رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
ثمة تشدد مصري غير مفهوم في مسألة "التمسك" بعدم تعديل المبادرة التي طرحتها الحكومة المصرية بهدف توقف "الأعمال العدائية بين الطرفين", إلى درجة أن أصبحت هذه المبادرة عائقا في طريق الوصول إلى اتفاق جديد يحقق المصالح الوطنية الفلسطينية. إسرائيل قبلت المبادرة على الفور، لأنها تستجيب لمتطلباتها جملة وتفصيلا, ورفضها الفلسطينيون وطالبوا بتعديلها حتى تستجيب ولو لبعض مطالبهم. المبادرة التي من المفترض أن تكون جسرا تفاوضيا يسهل عملية وقف إطلاق النار والوصول إلى صيغة مقبولة من "الطرفين" تحولت إلى عقبة كأداء يرفض المصريون تعديلها وكأنها أصبحت بقرة مقدسة. من غير المعقول ولا المفهوم أن يتحول أي وسيط بين الفلسطينيين وإسرائيل (ناهيك عن مصر العروبة التي نحب) إلى طرف مُنحاز تتلقف مبادرته إسرائيل ويرفضها الفلسطينيون, بل ويصر على فرضها على الفلسطينيين. مشكلة الفلسطينيين مع "المبادرات" المصرية أنها تتحول إلى قضية "كرامة" وكأن طرحها للنقاش والتعديل يمس بهيبة مصر. رأينا ذلك على مدار عدة سنوات خلال حكم الرئيس السابق حسني مبارك عندما كان عمر سليمان, مدير المخابرات المصرية آنذاك, يدير ملف المصالحة الفلسطينية. حينها, تم صوغ وتقديم ما سمي في تلك الأيام بـ"الورقة المصرية" التي كان من المفترض فيها أن تجسر الفجوة بين فتح وحماس وتساهم في رأب الصدع الفلسطيني. لم يتم قبول تلك الورقة آنذاك واعتبرت منحازة لفتح والسلطة الفلسطينية, ورفضت مصير إجراء أي تعديل عليها لفترة طويلة. خلال تلك الفترة تم إغلاق الباب أمام أي محاولات أخرى للتوسط بين الفلسطينيين, وتحول "الملف الفلسطيني" إلى شأن مُحتكر من قبل المخابرات المصرية لا يحق لأي دولة أخرى التدخل فيه. كان من الصعب في تلك الأثناء فهم المنطق المصري (والمفترض أن يكون وسيطاً لا طرفا) في رفض أي تعديل على "الورقة المصرية" وفي نفس الوقت حضر فتح أي مسار تصالحي آخر. واليوم يُعيد التاريخ نفسه، حيث تغلق المبادرة المصرية الطريق أمام أي مبادرات أخرى, وتحرج جميع الأطراف التي تريد أن تتدخل حتى لا يُقال عنها إنها تتجاوز "الدور المصري". لكن هذا الدور لم يعد وسيطا ولا نزيها ولا محايدا. الحياد نفسه من قبل مصر والحديث عن "أعمال عدائية متبادلة" مخجل ويحط من قدر مصر, التي يجب ألا تكون محايدة بين إسرائيل وفلسطين. لكن, حتى الحياد لم يتم التمسك به, وأصبحت المبادرة المصرية في خدمة المصالح الإسرائيلية ولهذا فإن إسرائيل تتمسك بها وبكل قوة. لكن لماذا تتمسك إسرائيل في المبادرة المصرية وترفض كل الأفكار الأخرى حتى تلك التي طرحها وزير الخارجية الأمريكي كيري؟ السبب في ذلك وببساطة أن المبادرة المصرية سوف تُعيد إنتاج الوضع الذي كان قائما قبل الحرب, وتبقيه على حاله, وهو الوضع الذي كان يوفر كل الراحة والتفوق العسكري والسياسي لإسرائيل. ومكونات ذلك الوضع كانت التالية: استمرار الحصار العنصري والإبادي مفروضا على 1.8 مليون فلسطيني في قطاع غزة, ومفاقمة ذلك الحصار، خاصة بعد تدمير الأنفاق التي كانت تصل القطاع بمصر وشكلت شريان الحياة الرئيسي للناس, واستمرار السيطرة الإسرائيلية الاحتلالية حول القطاع برا وبحرا وجواً، مع تمتع إسرائيل بحق توجيه ضربات عسكرية هو تكبيل أيدي الفلسطينيين وشلهم عن أي رد فعل وأي مقاومة، سواء أكانت مسلحة أم سلمية, وإجبارهم على قبول الصفعات الإسرائيلية على وجوههم من دون رد, وفي الوقت الذي تختاره إسرائيل. كل ذلك على خلفية انعدام الخيارات الأخرى أمام الفلسطينيين وفشل مسرحية مفاوضات السلام. المبادرة المصرية التي رفضها الفلسطينيون بشكلها القائم تريد إعادة الأمور إلى تلك النقطة, نقطة الوضع القائم الذي يخدم إسرائيل, ولأن ذلك هو جوهرها الذي احتضنته إسرائيل وتمسكت به ـ المبادرة المصرية التي تقول إن هدفها وقف سيل الدماء الفلسطينية لا تنطوي على تناقض كبير وحسب، لأنها تصر على إبقاء الحصار, بل أصبحت الآن سببا في استمرار إراقة تلك الدماء, لأنها تقف في وجه أي جهد إقليمي أو أممي آخر يريد أن يقوم بما عجزت مصر عن القيام به, أو لا تريد القيام به. أي أنها, ومرة أخرى, تتبنى الموقف الإسرائيلي والسياسة الإسرائيلية ما قبل الحرب والقائمة على ديمومة قتل الفلسطينيين ولكن ببطء وصمت وبعيدا عن أعين الرأي العالم العالمي. مشكلة إسرائيل ومن يؤيدها في هذه الحرب وما تولد عنها من صراع إرادات أن هذه الحرب الهمجية والإبادية التي يقودها الجيش الوالغ في دماء الأطفال والمدنيين أنها تكشف الغطاء عن ذلك الموت البطيء والصامت الذي استمر سنوات طويلة خلال مرحلة الحصار, وتحوله إلى موت سريع ومعلن وفج. والمبادرة المصرية لا تعطي الفلسطينيين إلا الاختيار بين نوعي الموت هذين: الموت البطيء الصامت, أو الموت السريع المدوي. باختصار, هذه المبادرة لا تستحق أن توصف بأنها مصرية, ويجب أن يخجل منها كل المصريين الأحرار.
محمد قريقع، محمد الصالحي، محمد جرغون، إبراهيم محمد لافي، أسعد عبدالناصر شملخ، أنس إبراهيم أبو شمالة، هشام النواجحة،... اقرأ المزيد
195
| 14 أكتوبر 2025
لبعض الاختيارات ثمنُها الباهظ الذي يجب أن يُدفَع، وتكلفتُها الغالية التي لا بدّ أن تُسدّد، إذ لا يمضي... اقرأ المزيد
315
| 14 أكتوبر 2025
انتهيت من مشاهدة الحلقة الأخيرة من المسلسل الأمريكي Six Feet Under، وقصته تدور حول عائلة تملك دار جنائز،... اقرأ المزيد
276
| 14 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم خارج إطار العطاء، بل نراهم ذاكرة الوطن الحية، وامتداد مسيرة بنائه منذ عقود. هم الجيل الذي زرع، وأسّس، وساهم في تشكيل الملامح الأولى لمؤسسات الدولة الحديثة. ولأن قطر لم تكن يومًا دولة تنسى أبناءها، فقد كانت من أوائل الدول التي خصّت المتقاعدين برعاية استثنائية، وعلاوات تحفيزية، ومكافآت تليق بتاريخ عطائهم، في نهج إنساني رسخته القيادة الحكيمة منذ أعوام. لكن أبناء الوطن هؤلاء «المتقاعدون» لا يزالون ينظرون بعين الفخر والمحبة إلى كل خطوة تُتخذ اليوم، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله – فهم يرون في كل قرار جديد نبض الوطن يتجدد. ويقولون من قلوبهم: نحن أيضًا أبناؤك يا صاحب السمو، ما زلنا نعيش على عهدك، ننتظر لمستك الحانية التي تعودناها، ونثق أن كرمك لا يفرق بين من لا يزال في الميدان، ومن تقاعد بعد رحلة شرف وخدمة. وفي هذا الإطار، جاء اعتماد القانون الجديد للموارد البشرية ليؤكد من جديد أن التحفيز في قطر لا يقف عند حد، ولا يُوجّه لفئة دون أخرى. فالقانون ليس مجرد تحديث إداري أو تعديل في اللوائح، بل هو رؤية وطنية متكاملة تستهدف الإنسان قبل المنصب، والعطاء قبل العنوان الوظيفي. وقد حمل القانون في طياته علاوات متعددة، من بدل الزواج إلى بدل العمل الإضافي، وحوافز الأداء، وتشجيع التطوير المهني، في خطوة تُكرس العدالة، وتُعزز ثقافة التحفيز والاستقرار الأسري والمهني. هذا القانون يُعد امتدادًا طبيعيًا لنهج القيادة القطرية في تمكين الإنسان، سواء كان موظفًا أو متقاعدًا، فالجميع في عين الوطن سواء، وكل من خدم قطر سيبقى جزءًا من نسيجها وذاكرتها. إنه نهج يُترجم رؤية القيادة التي تؤمن بأن الوفاء ليس مجرد قيمة اجتماعية، بل سياسة دولة تُكرم العطاء وتزرع في الأجيال حب الخدمة العامة. في النهاية، يثبت هذا القانون أن قطر ماضية في تعزيز العدالة الوظيفية والتحفيز الإنساني، وأن الاستثمار في الإنسان – في كل مراحله – هو الاستثمار الأجدر والأبقى. فالموظف في مكتبه، والمتقاعد في بيته، كلاهما يسهم في كتابة الحكاية نفسها: حكاية وطن لا ينسى أبناءه.
8844
| 09 أكتوبر 2025
انتهت الحرب في غزة، أو هكذا ظنّوا. توقفت الطائرات عن التحليق، وصمت هدير المدافع، لكن المدينة لم تنم. فمن تحت الركام خرج الناس كأنهم يوقظون الحياة التي خُيّل إلى العالم أنها ماتت. عادوا أفراداً وجماعات، يحملون المكان في قلوبهم قبل أن يحملوا أمتعتهم. رأى العالم مشهدًا لم يتوقعه: رجال يكنسون الغبار عن العتبات، نساء يغسلن الحجارة بماء بحر غزة، وأطفال يركضون بين الخراب يبحثون عن كرة ضائعة أو بين الركام عن كتاب لم يحترق بعد. خلال ساعات معدودة، تحول الخراب إلى حركة، والموت إلى عمل، والدمار إلى إرادة. كان المشهد إعجازًا إنسانيًا بكل المقاييس، كأن غزة بأسرها خرجت من القبر وقالت: «ها أنا عدتُ إلى الحياة». تجاوز عدد الشهداء ستين ألفًا، والجراح تزيد على مائة وأربعين ألفًا، والبيوت المدمرة بالآلاف، لكن من نجا لم ينتظر المعونات، ولم ينتظر أعذار من خذلوه وتخاذلوا عنه، ولم يرفع راية الاستسلام. عاد الناس إلى بقايا منازلهم يرممونها بأيديهم العارية، وكأن الحجارة تُقبّل أيديهم وتقول: أنتم الحجارة بصمودكم لا أنا. عادوا يزرعون في قلب الخراب بذور الأمل والحياة. ذلك الزحف نحو النهوض أدهش العالم، كما أذهله من قبل صمودهم تحت دمار شارك فيه العالم كله ضدهم. ما رآه الآخرون “عودة”، رآه أهل غزة انتصارًا واسترجاعًا للحق السليب. في اللغة العربية، التي تُحسن التفريق بين المعاني، الفوز غير النصر. الفوز هو النجاة، أن تخرج من النار سليم الروح وإن احترق الجسد، أن تُنقذ كرامتك ولو فقدت بيتك. أما الانتصار فهو الغلبة، أن تتفوق على خصمك وتفرض عليه إرادتك. الفوز خلاص للنفس، والانتصار قهر للعدو. وغزة، بميزان اللغة والحق، (فازت لأنها نجت، وانتصرت لأنها ثبتت). لم تملك الطائرات ولا الدبابات، ولا الإمدادات ولا التحالفات، بل لم تملك شيئًا البتة سوى الإيمان بأن الأرض لا تموت ما دام فيها قلب ينبض. فمن ترابها خُلِقوا، وهم الأرض، وهم الركام، وهم الحطام، وها هم عادوا كأمواج تتلاطم يسابقون الزمن لغد أفضل. غزة لم ترفع سلاحًا أقوى من الصبر، ولا راية أعلى من الأمل. قال الله تعالى: “كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ”. فانتصارها كان بالله فقط، لا بعتاد البشر. لقد خسر العدو كثيرًا مما ظنّه نصرًا. خسر صورته أمام العالم، فصار علم فلسطين ودبكة غزة يلفّان الأرض شرقًا وغربًا. صار كلُّ حر في العالم غزاويًّا؛ مهما اختلف لونه ودينه ومذهبه أو لغته. وصار لغزة جوازُ سفرٍ لا تصدره حكومة ولا سلطة، اسمه الانتصار. يحمله كل حر وشريف لايلزم حمله إذنٌ رسمي ولا طلبٌ دبلوماسي. أصبحت غزة موجودة تنبض في شوارع أشهر المدن، وفي أكبر الملاعب والمحافل، وفي اشهر المنصات الإعلامية تأثيرًا. خسر العدو قدرته على تبرير المشهد، وذهل من تبدل الأدوار وانقلاب الموازين التي خسرها عليها عقوداً من السردية وامولاً لا حد لها ؛ فالدفة لم تعد بيده، والسفينة يقودها أحرار العالم. وذلك نصر الله، حين يشاء أن ينصر، فلله جنود السماوات والأرض. أما غزة، ففازت لأنها عادت، والعود ذاته فوز. فازت لأن الصمود فيها أرغم السياسة، ولأن الناس فيها اختاروا البناء على البكاء، والعمل على العويل، والأمل على اليأس. والله إنه لمشهدُ نصر وفتح مبين. من فاز؟ ومن انتصر؟ والله إنهم فازوا حين لم يستسلموا، وانتصروا حين لم يخضعوا رغم خذلان العالم لهم، حُرموا حتى من الماء، فلم يهاجروا، أُريد تهجيرهم، فلم يغادروا، أُحرقت بيوتهم، فلم ينكسروا، حوصرت مقاومتهم، فلم يتراجعوا، أرادوا إسكاتهم، فلم يصمتوا. لم… ولم… ولم… إلى ما لا نهاية من الثبات والعزيمة. فهل ما زلت تسأل من فاز ومن انتصر؟
5130
| 14 أكتوبر 2025
المشهد الغريب.. مؤتمر بلا صوت! هل تخيّلتم مؤتمرًا صحفيًا لا وجود فيه للصحافة؟ منصة أنيقة، شعارات لامعة، كاميرات معلّقة على الحائط، لكن لا قلم يكتب، ولا ميكروفون يحمل شعار صحيفة، ولا حتى سؤال واحد يوقظ الوعي! تتحدث الجهة المنظمة، تصفق لنفسها، وتغادر القاعة وكأنها أقنعت العالم بينما لم يسمعها أحد أصلًا! لماذا إذن يُسمّى «مؤتمرًا صحفيًا»؟ هل لأنهم اعتادوا أن يضعوا الكلمة فقط في الدعوة دون أن يدركوا معناها؟ أم لأن المواجهة الحقيقية مع الصحفيين باتت تزعج من تعودوا على الكلام الآمن، والتصفيق المضمون؟ أين الصحافة من المشهد؟ الصحافة الحقيقية ليست ديكورًا خلف المنصّة. الصحافة سؤالٌ، وجرأة، وضمير يسائل، لا يصفّق. فحين تغيب الأسئلة، يغيب العقل الجمعي، ويغيب معها جوهر المؤتمر ذاته. ما معنى أن تُقصى الميكروفونات ويُستبدل الحوار ببيانٍ مكتوب؟ منذ متى تحوّل «المؤتمر الصحفي» إلى إعلان تجاري مغلّف بالكلمات؟ ومنذ متى أصبحت الصورة أهم من المضمون؟ الخوف من السؤال. أزمة ثقة أم غياب وعي؟ الخوف من السؤال هو أول مظاهر الضعف في أي مؤسسة. المسؤول الذي يتهرب من الإجابة يعلن – دون أن يدري – فقره في الفكرة، وضعفه في الإقناع. في السياسة والإعلام، الشفافية لا تُمنح، بل تُختبر أمام الميكروفون، لا خلف العدسة. لماذا نخشى الصحفي؟ هل لأننا لا نملك إجابة؟ أم لأننا نخشى أن يكتشف الناس غيابها؟ الحقيقة الغائبة خلف العدسة ما يجري اليوم من «مؤتمرات بلا صحافة» هو تشويه للمفهوم ذاته. فالمؤتمر الصحفي لم يُخلق لتلميع الصورة، بل لكشف الحقيقة. هو مساحة مواجهة بين الكلمة والمسؤول، بين الفعل والتبرير. حين تتحول المنصّة إلى monologue - حديث ذاتي- تفقد الرسالة معناها. فما قيمة خطاب بلا جمهور؟ وما معنى شفافية لا تُختبر؟ في الختام.. المؤتمر بلا صحفيين، كالوطن بلا مواطنين، والصوت بلا صدى. من أراد الظهور، فليجرب الوقوف أمام سؤال صادق. ومن أراد الاحترام فليتحدث أمام من يملك الجرأة على أن يسأله: لماذا؟ وكيف؟ ومتى؟
4983
| 13 أكتوبر 2025