رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يواصل هنري كيسنجر في كتابه (القيادة)، وهو آخر ما سطّره قبل رحيله، الحديث عن القيادة من خلال ستة نماذج طرحها للقيادة الرؤيوية صاحبة الرؤية، وهي مختلفة عن قيادة الدولة أو ما يعرف برجل الدولة وهي المهتمة بتحديد الاختلافات وإدارتها، فهو يبحث عن حالة التراضي، بينما رجل الدولة ذو الرؤية فهو ببصيرته يبحث عن المطلق، فيضع عدة خصائل للقيادة الرؤيوية ومنها أن: «تحيط بمنزلة من هم مستعدون لحمل عبء يُثقل جداً من هم أقل قدراً، الثمن الذي عليهم دفعه مقابل هذه القيادة هو الانضباط الذاتي المتواصل، والمخاطرة باستمرار، والكفاح الداخلي الدائم، وليعلم أن أفضل طريق للفوز والنجاح في العمل معرفة كيفية السيطرة الدائمة على النفس، ودرجة معاناة، تتفاوت طبقاً لمزاج الفرد». ولذلك قيل إن العظيم هو الذي يشعر كل من في حضرته بأنه عظيم، فعلى القائد أن يحيط نفسه بالصقور وبالعظام، فالقيادة والعظمة حزينة كما قال نابليون، فلعل في مشاركته حزنه من الكبار تسلية له.
يصل كيسنجر في كتابه إلى أنموذج ريتشارد نيكسون الذي عمل معه كمستشار للأمن القومي، فيرى أن مواطن ضعفه تكمن في « قلقه وانعدامه الإحساس بالأمان.) ويعزو نجاح نيكسون في استراتيجيته بالانفتاح على الصين، لفصلها عن الاتحاد السوفياتي، إذ كان بوابها كيسنجر نفسه، فيقول عن السرّ: « بدون السرية ما كان هناك انفتاح على الصين، فكان يقول لا تُخبر أي شخص أنك غير قادر على تنفيذ مهمة مُسندة إليك». كانت رؤية نيكسون أن ترك الصين خارج السرب الدولي خطأ، ولا بد من أخذها إلى السرب الدولي، لمنع الاتحاد السوفياتي من الاستفراد بها ضد الغرب.
كانت رؤية نيكسون تجاه التعاطي مع الصين، مختلفة عما نصح به نابليون قبل قرن تقريباً، حين قال: «دع الصين تنام، فإن استيقظت اهتزّ العالم». فقد كان يرى نيكسون أن التهميش والإهمال له مردود سلبي، ولذا سعى إلى دمج الصين مع الغرب، ليحرم الاتحاد السوفياتي من تعزيز قطبه ومعسكره، بالإضافة إلى أن الاقتراب من الصين يجعل الغرب يعرف ما تفكر به الصين، فيكون أقدر على معالجته المبكرة، لأن الإهمال والتهميش في السياسة الدولية قد تنقلب بشكل مفاجئ وخطير، وتكون عواقبه وخيمة زمانياً ومكانياً، كما حصل في ظهور الخلافة العباسية من الأماكن المهملة والمهمشة.
هنا يضع كيسنجر خبرته الطويلة والعميقة الممتدة من الخبرة السياسية النظرية القادمة من أرقى الجامعات في هافارد وغيرها، إلى أعلى منصب في الأمن القومي والسياسة الخارجية، كمستشار للأمن القومي ووزارة الخارجية الأمريكية، التي وفرت له التعامل مع كل زعماء العالم، يقول كيسنجر في هذا السياق: « السلام والاستقرار هما الوضع الطبيعي، أما الصراع فناجم عن سوء الفهم، أو الحقد»، ويعتقد أن رجل الدولة تكمن مهمته في تحديد الاختلافات وإدارتها، فالمفاوض المرن يستغل سحره الشخصي، والمتشدد يعتمد على الضغوط التي تمكنه من المناورة، ويؤمن من خلال خبرته الطويلة في التفاوض، أن المفاوضات في جوهرها إنما تعتمد على وحدة الوفد التفاوضي ومن يمثل، وأن المجتمعات لا تُصبح عظيمة من خلال تدمير خصوم الداخل، أو تحقيق انتصارات حزينة، وإنما من خلال المصالحة والتوحد خلف هدف مشترك.
حين يتحدث كيسنجر في كتابته عن الرئيس المصري أنور السادات كرجل رؤية كما يصفه، وربما لهذا رشوة له على عقده السلام مع اسرائيل بوساطته، ينقل عن السادات قوله: « تعلمت من تأمل الحياة وطبائع البشر في ذلك الحبس الانفرادي أن من لا يستطيع تغيير فكره، لن يكون قادراً على تغيير الواقع». ويستذكر في هذا كيسنجر الكارثة التي حلّت بمصر على يد سلفه جمال عبد الناصر حين « حوّل برنامج ناصر التصنيعي مساحات كبيرة من أراض زراعية، إلى أراض بور مخصصة للمصانع، الأمر الذي أدّى إلى اعتماد مصر حتى اليوم على الخارج في استيراد القمح».
وحين يُعرج كيسنجر في الحديث عن الكاريزما يضرب مثلاً لذلك شخصية عبد الناصر فيقول:» يدير الزعماء ذوو الكاريزما، مثل جمال عبد الناصر سياساتهم بالإلهام وليد اللحظة، ويقصدون بخطابهم وسلوكهم المهم مواراة الحقائق المرة للحياة اليومية، وهكذا تتجلى تلك الحقائق، وتصبح حاضرة بقوة ما إن يختفي الزعيم».
وهنا لا بد من التأكيد على أن الكاريزما قد تُلحق أفدح الضرر بصاحبها، وبلدها، إن لم يُتنبه إلى حقيقة الشخصية وقوتها ووزنها، وإلا فهي تتعامل حينها مع وهم القوة وليس مع القوة، حقيقة وواقعاً، فمقولة كلما زاد سحر الخصم زادت خطورته، دقيقة وصحيحة، لاسيما إن لم يكن السحر مدعوماً بالقوة الحقيقية، وإنما بوهم القوة، حينها ستكون النتيجة شبيهة بما حصل مع رئيسين عربيين سابقين بغض النظر عن ملابسات وما أحيط بكل منهما، وهما جمال عبد الناصر وصدام حسين.
كانت إشارة كيسنجر إلى السادات خبيثة وذكية جداً ربما حين دفعه من خلالها أن يُعيد النظر في علاقات مصر مع موسكو فقال له: «أنت تخوض حرباً بالأسلحة السوفياتية، ضع في اعتبارك أنه يتعين عليك تحقيق السلام مع الديبلوماسية الأمريكية.»، فكان أن تخلّى السادات عن المستشارين الروس حين طردهم من مصر بعد تسلمه السلطة، وبدأ يقترب من واشنطن الذي وصفها بأن 99 % من أوراق التفاوض والديبلوماسية معها.
مع أننا نتقدّم في العمر كل يوم قليلاً، إلا أن أحداً منا لا يرغب في الشيخوخة. فالإنسان بطبيعته... اقرأ المزيد
234
| 13 أكتوبر 2025
عامان من الفقد والدمار عامان من الإنهاك والبكاء عامان من القهر والكمد عامان من الحرمان والوجع عامان من... اقرأ المزيد
174
| 13 أكتوبر 2025
ما أجمل الحياة حين ننظر إليها من زوايا واسعة، فنكتشف ما يُسعدنا فيها، حتى لو كان بسيطًا وصغيرًا.... اقرأ المزيد
126
| 13 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم خارج إطار العطاء، بل نراهم ذاكرة الوطن الحية، وامتداد مسيرة بنائه منذ عقود. هم الجيل الذي زرع، وأسّس، وساهم في تشكيل الملامح الأولى لمؤسسات الدولة الحديثة. ولأن قطر لم تكن يومًا دولة تنسى أبناءها، فقد كانت من أوائل الدول التي خصّت المتقاعدين برعاية استثنائية، وعلاوات تحفيزية، ومكافآت تليق بتاريخ عطائهم، في نهج إنساني رسخته القيادة الحكيمة منذ أعوام. لكن أبناء الوطن هؤلاء «المتقاعدون» لا يزالون ينظرون بعين الفخر والمحبة إلى كل خطوة تُتخذ اليوم، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله – فهم يرون في كل قرار جديد نبض الوطن يتجدد. ويقولون من قلوبهم: نحن أيضًا أبناؤك يا صاحب السمو، ما زلنا نعيش على عهدك، ننتظر لمستك الحانية التي تعودناها، ونثق أن كرمك لا يفرق بين من لا يزال في الميدان، ومن تقاعد بعد رحلة شرف وخدمة. وفي هذا الإطار، جاء اعتماد القانون الجديد للموارد البشرية ليؤكد من جديد أن التحفيز في قطر لا يقف عند حد، ولا يُوجّه لفئة دون أخرى. فالقانون ليس مجرد تحديث إداري أو تعديل في اللوائح، بل هو رؤية وطنية متكاملة تستهدف الإنسان قبل المنصب، والعطاء قبل العنوان الوظيفي. وقد حمل القانون في طياته علاوات متعددة، من بدل الزواج إلى بدل العمل الإضافي، وحوافز الأداء، وتشجيع التطوير المهني، في خطوة تُكرس العدالة، وتُعزز ثقافة التحفيز والاستقرار الأسري والمهني. هذا القانون يُعد امتدادًا طبيعيًا لنهج القيادة القطرية في تمكين الإنسان، سواء كان موظفًا أو متقاعدًا، فالجميع في عين الوطن سواء، وكل من خدم قطر سيبقى جزءًا من نسيجها وذاكرتها. إنه نهج يُترجم رؤية القيادة التي تؤمن بأن الوفاء ليس مجرد قيمة اجتماعية، بل سياسة دولة تُكرم العطاء وتزرع في الأجيال حب الخدمة العامة. في النهاية، يثبت هذا القانون أن قطر ماضية في تعزيز العدالة الوظيفية والتحفيز الإنساني، وأن الاستثمار في الإنسان – في كل مراحله – هو الاستثمار الأجدر والأبقى. فالموظف في مكتبه، والمتقاعد في بيته، كلاهما يسهم في كتابة الحكاية نفسها: حكاية وطن لا ينسى أبناءه.
8799
| 09 أكتوبر 2025
المشهد الغريب.. مؤتمر بلا صوت! هل تخيّلتم مؤتمرًا صحفيًا لا وجود فيه للصحافة؟ منصة أنيقة، شعارات لامعة، كاميرات معلّقة على الحائط، لكن لا قلم يكتب، ولا ميكروفون يحمل شعار صحيفة، ولا حتى سؤال واحد يوقظ الوعي! تتحدث الجهة المنظمة، تصفق لنفسها، وتغادر القاعة وكأنها أقنعت العالم بينما لم يسمعها أحد أصلًا! لماذا إذن يُسمّى «مؤتمرًا صحفيًا»؟ هل لأنهم اعتادوا أن يضعوا الكلمة فقط في الدعوة دون أن يدركوا معناها؟ أم لأن المواجهة الحقيقية مع الصحفيين باتت تزعج من تعودوا على الكلام الآمن، والتصفيق المضمون؟ أين الصحافة من المشهد؟ الصحافة الحقيقية ليست ديكورًا خلف المنصّة. الصحافة سؤالٌ، وجرأة، وضمير يسائل، لا يصفّق. فحين تغيب الأسئلة، يغيب العقل الجمعي، ويغيب معها جوهر المؤتمر ذاته. ما معنى أن تُقصى الميكروفونات ويُستبدل الحوار ببيانٍ مكتوب؟ منذ متى تحوّل «المؤتمر الصحفي» إلى إعلان تجاري مغلّف بالكلمات؟ ومنذ متى أصبحت الصورة أهم من المضمون؟ الخوف من السؤال. أزمة ثقة أم غياب وعي؟ الخوف من السؤال هو أول مظاهر الضعف في أي مؤسسة. المسؤول الذي يتهرب من الإجابة يعلن – دون أن يدري – فقره في الفكرة، وضعفه في الإقناع. في السياسة والإعلام، الشفافية لا تُمنح، بل تُختبر أمام الميكروفون، لا خلف العدسة. لماذا نخشى الصحفي؟ هل لأننا لا نملك إجابة؟ أم لأننا نخشى أن يكتشف الناس غيابها؟ الحقيقة الغائبة خلف العدسة ما يجري اليوم من «مؤتمرات بلا صحافة» هو تشويه للمفهوم ذاته. فالمؤتمر الصحفي لم يُخلق لتلميع الصورة، بل لكشف الحقيقة. هو مساحة مواجهة بين الكلمة والمسؤول، بين الفعل والتبرير. حين تتحول المنصّة إلى monologue - حديث ذاتي- تفقد الرسالة معناها. فما قيمة خطاب بلا جمهور؟ وما معنى شفافية لا تُختبر؟ في الختام.. المؤتمر بلا صحفيين، كالوطن بلا مواطنين، والصوت بلا صدى. من أراد الظهور، فليجرب الوقوف أمام سؤال صادق. ومن أراد الاحترام فليتحدث أمام من يملك الجرأة على أن يسأله: لماذا؟ وكيف؟ ومتى؟
4023
| 13 أكتوبر 2025
في زمن تتسابق فيه الأمم على رقمنة ذاكرتها الوطنية، يقف الأرشيف القطري أمام تحدٍّ كبيرٍ بين نار الإهمال الورقي وجدار الحوسبة المغلقة. فبين رفوف مملوءة بالوثائق القديمة، وخوادم رقمية لا يعرف طريقها الباحثون، تضيع أحيانًا ملامح تاريخنا الذي يستحق أن يُروى كما يجب وتتعثر محاولات الذكاء الاصطناعي في استيعاب هويتنا وتاريخنا بالشكل الصحيح. فلا يمكن لأي دولة أن تبني مستقبلها دون أن تحفظ ماضيها. لكن جزءًا كبيراً من الأرشيف القطري ما زال يعيش في الظل، متناثرًا بين المؤسسات، بلا تصنيف موحّد أو نظام حديث للبحث والاسترجاع. الكثير من الوثائق التاريخية المهمة محفوظة في أدراج المؤسسات، أو ضمن أنظمة إلكترونية لا يستطيع الباحث الوصول إليها بسهولة. هذا الواقع يجعل من الصعب تحويل الأرشيف إلى مصدر مفتوح للمعرفة الوطنية، ويهدد باندثار تفاصيل دقيقة من تاريخ قطر الحديث. في المقابل، تمتلك الدولة الإمكانيات والكوادر التي تؤهلها لإطلاق مشروع وطني شامل للأرشفة الذكية، يعتمد على الذكاء الاصطناعي في فهرسة الوثائق، وتحليل الصور القديمة، وربط الأحداث بالأزمنة والأماكن. فبهذه الخطوة يمكن تحويل الأرشيف إلى ذاكرة رقمية حيّة، متاحة للباحثين والجمهور والطلبة بسهولة وموثوقية. فبعض الوثائق تُحفظ بلا فهرسة دقيقة، وأخرى تُخزَّن في أنظمة مغلقة تمنع الوصول إليها إلا بإجراءاتٍ معقدة. والنتيجة: ذاكرة وطنية غنية، لكنها مقيّدة. الذكاء الاصطناعي... فرصة الإنقاذ، فالذكاء الاصطناعي فرصة نادرة لإحياء الأرشيف الوطني. فالتقنيات الحديثة اليوم قادرة على قراءة الوثائق القديمة، وتحليل النصوص، والتعرّف على الصور والمخطوطات، وربط الأحداث ببعضها زمنياً وجغرافياً. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحوّل ملايين الصفحات التاريخية إلى ذاكرة رقمية ذكية، متاحة للباحثين والطلاب والإعلاميين بضغطة زر. غير أن المشكلة لا تتوقف عند الأرشيف، بل تمتد إلى الفضاء الرقمي. فعلى الرغم من التطور الكبير في البنية التحتية التقنية، إلا أن الإنترنت لا يزال يفتقر إلى محتوى قطري كافٍ ومنظم في مجالات التاريخ والثقافة والمجتمع. وحين يحاول الذكاء الاصطناعي تحليل الواقع القطري، يجد أمامه فراغًا معرفيًا كبيرًا، لأن المعلومة ببساطة غير متاحة أو غير قابلة للقراءة الآلية. الذكاء الاصطناعي لا يخلق المعرفة من العدم، بل يتعلم منها. وعندما تكون المعلومات المحلية غائبة، تكون الصورة التي يقدمها عن قطر مشوشة وغير مكتملة، ما يقلل من فرص إبراز الهوية القطرية رقمياً أمام العالم. فراغ رقمي في عالم متخم بالمعلومات.....حين يكتب الباحث أو الصحفي أو حتى الذكاء الاصطناعي عن موضوع يتعلق بتاريخ قطر، أو بأحد رموزها الثقافية أو أحداثها القديمة، يجد أمامه فراغًا معلوماتيًا واسعًا. مثالنا الواقعي كان عند سؤالنا لإحدى منصات الذكاء الاصطناعي عن رأيه بكأس العالم قطر2022 كان رأيه سلبياً نظراً لاعتماده بشكل كبير على المعلومات والحملات الغربية المحرضة وذلك لافتقار المنصات الوطنية والعربية للمعلومات الدقيقة والصحيحة فكثير من الأرشيفات محفوظة داخل المؤسسات ولا تُتاح للعامة، والمواقع الحكومية تفتقر أحيانًا إلى أرشفة رقمية مفتوحة أو واجهات بحث متطورة، فيما تبقى المواد المحلية مشتتة بين ملفات PDF مغلقة أو صور لا يمكن تحليلها والنتيجة: كمٌّ هائل من المعرفة غير قابل للقراءة الآلية، وبالتالي خارج نطاق استفادة الذكاء الاصطناعي منها. المسؤولية الوطنية والمجتمعية تتطلب اليوم ليس فقط مشروعاً تقنياً، بل مشروعاً وطنياً شاملًا للأرشفة الذكية، تشارك فيه الوزارات والجامعات والمراكز البحثية والإعلامية. كما يجب إطلاق حملات توعوية ومجتمعية تزرع في الأجيال الجديدة فكرة أن الأرشيف ليس مجرد أوراق قديمة، بل هو هوية وطنية وسرد إنساني لا يُقدّر بثمن. فالحفاظ على الأرشيف هو حفاظ على الذاكرة، والذاكرة هي التي تصنع الوعي بالماضي والرؤية للمستقبل، يجب أن تتعاون الوزارات، والجامعات، والمراكز الثقافية والإعلامية والصحف الرسمية والمكتبات الوطنية في نشر محتواها وأرشيفها رقمياً، بلغتين على الأقل، مع الالتزام بمعايير التوثيق والشفافية. كما يمكن إطلاق حملات مجتمعية لتشجيع المواطنين على المساهمة في حفظ التاريخ المحلي، من صور ومذكرات ووثائق، ضمن منصات رقمية وطنية. قد يكون الطريق طويلاً، لكن البداية تبدأ بقرار: أن نفتح الأبواب أمام المعرفة، وأن نثق بأن التاريخ حين يُفتح للعقول، يزدهر أكثر. الأرشيف القطري لا يستحق أن يُدفن في الأنظمة المغلقة، بل أن يُعاد تقديمه للعالم كصفحات مضيئة من قصة قطر... فحين نفتح الأرشيف ونغذي الإنترنت بالمحتوى المحلي الموثق، نصنع جسرًا بين الماضي والمستقبل، ونمنح الذكاء الاصطناعي القدرة على رواية قصة قطر كما يجب أن تُروى. فالذاكرة الوطنية ليست مجرد وثائق، بل هويةٌ حيّة تُكتب كل يوم... وتُروى للأجيال القادمة.
2388
| 07 أكتوبر 2025