتون بأن مصدق معاد للإسلام والشريعة. كانت سياسة الإصلاح الزراعي قد مست مصالح كبرى للإقطاع، وكان تحالف مصدق مع اليساريين والليبراليين يخيف القصر، وكان تأميم النفط يمس مصالح الغرب، وكانت العملية الديمقراطية تخيف «السافاك» (مخابرات الشاه) والمحيطين بالملكية... وهكذا انسحب آية الله كاشاني من التحالف، واتهمه انصار مصدق ببيع القضية للشاه وهكذا واشتد الحصار الاقتصادي على البلاد، واتسعت المظاهرات مدفوعة الأجر، وأصبح الجو مهيأ لـ«الحركة الأخيرة»، انقلاب الجنرال فضل الله على رئيس الحكومة مصدق، واعتقاله وإيداعه السجن، وبقية القصة معروفة... انتهى الاقتباس من الوثائق المخابرات الأمريكية.
لكن بعد 16 سنة، سيخرج مصدق آخر من ايران في ثوب راديكالي ديني اسمه آية الله الخميني، وسيقود ثورة هادرة على الشاه وعلى الغرب ومصالحهما وحول ايران إلى وجهة أخرى معادية للغرب ولامريكا ، وسيقتلع النظام السابق من جذوره... الكل اليوم مقتنع بأن الإطاحة بمصدق سنة 1953 كانت السبب رقم واحد في نجاح الخميني سنة 1979 وكما ان الشارع الإيراني إلى اليوم يذكر الشاه بكل سوء ،فانه يذكر مصدق بكل خير ،ويحن إلى تلك الفترة التي كانت فيها ايران تعرف تجربة إصلاحية عميقة، بشراكة مع كل أطياف القوى السياسية الإيرانية ...لولا إسقاطها بمؤامرة خارجية وداخلية لكانت ايران اليوم في مكان آخر على الخارطة الإقليمية والدولية .
كل تشابه بين ما جرى في عملية «Ajax سنة 1953 وعملية «السيسي» سنة 2013، التي جرت مؤخرا، أنا غير مسؤول عنها. أنا هنا ناقل لا معلق ولا محلل.
ومضات لحياة سعيدة
خلال قراءتي لرسالة الشيخ العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله حول الوسائل المفيدة للحياة السعيدة أحببت مشاركتكم... اقرأ المزيد
180
| 07 نوفمبر 2025
لا مال بعد الموت
في زمنٍ أصبح المال فيه مقياسًا للهيبة، وميزانًا للقيمة، ضاعت كثيرٌ من المعاني النبيلة، وغابت عن الناس الحقيقة... اقرأ المزيد
264
| 07 نوفمبر 2025
اهتمام الآباء بتربية الأبناء
كل لحظة يقضيها الأب والأم مع أبنائهما اليوم هي استثمار في غدٍ مشرق، وفي شخصيات ستصون الأسرة والمجتمع.... اقرأ المزيد
108
| 07 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد وحدودٍ من نار، انقطعت شرايين الأخوة التي كانت تسقي القلوب قبل أن تربط الأوطان. تمزّقت الخريطة، وتبعثرت القلوب، حتى غدا المسلم يسأل ببرودٍ مريب: ما شأني بفلسطين؟! أو بالسودان ؟! أو بالصين ؟! ونَسِيَ أنَّ تعاطُفَه عبادةٌ لا عادة، وإيمانٌ لا انفعال، وأنّ مَن لم يهتمّ بأمر المسلمين فليس منهم. لقد رسم الاستعمار حدودهُ لا على الورق فحسب، بل في العقول والضمائر، فزرعَ بين الإخوة أسوارا من وهم، وأوقد في الصدورِ نارَ الأحقادِ والأطماع. قسّم الأرضَ فأضعفَ الروح، وأحيا العصبيةَ فقتلَ الإنسانية. باتَ المسلمُ غريبًا في أرضه، باردًا أمام جراح أمّته، يشاهدُ المجازرَ في الفاشر وغزّة وفي الإيغور وكأنها لقطات من كوكب زحل. ألا يعلم أنَّ فقدَ الأرضِ يسهلُ تعويضُه، أمّا فقد الأخِ فهلاكٌ للأمّة؟! لقد أصبح الدينُ عند كثيرين بطاقة تعريفٍ ثانوية بعدَ المذهبِ والقبيلةِ والوطن، إنّ العلاجَ يبدأُ من إعادةِ بناءِ الوعي، من تعليمِ الجيلِ أنّ الإسلام لا يعرف حدودًا ولا يسكنُ خرائطَ صمّاء، وأنّ نُصرةَ المظلومِ واجبٌ شرعيٌّ، لا خِيارٌا مزاجيّا. قال النبي صلى الله عليه وسلم (مثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمِهم «وتعاطُفِهم» كمثلِ الجسدِ الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائرُ الجسدِ بالسهرِ والحمّى). التعاطف عبادة، التعاطف مطلب، التعاطف غاية، التعاطف هدف، التعاطف إنسانية وفطرة طبيعية، لذلك فلننهضْ بإعلامٍ صادقٍ يذكّرُ الأمةَ أنّها جسدٌ واحدٌ لا أطرافا متناحرة، وبعمل جماعي يترجمُ الأخوّةَ إلى عطاءٍ، والتكافلَ إلى فعلٍ لا شعار. حين يعودُ قلبُ المسلم يخفقُ في المغربِ فيسقي عروقَه في المشرق، وتنبضُ روحهُ في الشمالِ فتلهم الجنوبَ، حينئذٍ تُهدَمُ حدودُ الوهم، وتُبعثُ روحُ الأمةِ من رمادِ الغفلة، وتستعيدُ مجدَها الذي هو خير لها وللناس جميعاً قال تعالى (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ). عندها لن تبقى للأمّة خرائط تُفرّقها،. وتغدو حدود وخطوط أعدائنا التي علينا سرابًا تذروه الرياح، وتتقطع خيوطُ العنكبوتِ التي سحروا أعيننا بوهم قيودها التي لا تنفك. فإذا استيقظَ الوجدان تعانقَ المشرقُ والمغربُ في جسدٍ واحد يهتفُ بصوتٍ واحد فداك أخي.
3795
| 04 نوفمبر 2025
اطلعت على الكثير من التعليقات حول موضوع المقال الذي نشرته الأسبوع الماضي بجريدة الشرق بذات العنوان وهو «انخفاض معدلات المواليد في قطر»، وقد جاء الكثير من هذه التعليقات أو الملاحظات حول أن هذه مشكلة تكاد تكون في مختلف دول العالم وتتشابه الى حد كبير، والبعض أرجعها الى غلاء المعيشة بشكل عام في العالم، وهذه المشكلة حسبما أعتقد يجب ألا يكون تأثيرها بذات القدر في دول أخرى؛ لأن الوضع عندنا يختلف تماما، فالدولة قد يسرت على المواطنين الكثير من المعوقات الحياتية وتوفر المساكن والوظائف والرواتب المجزية التي يجب ألا يكون غلاء المعيشة وغيرها من المتطلبات الأخرى سببا في عدم الاقبال على الزواج وتكوين أسرة أو الحد من عدد المواليد الجدد، وهو ما يجب معه أن يتم البحث عن حلول جديدة يمكن أن تسهم في حل مثل هذه المشكلة التي بدأت في التزايد. وفي هذا المجال فقد أبرز معهد الدوحة الدولي للأسرة توصيات لرفع معدل الخصوبة والتي تساهم بدورها في زيادة المواليد ومن هذه التوصيات منح الموظفة الحامل إجازة مدفوعة الاجر لـ 6 اشهر مع اشتراط ان تعود الموظفة الى موقعها الوظيفي دون أي انتقاص من حقوقها الوظيفية، وكذلك الزام أصحاب العمل الذين لديهم 20 موظفة بإنشاء دار للحضانة مع منح الأب إجازة مدفوعة الأجر لا تقل عن أسبوعين، وإنشاء صندوق لتنمية الطفل يقدم إعانات شهرية وتسهيل الإجراءات الخاصة بتأمين مساكن للمتزوجين الجدد، وكذلك إنشاء صندوق للزواج يقدم دعما ماليا للمتزوجين الجدد ولمن ينوي الزواج مع التوسع في قاعات الافراح المختلفة، وهذه الاقتراحات هي في المجمل تسهل بشكل كبير العقبات والصعاب التي يواجهها الكثير من المقبلين على الزواج، وبتوفيرها لا شك ان الوضع سيختلف وستسهم في تحقيق ما نطمح اليه جميعا بتسهيل أمور الزواج. لكن على ما يبدو ومن خلال الواقع الذي نعيشه فإن الجيل الحالي يحتاج الى تغيير نظرته الى الزواج، فالكثير اصبح لا ينظر الى الزواج بالاهمية التي كانت في السابق، ولذلك لابد ان يكون من ضمن الحلول التي يجب العمل عليها، إيجاد أو إقرار مواد تدرس للطلاب خاصة بالمرحلة الثانوية وتتمحور حول أهمية تكوين وبناء الاسرة وأهمية ذلك للشباب من الجنسين، والعمل على تغيير بعض القناعات والاولويات لدى الشباب من الجنسين، حيث أصبحت هذه القناعات غير منضبطة أو غير مرتبة بالشكل الصحيح، والعمل على تقديم الزواج على الكثير من الأولويات الثانوية، وغرس هذه القيمة لتكون ضمن الأولويات القصوى للشباب على أن يتم مساعدتهم في ذلك من خلال ما تم ذكره من أسباب التيسير ومن خلال أمور أخرى يمكن النظر فيها بشكل مستمر للوصول الى الهدف المنشود. وفي ظل هذا النقاش والبحث عن الحلول، يرى بعض المهتمين بالتركيبة السكانية ان هناك من الحلول الاخرى التي يمكن أن تكون مؤثرة، مثل التشجيع على التعدد ومنح الموظفة التي تكون الزوجة الثانية أو الثالثة أو حتى الرابعة، علاوة مستحدثة على أن تكون مجزية، الى جانب حوافز أخرى تشجع على ذلك وتحث عليه في أوساط المجتمع، حيث يرى هؤلاء أن فتح باب النقاش حول تعدد الزوجات قد يكون إحدى الأدوات للمساهمة في رفع معدلات الإنجاب، خصوصًا إذا ما اقترن بدعم اجتماعي ومؤسسي يضمن كرامة الأسرة ويحقق التوازن المطلوب.
2196
| 03 نوفمبر 2025
8 آلاف مشارك بينهم رؤساء دولوحكومات وقادة منظمات في قمة التنمية.. العالــــم فــي قطـــر ■قطر والأمم المتحدة شراكة دائمة ومستمرة نحو الأهداف المشتركة ■قمة التنمية ترسخ ثقة المجتمع الدولي بقدرات قطر ■الحدث الدولي الكبير باستضافة قمة التنمية موضع فخر واعتزاز ■حضور بارز لدولة قطر في جميع برامج الأمم المتحدة التنموية والإنسانية ■قمة الدوحة ستبقى علامة فارقة في مسيرة التنمية الاجتماعية ■«إعلان الدوحة للتنمية» سيكون بصمة تاريخية في سجلات الأمم المتحدة ■ترسيخ مكانة الدوحة كعاصمة للحوار والشراكة الدولية من أجل التنمية ترحب الدوحة بالعالم في قمة العالم الثانية للتنمية الاجتماعية التي تعقد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، وذلك بعد مرور ثلاثين عاماً على القمة الأولى التي عُقدت عام 1995، مما يضفي على قمة الدوحة أهمية استثنائية، فالدوحة عاصمة عالمية للفعاليات الكبرى، وقد استعدت بكل إمكاناتها لتوفير مقومات النجاح لبرامج القمة وجداول أعمالها وأنشطتها. ترحب الدوحة بكل المشاركين في قمة التنمية الاجتماعية الثانية التي تعقد على مستوى رؤساء دول وحكومات وصناع قرار وكبار المسؤولين وقادة المنظمات الإنسانية بهدف معالجة الثغرات بشأن التنمية الاجتماعية التي أصبحت الشغل الشاغل لدول العالم، حيث إن أرقام الفقر والجوع ما زالت مرتفعة، فضلا عن الدول الخارجة من الحروب والأزمات والصراعات، مما يضاعف الحاجة إلى تجديد التزام دول العالم بدفع عجلة التنمية الاجتماعية. ومن المؤكد أن قمة الدوحة ستكون علامة فارقة في مسيرة التنمية الاجتماعية، ومثلما نجحت الدوحة في استضافة الفعاليات الكبرى من رياضية وسياسية واقتصادية وثقافية فإن قطر ستقدم للعالم أفضل نسخة من القمة العالمية للتنمية الاجتماعية. إن انعقاد قمة التنمية الثانية في الدوحة تعكس ثقة المجتمع الدولي بدور قطر وجهودها لتعزيز السلام والعدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة بوصفها شريكا دائما للأمم المتحدة، وكما أشار حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، في كلمته الترحيبية على صفحة القمة: «إن قطر استضافت على مر السنين العديد من المؤتمرات الرفيعة المستوى التابعة للأمم المتحدة، ما وفر منصة للحوار والتعاون بشأن أبرز التحديات العالمية، وتعكس هذه الجهود التزامنا الدائم بقيم وأهداف الأمم المتحدة ورؤيتنا لعالم يتاح فيه الازدهار للجميع». الشراكة بين قطر والأمم المتحدة تمتد لعقود وهي شراكة متجذرة في المبادئ والأهداف المشتركة الإنسانية والتنموية والتعليمية وحفظ الأمن والسلم الدوليين وتعزيز حقوق الإنسان، وتقديم المساعدة الإنسانية، والمشاركة في العمل الجماعي بهدف التصدي للتحديات القائمة والناشئة التي تواجه العالم. وأصبحت دولة قطر حاضرة بقوة في أغلب أنشطة الأمم المتحدة، وفي برامجها الإنسانية والتنموية. لطالما كانت قطر سباقة بدعم أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، خاصة في مجالات مكافحة الفقر والصحة والتعليم من خلال مساعدات خارجية بلغت قيمتها نحو 4.8 مليار دولار منذ عام 2020، خصص 90% منها للدول الأقل نموا. كما حرص سمو الأمير المفدى على تتويج المساعدات القطرية بمبادرات وتبرعات أعلنها في كثير من الفعاليات الأممية، كان أبرزها تبرع سموه عام 2019 بمبلغ 100 مليون دولار لصالح الدول الجزرية والأقل نموا. كما توجت قطر شراكتها مع المنظمة الأممية بافتتاح بيت الأمم المتحدة في مارس 2023 ويُعد الأول من نوعه في المنطقة بصفته مقرا يجري فيه تنسيق المهام الإقليمية لعدة منظمات من ضمنها: منظمة العمل الدولية واليونسكو ومفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ومفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين وصندوق الأمم المتحدة الدولي للطفولة (اليونيسيف) ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمة الصحة العالمية. وفي إطار الشراكة مع الأمم المتحدة تحضر أيضا مبادرات صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، لحماية التعليم في مناطق النزاعات عبر مؤسسة التعليم فوق الجميع، وعبر برنامج «علم طفلا» الذي نجح في إعادة 10 ملايين طفل إلى المدارس، فيما تسعى مؤسسة «صلتك» لتوفير فرص عمل لأكثر من خمسة ملايين شاب. وفي هذا السياق تعتبر استضافة الدوحة للقمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية رصيدا إضافيا يعزز مكانة قطر المرموقة على الساحة الدولية، ويعكس إيمانها العميق بأهمية التعاون متعدد الأطراف في معالجة التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه المجتمعات، خصوصا في ظل التحولات العالمية المتسارعة التي أنتجت وقائع جديدة ترزح تحت أعبائها شعوب كثيرة، مما يزيد الحاجة لتحقيق العدالة الاجتماعية، وتكافؤ الفرص، وتمكين الفئات الضعيفة من المشاركة الفاعلة في التنمية. إن هذا الحدث الدولي المهم المتمثل بانعقاد القمة التاريخية في الدوحة موضع فخر واعتزاز لدولة قطر وجميع أبناء الشعب القطري، فقد أثبتت قطر للعالم أنها المكان المثالي والنموذجي لاستضافة القمة بعد ثلاثين عاما على انعقاد القمة الأولى في كوبنهاغن. كما أن قطر أثبتت قدرتها وجاهزيتها اللوجستية والدبلوماسية والتنظيمية لاستضافة أكثر من 8 آلاف مشارك من مختلف دول العالم، بينهم رؤساء دول وحكومات وصناع قرار وكبار مسؤولين وقادة منظمات دولية وإنسانية وتنفيذ جدول وبرامج القمة التي أعدتها الأمم المتحدة بجدارة وإتقان. ولعل السمة التاريخية لهذه القمة تستند إلى عدة عناصر أبرزها «إعلان الدوحة السياسي» الذي ستعتمده القمة وتصدره الأمم المتحدة، مما يجعل اسم الدوحة مسطرا في سجلات الأمم المتحدة وفي ذاكرة كل شعوب العالم المعنية بالتنمية وسيكون إعلان الدوحة مرجعا لكل باحث وخبير بشأن التنمية العالمية. ويعتبر «إعلان الدوحة للتنمية» تعهدا جماعيا للمشاركين لإحياء التعددية وتسريع التنمية الاجتماعية دون أن يتخلف أحد عن الركب، ومن بين أهدافه الالتزام بـ»تعزيز الحلول المبتكرة والتعاون الدولي الشامل لترجمة التزامات إعلان وبرنامج عمل كوبنهاغن، والبعد الاجتماعي لأجندة 2030، إلى إجراءات ملموسة لتحقيق التنمية الاجتماعية للجميع، لا سيما لفائدة البلدان النامية». ومن الجوانب المهمة أن استضافة قطر لقمة التنمية الاجتماعية تعكس التزامها الراسخ بتعزيز التنمية الاجتماعية الشاملة والمستدامة ودعم العمل المتعدد الأطراف لتحقيق العدالة الاجتماعية والرفاهية لجميع الشعوب، كما تمثل فرصة محورية لتعزيز الحوار الدولي حول قضايا التنمية الاجتماعية وتسريع تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030. وقد عبر سمو الأمير المفدى عن هذا الالتزام بأبلغ الكلام حين قال: «تلتزم دولة قطر دوماً بالتنمية المرتكزة على الإنسان، سواء على المستوى الوطني أو العالمي. ومن خلال الاستثمار في التعليم، والصحة، والحماية الاجتماعية، وتعزيز فرص العمل المنتج والعمل اللائق للجميع، نواصل تعزيز العدالة الاجتماعية وترسيخ الشمول. كما أننا دافعنا عن تكامل السياسات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، من خلال اعتماد نهج يشمل الحكومة والمجتمع بأسره، ويضع الإنسان في صميم عملية التنمية». لقد أكدت دولة قطر أن التنمية الاجتماعية لا تتحقق إلا من خلال الاستثمار في الإنسان، وتعزيز قيم العدالة والتضامن، ودعم المبادرات التي تكرس التعاون الدولي وتستجيب لتطلعات الشعوب نحو مستقبل أكثر استقرارا وازدهارا، وهذا ما أكده سمو الأمير المفدى في مختلف المناسبات أن الارتقاء بالإنسان يحقق التنمية المستدامة باعتبار الإنسان محور التنمية وغايتها الأساسية. لقد نجحت مسيرة قطر في تحقيق إنجازات نوعية وغير مسبوقة في عالم التنمية وصولا إلى رؤية قطر الوطنية 2030 وها هي اليوم تضع جهودها وخبراتها بتصرف العالم لبلورة رؤية وبرامج عمل لتحقيق التنمية التي تتطلع لها شعوب العالم. وذلك من خلال العمل الجاد والدؤوب مع الدول الأعضاء في القمة والمنظمات الدولية والإنسانية المشاركة لرسم المسار العملي لتحقيق أهداف التنمية. ولن تتوانى دولة قطر عن تقديم كل الدعم وبذل كل الجهود لوصول القمة إلى أفضل النتائج التي تحقق تطلعات شعوب العالم بالتنمية المستدامة وفقا لأهداف الأمم المتحدة، وترسيخ مكانة الدوحة كعاصمة للحوار والشراكة الدولية من أجل التنمية الاجتماعية المستدامة، وتعزيز ثقة المجتمع الدولي بقدرات قطر على تحقيق وإنجاز ما يعجز عنه الآخرون.
2103
| 04 نوفمبر 2025