رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عبد اللطيف آل محمود

عبد اللطيف آل محمود

مساحة إعلانية

مقالات

1346

عبد اللطيف آل محمود

نعم للحوار... ولا للاعتذار

07 فبراير 2006 , 12:00ص

يوم أمس الأول طلب وزير خارجية الدنمارك من الدول العربية والإسلامية المساعدة في الحد من الغضب الإسلامي المتصاعد بسبب نشر رسوم ساخرة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم. ودعا إلى احتواء الاحتجاجات العنيفة والعودة إلى الحوار. ودعوة الحكومة الدنماركية للحوار - للأسف- جاءت متأخرة وفي غير محلها. فقد طلب 11 سفيراً من العرب والمسلمين معتمدين لدى الدنمارك الاجتماع مع رئيس الوزراء الدنماركي " للحوار" في أكتوبر الماضي، وقبل أن تتحول الشرارة إلى لهيب بدأ يلسع ظهور الدنماركيين. وكان ان رفض لقاءهم بحجة ان الحكومة ليس لها سلطة على حرية التعبير والصحافة، وان عليهم اللجوء الى القضاء إذا رغبوا في الاحتجاج على الصحيفة. واعتقد ان صلافة وسلبية قرار الحكومة في ذلك الوقت كان القشة التي قصمت ظهر البعير وكان ما كان. فقد امتدت المقاطعة الشاملة للمنتجات الدنماركية إلى جميع الدول العربية والإسلامية، وأدت المظاهرات في سوريا ولبنان وفلسطين إلى إحراق السفارات وإغلاق البعثات الدبلوماسية. واستمرت مطالبة الجماهير الغاضبة باعتذار واضح من الصحيفة والحكومة الدنماركية قبل انهاء المقاطعة. وسارعت بعض الصحف الاوروبية إلى إعادة نشر الرسوم المسيئة للرسول الكريم في نصرة ظالمة، مصورة المسألة على أنها صراع بين حرية الغرب وتعصب الشرق. فحرية التعبير والصحافة التي يتبجحون بها علينا، وترتكز عليها الحكومة الدنماركية وصحافتها حجة واهية امام ما قامت به الكثير من الحكومات الأوروبية من استصدار قرارات قضائية تجرم بالحبس والغرامة كل من تسول له نفسه انكار المحرقة الالمانية لليهود خلال الحرب العالمية الثانية أو حتى الانتقاص من حجمها. فقد حوكم بالسجن أو الغرامة كل من المفكر الفرنسي روجيه جارودي والمؤرخ البريطاني ديفيد ارفن، والروائي الكندي ارنست زيندل وغيرهم عندما نشروا آراءهم التي تشكك في المحرقة. ولم نسمع خلال محاكمة روجيه جارودي التي استمرت عدة شهور أيا من الدول الغربية أو صحفها ان اثارت مسألة قداسة حرية الرأي والتعبير التي يحاججوننا بها الآن. وقد احتجت هيئة الدفاع عن المذكورين بأن رأيهم يقع ضمن حق حرية التعبير المضمونة بالقانون، ولكن المحكمة والصحافة كانت لهما اذن من طين وأخرى من عجين. وقد كان للاستغلال السيئ للمعايير المزدوجة من قبل الحكومات الغربية اثره في تعميق الهوة التي باتت تفصل بين الشرق والغرب وبين الاسلام والديانات الأخرى. فقد نشرت صحيفة الغارديان البريطانية يوم أمس مثالا صارخاً على ذلك. فقد اتضح ان الصحيفة الدنماركية نفسها التي نشرت الرسوم المسيئه للرسول الكريم، قد رفضت قبل 3 سنوات نشر رسوم كرتونية عن النبي عيسى عليه السلام بحجة انها عدوانية ومهينة وقد تثير احتجاجات عنيفة. وقد علق الرسام الذي ارسل الرسوم الى الجريدة ان ما حدث دليل على ان الجريدة كانت تثمن قراءها المسيحيين أكثر من المسلمين. والآن دعونا نقف هنا لحظة. جموع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها تطالب الصحيفة والحكومة الدنماركية بالاعتذار عن نشر الرسوم المسيئة للرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم. فهل سيفيدنا الاعتذار الآن بعد ان انتشرت الرسوم وشاهدها العالم كله؟ وهل سيمحو الاعتذار الاساءة التي حصلت للإسلام والمسلمين؟ لقد وقع ما وقع ولن نستطيع ان نعيد عقارب الساعة. ولكن نستطيع ان نطالب ونخطط للأفضل. فالغربيون لا يهمهم في هذه الدنيا إلا شيئان: وظيفة يرتزق منها، وكم سيدفع ضريبة للحكومة. وعليه أرى ان تستمر المقاطعة الشعبية للمنتجات الدنماركية في شكلها السلمي الحاصل حاليا، وان نتجنب الاعمال المنافية لتعاليم ديننا الحنيف من حرق او تدمير او مهاجمة للجاليات الغربية. وان يعرفوا بأن مطالبنا لإنهاء المقاطعة مرهون بقيام الصحيفة الدنماركية بنشر صفحات تعريفية كافية عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وعن الاسلام ليعرف الدنماركيون والغربيون سيرته العطرة وحتى يتعرفوا على حجم الاساءة التي اقترفتها الصحيفة بحق الرسول الكريم. وان تقوم الحكومة الدنماركية باستصدار قوانين تجرم وتعاقب كل من تسول له نفسه الحط من الانبياء أو الشرائع السماوية. وان تقوم الحكومات العربية والإسلامية بالعمل مع المجتمع الدولي عن طريق الامم المتحدة والاتحاد الأوروبي والمنظمات الأخرى على استصدار قوانين مشابهة حتى نضمن عدم تكرار هذا الأمر مستقبلاً. خلال الأيام الماضية صدر العديد من الآراء العاقلة من ساسة وصحفيين عالميين في أن حرية التعبير يجب ألا تجير للتطاول على المقدسات أو الانتقاص من الاعراق أو التشجيع على الكراهية كما هو الحاصل الآن. ويجب علينا استثمار هذه الآراء لتعريف العالم بمدى الخطأ والخطورة في التمادي في إهانة المقدسات السماوية، ووضع الحلول الرادعة لمنع تكرار ما حدث في الدنمارك. فاصلة يقول المستشرق الألماني سانت هيلر في كتابه "الشرقيون وعقائدهم": كان محمد النبيُّ داعياً إلى ديانة الإله الواحد، وكان في دعوته هذه لطيفاً ورحيماً حتى مع أعدائه. وإن في شخصيته صفتين هما من أجلّ الصفات التي تحملها النفس البشرية، وهما العدالة والرحمة.

مساحة إعلانية