رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ... "رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام" "رب اجعل هذا البلد آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر".
وبعد: فقد كانت الرحلة إلى هيوستن بالولايات المتحدة الأمريكية مليئة بالمواقف والعبر، فكم من محنة ضمت بين جناحيها منحة، رحلة لم أفكر في يوم من الأيام القيام بها، بل مجرد التفكير في السفر إلى تلك البلاد.
. . . كما قال الشاعر: دع الأمور تجري في أعنتها . . . ولكن تقادير القدر غالبة . . . فكانت رحلتي إلى الولايات المتحدة الأمريكية . . . إلى هيوستن في ولاية تكساس لمرافقة زوجي للعلاج، وبالرغم أنها فترة قصيرة لم تتجاوز الثلاثة أشهر ولم تتجاوز المسافة بين الغرفتين غرفة الفندق . . .( والذى فوجئت بعدم وجود أي من المشروبات الكحولية في ثلاجات الغرف، كما هو معروف في الفنادق العالمية، وخصوصا الخليجية وعندنا - دولنا - التي أصيبت بلوثة أو قل صدمة حضارية حين أباحتها وصمت أذنيها عن جميع الأوامر والنواهي الإلهية )، وغرفة المستشفى، إلا أن فيها من المواقف والعبر ما جعلني أحببت تسجيله وتسطيره في هذا المقال، لأقول للجميع شكرا جزيلا وجزاكم الله خيرا، فمن لم يشكر الناس لم يشكر الله، وقد علمنا ديننا أن من الفضل أن يرد الفضل لأهله، وربانا نبينا المربي والمعلم الأول محمد بن عبدالله (عليه أفضل الصلاة والتسليم) على قيمة أن "من أتاكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا فادعوا له" وأن الفطرة الإنسانية السوية ما زالت موجودة في عباد الله - وأول من يستحق الشكر والامتنان بلادنا الجميلة حماها الله من حسد الحاسدين ومكر الماكرين وشماتة الشامتين وكيد الكائدين وزيف الزائفين المارقين.
* دولة قطر . . . متمثلة بأميرها الشاب وهو (خير خلف لخير سلف) وحكومتها الرشيدة التي تحاول جاهدة تنفيذ الأوامر الأميرية لتحقيق مصالح الوطن والمواطن وتيسيرالأمور على المواطن القطري للعلاج في الخارج وتحمل كافة مصاريف علاجه في الخارج، ولولا رعاية الدولة الكبيرة لمرضاها في الخارج والاهتمام بهم ورعايتهم لما استطاع الكثير من أبناء الوطن السفر إلى الخارج للعلاج ولما وجدوا من يرافقهم في رحلة العلاج هذه، إلا من رحم ربي ولا عجب أن جاء التصنيف العالمي لدولة قطر في المركز الأول في الرعاية الصحية لمواطنيها ولمن يقيم على أرضها على مستوى العالم، لأنها تستحقه عن جدارة، سواء داخل الدولة أو خارجها.
*سفارة الولايات المتحدة الأمريكية، متمثلة في سفيرتها القديرة بموقفها النبيل التي قدرت معاناتنا الإنسانية وحاجتنا الضرورية للسفر العاجل وعمل أعضاء السفارة الكرام الدؤوب للإسراع في استخراج التأشيرة واستعجالها وتسليمها في وقت قياسى، مما ساعدنا في سرعة السفر إلى مريضنا الذي كان يصارع الموت والحياة في خلال 48 ساعة حسب رؤية الأطباء في هيوستن، فكتب الله عز وجل له الحياة من جديد وصدق الله عز وجل القائل في كتابه (أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس)، وكأننا نقرأها للتو والحمد لله رب العالمين.
*مستشفى ثيودست، وهو من المستشفيات الكبيرة في هيوستن يحوي الكثير من التخصصات الطبية والأقسام العديدة وسأخص بالذكر وحدة العناية المركزة بزراعة الكبد ووحدة العناية العادية ووحدة العلاج الطبيعي ويطلق عليه (ريهاب)، لأنها بيت القصيد عندي، فقد كان الفريق الطبي الذي أجرى (عملية زراعة الكبد) بمشرط الدكتورالماهرالقدير د. جبرائيل، جزاه الله عنا خيرا ووجود الدكتور أسامة جابر وفريق الأطباء الكرام على قدر عال جدا من العلم والمعرفة والثقة والمهارة الطبية والكفاءة العملية والأخلاق العالية الرفيعة التي يتمتعون بها والتواضع الجم والصبر الجميل على الاستفسارات والتساؤلات التي لا تنتهي والمفعمة بالخوف والرجاء من أهل المريض، ما يعجز القلم عن وصفه، حتى تمت العملية بفضل من الله ورحمته على خير وكتب له سبحانه وتعالى حياة جديدة على يد هذا الفريق الطبي الكفؤ الذي يستحق منا كل تقدير واحترام وشكر تعجز عن تسطيره الأقلام، واستمرت رحلة العلاج الطويلة بداية بالرعاية الطبية المتميزة في العناية المركزة في الدور الثالث من المستشفى على أعلى مستوى من الاهتمام والإخلاص وحسن الخلق والصدق في العمل ورعاية المريض المستمرة خلال الأربع والعشرين ساعة يوميا رعاية فائقة من جميع الأطباء بشتى التخصصات وكادر التمريض من الممرضين والممرضات والمساعدين والمساعدات والعاملين والعاملات وموظفي وموظفات الاستقبال والطوارئ، هذا العطاء والاهتمام ليس خاصا بمريضنا، ولكن كان شاملا لجميع المرضى بهذا القسم بغض النظر عن جنسياتهم وألوانهم وأديانهم وانتماءاتهم، فهم بحق كادر طبى متميز والولايات المتحدة الأمريكية تستحق أن تكون الأولى في التصنيف العالمي للوجهة الطبية العلاجية، فهى تسبق العالم في هذا المجال بنصف قرن من الزمان إن لم يكن أكثر فجزاهم الله عنا وعن جميع المرضى خير الجزاء، وأثابهم خيرا على ما قدموه.
واللافت للنظر، وأحسبه ميزة من ميزات المستشفى العديدة أن أقارب المرضى يستطيعون الولوج إليه للاطمئنان على مريضهم والبقاء عنده في أى وقت من ليل أو نهار، ماعدا أربع ساعات خاصة بالقسم (6 -8) صباحا ومساء يستطيع الأقارب خلالها الانتظار في غرفة الانتظار الخاصة بالدور، وكذلك لمسنا نفس الرعاية والاهتمام في قسمى الرعاية العادية في الدور الرابع وقسم العلاج الطبيعي ( ريهاب) في الدور التاسع في مبنى تور سميث، وهو تابع للمستشفى، لكن في الجهة الأخرى من المبنى.
كما لفت نظرنا الترابط والتواصل الأسري بين المرضى وأقاربهم رجالا ونساء وشبابا وأطفالا على اختلاف ألوانهم وانتماءاتهم وعقائدهم وما يتميزون به من لطف المعاملة وحسن المعشر مع بعضهم البعض أو مع الوافدين عليهم أمثالنا، بعكس ما يثارعن تلك المجتمعات من التفكك الأسري وبعض العرب والمسلمين، فلم يكن لهيئاتنا وملابسنا وأشكالنا أي أثر على حسن المعاملة وتقبلنا بينهم بكل احترام وتقدير وإجلال، ومن الإنصاف القول بأن الكثير من العرب المسلمين ممن اقتضت الظروف التعامل معهم على قدر عال من الخلق الحسن والأدب الجم، سواء أصحاب العقارات للتأجير أو المواصلات أو المطاعمن فقد كانوا صورة مشرفة للعرب المسلمين وغير المسلمين المقيمين هناك.
ومن المهم ذكره، وجود المصلى – وهو مصلى جميل كبير نظيف/ وليست كمصلياتنا الكئيبة المهملة في المستشفيات والأسواق وبعض المساجد / مصلى مجهز بمكتبة جيدة مرتبة تضم كتب الدين الإسلامي من المصاحف وكتب التفسير والحديث والدعوة والثقافة الإسلامية باللغة العربية والأجنبية - يستطيع المسلمون إقامة الصلوات الخمس وصلاة الجمعة فيه بكل راحة وطمأنينة دون التعرض لأي نوع من المضايقات، وقد خصص جزء منه لصلاة النساء فيه قد ازدان بمشربيات تحمل زخارف إسلامية تفصل صفوف النساء عن الرجال حسب تعاليم نبينا الكريم (صلى الله عليه وسلم) في السنة النبوية الشريفة، ومن خلال هذه السطور أتوجه بدعوة المهتمين بشؤون الدعوة الإسلامية، سواء الجهات الرسمية وغير الرسمية بالاهتمام بدعوة غير المسلمين هناك إلى الإسلام وإرسال المصاحف و الكتب الإسلامية باللغات التي تنتشر في تلك البلدة، فهي أرض بكر للدعوة الصادقة ولما يتميز به شعبها من حسن الخلق وحسن المعاملة – فخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام – إذا أحسنت دعوتهم - لإنقاذهم من النار – كما يطلب ذلك الكثير من المهتدين الجدد في كثير من اللقاءات العامة والخاصة - بدلا من إهدار الوقت والجهد والمال في طباعة المطويات التي لا تسمن ولا تغني من جوع في مجال الهداية والتبليغ، والمحاضرات التي شبع الناس منها في عقر دار الإسلام، إن الناس في هيوستن بحاجة إلى توصيل الدعوة بالقدوة الصالحة والعمل النافع والإقناع بأسلوب حضاري والمعرفة بفقه الدعوة والجهاد في سبيل الله بالكلمة الطيبة وحسن الخلق كما قال تعالى "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن" واتباع سبيل النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) في المرحلة المكية بتصحيح مسار الفكر نحو العقيدة الصحيحة عقيدة التوحيد التي فطر الله عز وجل الناس عليها.
كما يحتوي - المستشفى على كنيسة كبيرة نظيفة وأنيقة لها مدخل خاص بها، وهناك مرشدون روحانيون من الديانة المسيحية من الرجال والنساء متأنقون في هيئاتهم يزورون المرضى لشد أزرهم وتخفيف وطأة المرض عليهم معنويا وتقوية إيمانهم بربهم وطلب الشفاء منه، مما يدل على حاجتهم الروحية للدين الصحيح واللجوء إلى الله عز وجل بالطريقة الصحيحة - وتقام في المستشفى فعاليات ثقافية وترفيهية عديدة ومتنوعة أسبوعيا، غالبا ما تضفي على المستشفى جوا من البهجة والسرور، مما يساهم مساهمة فعالة في الأداء الوظيفي للمنتسبين للمستشفى، إلى جانب إقامة فعالية إفطار للصائمين خلال شهر رمضان والاحتفال بعيد الفطر المبارك وتهنئتهم بإقامة مأدبة غداء للمسلمين وغيرهم ممن يود الحضور.
وتبدأ الحياة اليومية عندهم منذ الصباح الباكر وتنتهي قبل الغروب وهى الحياة الطبيعية بالفطرة السليمة السوية ويتميزون بدماثة الخلق وحسن التعامل وإلقاء التحية والتبسم دائما فهم يطبقون سنة النبي (صلى الله عليه وسلم) "ألقِ السلام على من عرفت ومن لم تعرف – وتبسمك في وجه أخيك صدقة – وغيرها من التوجيهات النبوية بحسن الخلق) التي هجرناها بغفلتنا وطبقها الآخرون بوعيهم، وقد تبادر إلى ذهني مقولة الإمام محمد عبده الشهيرة الصحيحة لا مبالغة فيها (وجدت هناك الإسلام ولم أجد المسلمين وعندنا المسلمين ولم نجد الإسلام). أما عندنا فعندما تلقي السلام أو تبتسم فيقابلك بنظرات شذر مدر وباستهجان تكاد عيناه ولسانه ينطقان بماذا تريد أو لم تبتسم أو تحيينى وأنت لا تعرفني، ونسي هذا الغافل أو الجاهل أن التحية سمة دينه والابتسام سنة نبيه عليه الصلاة والسلام، فيا أسفي على ما آل إليه حالنا.
*ومسك الختام في الشكر والتقدير والتبجيل:
- لسعادة وزير الخارجية الكريم سعادة الدكتور خالد بن محمد العطية على اللفتة اللطيفة بالسؤال عن منتسبي الوزارة من المرضى القطريين والتمنيات القلبية لهم بالشفاء العاجل.
- وسعادة القنصل القطري الفاضل في هيوستن وحرمه الفاضلة على اهتمامهما بالمرضى القطريين والاهتمام بزيارتهم وتكرارها للاطمئنان على صحتهم والعمل على تيسير أمورهم.
- والشكر موصول للمكتب الطبي في قنصليتنا في هيوستن والسيدة الفاضلة من مكتب تنسيق علاقات المرضى بمستشفى ثيودست.
- والشكر الكبير والجزيل لأهل قطر والخليج رجالا ونساء شبابا وأطفالا على وقفتهم الأخوية ودعائهم الصادق، خصوصا وقد وافق ذلك شهر رمضان الكريم والأشهر الحرم، مما كان لدعائهم أبلغ الأثر في الشفاء والعافية وصدق رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام (لا يرد القضاء إلا الدعاء).
فلجميع الأحبة جزاكم الله خيرا ولا أراكم الله مكروها في عزيز لديكم وشفى الله مرضانا ومرضى المسلمين ومرضى المستشفيات جميعا وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو الطيب» يتألق في نَظْم الشعر.. وفي تنظيم البطولات تتفوق قطر - «بطولة العرب» تجدد شراكة الجذور.. ووحدة الشعور - قطر بسواعد أبنائها وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر باستضافتها الناجحة للبطولات - قطر تراهن على الرياضة كقطاع تنموي مجزٍ ومجال حيوي محفز - الحدث العربي ليس مجرد بطولة رياضية بل يشكل حدثاً قومياً جامعاً -دمج الأناشيد الوطنية العربية في نشيد واحد يعبر عن شراكة الجذور ووحدة الشعور لم يكن «جحا»، صاحب النوادر، هو الوحيد الحاضر، حفل افتتاح بطولة «كأس العرب»، قادماً من كتب التراث العربي، وأزقة الحضارات، وأروقة التاريخ، بصفته تعويذة البطولة، وأيقونتها النادرة. كان هناك حاضر آخر، أكثر حضوراً في مجال الإبداع، وأبرز تأثيراً في مسارات الحكمة، وأشد أثرا في مجالات الفلسفة، وأوضح تأثيرا في ملفات الثقافة العربية، ودواوين الشعر والقصائد. هناك في «استاد البيت»، كان من بين الحضور، نادرة زمانه، وأعجوبة عصره، مهندس الأبيات الشعرية، والقصائد الإبداعية، المبدع المتحضر، الشاعر المتفاخر، بأن «الأعمى نظر إلى أدبه، وأسمعت كلماته من به صمم»! وكيف لا يأتي، ذلك العربي الفخور بنفسه، إلى قطر العروبة، ويحضر افتتاح «كأس العرب» وهو المتباهي بعروبته، المتمكن في لغة الضاد، العارف بقواعدها، الخبير بأحكامها، المتدفق بحكمها، الضليع بأوزان الشعر، وهندسة القوافي؟ كيف لا يأتي إلى قطر، ويشارك جماهير العرب، أفراحهم ويحضر احتفالاتهم، وهو منذ أكثر من ألف عام ولا يزال، يلهم الأجيال بقصائده ويحفزهم بأشعاره؟ كيف لا يأتي وهو الذي يثير الإعجاب، باعتباره صاحب الآلة اللغوية الإبداعية، التي تفتّقت عنها ومنها، عبقريته الشعرية الفريدة؟ كيف لا يحضر فعاليات «بطولة العرب»، ذلك العربي الفصيح، الشاعر الصريح، الذي يعد أكثر العرب موهبة شعرية، وأكثرهم حنكة عربية، وأبرزهم حكمة إنسانية؟ كيف لا يحضر افتتاح «كأس العرب»، وهو الشخصية الأسطورية العربية، التي سجلت اسمها في قائمة أساطير الشعر العربي، باعتباره أكثر شعراء العرب شهرة، إن لم يكن أشهرهم على الإطلاق في مجال التباهي بنفسه، والتفاخر بذاته، وهو الفخر الممتد إلى جميع الأجيال، والمتواصل في نفوس الرجال؟ هناك في الاستاد «المونديالي»، جاء «المتنبي» من الماضي البعيد، قادماً من «الكوفة»، من مسافة أكثر من ألف سنة، وتحديداً من العصر العباسي لحضور افتتاح كأس العرب! ولا عجب، أن يأتي «أبو الطيب»، على ظهر حصانه، قادماً من القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي، لمشاركة العرب، في تجمعهم الرياضي، الذي تحتضنه قطر. وما من شك، في أن حرصي على استحضار شخصية «المتنبي» في مقالي، وسط أجواء «كأس العرب»، يستهدف التأكيد المؤكد، بأن هذا الحدث العربي، ليس مجرد بطولة رياضية.. بل هو يشكل، في أهدافه ويختصر في مضامينه، حدثاً قومياً جامعاً، يحتفل بالهوية العربية المشتركة، ويحتفي بالجذور القومية الجامعة لكل العرب. وكان ذلك واضحاً، وظاهراً، في حرص قطر، على دمج الأناشيد الوطنية للدول العربية، خلال حفل الافتتاح، ومزجها في قالب واحد، وصهرها في نشيد واحد، يعبر عن شراكة الجذور، ووحدة الشعور، مما أضاف بعداً قومياً قوياً، على أجواء البطولة. ووسط هذه الأجواء الحماسية، والمشاعر القومية، أعاد «المتنبي» خلال حضوره الافتراضي، حفل افتتاح كأس العرب، إنشاد مطلع قصيدته الشهيرة التي يقول فيها: «على قدر أهل العزم تأتي العزائم» «وتأتي على قدر الكرام المكارم» والمعنى المقصود، أن الإنجازات العظيمة، لا تتحقق إلا بسواعد أصحاب العزيمة الصلبة، والإرادة القوية، والإدارة الناجحة. معبراً عن إعجابه بروعة حفل الافتتاح، وانبهاره، بما شاهده في عاصمة الرياضة. مشيداً بروعة ودقة التنظيم القطري، مشيراً إلى أن هذا النجاح الإداري، يجعل كل بطولة تستضيفها قطر، تشكل إنجازاً حضارياً، وتبرز نجاحاً تنظيمياً، يصعب تكراره في دولة أخرى. وهكذا هي قطر، بسواعد أبنائها، وعزيمة رجالها، وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر، خلال استضافتها الناجحة للبطولات الرياضية، وتنظيمها المبهر للفعاليات التنافسية، والأحداث العالمية. وخلال السنوات الماضية، تبلورت في قطر، مرتكزات استراتيجية ثابتة، وتشكلت قناعات راسخة، وهي الرهان على الرياضة، كقطاع تنموي منتج ومجزٍ، ومجال حيوي محفز، قادر على تفعيل وجرّ القطاعات الأخرى، للحاق بركبه، والسير على منواله. وتشغيل المجالات الأخرى، وتحريك التخصصات الأخرى، مثل السياحة، والاقتصاد، والإعلام والدعاية، والترويج للبلاد، على المستوى العالمي، بأرقى حسابات المعيار العالمي. ويكفي تدشينها «استاد البيت»، ليحتضن افتتاح «كأس العرب»، الذي سبق له احتضان «كأس العالم»، وهو ليس مجرد ملعب، بل رمز تراثي، يجسد في تفاصيله الهندسية، معنى أعمق، ورمزا أعرق، حيث يحمل في مدرجاته عبق التراث القطري، وعمل الإرث العربي. وفي سياق كل هذا، تنساب في داخلك، عندما تكون حاضراً في ملاعب «كأس العرب»، نفحات من الروح العربية، التي نعيشها هذه الأيام، ونشهدها في هذه الساعات، ونشاهدها خلال هذه اللحظات وهي تغطي المشهد القطري، من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه. وما من شك، في أن تكرار نجاحات قطر، في احتضان البطولات الرياضية الكبرى، ومن بينها بطولة «كأس العرب»، بهذا التميز التنظيمي، وهذا الامتياز الإداري، يشكل علامة فارقة في التنظيم الرياضي. .. ويؤكد نجاح قطر، في ترسيخ مكانتها على الساحة الرياضية، بصفتها عاصمة الرياضة العربية، والقارية، والعالمية. ويعكس قدرتها على تحقيق التقارب، بين الجماهير العربية، وتوثيق الروابط الأخوية بين المشجعين، وتوطيد العلاقات الإنسانية، في أوساط المتابعين! ولعل ما يميز قطر، في مجال التنظيم الرياضي، حرصها على إضافة البعد الثقافي والحضاري، والتاريخي والتراثي والإنساني، في البطولات التي تستضيفها، لتؤكد بذلك أن الرياضة، في المنظور القطري، لا تقتصر على الفوز والخسارة، وإنما تحمل بطولاتها، مجموعة من القيم الجميلة، وحزمة من الأهداف الجليلة. ولهذا، فإن البطولات التي تستضيفها قطر، لها تأثير جماهيري، يشبه السحر، وهذا هو السر، الذي يجعلها الأفضل والأرقى والأبدع، والأروع، وليس في روعتها أحد. ومثلما في الشعر، يتصدر «المتنبي» ولا يضاهيه في الفخر شاعر، فإن في تنظيم البطولات تأتي قطر، ولا تضاهيها دولة أخرى، في حسن التنظيم، وروعة الاستضافة. ولا أكتب هذا مديحاً، ولكن أدوّنه صريحاً، وأقوله فصيحاً. وليس من قبيل المبالغة، ولكن في صميم البلاغة، القول إنه مثلما يشكل الإبداع الشعري في قصائد «المتنبي» لوحات إبداعية، تشكل قطر، في البطولات الرياضية التي تستضيفها، إبداعات حضارية. ولكل هذا الإبداع في التنظيم، والروعة في الاستضافة، والحفاوة في استقبال ضيوف «كأس العرب».. يحق لدولتنا قطر، أن تنشد، على طريقة «المتنبي»: «أنا الذي حضر العربي إلى ملعبي» «وأسعدت بطولاتي من يشجع كرة القدمِ» وقبل أن أرسم نقطة الختام، أستطيع القول ـ بثقة ـ إن هناك ثلاثة، لا ينتهي الحديث عنهم في مختلف الأوساط، في كل الأزمنة وجميع الأمكنة. أولهم قصائد «أبو الطيب»، والثاني كرة القدم باعتبارها اللعبة الشعبية العالمية الأولى، أمــــا ثالثهم فهي التجمعات الحاشدة، والبطولات الناجحة، التي تستضيفها - بكل فخر- «بلدي» قطر.
2334
| 07 ديسمبر 2025
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب مجرد خيبة رياضية عابرة، بل كانت صدمة حقيقية لجماهير كانت تنتظر ظهوراً مشرفاً يليق ببطل آسيا وبمنتخب يلعب على أرضه وبين جماهيره. ولكن ما حدث في دور المجموعات كان مؤشراً واضحاً على أزمة فنية حقيقية، أزمة بدأت مع اختيارات المدرب لوبيتيغي قبل أن تبدأ البطولة أصلاً، وتفاقمت مع كل دقيقة لعبها المنتخب بلا هوية وبلا روح وبلا حلول! من غير المفهوم إطلاقاً كيف يتجاهل مدرب العنابي أسماء خبرة صنعت حضور المنتخب في أكبر المناسبات! أين خوخي بوعلام و بيدرو؟ أين كريم بوضياف وحسن الهيدوس؟ أين بسام الراوي وأحمد سهيل؟ كيف يمكن الاستغناء عن أكثر اللاعبين قدرة على ضبط إيقاع الفريق وقراءة المباريات؟ هل يعقل أن تُستبعد هذه الركائز دفعة واحدة دون أي تفسير منطقي؟! الأغرب أن المنتخب لعب البطولة وكأنه فريق يُجرَّب لأول مرة، لا يعرف كيف يبني الهجمة، ولا يعرف كيف يدافع، ولا يعرف كيف يخرج بالكرة من مناطقه. ثلاث مباريات فقط كانت كفيلة بكشف حجم الفوضى: خمسة أهداف استقبلتها الشباك مقابل هدف يتيم سجله العنابي! هل هذا أداء منتخب يلعب على أرضه في بطولة يُفترض أن تكون مناسبة لتعزيز الثقة وإعادة بناء الهيبة؟! المؤلم أن المشكلة لم تكن في اللاعبين الشباب أنفسهم، بل في كيفية إدارتهم داخل الملعب. لوبيتيغي ظهر وكأنه غير قادر على استثمار طاقات عناصره، ولا يعرف متى يغيّر، وكيف يقرأ المباراة، ومتى يضغط، ومتى يدافع. أين أفكاره؟ أين أسلوبه؟ أين بصمته التي قيل إنها ستقود المنتخب إلى مرحلة جديدة؟! لم نرَ سوى ارتباك مستمر، وخيارات غريبة، وتبديلات بلا معنى، وخطوط مفككة لا يجمعها أي رابط فني. المنتخب بدا بلا تنظيم دفاعي على الإطلاق. تمريرات سهلة تخترق العمق، وأطراف تُترك بلا رقابة، وتمركز غائب عند كل هجمة. أما الهجوم، فقد كان حاضراً بالاسم فقط؛ لا حلول، لا جرأة، لا انتقال سريع، ولا لاعب قادر على صناعة الفارق. كيف يمكن لفريق بهذا الأداء أن ينافس؟ وكيف يمكن لجماهيره أن تثق بأنه يسير في الطريق الصحيح؟! الخروج من دور المجموعات ليس مجرد نتيجة سيئة، بل مؤشر مخيف! فهل يدرك الجهاز الفني حجم ما حدث؟ هل يستوعب لوبيتيغي أنه أضاع هوية منتخب بطل آسيا؟ وهل يتعلم من أخطاء اختياراته وإدارته؟ أم أننا سننتظر صدمة جديدة في استحقاقات أكبر؟! كلمة أخيرة: الأسئلة كثيرة، والإجابات حتى الآن غائبة، لكن من المؤكّد أن العنابي بحاجة إلى مراجعة عاجلة وحقيقية قبل أن تتكرر الخيبة مرة أخرى.
2256
| 10 ديسمبر 2025
لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل كراية مرفوعة تتقدم بثبات لا يعرف الانحناء. خطا اللاعبون إلى العشب بخطوات واثقة، كأنهم يحملون على صدورهم تاريخًا يرفض أن يُمحى، وكأن كل نظرة منهم تعلن أن حضورهم موقف لا مجرد مشاركة. لعبوا بروح عالية، روح تدرك أنها تمثل وطنًا يقف رغم العواصف، وطنًا يُعلن في كل لمسة كرة أنه باق، صامد، وشامخ مهما ضاقت به الأيام. المنتخب الفلسطيني قدم أداءً أذهل النقاد وأوقف الجماهير احترامًا. لم يكن الفوز ولا التعادل وليدي صدفة، بل ثمرة بناء ذهني وشراكة وجدانية بين لاعب يعرف لماذا يلعب، ومدرب يحول الحلم إلى خطة، والخطة إلى واقع. منذ اللحظة الأولى ظهر الفريق كجسد واحد، تتشابك أرواح لاعبيه بخيط خفي. لم تلعب فلسطين بأقدام كثيرة، بل بقلب واحد. كانت احتفالاتهم بالأهداف تُشبه عودة غائب طال اشتياقه، وتحركاتهم الجماعية تؤكد أن القوة الحقيقية تولد من روح موحدة قبل أن تولد من مهارة فردية. ولم يعرف اللاعبون طريقًا إلى التراجع؛ ضغط مستمر، والتزام دفاعي صلب، واندفاع هجومي يُشبه الاندفاع نحو الحياة. في مباراتهم الأولى أمام قطر لعب "الفدائي" بثقة المنتصر، فانتزع فوزًا مستحقًا يليق بروح تقاتل من أجل الشعار قبل النقاط. وفي مواجهة تونس، ورغم صعوبة الخصم، حافظ اللاعبون على حضورهم الذهني؛ لم يهتزوا أمام ضغط الجمهور ولا لحظات الحماس، بل لعبوا بميزان دقيق يعرف متى يتقدم ومتى يتراجع. فجاء التعادل إعلانًا أن فلسطين جاءت لتنافس، لا لتكمّل المشاركة. وراء هذا الأداء كان يقف مدرب يعرف لاعبيه كما يعرف صفحات كتابه المفضل. وظف قدراتهم بذكاء، وزع الأدوار بانسجام، وأخرج من كل لاعب أفضل ما لديه. وبدا الفريق كآلة متقنة، يعرف كل جزء فيها دوره، وتتحرك جميعها بتناغم ينبض بالحياة والتكيف. كلمة أخيرة: لقد كتب الفدائي اسمه في كأس العرب بمداد الفخر، ورفع رايته عاليًا ليذكرنا أن الرياضة ليست مجرد لعبة بل حكاية وطن.
1458
| 06 ديسمبر 2025