رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تبقت أيام قليلة لإجراء الاستفتاء لتقرير المصير..وهو أمر اتفق عليه قبل خمس سنوات بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية.. وكيفما تكون نتيجة الاستفتاء فإن ذلك يأتي في إطار( الوفاء بالعهود) التي ظلت الحركة الشعبية تتهم بها المؤتمر الوطني وقياداته.. ولكن كما يقول المثل( الموية تكذب الغطاس) فإن المؤتمر الوطني أوفى ما تم الاتفاق عليه وهذا الذي سيجري بعيد أيام هو آخر استحقاقات الاتفاقية.. فهل أوفت الحركة الشعبية بما اتفقت عليه في اتفاقية واضحة البنود والمعالم وهل تنازلت الحركة عن مواقفها الظاهرة والباطنة ولو بمقدار سنتميتر واحد!؟.. لا أعتقد ذلك وهذا يبدو واضحاً من تصرفات منسوبيها وقيادتها.. فقد ظل باقان وعرمان في حالة تصريحات معادية خلقت جواً من التوتر للعديدين من قيادات المؤتمر.. هي مواقف وتصريحات غير مقبولة ومواقف معادية ويمكن جمعها وحصرها وإعلانها في كتاب موثق للتأكيد على أن الحركة خانت العهد وخططت منذ اليوم الأول للانفصال وتشديد الضغوط العربية على الشريك الأكبر مرات بالتعامل مع أحزاب المعارضة فتصبح( حاكمة ومعارضة) أو مع حركات دارفور فتعود بذلك إلى حالة التمرد( ما قبل الاتفاقية) وتارة رابعة بتحريض الجنائية على سيادة الدولة ورمزها.. وخامسة بطلب عدم رفع العقوبات عن السودان من قبل فارضيها وسادسة بتحريض امريكا بعدم تطبيع علاقاتها مع السودان وسابعة بإنشاء سفارات موازية في العديد من بلدان الإقليم والعالم وثامنة بتوجيه الاتهامات الجزائية للحكومة وهي شريكة فيها ومنفردة بحكومة الجنوب...
وقد لاحظنا أيضاً ونحن نراقب مسارات اتفاقية السلام الشامل التي هدفت أول ما هدفت إلى وقف العدائيات، ثم وقف الحرب، ثم العيش في سلام وتفاهم ووئام، لاحظنا أن القيادة المتمثلة في المؤتمر الوطني لم تتحدث ولو لمرة واحدة عن التقسيم أو الانفصال، لأن الحفاظ على الوحدة والسلام هو مبدأ التزمت وعهد قطعته ووثيقة وقعت عليه بل حتى بعد أن غيرت قيادات حكومة الجنوب موقفها وخلعت سترة السلام والوحدة وصدرت عنها تصريحات وتلميحات تقول بأنهم سوف يعلنون( الاستقلال) من داخل المجلس التشريعي للجنوب، وأنهم سوف يعملون على جلب الاعتراف والدعم والمساعدات التي تمكنهم من إدارة الدولة الجديدة، وبدأوا في ذلك منذ البدء في إنفاذ الاتفاقية، من فتح قنصليات وممثليات في مختلف البلدان وتجهيزات عسكرية، سلاح ثقيل ومروحيات هجومية وقاذفات، إيواء متمردي دارفور، وتصريحات الأمين العام التي قالت أن الحرب هذه المرة سوف تكون من نوع آخر وأنهم سوف يغزون الخرطوم، وتجمعات في المناطق الحدودية.. والاحتفال بالدولة الجديدة في شكل مظاهرات والبحث عن نشيد وطني.. المهم كل هذه السلوكيات التي سبقت الاستفتاء هي عبارة عن خرق صريح للاتفاقية وخروج عن النصوص.. والقيادة في المؤتمر الوطني ما زالت تتمسك بالوحدة والسلام ليس خشية من أحد ولكن مبدأً وواجباً ومسؤولية.. إذن على الطرف الذي ينادي بالانفصال والذين يدفعونه لفعل ذلك أن يتحمل مسؤولية نقض العهود وفصل الجنوب واقتطاع جزء مهم من بلادنا ليكون نهباً للآخرين من دول الجوار والطامعين المطلين من وراء البحار بحثاً عن ثروات الشعوب في غفريقيا التي يظنون أنها سهلة المنال ويعتقدون جازمين أن ثروات هذه القارة هي من أملاكهم الخاصة.
إن شعب السودان كله في شرقه وغربه ووسطه وشماله بل وفي جنوبه يريدون وحدة التراب ويريدون امتداد أواصر الإخاء والمواطنة.. ولكن القلة القليلة التي تحمل السلاح وتسدد الديون عليها من بعض الدول والمنظمات هي التي تقود الأمور صوب الانفصال.. فثلاثون بالمائة من سكان جنوب السودان على الأقل مسلمون ويريدون الوحدة وثلاثون بالمائة من غير المسيحيين ولم يقعوا في شباك القوى المسيحية يريدون الوحدة وعشرون بالمائة من الجنوبيين( نخب ومثقفون وغيرهم) ليسوا مع المتطرفين من الحركة في انحرافها تجاه الانفصال، بل إن عشرة بالمائة من منسوبي الحركة لا يريدون هذه الدعوة ولا يوافقون عليها.. تبقى الفئة القليلة جداً من قادة الحركة والمتحكمين عليها هم الذين يدفعون بالأمور تجاه الانفصال والوقوع في أحضان بعض دول الإقليم والأمبريالية العالمية والقوى الصهيونية التي تعتقد أنها عندما تسيطر على هذه الدولة الجديدة فإنها سوف تحكم قبضتها على مياه النيل الذي لا يشكل سوى عشرين بالمائة من جملة المياه العابرة بالسودان.
هل تعلم عزيزي القاريء بأن التمرد هو الذي دمر الجنوب نكاية في الحكومات السابقة فأول مصنع للنسيج في السودان أقامته الحكومة في إنزارا جنوب السودان وأن أول سد انشيء في السودان كان في مريدي بالاستوائية وأن مصنع سكر ملوط بعد أن اكتمل إعداده دمره المتمردون وأن جميع المنشآت الحكومية التي كانت بالولايات الجنوبية كانت أهدافاً لتخريب المتمردين مثل المدارس والجامعات والمستشفيات والجسور...
هذه حقائق لا يستطيع أن ينكرها إلا مكابر وهي تقف حتى اليوم شاهدة على خطل وكذب الادعاءات بأن الحكومات السودانية أهملت وهمشت الجنوب أو أي منطقة من مناطق السودان.
العدالة في بيئة العمل مبدأ قطري
جاءت مشاركة دولة قطر في جلسة التحالف العالمي للعدالة الاجتماعية التي أقيمت على هامش مجلس إدارة منظمة العمل... اقرأ المزيد
87
| 20 نوفمبر 2025
واحدة من صفات عباد الرحمن، هي الحلم والإحسان وعدم مقابلة السيئ بمثله. لماذا ؟ لأنهم في طاعة الله... اقرأ المزيد
144
| 20 نوفمبر 2025
لا تبخلوا بكلمة حلوة..
• الإنسان كيفما كان، وأينما كان على هذا الكوكب، يحتاج الزاد والقوة والدافع ليتحرّك وينجز ويُبدع. يحتاج من... اقرأ المزيد
105
| 20 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في عالم تتسابق فيه الدول لجذب رؤوس الأموال وتحفيز الاستثمار تبنّت دولة قطر نموذجًا قانونيًا لمنح فرص الإقامة للأجانب بضوابط قانونية محددة، أبرزها ما ورد في المادة (7) من قرار مجلس الوزراء رقم (28) لسنة 2020 والذي ينظم منح الإقامة للأجانب من خلال التملك العقاري في قطر، فقد فتحت الباب أمام غير القطريين للحصول على الإقامة عبر تملك العقارات أو الانتفاع بها، وفق شروط دقيقة. ويأتي هذا التوجه ضمن سياسة الدولة في تشجيع الاستثمار العقاري، وضخ المزيد من الاستثمارات في السوق العقارية المحلية، ويساهم في تحقيق رؤية قطر التنموية التي تسعى لجعل البلاد وجهة إقليمية رائدة للاستثمار والعيش الكريم. من شروط الحصول على الإقامة العقارية في دولة قطر لملاك العقارات غير القطريين، وأن يكون مؤهلاً للحصول على إقامة دائمة، كما وضع القانون شروطا واضحة ولابد من توافرها، بأن يشترط أن يقيم المستثمر داخل دولة قطر مدة لا تقل عن 90 يومًا في السنة، سواء كانت إقامة متصلة أو متقطعة حتى تستمر الإقامة في سريانها، ولاسيما أن تكون قيمة العقار لا تقل 730 ألف ريال قطري ويتم تقييم العقار وفقًا للقيمة السوقية المعتمدة من إدارة التسجيل العقاري بوزارة العدل ولا يقتصر ذلك فقط على قيمة الشراء المتفق عليه بين الطرفين، وإضافة على ذلك إذا بلغت قيمة العقار 3 ملايين و650 ألف ريال قطري أو أكثر فإن المالك المنتفع به يُمنح امتيازات إضافية لحاملي الإقامة الدائمة وتشمل التعليم الحكومي والرعاية الصحية وبعض التسهيلات الاستثمارية، وتظهر هذه الشروط ضمان جدية المستثمر. ويشدد القانون على أهمية إقامة مالك العقار في الدولة لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر من كل عام متصلة أو متواصلة، ويُقصد من هذا الشرط ضمان ارتباط حامل الإقامة العقارية فعليًا بدولة قطر، وعدم الاقتصار على التملك من الخارج دون تواجد فعلي، وفي الحالات الاستثنائية التي يتعذر فيها على المالك تحقيق شرط الـ90 يومًا بسبب ظروف قاهرة أو ضرورات خاصة تتيح اللوائح إمكانية تقديم طلب استثناء أو عذر رسمي للجهات المعنية، على سبيل المثال يمكن للمالك التقدم بطلب “تصريح عودة مقيم” لدى وزارة الداخلية إذا اضطر للبقاء خارج قطر مدة طويلة تتجاوز المسموح به، وذلك حفاظًا على صلاحية إقامته، يمنح تصريح العودة للمقيم فرصة عدم إسقاط إقامته عند تجاوز المدة المحددة للبقاء خارج البلاد والتي تكون عادة 6 أشهر كحد أقصى للإقامة العادية، حيث يتم توضيح أسباب الغياب وتقديم المستندات الداعمة للحصول على موافقة استثنائية، وبهذا الإجراء القانوني يمكن للمالك الحفاظ على إقامة العقار الخاصة به رغم عدم استيفائه شرط 90 يومًا في السنة في بعض الحالات الاستثنائية، شريطة موافقة الجهات الرسمية المختصة على العذر المقدم وفق الأصول القانونية. وفي سياق تحديد قيمة العقار المعتمد لهذا الغرض، أوضح القانون أن المرجعية تكون للقيمة السوقية التي تعتمدها إدارة التسجيل العقاري بوزارة العدل، وليس فقط سعر الشراء المُعلن، بمعنى آخر تحتسب أهلية العقار لمنح الإقامة بناءً على تقييم رسمي يعكس القيمة السوقية الحقيقية للعقار، هذا الإجراء يهدف إلى ضمان النزاهة وعدم التحايل في تقدير قيمة العقارات المطلوبة للحصول على الإقامة، وفي حال اختلف التقييم الرسمي عن سعر الشراء بشكل يؤثر على استيفاء شرط الحد الأدنى للقيمة، يمكن للمستثمر العقاري التقدم بطلب اعتراض أو إعادة تقييم لدى الجهات المختصة، لتصحيح أي تفاوت محتمل في تقدير قيمة العقار، وتتم عملية الاعتراض عبر تقديم المستندات والبيانات اللازمة لإعادة تقييم العقار من قبل إدارة التسجيل العقاري، حرصًا على أن يحصل المالك على حقه في التقييم العادل الذي يؤهله للإقامة العقارية إذا انطبقت الشروط. أما في حال قيام المالك ببيع العقار الذي منح بموجبه الإقامة، فإن رخصة الإقامة العقارية المرتبطة بهذا العقار تصبح مهددة بالإلغاء تلقائيًا لزوال سبب منحها، ولتفادي فقدان الإقامة فورًا حددت السلطات مهلة زمنية تمنح للمالك السابق من تاريخ بيع العقار، وذلك ليقوم خلالها إما بشراء عقار بديل يستوفي الشروط أو بتغيير وضع إقامته إلى كفالة أخرى مشروعة، وتبلغ مدة المهلة الممنوحة 3 أشهر من تاريخ بيع العقار، فإذا تمكن خلالها من شراء عقار بديل للقيمة المحددة 730 ألف ريال قطري على الأقل ونقل ملكيته باسمه، يستطيع حينها نقل الإقامة العقارية إلى العقار الجديد والاستمرار بالتمتع بها دون انقطاع، أما إذا انقضت المهلة دون شراء عقار جديد للشروط أو ترتيب كفالة إقامة بديلة مثل الانتقال لكفالة عمل، فإن الإقامة العقارية تُلغى بانتهاء تلك المهلة لانتهاء سبب استحقاقها، هذا التنظيم يمنح المستثمر الجاد فرصة لإعادة ترتيب أوضاعه دون إخلال فوري باستقراره في البلاد، وفي الوقت ذاته يضمن عدم بقاء الإقامة بدون أساس قانوني مستمر. الجدير بالذكر أن القانون نفسه ميّز امتيازات إضافية للمستثمرين العقاريين الذين تبلغ قيمة ممتلكاتهم العقارية حدًا أعلى، فبحسب المادة (7) سالفة الذكر، إذا وصلت القيمة السوقية للعقار الذي يمتلكه الأجنبي إلى 3,650,000 ريال قطري أو أكثر ما يعادل مليون دولار أمريكي تقريبًا، فإن مالك العقار يحظى بامتيازات إقامة دائمة مماثلة لتلك التي يتمتع بها حامل بطاقة الإقامة الدائمة، وتشمل هذه الامتيازات التعليم والصحة المجانية في المؤسسات الحكومية لأفراد أسرته، إضافة إلى تسهيلات في مجال الاستثمار والمعاملات التجارية، وبذلك يعد حافزًا كبيرًا للمستثمرين الراغبين في مزايا طويلة الأمد.
10008
| 13 نوفمبر 2025
وفقًا للمؤشرات التقليدية، شهدت أسهم التكنولوجيا هذا العام ارتفاعًا في تقييماتها دفعها إلى منطقة الفقاعة. فقد وصلت مضاعفات الأرباح المتوقعة إلى مستويات نادرًا ما شوهدت من قبل، لذلك، لم يكن التراجع في التقييمات منذ منتصف أكتوبر مفاجئًا. وقد يعكس هذا الانخفاض حالة من الحذر وجني الأرباح. وقد يكون مؤشرًا على تراجع أكبر قادم، أو مجرد استراحة في سوق صاعدة طويلة الأمد تصاحب ثورة الذكاء الاصطناعي. وحتى الآن، لا يُعدّ الهبوط الأخير في سوق الأسهم أكثر من مجرد "تصحيح" محدود. فقد تراجعت الأسواق في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها سجلت ارتفاعًا طفيفًا خلال الأسبوع الذي بدأ يوم الاثنين 10 من الشهر نفسه، لكنها عادت وانخفضت في نهاية الأسبوع. وما تزال السوق إجمالاً عند مستويات مرتفعة مقارنة بشهر أبريل، حين شهدت انخفاضًا مرتبطًا بإعلان الرئيس دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية. فعلى سبيل المثال: تراجعت أسهم شركة إنفيديا بنحو 10% في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها بقيت أعلى بنحو 60% مقارنة بما كانت عليه قبل ستة أشهر فقط. مؤشر S&P 500 انخفض إلى 6700 في الرابع عشر من نوفمبر، مقارنة بذروة بلغت 6920، وما زال أعلى بنحو سبعين بالمئة مقارنة بنوفمبر 2022. هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى على القيمة السوقية الإجمالية أصبحت واضحة. فمع نهاية أكتوبر، ورغم ارتفاع المؤشر طوال العام، باستثناء التراجع في أبريل، شهدت نحو 397 شركة من شركات المؤشر انخفاضًا في قيمتها خلال تلك الفترة. ثماني من أكبر عشر شركات في المؤشر هي شركات تكنولوجية. وتمثل هذه الشركات 36% من إجمالي القيمة السوقية في الولايات المتحدة، و60% من المكاسب المحققة منذ أبريل. وعلى عكس ما حدث لشركات الدوت كوم الناشئة قبل 25 عامًا، تتمتع شركات التكنولوجيا اليوم بإيرادات قوية ونماذج أعمال متينة، حيث تتجاوز خدماتها نطاق الذكاء الاصطناعي لتشمل برمجيات تطبيقات الأعمال والحوسبة السحابية. وهناك حجّة قوية مفادها أن جزءًا كبيرًا من الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي يأتي من شركات كبرى مربحة تتمتع بمراكز نقدية قوية، ما يجعل هذه الاستثمارات أقل عرضة للمخاطر مقارنة بموجات الحماس السابقة في قطاع التكنولوجيا. غير أن حجم الاستثمارات المخطط لها في مراكز البيانات أثار مخاوف لدى بعض المستثمرين. كما أن هناك 10 شركات ناشئة خاسرة متخصصة في الذكاء الاصطناعي تقدر قيمتها مجتمعة بنحو تريليون دولار. وهناك ايضاً تراجع صدور البيانات الاقتصادية الأمريكية بسبب الإغلاق الحكومي الذي دخل شهره الثاني، فلم تُنشر أي بيانات وظائف رسمية منذ 5 سبتمبر، ما دفع المحللين للاعتماد على بيانات خاصة. هذه البيانات أظهرت أعلى مستوى لتسريح الموظفين منذ 2003 في أكتوبر. كما جاءت نتائج أرباح بعض الشركات التقليدية مخيبة، حيث هبط سهم مطاعم تشيبوتلي بنحو 13% في نهاية أكتوبر بعد إعلان نتائج دون توقعات السوق.
2454
| 16 نوفمبر 2025
يحتلّ برّ الوالدين مكانة سامقة في منظومة القيم القرآنية، حتى جعله الله مقرونًا بعبادته في قوله تعالى: ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [الإسراء: 23]، فجمع بين التوحيد والإحسان إليهما في آية واحدة، ليؤكد أن البرّ بهما ليس مجرّد خُلقٍ اجتماعي، بل عبادة روحية عظيمة لا تقلّ شأنًا عن أركان الإيمان. القرآن الكريم يقدّم برّ الوالدين باعتباره جهادًا لا شوكة فيه، لأن مجاهد النفس في الصبر عليهما، ورعاية شيخوختهما، واحتمال تقلب مزاجهما في الكبر، هو صورة من صور الجهاد الحقيقي الذي يتطلّب ثباتًا ومجاهدة للنفس. قال تعالى: ﴿وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان: 15]، فحتى في حال اختلاف العقيدة، يبقى البرّ حقًا لا يسقط. وفي الآية الأخرى ﴿وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: 24]، يربط القرآن مشاعر الإنسان بذاكرته العاطفية، ليعيده إلى لحظات الضعف الأولى حين كان هو المحتاج، وهما السند. فالبرّ ليس ردّ جميلٍ فحسب، بل هو اعتراف دائم بفضلٍ لا يُقاس، ورحمة متجددة تستلهم روحها من الرحمة الإلهية نفسها. ومن المنظور القرآني، لا يتوقف البرّ عند الحياة، بل يمتدّ بعد الموت في الدعاء والعمل الصالح، كما قال النبي ﷺ: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث... « وذكر منها «ولد صالح يدعو له» (رواه مسلم). فالبرّ استمرارية للقيم التي غرساها، وجسر يصل الدنيا بالآخرة. في زمن تتسارع فيه الإيقاعات وتبهت فيه العواطف، يعيدنا القرآن إلى الأصل: أن الوالدين بابان من أبواب الجنة، لا يُفتحان مرتين. فبرّهما ليس ترفًا عاطفيًا ولا مجاملة اجتماعية، بل هو امتحان للإيمان وميزان للوفاء، به تُقاس إنسانية الإنسان وصدق علاقته بربه. البرّ بالوالدين هو الجهاد الهادئ الذي يُزهر رضا، ويورث نورًا لا يخبو.
1383
| 14 نوفمبر 2025