رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
لم تمرّ على الأمّةِ العربية، في عصورِها المختلفة، مَرحلةٌ، مثل هذه المرحلة الاتصالية الإلكترونية، والتي عبَثت بتُراث هذه اللغة، وحوّلتها إلى " مَسخ" في كثير من الظروف!؟ فما نقرأهُ عبر وسائل التواصل، هذه الأيام، ينعكسُ على أجوبة الامتحانات في الكليات والجامعات؛ لذلك نجدُ العديدَ من الطلبة والطالبات ينفرون من الأسئلة المقالية، أو التكليفات الكتابية والتقارير، ويُفضّلون أسئلة ( صح/ خطأ)، ذلك أنهم لم يتأسَّسوا تأسيساً سليماً ما قبل مرحلة الجامعة، وقد يكون هؤلاء الطلبة، والطالبات غيرَ مسؤولين عن هذا الخلل !؟
إن القرآن الكريم، هو الحافظ للغةِ العربية، وهو اللسانُ العربي الفصيح، وهو المرجعيةُ الأولى في ضَبط النحو والصرف، فإذا لم يُتقن المرءُ العربيُ المُسلمُ اللسانَ العربي، فكيف سيقرأ سورَ القرآن الكريم؟! نعم قد يحفظها عن ظَهر قلب، من كثرة الترديد في الصلاة، لكنه سيواجه مشكلةً عندما يكتب تلك السور!؟ فمثلاً، كيف سيقرأ هذا الإنسان، " ولم يكُن جبّاراً عصيًا" (مريم، 14)، أو " والذين يقولون ربّنا اصرِف عنّا عذابَ جَهَنّمَّ إن عذابَها كان غراما"، (الفرقان، 65). فلئن ذهبنا إلى مدرسة " المُحَورين" في اللغة سوف نكتب (جبّارا) هكذا (جبّارن)، وكذلك الحالُ مع كلمة (غراماً)، هكذا(غرامن)!؟
وهنالك العديد من الوقفات مع آيات القرآن الكريم، والتي كثيراً ما تَتشوهُ عند كتابتها من بعض الذين لا يُتقنون اللغة العربية.
ولعلَّ سائلاً يأتي ليقول: وما الحل؟؟
وهذا سؤال مشروع وحيّوي! إن مسؤوليتنا جميعاً أن نحمي لغتنا العربية، ونحن نعلم، أن بعضَ الشعوب التي تلاشت واضمحلَّ تُراثُها وحضارتُها كان بسبب إهمالها للغتِها الأصلية!؟ لأن اللغة هي الحاضنة لجميع أشكال تراثِ أية أمَة، والوعاء الذي تتشكَّلُ فيه ملامحُ الحضارة، والعلوم، والآداب، والفنون الماديّة وغير الماديّة. لذا، فإن الحفاظ على اللغة العربية من الأولويات التي يجب أن تحافظ عليها الأسرةُ في المقام الأول. وخاصة الأم، التي تترك أطفالَها لساعاتٍ طويلة مع الشغالة غير الناطقة باللغة العربية، خصوصاً في مرحلة تشُكل الوعي اللفظي لدى الطفل. فإذا ما أضفنا عددَ ساعات الروضة أو المدرسة، إلى ما يقضيه الطفل مع الشغالة في المنزل لوجدنا الآتي ( 6 +3 مساء+ 2 صباحاً = 11 ساعة يقضيها الطفل مع الشغالة !؟ ماذا بقي من الـ 24 ساعة، إذا افترضنا أن الطفلَ ينام 9 ساعات يومياً؟ 11+9 = 20 ساعة، وإذا ما خصَّصنا ساعاتٍ لمراجعة الطفل لدروسه، ولعبه في حوالي 3 ساعات!؟ لكان الباقي ساعة واحدة، وهذه (حسبة) بسيطة وتلقائية، بالطبع قد تقوم الأمُّ بمراجعة الدروس مع الطفل، ولكن هنالك فرقاً شاسعاً بين مدة بقاء الطفل مع الشغالة، وبين بقائه مع الأم !
إذن، فالمسألة تقعُ على عاتق الأسرة، ولا بد أن تُخصِّص الأمُّ أو الأمُّ والأبُ معاً، وقتاً، يومياً، للبقاء مع أبنائهما، كي يتعلّموا السلوكَ القويم، والعادات والتقاليد، ويقومان بترجمة الكلمات الإنجليزية التي يتحدث بها هؤلاء الأطفال، وأن يتعرَّف الطفلُ، عبر الصور، على الملامح الوطنية المحلية، وتلك المتعلقة بالأمة العربية والإسلامية.
وهذا أفضل من قضاء الأب خارج المنزل في عمله أو في مجالسَ مع أصدقائه، وبقاء الأم خارج المنزل في زيارات عائلية أو المرور على المولات. إن تناول وجبة الإفطار مع الطفل أفضل بكثير من تناولها في مطاعم المولات!؟ ونحن ندرك أن الأم ( مدرسة)!! وهذا يختصر كلاماً كثيراً عن التربية الأسرية!؟ فالطفل الذي يقوم بتصرفات غير لائقة، أو تالفة لمكونات المنزل، أو تُعرّضهُ للخطر، لا بد وأن يُلفت نظره، حتى لا يكبر وهو يُكرر نفسَ الأخطاء.
الأمر الثاني في شيوع هذه الأخطاء العديدة في اللغة العربية، هو عدم إكمال الشاب / الرجل، لدراسته، أو أنه أكملَ الثانوية (بالدّز)، أي كان نجاحهُ مُتعثِّراً. وقد يكون ذاكَرَ المادة كي يحصل على الدرجة، دون أن يحفلَ بأن تترسَّخَ المادةُ أو المعلومةُ في عقله، ويزيد في هذا، عدمُ قراءة هذا الشاب / الرجل للكتب أو المقالات أو القصص، التي يُمكن أن تدعَم جودةَ الإملاء لديه. فما بالكم إن جاء شخصٌ (من هذه النوعية) وطبع كتاباً، وهو لا يعرف النحو والصرف، بل ولا يفرِّق بين المثنى والجمع، أو جمع المؤنث أو المثنى المؤنث، أو الممنوع من الصرف !؟
الأمر الثالث هو هيئات التعليم، ولقد مرَّ التعليمُ – لدينا – بمُنعرجاتٍ عدّة، لا نودّ الخوض فيها في هذا المقام. ولكن ما تتطلبه المرحلة الحالية، في ظلِّ ضعفِ اللغة لدى كثيرين، خصوصاً طلّابنا وطالباتنا، أن تعود حصَصُ الإملاء والإنشاء والخطِّ في مناهجنا!؟ صَدّقوني، هذه ليست دعوة " نكوصية" إلى الوراء، بقدر ما هي وسيلة لإنقاذ الجيل من هذا الوهن الظاهر في اللغة العربية. نعم، إن جيل السبعينيات، لم يتعلّم اللغة إلا عَبر مواد الإملاء والإنشاء والخط، لأن تكرارَ الكلمة، وتصحيحَ الأستاذ للخطأ، أمام الطالب، سوف يُرسّخ الكلمة في ذهن الطالب، ولا بأس من أن يطلب المدرسُ من الطالب، كتابة الكلمة الخطأ (مائة مرة) في المنزل. قد تكون المراحل السابقة أهملت توظيفَ المُدرسين الأكفاء لتعليم اللغة العربية، إذ أن عملية توصيل المادة، عبر الاتصال الجيد، ولغة الجَسد الناجحة، من الأمور المُهمَّة في تعليم اللغة، حتى وإن كان المُدرس يحمل مؤهلاً في التربية. كما أن الوعيد والتهديد من قِبل المُدرس للطالب، يجعل هذا الأخير ينفرُ من المادة ؛ بعضُنا لم يتعلم اللغةَ كلَّها في الفصل، بل خارج الفصل، في نقاشاتِ الأصدقاء، وأحياناً عبر مُدرسٍ مُتخصِّص، ليست عليه أعباءٌ وواجباتٌ مُنهِكةٌ في اليوم.
وفي المرحلة الجامعية، بكلية الآداب/ جامعة بيروت العربية، أذكرُ كُنا نتناقش – ونحن ثلاثة من قسم اللغة العربية – حتى ساعات الصباح الأولى، نُحلِّلُ، ونُفسّرُ، ونُثبت الحجةَ في مسألة النحو والصرف. وكان ذاك النقاشُ يُرسّخ المادةَ في عقولنا، ويجعلنا نستحضرُها في الامتحان. وهنا يُمكن أن نقترحَ أن يكون هنالك نادٍ للغة العربية في كلِّ مدرسةٍ وكلِّ كليةٍ وكل جامعة، وأن تُقام في النادي دوراتٌ وورشُ عملٍ، بهدف ترسيخ اللغة العربية، وتجنُب الأخطاء في كتابتها. ويُمكنُ أن يتمَّ تحويلُ كتاب اللغة (النحو والصرف والإملاء) إلى شكلٍ بصري ( فيديو وشرائح)، لأن العين، في هذه الأيام، التي يعتمدُ أهلُها على الشكل البصري، تكون أقوى في ترسيخ الكلمة الصحيحة في ذهن الطالب.
الأمر الرابع في هذه القضية هو القراءة !؟ إن القراءة عاملٌ مهمٌّ في إتقان اللغة. ونحن نعلم، من التجارب القريبة، أن هنالك نسبة لا تجاوز 5% من طلابنا يقرَؤون كتباً خارج المنهج، وتلك إشكالية كبرى، تتشارك الأسرة ُفي حلّها مع هيئاتِ التعليم، والمراكز الشبابية والنوادي.
و" شكرن "، أقصد شكراً!؟
الفدائي يشعل البطولة
لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل كراية مرفوعة تتقدم بثبات لا يعرف الانحناء. خطا اللاعبون إلى... اقرأ المزيد
996
| 06 ديسمبر 2025
كيف ساهم علم النفس في تطبيع السلوكيات المؤذية؟
في خضم التطور الكبير الذي شهده علم النفس في العصر الحديث، ظهرت مصطلحات جديدة أخذت مكانها في الأذهان،... اقرأ المزيد
57
| 05 ديسمبر 2025
الحقيقة والسراب ونمو المجتمعات
الثراء الحقيقي هو ثراء النفس والذهن والروح والثراء لا ينبع بدون حقيقة مادية ملموسة وهذه الحقيقة تتكون من... اقرأ المزيد
93
| 05 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
بات الذكاء الاصطناعي اليوم واقعاً لا يمكن تجاهله في ميادين العمل القانوني، حيث بدأت العديد من مكاتب المحاماة في مختلف الدول تستعين بتطبيقاته. غير أن هذه الاستعانة قد تثير، في بعض الأحيان، إشكالات قانونية حول مدى الاستخدام المنضبط لهذه التقنيات، ولا سيما عند الاعتماد على مخرجاتها دون التحقق من صحتها ودقتها، وهو ما تجلى بوضوح في حكم حديث صادر عن محكمة قطر الدولية، حيث تصدت فيه المحكمة لهذه المسألة للمرة الأولى في نطاق قضائها. فقد صدر مؤخراً حكم عن الدائرة الابتدائية بالمحكمة المدنية والتجارية لمركز قطر للمال، (المعروفة رسمياً باسم محكمة قطر الدولية)، في القضية رقم: [2025] QIC (F) 57 بتاريخ 9 نوفمبر 2025، بشأن الاستخدام غير المنضبط وسوء توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي في العمل القانوني. وقد ورد في حيثيات الحكم أن أحد المترافعين أمام المحكمة، وهو محامٍ يعمل لدى أحد مكاتب المحاماة المقيدة خارج دولة قطر، كما هو واضح في الحكم، قد استند في دفاعه إلى أحكام وسوابق قضائية نسبها إلى المحكمة المدنية والتجارية لمركز قطر للمال. غير أن المحكمة، وبعد أن باشرت فحص المستندات والتحقق من الوقائع، تبين لها أن تلك السوابق لا وجود لها في سجلاتها الرسمية، ولم تصدر عن أي من دوائرها، وأن ما استند إليه المترافع إنما كان من مخرجات غير دقيقة صادرة عن أحد تطبيقات الذكاء الاصطناعي المدمجة في أحد محركات البحث الإلكترونية المعروفة، والتي عرضت أحكاما وسوابق قضائية وهمية لا أصل لها في الواقع أو في القضاء.وقد بينت المحكمة في حيثيات حكمها أن السلوك الذي صدر عن المحامي، وإن بدا في ظاهره خطأ غير مقصود، إلا أنه في جوهره يرقى إلى السلوك العمدي لما انطوى عليه من تقديم معلومات غير صحيحة تمثل ازدراء للمحكمة. وقد أشارت المحكمة إلى أنه كان بوسع المحامي أن يتحقق من صحة السوابق والأحكام القضائية التي استند إليها لو أنه بذل العناية الواجبة والتزم بأدنى متطلبات التحقق المهني، لا سيما وأن جميع أحكام المحكمة متاحة ومتوفرة عبر موقعها الإلكتروني الرسمي. وانتهت المحكمة إلى أن ما صدر عن المحامي يُشكل مخالفة صريحة لأحكام المادة (35.2.5) من القواعد والإجراءات المتبعة أمام المحكمة المدنية والتجارية لمركز قطر للمال لسنة 2025، والتي نصت على أن إعطاء معلومات خاطئة أو مضللة يُعد مخالفة تستوجب المساءلة والجزاء. كما أوضحت المحكمة أن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، بوجه عام، في ميدان التقاضي هو أمر مرحب به لما يوفره من نفقات على أطراف الدعوى، ويُسهم في رفع كفاءة الأداء متى تم في إطاره المنضبط وتحت رقابة بشرية واعية. إذ إن الاعتماد عليه دون تحقق أو مراجعة دقيقة قد يفضي إلى نتائج غير محمودة. وقد أشارت المحكمة إلى أنها المرة الأولى التي يُستأنس فيها أمامها بأحكام منسوبة إليها لم تصدر عنها في الأصل، غير أنها أوضحت في الوقت ذاته أنّ مثل هذه الظاهرة قد ظهرت في عدد من الدول على خلفية التوسع في استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجال القانوني. وفي هذا الإطار، أشارت المحكمة إلى ما قضت به محكمة بولاية نيويورك في قضية Mata v. Avianca Inc (2023)، إذ تبين أن أحد المحامين قدم مذكرات قانونية اشتملت على أحكام وسوابق مختلقة تولدت عن استخدام غير دقيق لتقنيات الذكاء الاصطناعي. كما أشارت المحكمة إلى حكم آخر صادر عن محكمة بالمملكة المتحدة في قضية Ayinde v. Haringey (2025)، والذي أكد على وجوب المراجعة البشرية الدقيقة لأي نص قانوني أو سابقة قضائية يُنتجها الذكاء الاصطناعي قبل الاستناد إليها أمام القضاء، باعتبار ذلك التزاماً مهنياً وأخلاقياً لا يجوز التهاون فيه.كما لفتت المحكمة إلى أن ظواهر مماثلة قد لوحظت في بعض القضايا المنظورة أمام المحاكم في كندا وأستراليا، ويُظهر ذلك اتساع نطاق هذه الظاهرة وضرورة إحاطتها بضوابط مهنية دقيقة تكفل صون نزاهة الممارسة القانونية واستقلالها. وقد بينت المحكمة أنها بصدد إصدار توجيه إجرائي يقضي بأن الاستناد والإشارة إلى أي قضية أو مرجع أمام المحكمة في المستقبل دون التحقق من صحته أو من مصدره يُعد مخالفة تستوجب الجزاء، وقد يمتد أثرها إلى إعلان اسم المحامي ومكتبه في قرار المحكمة. وفي تقديرنا، يُعد هذا التوجه خطوة تُعزز مبادئ الشفافية، وتُكرس الانضباط المهني، وتُسهم في ردع أي ممارسات قد تمس بنزاهة الإجراءات القضائية وسلامة العمل القانوني. وفي الختام، نرى أن حكم محكمة قطر الدولية يُشكل رسالة مفادها أن الذكاء الاصطناعي سلاح ذو حدين، فإن أُحسن توظيفه كان عوناً في البحث والتحليل والاستدلال، أما إذا أُطلق دون رقابة أو وعي مهني، فقد يُقوض نزاهة التقاضي بين الخصوم ويُعد مساساً بمكانة المحكمة ووقارها.
2607
| 30 نوفمبر 2025
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول شعاع يلامس مياه الخليج الهادئة، من المعتاد أن أقصد شاطئ الوكرة لأجد فيه ملاذا هادئا بعد صلاة الفجر. لكن ما شهده الشاطئ اليوم لم يكن منظرا مألوفا للجمال، بل كان صدمة بصرية مؤسفة، مخلفات ممتدة على طول الرمال النظيفة، تحكي قصة إهمال وتعدٍ على البيئة والمكان العام. شعرت بالإحباط الشديد عند رؤية هذا المنظر المؤسف على شاطئ الوكرة في هذا الصباح. إنه لأمر محزن حقا أن تتحول مساحة طبيعية جميلة ومكان للسكينة إلى مشهد مليء بالمخلفات. الذي يصفه الزوار بأنه «غير لائق» بكل المقاييس، يثير موجة من التساؤلات التي تتردد على ألسنة كل من يرى المشهد. أين الرقابة؟ وأين المحاسبة؟ والأهم من ذلك كله ما ذنب عامل النظافة المسكين؟ لماذا يتحمل عناء هذا المشهد المؤسف؟ صحيح أن تنظيف الشاطئ هو من عمله الرسمي، ولكن ليس هو المسؤول. والمسؤول الحقيقي هو الزائر أولا وأخيرا، ومخالفة هؤلاء هي ما تصنع هذا الواقع المؤلم. بالعكس، فقد شاهدت بنفسي جهود الجهات المختصة في المتابعة والتنظيم، كما لمست جدية وجهد عمال النظافة دون أي تقصير منهم. ولكن للأسف، بعض رواد هذا المكان هم المقصرون، وبعضهم هو من يترك خلفه هذا الكم من الإهمال. شواطئنا هي وجهتنا وواجهتنا الحضارية. إنها المتنفس الأول للعائلات، ومساحة الاستمتاع بالبيئة البحرية التي هي جزء أصيل من هويتنا. أن نرى هذه المساحات تتحول إلى مكب للنفايات بفعل فاعل، سواء كان مستخدما غير واعٍ هو أمر غير مقبول. أين الوعي البيئي لدى بعض رواد الشاطئ الذين يتجردون من أدنى حس للمسؤولية ويتركون وراءهم مخلفاتهم؟ يجب أن يكون هناك تشديد وتطبيق صارم للغرامات والعقوبات على كل من يرمي النفايات في الأماكن غير المخصصة لها، لجعل السلوك الخاطئ مكلفا ورادعا.
2484
| 05 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين برحيل معالي الأستاذ الدكتور الشيخ محمد بن علي العقلا، أحد أشهر من تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، والحق أنني ما رأيت أحدًا أجمعت القلوب على حبه في المدينة المنورة لتواضعه ودماثة أخلاقه، كما أجمعت على حب الفقيد الراحل، تغمده الله بواسع رحماته، وأسكنه روضات جناته، اللهم آمين. ولد الشيخ العقلا عليه الرحمة في مكة المكرمة عام 1378 في أسرة تميمية النسب، قصيمية الأصل، برز فيها عدد من الأجلاء الذين تولوا المناصب الرفيعة في المملكة العربية السعودية منذ تأسيس الدولة. وقد تولى الشيخ محمد بن علي نفسه عمادة كلية الشريعة بجامعة أم القرى، ثم تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1428، فكان مكتبه عامرا بالضيوف والمراجعين مفتوحًا للجميع وجواله بالمثل، وكان دأبه الرد على الرسائل في حال لم يتمكن من إجابة الاتصالات لأشغاله الكثيرة، ويشارك في الوقت نفسه جميع الناس في مناسباتهم أفراحهم وأتراحهم. خرجنا ونحن طلاب مع فضيلته في رحلة إلى بر المدينة مع إمام الحرم النبوي وقاضي المدينة العلامة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ وعميد كلية أصول الدين الشيخ عبد العزيز بن صالح الطويان ونائب رئيس الجامعة الشيخ أحمد كاتب وغيرهم، فكان رحمه الله آية في التواضع وهضم الذات وكسر البروتوكول حتى أذاب سائر الحواجز بين جميع المشاركين في تلك الرحلة. عرف رحمه الله بقضاء حوائج الناس مع ابتسامة لا تفارق محياه، وقد دخلت شخصيا مكتبه رحمه الله تعالى لحاجة ما، فاتصل مباشرة بالشخص المسؤول وطلب الإسراع في تخليص الأمر الخاص بي، فكان لذلك وقع طيب في نفسي وزملائي من حولي. ومن مآثره الحسان التي طالما تحدث بها طلاب الجامعة الإسلامية أن أحد طلاب الجامعة الإسلامية الأفارقة اتصل بالشيخ في منتصف الليل وطلب منه أن يتدخل لإدخال زوجته الحامل إلى المستشفى، وكانت في حال المخاض، فحضر الشيخ نفسه إليه ونقله وزوجته إلى المستشفى، وبذل جاهه في سبيل تيسير إدخال المرأة لتنال الرعاية اللازمة. شرفنا رحمه الله وأجزل مثوبته بالزيارة إلى قطر مع أهل بيته، وكانت زيارة كبيرة على القلب وتركت فينا أسنى الأثر، ودعونا فضيلته للمشاركة بمؤتمر دولي أقامته جامعة الزيتونة عندما كنت مبتعثًا من الدولة إليها لكتابة أطروحة الدكتوراه مع عضويتي بوحدة السنة والسيرة في الزيتونة، فكانت رسالته الصوتية وشكره أكبر داعم لنا، وشارك يومها من المملكة معالي وزير التعليم الأسبق والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الوالد الشيخ عبدالله بن صالح العبيد بورقة علمية بعنوان «جهود المملكة العربية السعودية في خدمة السنة النبوية» ومعالي الوالد الشيخ قيس بن محمد آل الشيخ مبارك، العضو السابق بهيئة كبار العلماء في المملكة، وقد قرأنا عليه أثناء وجوده في تونس من كتاب الوقف في مختصر الشيخ خليل، واستفدنا من عقله وعلمه وأدبه. وخلال وجودنا بالمدينة أقيمت ندوة لصاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد آل سعود حضرها أمير المدينة يومها الأمير المحبوب عبد العزيز بن ماجد وعلماء المدينة وكبار مسؤوليها، وحينما حضرنا جعلني بعض المرافقين للشيخ العقلا بجوار المستشارين بالديوان الملكي، كما جعلوا الشيخ جاسم بن محمد الجابر بجوار أعضاء مجلس الشورى. وفي بعض الفصول الدراسية زاملنا ابنه الدكتور عقيل ابن الشيخ محمد بن علي العقلا فكان كأبيه في الأدب ودماثة الأخلاق والسعي في تلبية حاجات زملائه. ودعانا مرة معالي الشيخ العلامة سعد بن ناصر الشثري في الحرم المكي لتناول العشاء في مجلس الوجيه القطان بمكة، وتعرفنا يومها على رئيس هيئات مكة المكرمة الشيخ فراج بن علي العقلا، الأخ الأكبر للشيخ محمد، فكان سلام الناس عليه دليلا واضحا على منزلته في قلوبهم، وقد دعانا إلى زيارة مجلسه، جزاه الله خيرا. صادق العزاء وجميل السلوان نزجيها إلى أسرة الشيخ ومحبيه وطلابه وعموم أهلنا الكرام في المملكة العربية السعودية، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، اللهم تقبله في العلماء الأتقياء الأنقياء العاملين الصالحين من أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. «إنا لله وإنا إليه راجعون».
1581
| 04 ديسمبر 2025