رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يعيش العالم منذ نهاية الحرب الباردة وسقوط المنظومة السوفياتية السابقة، إقبالاً متزايداً على الديمقراطية التعددية، التي شملت مناطق متعددة من العالم في أمريكا اللاتينية، وأوروبا الشرقية والوسطى، وآسيا وإفريقيا، ووصلت أيضًا إلى تركيا، وباكستان، وألبانيا، وإندونيسيا في العالم الإسلامي. ويمكن اعتبارهذه الظاهرة واحدة من الأحداث الكبرى في التاريخ المعاصر حتى أن الدارسين الأكاديميين يلقبونها بالموجة الديمقراطية الثالثة التي بدأت في عام 1989.
فكيف يمكن تفسير هذا التحول الديمقراطي، ولاسيما على ضوء المتغيرات الدولية التي أعقبت انهيار الاتحاد السوفياتي وكساد الفكر الشيوعي، ومحاولة النظام الدولي الجديد بزعامة الولايات المتحدة نشر قيم الليبرالية والديمقراطية في بقية أنحاء العالم؟ وماهي النماذج العامة لعملية التحول الديمقراطي في العالم العربي؟ إن تاريخ الديمقراطية كما تبرزه خبرة أعرق الدول الغربية الديمقراطية الغربية، ألا وهي بريطانيا، مليء بالصراعات.فتحقيق المكاسب الديمقراطية للجماهير لا يمكن أن يتم بقرار فوقي بين عشية وضحاها. فقد مرّت عدة قرون بين بدء المسيرة الديمقراطية في بريطانيا منذ أعلن « الماجنا كارتا» عام 1215، واكتمال عملية المشاركة السياسية بحصول المرأة على حقوق المواطنة و التصويت الحر عام 1920. وكانت الديمقراطية الغربية المؤسسة على مبدأ الغالبية قد وجدت طريقها إلى التطبيق تماماً في أوروبا، في مجتمعات كانت مسيرة التصنيع والتمدين فيها تنعى أشكال التضامن الجماعاتي القديمة لِتُخْلِيَ الساحة مكانها لعملية فرز مهنية اجتماعية قوية قائمة على وعي المصالح المتناقضة، أي نشوء الطبقات الاجتماعية. فالتناقض بين مصالح البعض، وحرية حركة السوق، ومصالح البعض الآخر، والمبادرات الجماعية الساعية إلى الحدّ من المظالم التي ولدّتها هذه الآليات، شكل على مدى قرن محرك الحياة الديمقراطية مشرّعاً بذلك المؤسسات العامة كما القوانين التي أصدرتها. لقد شكلت قضية الانتقال الديمقراطي مبحثاً رئيسياً في علم السياسة منذ النصف الثاني من سبعينيات القرن العشرين، لا سيما بعد سقوط الديكتاتورية العسكرية في اليونان (1967-1974)، و بعد سقوط الديكتاتورية العسكرية التي كان يقودها الجنرال سالازار في البرتغال بفضل ثورة القرنفل في 25 أبريل عام 1974، ورحيل الديكتاتور فرانكو في إسبانيا عام 1975، ثم امتدت خلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين، لتشمل العديد من بلدان أمريكا اللاتينية وآسيا وأفريقيا وشرق ووسط أوربا، فيما بقي العالم العربي يُنظر إليه على أنه يمثل "استثناءً"ضمن هذه "الموجة الثالثة من التحول الديمقراطي". وقد ظهر عدد كبير من الكتب والدراسات الأكاديمية التي تناولت هذه القضية (الانتقال الديمقراطي )على مستويات مختلفة: نظرية وتطبيقية، كمية وكيفية، دراسات حالة ودراسات مقارنة.. وطرحت أدبيات "الانتقال الديمقراطي" العديد من المفاهيم والمقولات النظرية والمداخل المنهاجية والتحليلية لمقاربة هذه الظاهرة. ويشترك معظم المحللين الذين تنطحوا لتقديم مقاربات نظرية حول تعريف مفهوم "الانتقال الديمقراطي " في أن عملية "الانتقال الديمقراطي" تعني مجموع العمليات والتفاعلات المرتبطة بالانتقال أو التحول من صيغة نظام حكم شمولي أو تسلطي أو أو لغارشي إلى صيغة نظام حكم ديمقراطي. وبناءً عليه، فإن مفهوم "الانتقال الديمقراطي"، يشير من الناحية النظرية إلى مرحلة وسيطة يتم خلالها تفكيك النظام الشمولي أوالتسلطي السابق، أو انهياره، وبناء على أنقاضه نظام ديمقراطي جديد. وعادة ما تشمل عملية الانتقال مختلف عناصر النظام السياسي مثل البنية الدستورية والقانونية، والمؤسسات والعمليات السياسية وأنماط مشاركة المواطنين في العملية السياسية، لكن إعادة بناء أو تشكيل نظام ديمقراطي لا يمكن أن تتم بشكل بيروقراطي أي من دون مشاركة المجتمع المدني في صياغة معالمه الأساسية. وقد تشهد مرحلة الانتقال إلى صراعات ومساومات وعمليات تفاوض بين الفاعلين السياسيين الرئيسيين. فقد ينتقل نظام تسلطي مغلق إلى نظام شبه ديمقراطي يأخذ شكل ديمقراطية انتخابية، ويمكن أن يتحول نظام شبه ديمقراطي إلى نظام ديمقراطي ليبرالي أو يكون قريبا منه. كما أن الانتقال إلى النظام الديمقراطي يمكن أن يتم من أعلى، أي بمبادرة من النخبة الحاكمة في النظام غير الديمقراطي أو الجناح الإصلاحي فيها، أو من أسفل بواسطة قوى المعارضة المدعومة بتأييد شعبي واسع، أو من خلال المساومة والتفاوض بين النخبة الحاكمة وقوى المعارضة لها، أو من خلال تدخل عسكري خارجي. إن عملية "الانتقال الديمقراطي" لا يمكن أن نقول عنها إنها مكتملة إلا إذا توافرت فيها شرط عديدة، أبرزها: أن يعمل الفاعلون السياسيون الرئيسيون على صياغة الدستور الجديد، وإصداره بصورة توافقية، وإقامة المؤسسات الدستورية والسياسية التي تشكل الأرضية الحقيقية لبناء النظام الديمقراطي الجديد، لا سيما تشكيل حكومة جديدة منبثقة من خلال انتخابات عامة تكون حرة ونزيهة، على أن تمتلك هذه الحكومة القدرة والصلاحية على ممارسة السلطة وإقرار سياسات جديدة تعكس حالة الانتقال إلى الديمقراطية التعددية ، فضلا عن عدم وجود قوى أخرى تنازع السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية صلاحياتها واختصاصاتها. إن "الانتقال الديمقراطي" بمعناه التعددي محكوم بعدة عوامل أساسية، منها:
- مصالح الطبقة البيروقراطية البرجوازية المهيمنة، ومدى استعدادها للتفاوض السلمي من أجل الإصلاحات الديمقراطية.
- مدى انتشار الثقافة الديمقراطية والوعي الديمقراطي بين المواطنين في البلدان التي تخوض تجربة الانتقال إلى الديمقراطية التعددية، حيث إن القيم والمبادئ العليا للديمقراطية واحدة ومطلقة، وتشمل الحرية، والعدالة الاجتماعية، والمساواة بين الجنسين، وسيادة القانون، والتسامح السياسي والفكري واحترام الكرامة الإنسانية.
- القدرة على إيجاد تسوية للصراعات الاجتماعية والسياسية، والتي قد تتطور وتأخذ شكل الحروب الأهلية والدولية كما حصل في عدد من البلدان الإفريقية والعربية.
وبناءً عليه، يمكن القول: إن النظم التي تمر بمرحلة انتقال إلى الديمقراطية تنتشر على خط متصل، يقع على طرفه الأول النظام غير الديمقراطي في صورته النموذجية سواء أكان شموليا أو سلطويا مغلقا، مدنيا أو عسكريا، حكم فرد أو حكم أقلية...إلخ، ويقع على طرفه الآخر النظام الديمقراطي في نمطه المثالي، والذى تُعد النظم الديمقراطية الليبرالية الراسخة في الدول الغربية أقرب النماذج إليه.
تعد الأسرة البيئة الأولى التي ينشأ فيها الطفل ويتلقى منها أولى خبراته الاجتماعية والنفسية. ويتأثر الطفل بدرجة كبيرة... اقرأ المزيد
147
| 10 أكتوبر 2025
لديَّ هواية قراءة الشعر العراقي وأحببت أن أشارككم تجربتي في وضع أبيات باللهجة العراقية أشتكي فيها ضيم المرض... اقرأ المزيد
27
| 10 أكتوبر 2025
(سافرت القضيةَ تَعرضُ شكواها في رُدهةِ المحاكم الدولية، وكانت الجمعيةَ قد خَصصت الجلسةَ للبحث في قضيّةِ القضيّةَ، وجاءَ... اقرأ المزيد
21
| 10 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم خارج إطار العطاء، بل نراهم ذاكرة الوطن الحية، وامتداد مسيرة بنائه منذ عقود. هم الجيل الذي زرع، وأسّس، وساهم في تشكيل الملامح الأولى لمؤسسات الدولة الحديثة. ولأن قطر لم تكن يومًا دولة تنسى أبناءها، فقد كانت من أوائل الدول التي خصّت المتقاعدين برعاية استثنائية، وعلاوات تحفيزية، ومكافآت تليق بتاريخ عطائهم، في نهج إنساني رسخته القيادة الحكيمة منذ أعوام. لكن أبناء الوطن هؤلاء «المتقاعدون» لا يزالون ينظرون بعين الفخر والمحبة إلى كل خطوة تُتخذ اليوم، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله – فهم يرون في كل قرار جديد نبض الوطن يتجدد. ويقولون من قلوبهم: نحن أيضًا أبناؤك يا صاحب السمو، ما زلنا نعيش على عهدك، ننتظر لمستك الحانية التي تعودناها، ونثق أن كرمك لا يفرق بين من لا يزال في الميدان، ومن تقاعد بعد رحلة شرف وخدمة. وفي هذا الإطار، جاء اعتماد القانون الجديد للموارد البشرية ليؤكد من جديد أن التحفيز في قطر لا يقف عند حد، ولا يُوجّه لفئة دون أخرى. فالقانون ليس مجرد تحديث إداري أو تعديل في اللوائح، بل هو رؤية وطنية متكاملة تستهدف الإنسان قبل المنصب، والعطاء قبل العنوان الوظيفي. وقد حمل القانون في طياته علاوات متعددة، من بدل الزواج إلى بدل العمل الإضافي، وحوافز الأداء، وتشجيع التطوير المهني، في خطوة تُكرس العدالة، وتُعزز ثقافة التحفيز والاستقرار الأسري والمهني. هذا القانون يُعد امتدادًا طبيعيًا لنهج القيادة القطرية في تمكين الإنسان، سواء كان موظفًا أو متقاعدًا، فالجميع في عين الوطن سواء، وكل من خدم قطر سيبقى جزءًا من نسيجها وذاكرتها. إنه نهج يُترجم رؤية القيادة التي تؤمن بأن الوفاء ليس مجرد قيمة اجتماعية، بل سياسة دولة تُكرم العطاء وتزرع في الأجيال حب الخدمة العامة. في النهاية، يثبت هذا القانون أن قطر ماضية في تعزيز العدالة الوظيفية والتحفيز الإنساني، وأن الاستثمار في الإنسان – في كل مراحله – هو الاستثمار الأجدر والأبقى. فالموظف في مكتبه، والمتقاعد في بيته، كلاهما يسهم في كتابة الحكاية نفسها: حكاية وطن لا ينسى أبناءه.
8370
| 09 أكتوبر 2025
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة الترويج، برنامج إعداد المدربين، يطرحونه كأنه عصا سحرية، يَعِدون المشترك بأنه بعد خمسة أيام أو أسبوع من «الدروس» سيخرج مدربًا متمكنًا، يقف على المنصة، ويُدير القاعة، ويعالج كل التحديات، كأن التدريب مجرد شهادة تُعلق على الجدار، أو بطاقة مرور سريعة إلى عالم لم يعرفه الطالب بعد. المشكلة ليست في البرنامج بحد ذاته، بل في الوهم المعبأ معه. يتم تسويقه للمشتركين على أنه بوابة النجومية في التدريب، بينما في الواقع هو مجرد خطوة أولى في طريق طويل. ليس أكثر من مدخل نظري يضع أساسيات عامة: كيف تُصمم عرضًا؟ كيف ترتب محتوى؟ كيف تُعرّف التدريب؟. لكنه لا يمنح المتدرب أدوات مواجهة التحديات المعقدة في القاعة، ولا يصنع له كاريزما، ولا يضع بين يديه لغة جسد قوية، ولا يمنحه مهارة السيطرة على المواقف. ومع ذلك، يتم بيعه تحت ستار «إعداد المدربين» وكأن من أنهى البرنامج صار فجأة خبيرًا يقود الحشود. تجارب دولية متعمقة في دول نجحت في بناء مدربين حقيقيين، نرى الصورة مختلفة تمامًا: • بريطانيا: لدى «معهد التعلم والأداء» (CIPD) برامج طويلة المدى، لا تُمنح فيها شهادة «مدرب محترف» إلا بعد إنجاز مشاريع تدريبية عملية وتقييم صارم من لجنة مختصة. • الولايات المتحدة: تقدم «جمعية تطوير المواهب – ATD» مسارات متعددة، تبدأ بالمعارف، ثم ورش تطبيقية، تليها اختبارات عملية، ولا يُعتمد المدرب إلا بعد أن يُثبت قدرته في جلسات تدريب واقعية. • فنلندا: يمر المدرب ببرنامج يمتد لأشهر، يتضمن محاكاة واقعية، مراقبة في الصفوف، ثم تقييما شاملا لمهارات العرض، إدارة النقاش، والقدرة على حل المشكلات. هذه التجارب تثبت أن إعداد المدرب يتم عبر برامج متعمقة، اجتيازات، وتدرّج عملي. المجتمع يجب أن يعي الحقيقة: الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع أن TOT ليس نقطة الانطلاق، بل الخطوة المعرفية الأولى فقط. المدرب الحقيقي لا يُصنع في أسبوع، بل يُبنى عبر برامج تخصصية أعمق مثل «اختصاصي تدريب»، التي تغوص في تفاصيل لغة الجسد، السيطرة على الحضور، مواجهة المواقف الحرجة، وبناء الكاريزما. هذه هي المراحل التي تُشكل شخصية المدرب، لا مجرد ورقة مكتوب عليها «مدرب معتمد». لكي نحمي المجتمع من أوهام «الشهادات الورقية»، يجب أن يُعتمد مبدأ الاختبار قبل الدخول، بحيث لا يُقبل أي شخص في برنامج إعداد مدربين إلا بعد اجتياز اختبار قبلي يقيس مهاراته الأساسية في التواصل والعرض. ثم، بعد انتهاء البرنامج، يجب أن يخضع المتدرب لاختبار عملي أمام لجنة تقييم مستقلة، ليُثبت أنه قادر على التدريب لا على الحفظ. الشهادة يجب أن تكون شهادة اجتياز، لا مجرد «شهادة حضور». هل يُعقل أن يتحول من حضر خمسة أيام إلى «قائد قاعة»؟ هل يكفي أن تحفظ شرائح عرض لتصير مدربًا؟ أين الارتباك والتجربة والخطأ؟ أين الكاريزما التي تُبنى عبر سنوات؟ أم أن المسألة مجرد صور على إنستغرام تُوهم الناس بأنهم أصبحوا «مدربين عالميين» في أسبوع؟ TOT مجرد مدخل بسيط للتدريب، فالتدريب مهنة جادة وليس عرضا استهلاكيا. المطلوب وعي مجتمعي ورقابة مؤسسية وآليات صارمة للاجتياز، فمن دون ذلك سيبقى سوق التدريب ساحة لبيع الوهم تحت عناوين براقة.
5397
| 06 أكتوبر 2025
تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في قطر، وهو رجل أعمال من المقيمين في قطر كان قد جدد لتوّه إقامته، ولكنه لم يحصل إلا على تأشيرة سارية لمدة عام واحد فقط، بحجة أنه تجاوز الستين من عمره. وبالنظر إلى أنه قد يعيش عقدين آخرين أو أكثر، وإلى أن حجم استثماره ضخم، فضلاً عن أن الاستثمار في الكفاءات الوافدة واستقطابها يُعدّان من الأولويات للدولة، فإن تمديد الإقامة لمدة عام واحد يبدو قصيرًا للغاية. وتُسلط هذه الحادثة الضوء على مسألة حساسة تتمثل في كيفية تشجيع الإقامات الطويلة بدولة قطر، في إطار الالتزام الإستراتيجي بزيادة عدد السكان، وهي قضية تواجهها جميع دول الخليج. ويُعد النمو السكاني أحد أكثر أسباب النمو الاقتصادي، إلا أن بعض أشكال النمو السكاني المعزز تعود بفوائد اقتصادية أكبر من غيرها، حيث إن المهنيين ورواد الأعمال الشباب هم الأكثر طلبًا في الدول التي تسعى لاستقطاب الوافدين. ولا تمنح دول الخليج في العادة الجنسية الكاملة للمقيمين الأجانب. ويُعد الحصول على تأشيرة إقامة طويلة الأمد السبيل الرئيسي للبقاء في البلاد لفترات طويلة. ولا يقل الاحتفاظ بالمتخصصين والمستثمرين الأجانب ذوي الكفاءة العالية أهميةً عن استقطابهم، بل قد يكون أكثر أهمية. فكلما طالت فترة إقامتهم في البلاد، ازدادت المنافع، حيث يكون المقيمون لفترات طويلة أكثر ميلاً للاستثمار في الاقتصاد المحلي، وتقل احتمالات تحويل مدخراتهم إلى الخارج. ويمكن تحسين سياسة قطر لتصبح أكثر جاذبية ووضوحًا، عبر توفير شروط وإجراءات الإقامة الدائمة بوضوح وسهولة عبر منصات إلكترونية، بما في ذلك إمكانية العمل في مختلف القطاعات وإنشاء المشاريع التجارية بدون نقل الكفالة. وفي الوقت الحالي، تتوفر المعلومات من مصادر متعددة، ولكنها ليست دقيقة أو متسقة في جميع الأحيان، ولا يوجد وضوح بخصوص إمكانية العمل أو الوقت المطلوب لإنهاء إجراءات الإقامة الدائمة. وقد أصبحت شروط إصدار «تأشيرات الإقامة الذهبية»، التي تمنحها العديد من الدول، أكثر تطورًا وسهولة. فهناك توجه للابتعاد عن ربطها بالثروة الصافية أو تملك العقارات فقط، وتقديمها لأصحاب المهارات والتخصصات المطلوبة في الدولة. وفي سلطنة عمان، يُمثل برنامج الإقامة الذهبية الجديد الذي يمتد لعشر سنوات توسعًا في البرامج القائمة. ويشمل هذا النظام الجديد شريحة أوسع من المتقدمين، ويُسهّل إجراءات التقديم إلكترونيًا، كما يتيح إمكانية ضم أفراد الأسرة من الدرجة الأولى. وتتوفر المعلومات اللازمة حول الشروط وإجراءات التقديم بسهولة. أما في دولة الإمارات العربية المتحدة، فهناك أيضًا مجموعة واضحة من المتطلبات لبرنامج التأشيرة الذهبية، حيث تمنح الإقامة لمدة تتراوح بين خمس و10 سنوات، وتُمنح للمستثمرين ورواد الأعمال وفئات متنوعة من المهنيين، مع إمكانية ضم أفراد الأسرة. ويتم منح الإقامة الذهبية خلال 48 ساعة فقط. وقد شهدت قطر نموًا سكانيًا سريعًا خلال أول عقدين من القرن الحالي، ثم تباطأ هذا النمو لاحقًا. فقد ارتفع عدد السكان من 1.7 مليون نسمة وفقًا لتعداد عام 2010 إلى 2.4 مليون نسمة في عام 2015، أي بزيادة قدرها 41.5 %. وبلغ العدد 2.8 مليون نسمة في تعداد عام 2020، ويُقدَّر حاليًا بحوالي 3.1 مليون نسمة. ومن المشاكل التي تواجه القطاع العقاري عدم تناسب وتيرة النمو السكاني مع توسع هذا القطاع. فخلال فترة انخفاض أسعار الفائدة والاستعداد لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، شهد قطاع البناء انتعاشًا كبيرًا. ومع ذلك، لا يُشكل هذا الفائض من العقارات المعروضة مشكلة كبيرة، بل يمكن تحويله إلى ميزة. فمثلاً، يُمكن للمقيمين الأجانب ذوي الدخل المرتفع الاستفادة وشراء المساكن الحديثة بأسعار معقولة. إن تطوير سياسات الإقامة في قطر ليكون التقديم عليها سهلًا وواضحًا عبر المنصات الإلكترونية سيجعلها أكثر جاذبية للكفاءات التي تبحث عن بيئة مستقرة وواضحة المعالم. فكلما كانت الإجراءات أسرع والمتطلبات أقل تعقيدًا، كلما شعر المستثمر والمهني أن وقته مُقدَّر وأن استقراره مضمون. كما أن السماح للمقيمين بالعمل مباشرة تحت مظلة الإقامة الدائمة، من دون الحاجة لنقل الكفالة أو الارتباط بصاحب عمل محدد، سيعزز حرية الحركة الاقتصادية ويفتح المجال لابتكار المشاريع وتأسيس الأعمال الجديدة. وهذا بدوره ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني عبر زيادة الإنفاق والاستثمار المحلي، وتقليل تحويلات الأموال إلى الخارج، وتحقيق استقرار سكاني طويل الأمد.
4599
| 05 أكتوبر 2025