رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

المحامي عبد الله نويمي الهاجري

إنستغرام: @9999

مساحة إعلانية

مقالات

162

المحامي عبد الله نويمي الهاجري

ندب الخبراء.. رأي للاستئناس

06 أكتوبر 2025 , 01:27ص

قبل إصدار حكم في موضوع قضية معينة، يكون القاضي ملزماً بمراجعة المستندات المقدمة إليه من قبل الأطراف، وتمحيص كل الوثائق واستخدام مختلف وسائل الإثبات المقررة قانوناً من أجل تكوين قناعة خالصة وبناء حكم مستند إليها. فالقاضي غالباً رغم الشروط المتوفرة فيه من تكوين قانوني عال وخصائص مميزة إلا أنه يفتقر للمعرفة والاطلاع المعمق على بعض الأمور التي تعرض عليه للبت فيها، والتي تتعلق في الغالب بمسائل فنية تحتاج أهل الخبرة والاختصاص من أجل تنوير قناعة القاضي وإعطائه رأياً سديداً يستطيع من خلاله صياغة حكم مبني على أسس صحيحة.

 من أجل ذلك خول المشرع للقاضي أثناء نظر الدعوى ندب خبير متخصص في مجال القضية المراد أخذ رأي فني للحكم فيها، ويخضع ذلك لأحكام المواد من 333 إلى 361 من قانون المرافعات المدنية والتجارية، فإذا ارتأى القاضي أن الدعوى المعروضة عليه تستدعي الاستئناس برأي شخص متخصص وعلى دراية واسعة بجزئية معينة يصعب تحديد الموقف منها بمجرد الاستناد إلى التفسير القانوني، قضى بحكم تمهيدي وقبل الفصل في الموضوع بندب خبير للقيام بمأمورية محددة النطاق وتقديم تقرير فيها للمحكمة من أجل الاطلاع عليه ومساعدتها في إصدار الحكم وهي على بينة بكل جوانب القضية سواء القانونية أو الفنية. 

وضع المشرع تنظيماً محكماً لإجراءات ندب الخبراء في الدعاوى وطريقة عملهم، فإذا عهد القاضي لخبير بتقديم تقرير فني في مأمورية معينة حدد له ضمن الحكم التمهيدي مبلغ أمانته وألزم أحد الأطراف أو جميعهم بإيداعها، وعليه حسب المادة 344 من قانون المرافعات بمجرد إعلانه بقرار الندب أن يحدد موعداً لبدء عمله لا يتجاوز 15 يوماً الموالية لتكليفه، وعليه أن يدعو الخصوم للاجتماع به بكتب مسجلة ترسل قبل 7 أيام من الموعد المحدد، وأن يتدارس معهم جميع النقاط والمسائل التي تخص موضوع المأمورية والتي لا تخرج عن النطاق المحدد له بموجب الحكم، وعليه أيضاً أن يسمع أقوالهم وأقوال أي شخص مفيد في إنجاز المأمورية، وأن يتم تضمين كل ذلك بمحضر أعمال يوقع عليه جميع الأطراف الذين تم الاستماع إلى إفادتهم، وكل ذلك من أجل إتمام المأمورية وفقاً لما نصت عليه المادتان 349 و350 من قانون المرافعات بإيداع التقرير بقلم كتاب المحكمة موقع منه يتضمن نتيجة أعماله ورأيه والأسانيد التي ارتكز عليها في التوصل إلى تلك النتيجة. 

والخبير لكي لا يجعل تقريره مشوباً بالعيوب أو عرضة للبطلان عليه أن يتقيد في مأموريته بالنقاط المحددة ضمن الحكم التمهيدي القاضي بندبه، فلا يجوز له تخطي ما حددته المحكمة، مثل أن ينص الحكم على ندب الخبير من أجل استبيان الوضعية الحسابية الحقيقية للشركة فيقدم الخبير تقريراً بخصوص الوضعية الحسابية للشركة وفروعها والوضعية الحسابية لشركات أخرى لنفس المالك. كما أن عمل الخبير يقتصر فقط على إبداء رأيه بشأن الجوانب الفنية، ولا يجوز له النظر في المسائل المتعلقة بالقانون أو موضوع الدعوى لأنه بذلك يكون قد تقمص دور القاضي وهو ما لا يستساغ قانوناً وقضاء، مثل أن يتضمن تقرير الخبير فصلاً في الحقوق بين الأطراف المتداعية أو تفسيراً قانونياً صرفاً. وتقرير الخبرة عند إيداعه بملف الدعوى لا يعدو عن كونه رأياً من شخص ذي خبرة في الجزئية المراد تنوير قناعة القاضي بشأنها، فهو لا يلزمه في شيء، إذ يمكن أن يحكم وفق ما توصل إليه الخبير من نتائج ويمكن أيضاً أن يحكم بخلاف ما تضمنه التقرير، فالقضاء له السلطة التقديرية في الأخذ به من عدمه شريطة بناء حكمه على أسباب وأسانيد تسوغه من الناحية القانونية.

مساحة إعلانية