رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
المرء العاقل يعلم جيداً في قرارة نفسه أن أول ما يلفت نظرنا هو جمال الظاهر قبل جمال الباطن، في حين أن جمال الباطن يحتاج إلى وقت لنستبينه ونتعرف عليه لما جعل له الأهمية العظمى، بعكس الظاهر الذي يدخل عينيك وقلبك قبل أن يرتد إليك طرفك، فالله عز وجل خلق الإنسان في أحسن صورة، فالإنسان هو الكائن الوحيد في هذا الوجود الذي نفخ الله فيه من روحه، وقد كانت هذه النفخة الروحية الإلهية هي مناط التكريم الذي حظى به الإنسان، ومن اجل ذلك طلب الله سبحانه وتعالى من الملائكة ان يسجدوا لآدم تكريما له، ليس لأنه خلق من طين ولكن لأن الله قد نفخ فيه من روحه، فكان هذا التكريم الذي جعله للإنسان سببا في استخلافه في الأرض وتعميره لها ببقاء النوع الإنساني. والأمة تعيش في هذه الأوقات فتناً كبرى ومتغيرات خطيرة تعصف بنا كعصف الريح العاتية بالورقة اليابسة، فتنا تمر على العباد كقطع الليل المظلم، تتبدل فيها الأحوال وتتغير فيها النفوس وتضيق بها صدور أهل الحق، حتى يصبح فيها الحليم حيران، ولا عجب فقد اخبر الهدي النبوي بذلك بأنها ستكون فتن كقطع الليل المظلم قيل وما المخرج منها قال كتاب الله الكريم هو حبل الله المتين وصراطه المستقيم، فجمال الطبيعة هو منصة الانطلاق التي تدفعنا للتفكر في عظمة خالقها والنواميس التي وضعها فيها، ولو كانت الطبيعة موحشة كئيبة صماء لنفرنا منها ولما مارسنا عبادة التفكر.
إن الحق رائع وجميل لكن إدراك ذلك لا يتم فورا لجميع الناس، فما كان للجمال الباطني للحق أن يظهر على نطاق واسع لولا أن قيض الله له هذه المحسنات الظاهرية، ومن ذلك جمال الشكل لدى البشر، فقد كان الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه أحسن الناس خلقة وأجملهم محيا، كما أوجب على المؤمن أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة، فهناك من بالغ صاعا وصاعين في الأمر وصار الجمال عنده جمال المظهر وحسب، وليعلم كل ذي عقل وفهم أن طاعة الله تعالى هي الأصل الذي جاءت به الشرائع السماوية جمعاء، ودعت إليه كل الديانات السماوية على لسان الرسل والأنبياء، الذين بعثهم الله عز وجل منقذين البشرية من الظلمات إلى النور، ووضعت لذلك أسس وشرائع من عبادات ومعاملات تقوم عليها سعادة البشرية، فبهذا الإيمان تستطيع هذه البشرية التي استخلفها الله تعالى في الأرض أن تعيش في سعادة وأمان ويتحقق لها الرخاء والطمأنينة، فإن بناء الرجال الذين تفخر بهم الأمة يقوم في حقيقته على الاهتمام ببناء النفس والعقل، فتفاوت الناس بالهمم لا بالصور، والله لا ينظر إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم، وحتى يصل الإنسان إلى هذه المرتبة فإن عليه أن يعمل على استقامة صلته بنفسه وبالله وبالناس وبالعالم الذي يعيش فيه، فلا يشتغل المرء إلا بما يكسب به العلا ولا يرضى لنفسه بالهلاك، فإن الناس مختلفون في بناء أنفسهم وتأسيسها وتربيتها اختلافا بيّنا، يظهر ذلك جليا في اختلافهم في استقبال المحن والمنح، والإغراء والتحذير والنعم والنقم والترغيب والترهيب، والفقر والغنى فمنهم سابق للخيرات وهو من أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان، فربى نفسه على الطاعة والقربات وأدبها بالبعد عن المعاصي والملذات، فهذا لا تضره فتنة ولا تزعزعه شبهة ولا تغلبه شهوة، صامد كالطود الشامخ فهم الحياة نعمة ونقمة يسرا وعسرا، ثم اجتهد في التوازن بين هذا وذاك لأنه علم أن كل شيء بقدر وأن مع العسر يسر فضبط نفسه في الحالين، فلم يحزن على ما فات ولم يفرح بما هو آت، فتجده راضي النفس مطمئن الفؤاد، هذا هو السابق إلى الخيرات كريم النفس صافي القلب لا تزعزعه المحن ولا تؤثر فيه الفتن بل يزرع الخير ويجني الفوائد، فلا يوجد لدى الإسلام مشكلة مع جمال المظهر، المشكلة هي مع الفتنة والفتنة مكانها الجسد والقلب، والإسلام وضع ضوابط وقواعد للتعامل بينهما، فحمى بذلك الجسد والقلب معا أرأيتم أن الجمال ليس بالضرورة هو الفتنة، وإن كان بوابة أساسية له على اعتبار أن الجميل يلفت النظر لكن الإسلام سد الذريعة أمام ذلك بقواعد للتعامل تصون المجتمع، كما أن الانشغال بجمال الظاهر وحده جناية، فإن الخوف من الاعتراف بأهمية جمال الظاهر جناية عظمى لأنها تتبع سياسة التجنب وإيثار السلامة، ولأنها تأتي من عقل لا يريد أن يتطور ولا يريد أن ينضو عن نفسه بالأنماط التي غرسها المجتمع فيه، فجمال المظهر يملك جواز سفر دبلوماسيا يمكننا منه الدخول في حضرة جمال الباطن.
إدراك وفهم عميقان لمعنى وحقيقة يوم القيامة، اليوم الذي تنقطع فيه كل الصلات والوشائج والعلاقات التي كانت بين... اقرأ المزيد
60
| 16 أكتوبر 2025
• فرحة التأهّل إلى كأس العالم هي فرحة بطعم خاص، بطعم استضافة كأس العالم 2022، ذلك الحدث التاريخي... اقرأ المزيد
81
| 16 أكتوبر 2025
في زمنٍ سريعٍ يركض بنا دون توقف، نعتقد أحيانًا أن ما نقوله أو نفعله يمرّ بلا أثر. غير... اقرأ المزيد
78
| 16 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم خارج إطار العطاء، بل نراهم ذاكرة الوطن الحية، وامتداد مسيرة بنائه منذ عقود. هم الجيل الذي زرع، وأسّس، وساهم في تشكيل الملامح الأولى لمؤسسات الدولة الحديثة. ولأن قطر لم تكن يومًا دولة تنسى أبناءها، فقد كانت من أوائل الدول التي خصّت المتقاعدين برعاية استثنائية، وعلاوات تحفيزية، ومكافآت تليق بتاريخ عطائهم، في نهج إنساني رسخته القيادة الحكيمة منذ أعوام. لكن أبناء الوطن هؤلاء «المتقاعدون» لا يزالون ينظرون بعين الفخر والمحبة إلى كل خطوة تُتخذ اليوم، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله – فهم يرون في كل قرار جديد نبض الوطن يتجدد. ويقولون من قلوبهم: نحن أيضًا أبناؤك يا صاحب السمو، ما زلنا نعيش على عهدك، ننتظر لمستك الحانية التي تعودناها، ونثق أن كرمك لا يفرق بين من لا يزال في الميدان، ومن تقاعد بعد رحلة شرف وخدمة. وفي هذا الإطار، جاء اعتماد القانون الجديد للموارد البشرية ليؤكد من جديد أن التحفيز في قطر لا يقف عند حد، ولا يُوجّه لفئة دون أخرى. فالقانون ليس مجرد تحديث إداري أو تعديل في اللوائح، بل هو رؤية وطنية متكاملة تستهدف الإنسان قبل المنصب، والعطاء قبل العنوان الوظيفي. وقد حمل القانون في طياته علاوات متعددة، من بدل الزواج إلى بدل العمل الإضافي، وحوافز الأداء، وتشجيع التطوير المهني، في خطوة تُكرس العدالة، وتُعزز ثقافة التحفيز والاستقرار الأسري والمهني. هذا القانون يُعد امتدادًا طبيعيًا لنهج القيادة القطرية في تمكين الإنسان، سواء كان موظفًا أو متقاعدًا، فالجميع في عين الوطن سواء، وكل من خدم قطر سيبقى جزءًا من نسيجها وذاكرتها. إنه نهج يُترجم رؤية القيادة التي تؤمن بأن الوفاء ليس مجرد قيمة اجتماعية، بل سياسة دولة تُكرم العطاء وتزرع في الأجيال حب الخدمة العامة. في النهاية، يثبت هذا القانون أن قطر ماضية في تعزيز العدالة الوظيفية والتحفيز الإنساني، وأن الاستثمار في الإنسان – في كل مراحله – هو الاستثمار الأجدر والأبقى. فالموظف في مكتبه، والمتقاعد في بيته، كلاهما يسهم في كتابة الحكاية نفسها: حكاية وطن لا ينسى أبناءه.
9027
| 09 أكتوبر 2025
المشهد الغريب.. مؤتمر بلا صوت! هل تخيّلتم مؤتمرًا صحفيًا لا وجود فيه للصحافة؟ منصة أنيقة، شعارات لامعة، كاميرات معلّقة على الحائط، لكن لا قلم يكتب، ولا ميكروفون يحمل شعار صحيفة، ولا حتى سؤال واحد يوقظ الوعي! تتحدث الجهة المنظمة، تصفق لنفسها، وتغادر القاعة وكأنها أقنعت العالم بينما لم يسمعها أحد أصلًا! لماذا إذن يُسمّى «مؤتمرًا صحفيًا»؟ هل لأنهم اعتادوا أن يضعوا الكلمة فقط في الدعوة دون أن يدركوا معناها؟ أم لأن المواجهة الحقيقية مع الصحفيين باتت تزعج من تعودوا على الكلام الآمن، والتصفيق المضمون؟ أين الصحافة من المشهد؟ الصحافة الحقيقية ليست ديكورًا خلف المنصّة. الصحافة سؤالٌ، وجرأة، وضمير يسائل، لا يصفّق. فحين تغيب الأسئلة، يغيب العقل الجمعي، ويغيب معها جوهر المؤتمر ذاته. ما معنى أن تُقصى الميكروفونات ويُستبدل الحوار ببيانٍ مكتوب؟ منذ متى تحوّل «المؤتمر الصحفي» إلى إعلان تجاري مغلّف بالكلمات؟ ومنذ متى أصبحت الصورة أهم من المضمون؟ الخوف من السؤال. أزمة ثقة أم غياب وعي؟ الخوف من السؤال هو أول مظاهر الضعف في أي مؤسسة. المسؤول الذي يتهرب من الإجابة يعلن – دون أن يدري – فقره في الفكرة، وضعفه في الإقناع. في السياسة والإعلام، الشفافية لا تُمنح، بل تُختبر أمام الميكروفون، لا خلف العدسة. لماذا نخشى الصحفي؟ هل لأننا لا نملك إجابة؟ أم لأننا نخشى أن يكتشف الناس غيابها؟ الحقيقة الغائبة خلف العدسة ما يجري اليوم من «مؤتمرات بلا صحافة» هو تشويه للمفهوم ذاته. فالمؤتمر الصحفي لم يُخلق لتلميع الصورة، بل لكشف الحقيقة. هو مساحة مواجهة بين الكلمة والمسؤول، بين الفعل والتبرير. حين تتحول المنصّة إلى monologue - حديث ذاتي- تفقد الرسالة معناها. فما قيمة خطاب بلا جمهور؟ وما معنى شفافية لا تُختبر؟ في الختام.. المؤتمر بلا صحفيين، كالوطن بلا مواطنين، والصوت بلا صدى. من أراد الظهور، فليجرب الوقوف أمام سؤال صادق. ومن أراد الاحترام فليتحدث أمام من يملك الجرأة على أن يسأله: لماذا؟ وكيف؟ ومتى؟
6540
| 13 أكتوبر 2025
انتهت الحرب في غزة، أو هكذا ظنّوا. توقفت الطائرات عن التحليق، وصمت هدير المدافع، لكن المدينة لم تنم. فمن تحت الركام خرج الناس كأنهم يوقظون الحياة التي خُيّل إلى العالم أنها ماتت. عادوا أفراداً وجماعات، يحملون المكان في قلوبهم قبل أن يحملوا أمتعتهم. رأى العالم مشهدًا لم يتوقعه: رجال يكنسون الغبار عن العتبات، نساء يغسلن الحجارة بماء بحر غزة، وأطفال يركضون بين الخراب يبحثون عن كرة ضائعة أو بين الركام عن كتاب لم يحترق بعد. خلال ساعات معدودة، تحول الخراب إلى حركة، والموت إلى عمل، والدمار إلى إرادة. كان المشهد إعجازًا إنسانيًا بكل المقاييس، كأن غزة بأسرها خرجت من القبر وقالت: «ها أنا عدتُ إلى الحياة». تجاوز عدد الشهداء ستين ألفًا، والجراح تزيد على مائة وأربعين ألفًا، والبيوت المدمرة بالآلاف، لكن من نجا لم ينتظر المعونات، ولم ينتظر أعذار من خذلوه وتخاذلوا عنه، ولم يرفع راية الاستسلام. عاد الناس إلى بقايا منازلهم يرممونها بأيديهم العارية، وكأن الحجارة تُقبّل أيديهم وتقول: أنتم الحجارة بصمودكم لا أنا. عادوا يزرعون في قلب الخراب بذور الأمل والحياة. ذلك الزحف نحو النهوض أدهش العالم، كما أذهله من قبل صمودهم تحت دمار شارك فيه العالم كله ضدهم. ما رآه الآخرون “عودة”، رآه أهل غزة انتصارًا واسترجاعًا للحق السليب. في اللغة العربية، التي تُحسن التفريق بين المعاني، الفوز غير النصر. الفوز هو النجاة، أن تخرج من النار سليم الروح وإن احترق الجسد، أن تُنقذ كرامتك ولو فقدت بيتك. أما الانتصار فهو الغلبة، أن تتفوق على خصمك وتفرض عليه إرادتك. الفوز خلاص للنفس، والانتصار قهر للعدو. وغزة، بميزان اللغة والحق، (فازت لأنها نجت، وانتصرت لأنها ثبتت). لم تملك الطائرات ولا الدبابات، ولا الإمدادات ولا التحالفات، بل لم تملك شيئًا البتة سوى الإيمان بأن الأرض لا تموت ما دام فيها قلب ينبض. فمن ترابها خُلِقوا، وهم الأرض، وهم الركام، وهم الحطام، وها هم عادوا كأمواج تتلاطم يسابقون الزمن لغد أفضل. غزة لم ترفع سلاحًا أقوى من الصبر، ولا راية أعلى من الأمل. قال الله تعالى: “كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ”. فانتصارها كان بالله فقط، لا بعتاد البشر. لقد خسر العدو كثيرًا مما ظنّه نصرًا. خسر صورته أمام العالم، فصار علم فلسطين ودبكة غزة يلفّان الأرض شرقًا وغربًا. صار كلُّ حر في العالم غزاويًّا؛ مهما اختلف لونه ودينه ومذهبه أو لغته. وصار لغزة جوازُ سفرٍ لا تصدره حكومة ولا سلطة، اسمه الانتصار. يحمله كل حر وشريف لايلزم حمله إذنٌ رسمي ولا طلبٌ دبلوماسي. أصبحت غزة موجودة تنبض في شوارع أشهر المدن، وفي أكبر الملاعب والمحافل، وفي اشهر المنصات الإعلامية تأثيرًا. خسر العدو قدرته على تبرير المشهد، وذهل من تبدل الأدوار وانقلاب الموازين التي خسرها عليها عقوداً من السردية وامولاً لا حد لها ؛ فالدفة لم تعد بيده، والسفينة يقودها أحرار العالم. وذلك نصر الله، حين يشاء أن ينصر، فلله جنود السماوات والأرض. أما غزة، ففازت لأنها عادت، والعود ذاته فوز. فازت لأن الصمود فيها أرغم السياسة، ولأن الناس فيها اختاروا البناء على البكاء، والعمل على العويل، والأمل على اليأس. والله إنه لمشهدُ نصر وفتح مبين. من فاز؟ ومن انتصر؟ والله إنهم فازوا حين لم يستسلموا، وانتصروا حين لم يخضعوا رغم خذلان العالم لهم، حُرموا حتى من الماء، فلم يهاجروا، أُريد تهجيرهم، فلم يغادروا، أُحرقت بيوتهم، فلم ينكسروا، حوصرت مقاومتهم، فلم يتراجعوا، أرادوا إسكاتهم، فلم يصمتوا. لم… ولم… ولم… إلى ما لا نهاية من الثبات والعزيمة. فهل ما زلت تسأل من فاز ومن انتصر؟
5733
| 14 أكتوبر 2025