رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محمد صالح البدراني

مساحة إعلانية

مقالات

555

محمد صالح البدراني

ترامب وخوف أوروبا من ارتداد الصهيونية

06 فبراير 2025 , 02:00ص

الصهيونية ماركة تجارية للتخلص من اليهود: الصهيونية حركة سياسية علمانية مدعومة من الدول المسيحية الأوروبية للخلاص من اليهود، فهم يعدونهم جسما غريبا ولطالما قمعوهم وهجروهم، وقد ذكرنا ذلك تفصيلا في مقترح الدولة الواحدة لحل القضية الفلسطينية ومقالات أخرى تتكامل مع بعضها، وكانت الهجرة قد بدأت فعلا منذ القرن التاسع عشر لإقامة مشاريع ولم ترق الفكرة الصهيونية لليهود لكنهم كانوا يجدون أن هنالك وضعا أنسب لهم، وهكذا كانت الهجرة من شرق أوروبا أيضا ومن أوكرانيا التي كانت الحرب فيها ربما لدفع المزيد من اليهود للهجرة، لكن السابع من أكتوبر ممكن أن يجعل الأمور مختلفة، وهذا يشبه ما حصل في الهولوكوست «عندما قررت ألمانيا النازية، أنها يجب أن تكون مسيحية خالصة وعلى اليهود أن يرحلوا، تم الاتفاق مع الحركة الصهيونية أن يرسلوهم إلى فلسطين». هكذا تكلم هنري لورانس، ولعل هذا الرأي يدعمه المؤرخ الإسرائيلي الأمريكي عمير بارتوف الذي ألف كتابا حديثا بالإنجليزية عنوانه «قصص الحدود. صناعة الماضي ومحوه في أوكرانيا» يقارب بين الحالتين.

    - حق الدفاع عن النفس

فلسطين أرض محتلة وليست مسكونة من مهاجرين إليها، فلو كان الوجود اليهودي من المهاجرين السبب لنشب الصراع منذ زمن بعيد أقربه 1880 لأن الحماية المزعومة للمهاجرين من الفرنسيين والبريطانيين لاحقا لم تكن لتحميهم فعلا لكنها إقناع لهم أنهم بحاجة لحماية ليكونوا قاعدة متقدمة ومستعمرة غير معلنة لرأس المال الصهيوني والنفوذ الأوروبي في المنطقة وإبقاء الفوضى التي يفترضون أنها الحل الأرخص للخلاص من اليهود بالمهمة ومن العرب من التطور المدني، لكن الأمر عملية إخلاء الشعب الأصلي ويبدو أن ترامب يفترض أن ما حصل 1948 قابل للتكرار في غزة وهذا عيب كبير في الرؤية.

الغرب ينطق إذن (حق الدفاع عن النفس أمام مقاومة الاحتلال) والمقاومة حق شرعي في الأمم وهذه العبارة ليست حبا باليهود وإنما خوف من عودتهم بهجرة عكسية إذن فليقاتلوا بدل أن يعايشوا، وهذا الأمر لا يشغل أمريكا فمعظم الموجودين في فلسطين هم أوروبيون وكانوا يشكلون مشكلة بالنسبة للأوروبيين.

ليس في ثقافتنا العداء لليهود ولا لغيرهم حتى الأديان البشرية رغم كل الاختلاف، لكن الإسلام يأمر بقبول المخالف والمخالف سيبقى الأكثرية بل بحماية المخالف الذي معك بذمة الرسول ليحافظ على الحقوق الخمسة وهي لأي إنسان مسلم وغير مسلم، لكن نقلوا لنا مصطلح (معاداة السامية) بينما خصوا اليهود بها لأنهم ساميون وسط أوروبيين من أصل آخر لكنهم بين العرب إن كان نسلهم أصيلا فهم من نفس أصل العرب فالكل ساميون هنا.

    - إسرائيل منصة وظيفية

وجود كيان مشاكس مدعوم بكل آليات الغرب القتالية واجبه واضح هو القلق وفقدان الاستقرار، وهذا الكيان من مواصفاته ألا يحدث سلاما حقيقيا أو يضيف ميزة من ثبات لمن يطبع معه، وإنما التطبيع تحييد وتسقيط أمام الشعوب، وبالتالي فقدان الترابط بين التخطيط للنهضة وهو الدولة وبين مادتها وهي الشعب، ومن الممكن أن تجر إسرائيل الغرب إلى حرب شاملة من أجل وجودها بسبب المصالح وليس الدين، بيد أن هنالك استغلالا لغريزة التدين واغلبهم لا يعرفون معنى الدين، أما الطائفة التي تهتم بدراسة التوراة من اليهود الحريديم وهم متنوعون فيهم من في الحكم حاليا لكنه يرفض العلمانية والليبرالية والديمقراطية وفيهم من يرفض الوجود لإسرائيل، وهنالك تقسيم آخر الأشكنازية والسفرديم، وكثرة من هؤلاء احتمال أن يغادروا وهو ما تخافه اوروبا ويرصد المسيري مجموعة من الاختلافات العامة بين المجموعتين "من أهمها: – أن السفارد بسبب مستواهم الثقافي العالي يتسمون باتساع الأفق، أما الأشكنازية فلم ينفتحوا على الحضارات التي عاشوا بين ظهرانيها رغم تأثرهم بها، وانغلقوا على الكتاب المقدَّس والتلمود وعلى تفسير النصوص الجزئية... انتهى".

عموما بهذه وتلك فقد أثبتت 7 أكتوبر أن هنالك تجهيلا وتخويفا مطلوبا ومتعمدا وبمنهج في اليهود من كل أصنافهم ويبدو انه الوسيلة لترابطهم لهذا لاحظنا أن هنالك رد فعل تعاطفيا من الأسرى مع قوات حماس لأنهم وجدوهم عكس ما قيل لهم وهذا يتضح مع اليهود غير المؤدلجين.

    - الحقيقة المرة

إن الغرب وأمريكا يتخذون إرضاء الكيان الآن وسيلة لإرضاء رأس المال المهيمن على توزيع السلطة عندهم وهذا الأمر نتيجة المشكلة البنيوية في الدولة التي تقوم على النفعية وليس القيم الأخلاقية فتكون ضابطة للسلوك والقانون ولكن ليس للصدق والمصداقية مع القضايا الإنسانية عند من هم في السلطة والنفوذ. وهذا الأمر هو سبب فشل النظم في تحقيق أهدافها، فالايدلوجيا بلا قواعد المدنية لا تنجح في تحقيق الرفاهية الحقيقية، ولا القواعد المدنية بلا ايدلوجيا تنجح في اتخاذ مواقف العدالة، الزمن الآن يسير لكنه في بلدان المنطقة العربية جامد الفعل متراجع في المدنية وعن الفكر الحضاري الذي يضبط إيقاع المنطقة، وهذا الصمت ليس تعبيرا عن نجاح الكيان ووظيفته وإنما هو بركان غير محسوس، وان كانت اوروبا تحس أن الكيان الذي زرعته ليس بالوضع المريح إن حدث الانفجار لأن فصيلا واحدا بعدد قليل فعل ما هو معروف لهم اكثر مما نعرف، فانفجار المنطقة العربية يحتاج إلى مواساة وبراءة من هذا الكيان، وهو ما لم ينتبه له الرئيس الحالي في أمريكا أو يظن انه في منأى عن تأثيره، لذا لابد من الواقعية والذهاب إلى حل ملائم ليس هو مزيدا من المبعدين واللاجئين.

على ترامب مسؤولية اكبر من طموحه الشخصي أو البحث عن تكريم جائزة نوبل حسب ظنه أن مواقفه السلبية هذه تتوجب أن يحوز عليها وهذا ينبه إلى تقييم الجائزة نفسها وأسس منحها من خلال كلامه، فالمنطق في السلام أن يجمع الشعبين ليحل مشكلاتهما وليس تشريد شعب غزة وغدا الضفة التي تدمر عند كتابة هذا المقال بقنابل أمريكية وبعدها لا ندري أين، فهذا ليس صنع سلام يستحق نوبل.

مساحة إعلانية