رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
منذ سنة، رفعت الإدارة الأمريكية اسم حزب الله، وإيران معه، من لائحتها الخاصة بالإرهاب! حصلَ هذا في وقتٍ بلغ فيه انغماس الحزب المذكور قمةً غير مسبوقة في قتل السوريين على أوسع دائرةٍ ممكنة من الأرض السورية، بعد أن كانت أفعاله قبل ذلك تقتصر على مناطق محددة بعينها.
ولكي نفهم هذه الظاهرة، ونفهم معها الأهمية الاستراتيجية لخطوة دول مجلس التعاون الخليجي في تصنيفه الحزب كمنظمةٍ إرهابية الأسبوع الفائت، يجب أن نعود إلى ملابسات التعريف الأمريكي للإرهاب، ومقاييسه.
فالتقرير الذي يقدمه سنوياً مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية يقوم بشكلٍ حصري على إعداد "قائمة التحديات الإرهابية التي تواجه الولايات المتحدة". والمعنى الواضح من ذلك يتمثل في أن الحسابات المتعلقة بمن يكون أو لا يكون على قائمة الإرهاب تتعلق حصراً بتقديرات المصالح الأمريكية، حسبما تراها الجهات المختصة. وهذا يعني أن تهديد مصالح الدول الأخرى، بما فيها دولٌ يمكن اعتبارها حليفة في كثير من الأحوال، لا يدخل في حسابات تركيب القائمة المذكورة. أي أن على هذه الدول، في نهاية المطاف، أن "تقلعَ شوكَها بأيديها" ولا تعتمد، عملياً، على ما يمكن أن يترتب على القائمة الأمريكية من قرارات وسياسات.
يجب الانتباه هنا إلى أن التقرير المذكور، المقدم من هيئة استخباراتية كبرى، لا يمكن أن يعتمد على مجرد عملية إحصاء واستقراء من بعيد لحالة التنظيمات وتصرفاتها وعملياتها، فلو كان هذا الحال لأضحى حذف اسم حزب الله، وإيران، من القائمة في التقرير المقدم بتاريخ 26 فبراير / شباط من العام الماضي 2015 غريباً وغير مفهوم. ببساطة، لأن التقرير نفسه أوردَ الحزب على قائمة التنظيمات الإرهابية عام 2014، وقَبلَها منذ عام 2011 باستمرار، مبرراً هذا بأن "نشاطه الإرهابي العالمي في السنوات الأخيرة زاد إلى مستوىً لم نشهده منذ التسعينيات" بالحرف.
ماذا تغير إذاً في سنةٍ واحدة؟ يُظهرُ الاستقراء المنطقي أن حذف اسم الحزب، وإيران، من القائمة عام 2015 جاء في معرض ترتيباتٍ أكبر تتعلق بمُجمل التفاهمات الأمريكية مع إيران وأدواتها في المنطقة. وليس من قبيل المبالغة أن تكون ثمة تعهداتٌ جدية، بكل مقتضياتها العملية، من قبل الحزب وراعيته، هي العاملَ الرئيسَ في هذا التغيير الغريب في الموقف خلال عامٍ واحد. توخياً للدقة، يجب التنبيه إلى أن حزب الله لا يزال يُعتبرُ إرهابياً على القائمة التاريخية لوزارة الخارجية. ورغم أن من الواضح أن ثمة أسباباً تكتيكية لوجود قائمتين أمريكيتين، إلا أن الوقائع تؤكدُ أن السياسات العملية المتعلقة بهذا الموضوع تُبنى وفق القائمة الأولى المذكورة أعلاه.
المفارقة أن التقرير لم يأتِ على ذكر حزب الله إلا مرةً واحدة، وجاءت في معرض القول بأن الحزب يواجه تهديدات من جماعات متشددة سنية مثل (داعش) و(جبهة النصرة). مع الإشارة إلى جهود إيران في محاربة "المتطرفين السنة"، ومن بينهم مقاتلو "تنظيم الدولة الإسلامية" الذين لا يزالون يُشكلون أبرز تهديد إرهابي على المصالح الأمريكية في العالم" حسب التقرير.
المفارقة أيضاً أن أوروبا لم ترغب في وضع الحزب على قائمة التنظيمات الإرهابية على مدى السنوات السابقة، وكان أقصى ما فعلته، بعد مناقشات طويلة، وضع ما سُمي "الجناح العسكري لحزب الله اللبناني" على قائمة المنظمات الإرهابية، وكأن الفصلَ الدقيق ممكنٌ بين هذا الجناح والمنظمة الأم! وتمﱠ هذا في منتصف عام 2013، أي بعد شيوع العلم بالممارسات الإرهابية للحزب في سوريا والعراق وغيرهما.
باختصار، كلٌ يبحث عن مصالحه في هذا العالم، حتى حين يتعلق الأمر بموضوع الإرهاب الذي يُجيَشُ العالَمُ للتوحد حول محاربته. ورغم ضرورة أن يحصل هذا عملياً، لكن درجة الشعاراتية والتوظيف من جهة، والازدواجية والنفاق من جهةٍ أخرى، في التعامل مع الموضوع لا تترك مجالاً للدول العربية، بقيادة السعودية ودول الخليج، سوى التعامل معه بما تقتضيه، ليس فقط مصلحتها، بل الحد الأدنى من مبادئ الإنسانية وأخلاقياتها.
فمنذ أقل من عشرة أيام، صَنف من يُسمى "مرشداً" للثورة الإسلامية في إيران الشعب السوري كله بالكفر قائلاً: "إن جنودنا يطلبون الإذن للقتال في جبهة الإسلام ضد جبهة الكفر هناك". فأيﱡ شيءٍ يمكن أن يكون توصيفاً للإرهاب بالكلمة والفعل، وسبباً له، ومدعاةً لمحاربة أهله، أكثر من هذه التصريحات.
للقرار الخليجي، والعربي، إذاً تبعات ودائل كثيرة على المستوى الآني والاستراتيجي، وفيه رسائل يجب أن تصلَ إلى المعنيين.
فالحرب على الإرهاب في سوريا، والعراق وغيرهما، باتت رسمياً وقانونياً تتضمن الحرب على حزب الله وعصاباته الموجودة فيها بأسماء مختلفة، وهذا ما سيحصل عاجلاً أو آجلاً. والدولة التي ترعى، جهاراً نهاراً، تنظيماً إرهابياً يجب ألا تتوقع سوى الردع والعقوبة بكل الطرق والوسائل. والدولة التي ترضى بأن يكون تنظيمٌ إرهابي أحد مكوناتها السياسية يجب أن تراجع كل ما له علاقة بالموضوع. والدولة التي تستقبل وفداً لمنظمةٍ إرهابية وتقيم علاقات معها يجب أن "تتحسس البطحة التي على رأسها". وعشرات الآلاف الذين يأكلون من خير الخليج ثم يُرسلون أموالهم لدعم منظمةٍ إرهابية بشكلٍ مباشر وغير مباشر يجب ألا يلوموا إلا أنفسهم في مصيرهم القادم.
بل إن كل الحركات والتنظيمات التي تعمل في المنطقة، بشكلٍ ميليشياوي، حتى لو كانت حركتُها مشروعةً الآن لسببٍ أو آخر، إلا أنها مدعوةٌ لإعادة النظر في طريقة عملها في المستقبل القريب قبل البعيد، حيث لم يعد ثمة مكانٌ لمثل هذا النوع من الوجود الذي لا يحفظ أمناً ولا يوفر استقراراً للشعوب، ولا يؤدي إلا إلى الفوضى الشاملة. ومن المنطقي للجميع التركيز على مفهوم (الدولة) كهيكلٍ سياسي ناظمٍ لحركة المجتمعات، وهو ما يضعُ، بدورهِ، مسؤولياتٍ كبرى على الدول نفسها لترتقي إلى القيام بمقتضيات هذا الدور.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
لم يكن ما فعلته منصة (إكس) مؤخرًا مجرّد تحديثٍ تقني أو خطوةٍ إدارية عابرة، بل كان دون مبالغة لحظةً كاشفة. فحين سمحت منصة (إكس) بقرارٍ مباشر من مالكها إيلون ماسك، بظهور بيانات الهوية الجغرافية للحسابات، لم تنكشف حسابات أفرادٍ فحسب، بل انكشفت منظوماتٌ كاملة، دولٌ وغرف عمليات، وشبكات منظمة وحسابات تتحدث بلسان العرب والمسلمين، بينما تُدار من خارجهم. تلك اللحظة أزاحت الستار عن مسرحٍ رقميٍّ ظلّ لسنوات يُدار في الخفاء، تُخاض فيه معارك وهمية، وتُشعل فيه نيران الفتنة بأيدٍ لا نراها، وبأصواتٍ لا تنتمي لما تدّعيه. وحين كُشفت هويات المستخدمين، وظهرت بلدان تشغيل الحسابات ومواقعها الفعلية، تبيّن بوضوحٍ لا يحتمل التأويل أن جزءًا كبيرًا من الهجوم المتبادل بين العرب والمسلمين لم يكن عفويًا ولا شعبيًا، بل كان مفتعلًا ومُدارًا ومموّلًا. حساباتٌ تتكلم بلهجة هذه الدولة، وتنتحل هوية تلك الطائفة، وتدّعي الغيرة على هذا الدين أو ذاك الوطن، بينما تُدار فعليًا من غرفٍ بعيدة، خارج الجغرافيا. والحقيقة أن المعركة لم تكن يومًا بين الشعوب، بل كانت ولا تزال حربًا على وعي الشعوب. لقد انكشفت حقيقة مؤلمة، لكنها ضرورية: أن كثيرًا مما نظنه خلافًا شعبيًا لم يكن إلا وقودًا رقميًا لسياسات خارجية، وأجندات ترى في وحدة المسلمين خطرًا، وفي تماسكهم تهديدًا، وفي اختلافهم فرصةً لا تُفوّت. فتُضخ التغريدات، وتُدار الهاشتاقات، ويُصنع الغضب، ويُعاد تدوير الكراهية، حتى تبدو وكأنها رأي عام، بينما هي في حقيقتها رأيٌ مُصنَّع. وما إن سقط القناع، حتى ظهر التناقض الصارخ بين الواقع الرقمي والواقع الإنساني الحقيقي. وهنا تتجلى حقيقة أعترف أنني لم أكن أؤمن بها من قبل، حقيقة غيّرت فكري ونظرتي للأحداث الرياضية، بعد ابتعادي عنها وعدم حماسي للمشاركة فيها، لكن ما حدث في قطر، خلال كأس العرب، غيّر رأيي كليًا. هنا رأيت الحقيقة كما هي: رأيت الشعوب العربية تتعانق لا تتصارع، وتهتف لبعضها لا ضد بعضها. رأيت الحب، والفرح، والاحترام، والاعتزاز المشترك، بلا هاشتاقات ولا رتويت، بلا حسابات وهمية، ولا جيوش إلكترونية. هناك في المدرجات، انهارت رواية الكراهية، وسقط وهم أن الشعوب تكره بعضها، وتأكد أن ما يُضخ في الفضاء الرقمي لا يمثل الشعوب، بل يمثل من يريد تفريق الأمة وتمزيق لُحمتها. فالدوحة لم تكن بطولة كرة قدم فحسب، بل كانت استفتاءً شعبيًا صامتًا، قال فيه الناس بوضوح: بلادُ العُرب أوطاني، وكلُّ العُربِ إخواني. وما حدث على منصة (إكس) لا يجب أن يمرّ مرور الكرام، لأنه يضع أمامنا سؤالًا مصيريًا: هل سنظل نُستدرج إلى معارك لا نعرف من أشعلها، ومن المستفيد منها؟ لقد ثبت أن الكلمة قد تكون سلاحًا، وأن الحساب الوهمي قد يكون أخطر من طائرةٍ مُسيّرة، وأن الفتنة حين تُدار باحتراف قد تُسقط ما لا تُسقطه الحروب. وإذا كانت بعض المنصات قد كشفت شيئًا من الحقيقة، فإن المسؤولية اليوم تقع علينا نحن، أن نُحسن الشك قبل أن نُسيء الظن، وأن نسأل: من المستفيد؟ قبل أن نكتب أو نشارك أو نرد، وأن نُدرك أن وحدة المسلمين ليست شعارًا عاطفيًا، بل مشروع حياة، يحتاج وعيًا، وحماية، ودراسة. لقد انفضحت الأدوات، وبقي الامتحان. إما أن نكون وقود الفتنة أو حُرّاس الوعي ولا خيار ثالث لمن فهم الدرس والتاريخ.. لا يرحم الغافلين
834
| 16 ديسمبر 2025
يترقّب الشارع الرياضي العربي نهائي كأس العرب، الذي يجمع المنتخبين الأردني والمغربي على استاد لوسيل، في مواجهة تحمل كل مقومات المباراة الكبيرة، فنيًا وبدنيًا وذهنيًا. المنتخب الأردني تأهل إلى النهائي بعد مشوار اتسم بالانضباط والروح الجماعية العالية. كما بدا تأثره بفكر مدربه جمال السلامي، الذي نجح في بناء منظومة متماسكة تعرف متى تضغط ومتى تُغلق المساحات. الأردن لم يعتمد على الحلول الفردية بقدر ما راهن على الالتزام، واللعب كوحدة واحدة، إلى جانب الشراسة في الالتحامات والقتالية في كل كرة. في المقابل، يدخل المنتخب المغربي النهائي بثقة كبيرة، بعد أداء تصاعدي خلال البطولة. المغرب يمتلك تنوعًا في الخيارات الهجومية، وسرعة في التحولات، وقدرة واضحة على فرض الإيقاع المناسب للمباراة. الفريق يجمع بين الانضباط التكتيكي والقوة البدنية، مع حضور هجومي فعّال يجعله من أخطر منتخبات البطولة أمام المرمى. النهائي يُنتظر أن يكون مواجهة توازنات دقيقة. الأردن سيحاول كسر الإيقاع العام للمباراة والاعتماد على التنظيم والضغط المدروس، بينما يسعى المغرب إلى فرض أسلوبه والاستفادة من الاستحواذ والسرعة في الأطراف. الصراع في وسط الملعب سيكون مفتاح المباراة، حيث تُحسم السيطرة وتُصنع الفوارق. بعيدًا عن الأسماء، ما يجمع الفريقين هو الروح القتالية والرغبة الواضحة في التتويج. المباراة لن تكون سهلة على الطرفين، والأخطاء ستكون مكلفة في لقاء لا يقبل التعويض. كلمة أخيرة: على استاد لوسيل، وفي أجواء جماهيرية منتظرة، يقف الأردن والمغرب أمام فرصة تاريخية لرفع كأس العرب. نهائي لا يُحسم بالتوقعات، بل بالتفاصيل، والتركيز، والقدرة على الصمود حتى اللحظة الأخيرة.
678
| 18 ديسمبر 2025
يوماً بعد يوم تكبر قطر في عيون ناظريها من كأس العالم الذي أبهر وأدهش وأتقن، الى احتضان فعاليات كأس العرب. نعم نجحت قطر في جمع العرب في ملتقى استثنائي، بدأ بافتتاح مهيب وأسطوري اجتمعت فيه حضارة العرب وعاداتهم وأحلامهم ونجحت في تقديم فلسفة الاستاد خلال الأيام الماضية على أنه البيت العربي الكبير الذي يجمع العرب متجاوزين الحدود والفوارق. لقد تبيّن لنا أن هناك الكثير مما يجمع العرب، وليس حرف الضاد وحده، فها هي كرة قدم أظهرت أنهم يقفون ويستطيعون البناء وتقديم الأفضل، وأن هناك جيلا متفائلا يؤمن بالمستقبل وبأنه قادر على أن ينهض من تحت الركام، جيل جديد يتنفس عطاءً ويضع لبنات البناء الذي يعيد المجد لهذه الأمة. أما فلسطين فكانت حاضرة في هذا المهرجان الكروي، في تضامن ليس جديدا أو غريبا على قطر وشعبها، ولعل الأوبريت المؤثر حين جمع قصص الاناشيد الوطنية للدول العربية عبّر لكل الحاضرين والمشاهدين أن تحريرها ممكن وان وحدتنا ممكنة. قطر ومن جديد تجمع العرب في كأس العرب للمرة الثانية من المحيط الى الخليج في هذه الاحتفالية الكروية التي تعد الأكبر في العالم العربي، والسؤال الذي يطرح نفسه عن سرّ نجاح قطر مرة تلو الأخرى؟ لقد وضعت قطر بصمتها على خريطة العرب والعالم فأصبح يشار إليها بالبنان لما تمتلكه من قدرات استثنائية على استضافة الأحداث الرياضية الكبرى وتمثل كأس العرب فصلاً جديداً في هذا الإرث الرياضي الغني والمتنوع. قطر وخلال أعوام مضت وضعت رؤيتها، وحددت هدفها وسخرت امكاناتها، وبذلت كل ما تستطيع لتحقيق ما رأيناه من ترتيبات لإقامة كأس العالم على أرض صغيرة حجما، كبيرة بالفعل فكان لها ما أرادت واستقر الهدف وجاءت في هذه البطولة لتبني على ما تم انجازه وتعطي أكثر وأكثر. تمتلئ ملاعب قطر بالجماهير التي تحول ملاعب المونديال الأيقونية إلى مسرح جديد للإثارة الكروية العربية يستفيد فيها المشاركون والجماهير من منظومة متكاملة، أسست على أرقى المعايير البيئية العالمية، فهي لم تعتمد بناء ملاعب يطلق عليها مصطلح الأفيال البيضاء ببناء أبنية ضخمة لا داعي لها بل شيدت على مبدأ الاستدامة واستخدام أدوات صديقة للبيئة بحيث يمكن تفكيك وإعادة استخدام الملاعب وفق خطة مدروسة بمجرد الانتهاء منها سواء بإعادة تدويرها في مشروعات داخلية أو بالتبرّع بها وإهدائها إلى دول أخرى لرفع كفاءة منشآتها الرياضية إضافة الا أنها ملاعب بلا تدخين وملاعب يصدح فيها صوت الأذان انجاز مختلف ومقدر. يضاف إلى هذه الملاعب المونديالية، أنها استفادت من البنية التحتية الرياضية الواسعة التي أولت قطر اهتماما كبيرا بها بما في ذلك مرافق التدريب الحديثة، ومناطق المشجعين التي توفر تجربة ترفيهية متكاملة وفي نقطة تحسب لهذه الجهود تتضمن الملاعب خيارات أماكن مخصصة للمشجعين من ذوي الإعاقة. وهنا لا بد من ذكر تسهيلات حركة المشجعين من خلال شبكة منظمة من المواصلات فنجاحها يعد حجر الزاوية في انجاح البطولة فهي توفر شبكة نقل حديثة ومتكاملة تتمتع بسلاستها وفعاليتها مع وجود مترو الدوحة العمود الفقري للدوحة الذي يربط غالبية الملاعب والمناطق الحيوية في قطر خلال دقائق معدودة، بجانب منظومة نقل عام فعالة سلسة الحركة خلال الفعاليات الكبرى، فضلا عن طرق حديثة تساهم بصورة كبيرة في تقليل الازدحام وتعزيز انسيابية حركة الجماهير. وإلى جانب ذلك، يتوفر أسطول حديث من الحافلات الكهربائية الصديقة للبيئة لتقليل الانبعاثات الكربونية، وكذلك خدمة نقل عام مستدامة وفعالة تشمل "مترولينك"، والتي تتمثل في شبكة حافلات فرعية مجانية تربط بين محطات المترو والأماكن المحيطة. لقد ركزت قطر على الاستدامة عبر استخدام حافلات كهربائية وتقليل الاعتماد على السيارات الخاصة، وتوفير تجربة سلسة في نقل المشجعين مع الأخذ في الاعتبار احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة عند تصميم وسائل النقل والمحطات، وهو الأمر الذي يساعد على ترك إرث مستدام لقطر يعزز من مكانتها كمركز للفعاليات العالمية. وبينما تدار المباريات من جهة تقام مجموعة من الفعاليات الثقافية والترفيهية لتعزيز تجربة المشجعين وخلق أجواء إيجابية وبناء جسور بينهم حيث ترحب قطر بهم بطريقتها وبحسن وكرم الاخلاق والضيافة. أي انجاز هذا، خطوة ٌتحسب وتقدر ونقطةٌ بألف هدف، فقطر تربط استثمارها بالرياضة بتحقيق نمو اقتصادي وسياحي وفي نفس الوقت وفي هذا المحفل العربي الاخوي تزيل اسباب الفرقة وتقرب المسافات في تجمع لم نكن نراه او يشهد له في من سبقها من فعاليات لكأس العرب. أي انجازٍ هذا في أكبر تجمع عربي، إذا هي الارادة الجادة والحقيقية المنتمية، تغلفها الشجاعة والاقتدار الساعية لبث الخير. قطر لا تمتلك المال فقط، إنما هي تتبع قواعد النجاح وتركز على الإنسان وفكره وتطويره، لا تترك جهدا ً في الاستفادة من خبرات الآخرين والتعلم منها والبناء عليها، وتعطي الفرص وتمنح المساحات للعطاء لمن يريد من القطريين أو غيرهم ممن يعيشون على أرضها. من استاد ملعب البيت كان الافتتاح، ولن تكون النهاية، لقد أصبحت قطر على الدوام البيت الذي يجمع ولا يفرق يلم الجراح ويبث الطمأنينة. الأمل يحدونا لأن نزيد ما تم بناؤه فكريا وروحيا ومعنويا في قطر، وفي غيرها من شقيقاتها من الدول العربية والإسلامية، حتى نغدو منارة يهتدى بنا.
675
| 15 ديسمبر 2025