رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
(إسرائيل التي عرفناها إلى زوال)! هذا الاستنتاج ليس من أقوال حماس أو الجهاد و ليس ادعاء «معادين للسامية» بل تؤكد حقيقته هجرة جماعية لليهود من الدولة العبرية (350 ألفا منذ الطوفان) و تعززه استقالات وزراء و سفراء إسرائيليين من مناصبهم ثم فشل سياسة التعتيم و التمويه التي تمارسها حكومة اليمين المتطرف مضافة اليها فوضى المظاهرات اليومية التي تعج بالاف الشباب الإسرائيلي الى جانب مشاهد انتفاضة طلاب العالم ضد حرب الإبادة فهذه العبارة إذن هي عنوان مقال كتبه الصحفي والمحلل صديق إسرائيل (توماس فريدمان) مباشرة بعد الانتخابات التشريعية يقصد بتلك العبارة أن تكون بمثابة تحذير للفت الانتباه إلى مدى مخاطر تطرف هذا الائتلاف وأضاف الصحفي الأمريكي أن الكثيرين «لم يوافقوني الرأي وأعتقد أن تطورات الأحداث أثبتت خطأهم بعد أن أصبح الوضع الآن أسوأ من ذي قبل فإسرائيل التي عرفناها تسعى إلى زوالها وهي اليوم تواجه خطرا وجوديا وأوضح الأسباب التي تدفعه إلى هذا الاعتقاد ومن بينها أن إسرائيل تواجه قوة إقليمية عظمى متمثلة في إيران التي تمكنت من وضع إسرائيل «في كماشة» باستخدام من وصفهم بوكلائها في المنطقة كما يذكر فريدمان أن إسرائيل لا تملك ردا عسكريا أو دبلوماسيا، وإزاء هذه التطورات يقول الصحفي الأمريكي إن رئيس الوزراء لم يجد مناصا من أن «يبيع ضميره» ليشكل حكومة مع متطرفين يمينيين يصرون على أن إسرائيل يجب أن تقاتل في غزة حتى «النصر التام» بقتل آخر عنصر من حماس، ويرفضون أي شراكة مع السلطة الفلسطينية «لأنهم يريدون سيطرة إسرائيلية على كل الأراضي الواقعة بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط، بما في ذلك غزة ووفقا لفريدمان، فإن نتنياهو فعل ذلك من أجل البقاء في السلطة لتجنب احتمال إيداعه السجن بتهم تتعلق بالفساد ويتابع أنه مع انهيار مجلس الحرب الإسرائيلي المصغر بسبب افتقاره إلى خطة لإنهاء الحرب والانسحاب الآمن من غزة فإن المتطرفين بالائتلاف الحاكم يخطون خطواتهم التالية من أجل السيطرة على السلطة وعلى الرغم من أن هؤلاء المتطرفين تسببوا في كثير من الضرر بالفعل -كما يعتقد فريدمان- فإن الرئيس الأمريكي جو بايدن، واللجنة الأمريكية (أيباك) الإسرائيلية للشؤون العامة تناسوا هذه المخاطر التي تهدد مصير إسرائيل ووجودها وانتقد كاتب المقال قرار رئيس مجلس النواب مايك جونسون وزملاءه في الحزب الجمهوري بدعوة نتنياهو لإلقاء كلمة أمام جلسة مشتركة بالكونغرس يوم 24 يوليو المقبل. وأشار إلى أن الهدف غير المعلن من هذه الدعوة هو إحداث شرخ بين أنصار الحزب الديمقراطي من شأنه أن يُنَفِّر الناخبين والمانحين اليهود الأمريكيين ويجعلهم يتحولون إلى التصويت لصالح دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية وبحسب المقال فإن نتنياهو يدرك أن هذا كله يتعلق بالسياسة الأمريكية الداخلية ولهذا السبب فإن قبوله دعوة التحدث أمام الكونغرس لا يعدو أن يكون تصرفا ينطوي على «الغدر» بالرئيس بايدن الذي كان قد هرع إلى إسرائيل للإعراب عن وقوفه معها بعد هجوم حركة حماس عليها في السابع من أكتوبر ويرى فريدمان أن إسرائيل بحاجة إلى حكومة معتدلة واقعية يمكنها أن تخرجها من هذه الأزمة متعددة الأوجه، لافتا إلى أن ذلك لن يتحقق إلا بالإطاحة بنتنياهو من منصبه بانتخابات جديدة غير أن الأمر المفاجئ -في مقال نيويورك تايمز- أن فريدمان يؤيد فكرة السماح لرئيس حركة حماس في غزة، يحيى السنوار بإدارة القطاع بعد أن تضع الحرب أوزارها. ويبرر ذلك بأن الخيار المطروح في الوقت الحالي (أن تدير إسرائيل القطاع أو تصبح غزة صومالا آخر) هو بديل في نظره أسوأ بكثير ووصف اقتراح نتنياهو بأن يدير القطاع «فلسطينيون مثاليون» لا ينتمون إلى حماس أو السلطة الفلسطينية، نيابة عن إسرائيل، هو ضرب من الخيال. وأضاف أن الشعب الوحيد القادر على هزيمة حماس هم الفلسطينيون في غزة. أما الشهادة الثانية فهي ما نشرته أكبر المجلات السياسية الأمريكية (فورين افارس) يوم 22 يونيو 24 من تحليل معمق ونزيه كتبه عالم السياسة الأمريكي (روبرت بيب) المحاضر في أعرق الجامعات حول شؤون الأمن فقال: “ان العيب الرئيسي في إستراتيجية إسرائيل ليس فشل التكتيكات أو فرض قيود سياسية وأخلاقية على القوة العسكرية بل هو الفشل الشامل والصارخ في فهم مصادر قوة حماس واعتبر أن إسرائيل أخفقت على نحو يضر بها كثيرا في إدراك أن المذبحة والدمار اللذين أطلقتهما في غزة لم يؤديا إلا إلى زيادة قوة حركة حماس ويستمر الكاتب في تقييمه ليقول إن حماس تشن حاليا حرب عصابات تتضمن كمائن وقنابل يدوية الصنع (غالبا ما تكون مصنوعة من ذخائر غير منفجرة أو أسلحة تعود للجيش الإسرائيلي) وقد تطول هذه الحرب حتى نهاية عام 2024 على الأقل كما أن حماس يؤكد (بيب) لا يزال بإمكانها أن تضرب إسرائيل ولا يزال أكثر من 80% من شبكة الأنفاق تحت الأرض التابعة لها قابلة للاستخدام للتخطيط وتخزين الأسلحة، وتجنب المراقبة الإسرائيلية، وللاستيلاء والهجمات. ولا تزال معظم القيادة العليا لحماس في غزة سليمة. وباختصار فإن الهجوم الإسرائيلي السريع في الخريف أفسح المجال لحرب استنزاف طاحنة من شأنها أن تترك لحماس القدرة على مهاجمة المدنيين الإسرائيليين ويوضح عالم السياسة الأمريكي أن قوة حركة مثل حماس لا تأتي من العوامل المادية النموذجية التي يستخدمها المحللون للحكم على قوة الدول مثل حجم الاقتصاد والتطور التكنولوجي للجيوش ومقدار الدعم الخارجي الذي تتمتع به وقوة الأنظمة التعليمية بل المصدر الأكثر أهمية لتلك الحركات هو القدرة على التجنيد وخاصة قدرتها على جذب أجيال جديدة من المقاتلين والعناصر الذين ينفذون الحملات القاتلة وعلى استعداد للموت من أجل القضية. وهذه القدرة على التجنيد متجذرة في نهاية المطاف في عامل واحد: وهو حجم وشدة الدعم الذي تستمده المجموعة من مجتمعها وقال إن حماس تتمتع حاليا بالتفاف شعبي كبير حولها مما يساعد في تفسير عدم قيام سكان غزة بتقديم المزيد من المعلومات الاستخباراتية للقوات الإسرائيلية حول مكان وجود قادة الحركة والرهائن الإسرائيليين يرى الكاتب أن الدعم للهجمات المسلحة ضد المدنيين الإسرائيليين ارتفع بشكل خاص بين الفلسطينيين في الضفة الغربية وهو الآن على قدم المساواة مع المستويات العالية باستمرار من الدعم لهذه الهجمات في غزة مما يدل على أن حماس حققت مكاسب واسعة النطاق في المجتمع الفلسطيني منذ السابع من أكتوبر وأشار إلى أن العقوبة الإسرائيلية الفظيعة لسكان غزة لم يكن لها تأثير رادع كبير بينهم بل فشلت في الحد من دعمهم للهجمات المسلحة ضد المدنيين الإسرائيليين ودعمهم لحماس وفق تعبيره وقال (بيب) إن الوقت قد حان بعد 9 أشهر من الحرب الشاقة للاعتراف بالواقع الصارخ: السبيل العسكري وحده لا يهزم حماس فهي أكثر من مجموع العدد الحالي للمقاتلين كما أنها أيضا أكثر من مجرد فكرة مثيرة للذكريات. حماس حركة سياسية واجتماعية ليست على وشك الهزيمة ولن تختفي في أي وقت قريب وقضيتها أكثر شعبية وجاذبيتها أقوى مما كانت عليه قبل السابع من أكتوبر وسيستمر مقاتلوها في التدفق والمشاركة بالقتال بأعداد أكبر وسيزداد تهديدها لإسرائيل. هذه تحاليل مفكرين واعلاميين نزهاء فضلوا تحذير إسرائيل بمعطيات حقيقية من خطر الزوال لأن هذا الكيان الغاصب المحتل أصبح في قلب خطر وجودي كما تنبأت له الكتب السماوية حين يبلغ درجة الطغيان والظلم.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم خارج إطار العطاء، بل نراهم ذاكرة الوطن الحية، وامتداد مسيرة بنائه منذ عقود. هم الجيل الذي زرع، وأسّس، وساهم في تشكيل الملامح الأولى لمؤسسات الدولة الحديثة. ولأن قطر لم تكن يومًا دولة تنسى أبناءها، فقد كانت من أوائل الدول التي خصّت المتقاعدين برعاية استثنائية، وعلاوات تحفيزية، ومكافآت تليق بتاريخ عطائهم، في نهج إنساني رسخته القيادة الحكيمة منذ أعوام. لكن أبناء الوطن هؤلاء «المتقاعدون» لا يزالون ينظرون بعين الفخر والمحبة إلى كل خطوة تُتخذ اليوم، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله – فهم يرون في كل قرار جديد نبض الوطن يتجدد. ويقولون من قلوبهم: نحن أيضًا أبناؤك يا صاحب السمو، ما زلنا نعيش على عهدك، ننتظر لمستك الحانية التي تعودناها، ونثق أن كرمك لا يفرق بين من لا يزال في الميدان، ومن تقاعد بعد رحلة شرف وخدمة. وفي هذا الإطار، جاء اعتماد القانون الجديد للموارد البشرية ليؤكد من جديد أن التحفيز في قطر لا يقف عند حد، ولا يُوجّه لفئة دون أخرى. فالقانون ليس مجرد تحديث إداري أو تعديل في اللوائح، بل هو رؤية وطنية متكاملة تستهدف الإنسان قبل المنصب، والعطاء قبل العنوان الوظيفي. وقد حمل القانون في طياته علاوات متعددة، من بدل الزواج إلى بدل العمل الإضافي، وحوافز الأداء، وتشجيع التطوير المهني، في خطوة تُكرس العدالة، وتُعزز ثقافة التحفيز والاستقرار الأسري والمهني. هذا القانون يُعد امتدادًا طبيعيًا لنهج القيادة القطرية في تمكين الإنسان، سواء كان موظفًا أو متقاعدًا، فالجميع في عين الوطن سواء، وكل من خدم قطر سيبقى جزءًا من نسيجها وذاكرتها. إنه نهج يُترجم رؤية القيادة التي تؤمن بأن الوفاء ليس مجرد قيمة اجتماعية، بل سياسة دولة تُكرم العطاء وتزرع في الأجيال حب الخدمة العامة. في النهاية، يثبت هذا القانون أن قطر ماضية في تعزيز العدالة الوظيفية والتحفيز الإنساني، وأن الاستثمار في الإنسان – في كل مراحله – هو الاستثمار الأجدر والأبقى. فالموظف في مكتبه، والمتقاعد في بيته، كلاهما يسهم في كتابة الحكاية نفسها: حكاية وطن لا ينسى أبناءه.
8844
| 09 أكتوبر 2025
انتهت الحرب في غزة، أو هكذا ظنّوا. توقفت الطائرات عن التحليق، وصمت هدير المدافع، لكن المدينة لم تنم. فمن تحت الركام خرج الناس كأنهم يوقظون الحياة التي خُيّل إلى العالم أنها ماتت. عادوا أفراداً وجماعات، يحملون المكان في قلوبهم قبل أن يحملوا أمتعتهم. رأى العالم مشهدًا لم يتوقعه: رجال يكنسون الغبار عن العتبات، نساء يغسلن الحجارة بماء بحر غزة، وأطفال يركضون بين الخراب يبحثون عن كرة ضائعة أو بين الركام عن كتاب لم يحترق بعد. خلال ساعات معدودة، تحول الخراب إلى حركة، والموت إلى عمل، والدمار إلى إرادة. كان المشهد إعجازًا إنسانيًا بكل المقاييس، كأن غزة بأسرها خرجت من القبر وقالت: «ها أنا عدتُ إلى الحياة». تجاوز عدد الشهداء ستين ألفًا، والجراح تزيد على مائة وأربعين ألفًا، والبيوت المدمرة بالآلاف، لكن من نجا لم ينتظر المعونات، ولم ينتظر أعذار من خذلوه وتخاذلوا عنه، ولم يرفع راية الاستسلام. عاد الناس إلى بقايا منازلهم يرممونها بأيديهم العارية، وكأن الحجارة تُقبّل أيديهم وتقول: أنتم الحجارة بصمودكم لا أنا. عادوا يزرعون في قلب الخراب بذور الأمل والحياة. ذلك الزحف نحو النهوض أدهش العالم، كما أذهله من قبل صمودهم تحت دمار شارك فيه العالم كله ضدهم. ما رآه الآخرون “عودة”، رآه أهل غزة انتصارًا واسترجاعًا للحق السليب. في اللغة العربية، التي تُحسن التفريق بين المعاني، الفوز غير النصر. الفوز هو النجاة، أن تخرج من النار سليم الروح وإن احترق الجسد، أن تُنقذ كرامتك ولو فقدت بيتك. أما الانتصار فهو الغلبة، أن تتفوق على خصمك وتفرض عليه إرادتك. الفوز خلاص للنفس، والانتصار قهر للعدو. وغزة، بميزان اللغة والحق، (فازت لأنها نجت، وانتصرت لأنها ثبتت). لم تملك الطائرات ولا الدبابات، ولا الإمدادات ولا التحالفات، بل لم تملك شيئًا البتة سوى الإيمان بأن الأرض لا تموت ما دام فيها قلب ينبض. فمن ترابها خُلِقوا، وهم الأرض، وهم الركام، وهم الحطام، وها هم عادوا كأمواج تتلاطم يسابقون الزمن لغد أفضل. غزة لم ترفع سلاحًا أقوى من الصبر، ولا راية أعلى من الأمل. قال الله تعالى: “كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ”. فانتصارها كان بالله فقط، لا بعتاد البشر. لقد خسر العدو كثيرًا مما ظنّه نصرًا. خسر صورته أمام العالم، فصار علم فلسطين ودبكة غزة يلفّان الأرض شرقًا وغربًا. صار كلُّ حر في العالم غزاويًّا؛ مهما اختلف لونه ودينه ومذهبه أو لغته. وصار لغزة جوازُ سفرٍ لا تصدره حكومة ولا سلطة، اسمه الانتصار. يحمله كل حر وشريف لايلزم حمله إذنٌ رسمي ولا طلبٌ دبلوماسي. أصبحت غزة موجودة تنبض في شوارع أشهر المدن، وفي أكبر الملاعب والمحافل، وفي اشهر المنصات الإعلامية تأثيرًا. خسر العدو قدرته على تبرير المشهد، وذهل من تبدل الأدوار وانقلاب الموازين التي خسرها عليها عقوداً من السردية وامولاً لا حد لها ؛ فالدفة لم تعد بيده، والسفينة يقودها أحرار العالم. وذلك نصر الله، حين يشاء أن ينصر، فلله جنود السماوات والأرض. أما غزة، ففازت لأنها عادت، والعود ذاته فوز. فازت لأن الصمود فيها أرغم السياسة، ولأن الناس فيها اختاروا البناء على البكاء، والعمل على العويل، والأمل على اليأس. والله إنه لمشهدُ نصر وفتح مبين. من فاز؟ ومن انتصر؟ والله إنهم فازوا حين لم يستسلموا، وانتصروا حين لم يخضعوا رغم خذلان العالم لهم، حُرموا حتى من الماء، فلم يهاجروا، أُريد تهجيرهم، فلم يغادروا، أُحرقت بيوتهم، فلم ينكسروا، حوصرت مقاومتهم، فلم يتراجعوا، أرادوا إسكاتهم، فلم يصمتوا. لم… ولم… ولم… إلى ما لا نهاية من الثبات والعزيمة. فهل ما زلت تسأل من فاز ومن انتصر؟
5136
| 14 أكتوبر 2025
المشهد الغريب.. مؤتمر بلا صوت! هل تخيّلتم مؤتمرًا صحفيًا لا وجود فيه للصحافة؟ منصة أنيقة، شعارات لامعة، كاميرات معلّقة على الحائط، لكن لا قلم يكتب، ولا ميكروفون يحمل شعار صحيفة، ولا حتى سؤال واحد يوقظ الوعي! تتحدث الجهة المنظمة، تصفق لنفسها، وتغادر القاعة وكأنها أقنعت العالم بينما لم يسمعها أحد أصلًا! لماذا إذن يُسمّى «مؤتمرًا صحفيًا»؟ هل لأنهم اعتادوا أن يضعوا الكلمة فقط في الدعوة دون أن يدركوا معناها؟ أم لأن المواجهة الحقيقية مع الصحفيين باتت تزعج من تعودوا على الكلام الآمن، والتصفيق المضمون؟ أين الصحافة من المشهد؟ الصحافة الحقيقية ليست ديكورًا خلف المنصّة. الصحافة سؤالٌ، وجرأة، وضمير يسائل، لا يصفّق. فحين تغيب الأسئلة، يغيب العقل الجمعي، ويغيب معها جوهر المؤتمر ذاته. ما معنى أن تُقصى الميكروفونات ويُستبدل الحوار ببيانٍ مكتوب؟ منذ متى تحوّل «المؤتمر الصحفي» إلى إعلان تجاري مغلّف بالكلمات؟ ومنذ متى أصبحت الصورة أهم من المضمون؟ الخوف من السؤال. أزمة ثقة أم غياب وعي؟ الخوف من السؤال هو أول مظاهر الضعف في أي مؤسسة. المسؤول الذي يتهرب من الإجابة يعلن – دون أن يدري – فقره في الفكرة، وضعفه في الإقناع. في السياسة والإعلام، الشفافية لا تُمنح، بل تُختبر أمام الميكروفون، لا خلف العدسة. لماذا نخشى الصحفي؟ هل لأننا لا نملك إجابة؟ أم لأننا نخشى أن يكتشف الناس غيابها؟ الحقيقة الغائبة خلف العدسة ما يجري اليوم من «مؤتمرات بلا صحافة» هو تشويه للمفهوم ذاته. فالمؤتمر الصحفي لم يُخلق لتلميع الصورة، بل لكشف الحقيقة. هو مساحة مواجهة بين الكلمة والمسؤول، بين الفعل والتبرير. حين تتحول المنصّة إلى monologue - حديث ذاتي- تفقد الرسالة معناها. فما قيمة خطاب بلا جمهور؟ وما معنى شفافية لا تُختبر؟ في الختام.. المؤتمر بلا صحفيين، كالوطن بلا مواطنين، والصوت بلا صدى. من أراد الظهور، فليجرب الوقوف أمام سؤال صادق. ومن أراد الاحترام فليتحدث أمام من يملك الجرأة على أن يسأله: لماذا؟ وكيف؟ ومتى؟
4986
| 13 أكتوبر 2025