رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
من الواضح أن مقالنا فى الأسبوع الماضى " الرقابة والإبداع " قد نكأ جروحا قديمة لدى الكثير من القراء إذ إنهالت على بريدى الأليكترونى رسائل عديدة أغلبها لا يتفق معى فيما ذهبت إليه واتهمنى البعض منهم بأننى أريد غل أيدى المبدعين وتكبيل أياديهم فى الوقت الذى اتفقت معى فى الرأى قلة قليلة .
وقبل أن آتى إلى الرسائل المتعلقة بالموضوع الرئيسى فإننى أشير إلى رسالة للصديق عبد الوهاب عيسى متولى ينبهنى إلى أننى قد أغفلت أن أذكر الرسم والنحت ضمن فنون الإبداع التى جاءت فى مقالى لافتا أنها من أهم وأرقى الفنون .. وهو على حق بطبيعة الحال خاصة وأن تاريخنا منذ فجر التاريخ مسجل على أيدى النحاتين والمثالين الذين صنعت أياديهم ما أبهر العالم بأسره من تماثيل فرعونية ولوحات منحوتة فى الصخر تشهد على عظمة حضارة الأجداد ولولا هؤلاء لإندثرت تلك الحضارات أو على الأقل لما أصبحت معروفة بالشكل الحالى .. وطبعا هناك من أساتذة الفنون الذين يستطيعون تناول هذا الأمر أفضل منى .. وأنا على استعداد لنشر رسائل أى منهم كاملة .
وإلى رسائل القراء .. يقول أحمد مغازى أن الرمز ليس مراوغة من المبدع بل هو ضمن أهم الجماليات لأى نص .. وأنا أتفق معه ولكن ليس بشكل مطلق فأحيانا يضطر الكاتب إلى الرمز خوفا من السلطة كما فى " الزوجة الثانية " التى ترمز إلى التحايل والخداع وتحليل الحرام باستخدام رجال الدين ( إمام المسجد ) ورجال السلطة ( شيخ الخفراء ) .. ونفس الرأى ينطبق على " شئ من الخوف " .. لولا الرمز لما خرجت النصوص إلى الضوء أو لما تحولت إلى أفلام .
وأنا أضيف فى هذا الصدد أن الجملة التى تحمل معان دفينة من ورائها تكون أجمل من الجملة المباشرة .. وأتذكر أن صديقنا الناقد الأدبى المعروف محمد عبد الرازق كان دائما يقول " الجملة الحُبلى أجمل وأروع من تلك الفارغة " .. وذلك طبعا بما تحمله من معان غير مباشرة شأنها فى ذلك شأن الرمز .
ويكتب لى الصديق جمال ناجى من دمنهور قائلا أن كبت المبدع وتكبيله أشبه بحرمانه من الماء والهواء ولابد أن يؤدى ذلك به إلى الموت .. وهو يرى أن الحرية لا تتجزأ فكما نؤمن بالحرية فى السياسة وحرية المعتقدات فيجب أن يمتد مفهوم الحرية ليشمل حرية الإبداع دون حسيب أو رقيب اللهم إلا وازع من الضمير .. وأنا أرد عليه بدورى بأننى لم أقل غير ذلك مع اختلاف الكلمات التى استخدمتها .
ويذكرنى رفيق الطفولة والصبا كميل جرجس روفائيل بما كتبه الكاتب المبدع يوسف إدريس " إن كل الحرية المتاحة فى الوطن العربى لا تكفى مبدعا واحدا لممارسة إبداعه بشكل كامل بعيدا عن القيود المتعددة التى يفرضها الإستبداد السياسى والتصلب الفكرى والجمود الإجتماعى والتعصب الدينى " .. وأجدنى أتفق معه بأن ذلك كان صحيحا فقط فى الفترة التى عاش فيها أستاذنا العظيم الراحل يوسف إدريس .. أما الآن فالأمر جد مختلف .
وأنا أعتذر مرة أخرى لو أنه فهم مما كتبت أننى مع عودة الرقيب أو ما كان يطلق عليه مقص الرقيب بشكله القديم أو حتى بشكل جديد .. أنا طالبت بأن يكون لدى كل مبدع خطوط عريضة يضعها بنفسه ويلتزم بها ولا يخرج عنها طواعية وذلك من أجل الحفاظ على القيم الدينية والمجتمعية .. يعنى ما طالبت به وبشدة هو الرقيب الداخلى .
ولعل السبب فيما ذهبت إليه ذلك الإسفاف الذى بات يحاصرنا ليل نهار خاصة فى الأعمال التليفزيونية وتلك الألفاظ البذيئة التى تجعل وجوه الآباء تحمر خجلا أمام أطفالهم .. أنا هنا أتحدث عن الأسر العادية التى تجتمع أمام التليفزيون بعد يوم عمل للأب ويوم شاق فى المنزل للأم .. ويجلسون مع أطفالهم بعد الإنتهاء من المذاكرة وحل الواجبات لبعض الوقت طلبا للتسلية والترويح عن النفس ليفاجأ الجميع بتلك الفواصل من الردح والألفاظ البذيئة والمشاهد الهابطة .. وعندما تناقشت مع أحد المخرجين من معارفى قال لى ببجاحة يُحسد عليها أنه لا يختلق شيئا من عنده ولكنه ينقل للناس ما يدور فى الواقع .. يعنى سيادته يرفع لواء الواقعية وكأننا شعب من السفهاء عديمى التربية .. والمصيبة الأكبر أن الصحف تفتح لها صفحاتها وأيضا تستضيفهم البرامج الحوارية للتعبير عن آرائهم الغريبة هذه وكأن حياتنا خلت من الأسر المحترمة التى تكدح لتعيش فى احترام وتربى أبناءها على التقاليد والعادات التى تربى عليها أهلهم .
أنا هنا أنادى بحذف هذه الألفاظ والمشاهد البذيئة وعدم السماح بعرضها تحت أى ظرف من الظروف بل إنذار القنوات أو المحطات التى تسمح بذلك الإسفاف وتلك الإيحاءات .. صحيح أن الحياة فيها هذا وذاك ولكن لا يمكن أن نسمح للإنحطاط أن يصل إلى بيوتنا ومن يريد أن يتعلم لغة أبناء الشوارع فعليه أن يذهب إليهم ويعيش وسطهم .
كلمة أخيرة .. من قال أن الناس الذين يعيشون فى الحوارى الضيقة أو الأحياء الشعبية لا يتمتعون بالأخلاق الكريمة أو أنهم يتحدثون بتلك الطريقة التى تظهرهم بها المسلسلات الهابطة .. أبدا والله فقد خرج منها الكثير من العلماء والأدباء والعظماء على مر السنين وهذا لا ينفى أنهم كأى مجتمع يوجد فيهم جميع الأطياف وليس فقط التدنى وقلة الأدب .. بل والله أكاد أجزم أنه تغلب عليهم الشهامة والخلق الكريم .
وفى المقابل ليس كل من يعيش فى الأحياء الراقية أو من هم من المتيسرين ماديا لابد من أن يكونوا متحررين من أى قيد أخلاقى ودائما ما يظهرون فى ملابس فاضحة ويجلسون فى المكاتب الفارهة أو حول حمامات السباحة يعقدون الصفقات المشبوهة أو يعطون الأوامر للمشبوهين ممن يعملون لديهم للفتك بخصومهم .
لقد سئم الناس كل هذه الأنماط وكأن المجتمعات خلت من البشر الأسوياء مما يجعلنا نكتفى بهذا القدر فى موضوع الرقابة على الإبداع .. وندعو إلى إعمال الضمير .. يعنى الرقابة الذاتية .
وإلى موضوع جديد ولقاء قادم بحول الله .
بقلم : د . مصطفى عابدين شمس الدين
تعد الأسرة البيئة الأولى التي ينشأ فيها الطفل ويتلقى منها أولى خبراته الاجتماعية والنفسية. ويتأثر الطفل بدرجة كبيرة... اقرأ المزيد
492
| 10 أكتوبر 2025
لديَّ هواية قراءة الشعر العراقي وأحببت أن أشارككم تجربتي في وضع أبيات باللهجة العراقية أشتكي فيها ضيم المرض... اقرأ المزيد
294
| 10 أكتوبر 2025
(سافرت القضيةَ تَعرضُ شكواها في رُدهةِ المحاكم الدولية، وكانت الجمعيةَ قد خَصصت الجلسةَ للبحث في قضيّةِ القضيّةَ، وجاءَ... اقرأ المزيد
78
| 10 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم خارج إطار العطاء، بل نراهم ذاكرة الوطن الحية، وامتداد مسيرة بنائه منذ عقود. هم الجيل الذي زرع، وأسّس، وساهم في تشكيل الملامح الأولى لمؤسسات الدولة الحديثة. ولأن قطر لم تكن يومًا دولة تنسى أبناءها، فقد كانت من أوائل الدول التي خصّت المتقاعدين برعاية استثنائية، وعلاوات تحفيزية، ومكافآت تليق بتاريخ عطائهم، في نهج إنساني رسخته القيادة الحكيمة منذ أعوام. لكن أبناء الوطن هؤلاء «المتقاعدون» لا يزالون ينظرون بعين الفخر والمحبة إلى كل خطوة تُتخذ اليوم، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله – فهم يرون في كل قرار جديد نبض الوطن يتجدد. ويقولون من قلوبهم: نحن أيضًا أبناؤك يا صاحب السمو، ما زلنا نعيش على عهدك، ننتظر لمستك الحانية التي تعودناها، ونثق أن كرمك لا يفرق بين من لا يزال في الميدان، ومن تقاعد بعد رحلة شرف وخدمة. وفي هذا الإطار، جاء اعتماد القانون الجديد للموارد البشرية ليؤكد من جديد أن التحفيز في قطر لا يقف عند حد، ولا يُوجّه لفئة دون أخرى. فالقانون ليس مجرد تحديث إداري أو تعديل في اللوائح، بل هو رؤية وطنية متكاملة تستهدف الإنسان قبل المنصب، والعطاء قبل العنوان الوظيفي. وقد حمل القانون في طياته علاوات متعددة، من بدل الزواج إلى بدل العمل الإضافي، وحوافز الأداء، وتشجيع التطوير المهني، في خطوة تُكرس العدالة، وتُعزز ثقافة التحفيز والاستقرار الأسري والمهني. هذا القانون يُعد امتدادًا طبيعيًا لنهج القيادة القطرية في تمكين الإنسان، سواء كان موظفًا أو متقاعدًا، فالجميع في عين الوطن سواء، وكل من خدم قطر سيبقى جزءًا من نسيجها وذاكرتها. إنه نهج يُترجم رؤية القيادة التي تؤمن بأن الوفاء ليس مجرد قيمة اجتماعية، بل سياسة دولة تُكرم العطاء وتزرع في الأجيال حب الخدمة العامة. في النهاية، يثبت هذا القانون أن قطر ماضية في تعزيز العدالة الوظيفية والتحفيز الإنساني، وأن الاستثمار في الإنسان – في كل مراحله – هو الاستثمار الأجدر والأبقى. فالموظف في مكتبه، والمتقاعد في بيته، كلاهما يسهم في كتابة الحكاية نفسها: حكاية وطن لا ينسى أبناءه.
8583
| 09 أكتوبر 2025
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة الترويج، برنامج إعداد المدربين، يطرحونه كأنه عصا سحرية، يَعِدون المشترك بأنه بعد خمسة أيام أو أسبوع من «الدروس» سيخرج مدربًا متمكنًا، يقف على المنصة، ويُدير القاعة، ويعالج كل التحديات، كأن التدريب مجرد شهادة تُعلق على الجدار، أو بطاقة مرور سريعة إلى عالم لم يعرفه الطالب بعد. المشكلة ليست في البرنامج بحد ذاته، بل في الوهم المعبأ معه. يتم تسويقه للمشتركين على أنه بوابة النجومية في التدريب، بينما في الواقع هو مجرد خطوة أولى في طريق طويل. ليس أكثر من مدخل نظري يضع أساسيات عامة: كيف تُصمم عرضًا؟ كيف ترتب محتوى؟ كيف تُعرّف التدريب؟. لكنه لا يمنح المتدرب أدوات مواجهة التحديات المعقدة في القاعة، ولا يصنع له كاريزما، ولا يضع بين يديه لغة جسد قوية، ولا يمنحه مهارة السيطرة على المواقف. ومع ذلك، يتم بيعه تحت ستار «إعداد المدربين» وكأن من أنهى البرنامج صار فجأة خبيرًا يقود الحشود. تجارب دولية متعمقة في دول نجحت في بناء مدربين حقيقيين، نرى الصورة مختلفة تمامًا: • بريطانيا: لدى «معهد التعلم والأداء» (CIPD) برامج طويلة المدى، لا تُمنح فيها شهادة «مدرب محترف» إلا بعد إنجاز مشاريع تدريبية عملية وتقييم صارم من لجنة مختصة. • الولايات المتحدة: تقدم «جمعية تطوير المواهب – ATD» مسارات متعددة، تبدأ بالمعارف، ثم ورش تطبيقية، تليها اختبارات عملية، ولا يُعتمد المدرب إلا بعد أن يُثبت قدرته في جلسات تدريب واقعية. • فنلندا: يمر المدرب ببرنامج يمتد لأشهر، يتضمن محاكاة واقعية، مراقبة في الصفوف، ثم تقييما شاملا لمهارات العرض، إدارة النقاش، والقدرة على حل المشكلات. هذه التجارب تثبت أن إعداد المدرب يتم عبر برامج متعمقة، اجتيازات، وتدرّج عملي. المجتمع يجب أن يعي الحقيقة: الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع أن TOT ليس نقطة الانطلاق، بل الخطوة المعرفية الأولى فقط. المدرب الحقيقي لا يُصنع في أسبوع، بل يُبنى عبر برامج تخصصية أعمق مثل «اختصاصي تدريب»، التي تغوص في تفاصيل لغة الجسد، السيطرة على الحضور، مواجهة المواقف الحرجة، وبناء الكاريزما. هذه هي المراحل التي تُشكل شخصية المدرب، لا مجرد ورقة مكتوب عليها «مدرب معتمد». لكي نحمي المجتمع من أوهام «الشهادات الورقية»، يجب أن يُعتمد مبدأ الاختبار قبل الدخول، بحيث لا يُقبل أي شخص في برنامج إعداد مدربين إلا بعد اجتياز اختبار قبلي يقيس مهاراته الأساسية في التواصل والعرض. ثم، بعد انتهاء البرنامج، يجب أن يخضع المتدرب لاختبار عملي أمام لجنة تقييم مستقلة، ليُثبت أنه قادر على التدريب لا على الحفظ. الشهادة يجب أن تكون شهادة اجتياز، لا مجرد «شهادة حضور». هل يُعقل أن يتحول من حضر خمسة أيام إلى «قائد قاعة»؟ هل يكفي أن تحفظ شرائح عرض لتصير مدربًا؟ أين الارتباك والتجربة والخطأ؟ أين الكاريزما التي تُبنى عبر سنوات؟ أم أن المسألة مجرد صور على إنستغرام تُوهم الناس بأنهم أصبحوا «مدربين عالميين» في أسبوع؟ TOT مجرد مدخل بسيط للتدريب، فالتدريب مهنة جادة وليس عرضا استهلاكيا. المطلوب وعي مجتمعي ورقابة مؤسسية وآليات صارمة للاجتياز، فمن دون ذلك سيبقى سوق التدريب ساحة لبيع الوهم تحت عناوين براقة.
5469
| 06 أكتوبر 2025
تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في قطر، وهو رجل أعمال من المقيمين في قطر كان قد جدد لتوّه إقامته، ولكنه لم يحصل إلا على تأشيرة سارية لمدة عام واحد فقط، بحجة أنه تجاوز الستين من عمره. وبالنظر إلى أنه قد يعيش عقدين آخرين أو أكثر، وإلى أن حجم استثماره ضخم، فضلاً عن أن الاستثمار في الكفاءات الوافدة واستقطابها يُعدّان من الأولويات للدولة، فإن تمديد الإقامة لمدة عام واحد يبدو قصيرًا للغاية. وتُسلط هذه الحادثة الضوء على مسألة حساسة تتمثل في كيفية تشجيع الإقامات الطويلة بدولة قطر، في إطار الالتزام الإستراتيجي بزيادة عدد السكان، وهي قضية تواجهها جميع دول الخليج. ويُعد النمو السكاني أحد أكثر أسباب النمو الاقتصادي، إلا أن بعض أشكال النمو السكاني المعزز تعود بفوائد اقتصادية أكبر من غيرها، حيث إن المهنيين ورواد الأعمال الشباب هم الأكثر طلبًا في الدول التي تسعى لاستقطاب الوافدين. ولا تمنح دول الخليج في العادة الجنسية الكاملة للمقيمين الأجانب. ويُعد الحصول على تأشيرة إقامة طويلة الأمد السبيل الرئيسي للبقاء في البلاد لفترات طويلة. ولا يقل الاحتفاظ بالمتخصصين والمستثمرين الأجانب ذوي الكفاءة العالية أهميةً عن استقطابهم، بل قد يكون أكثر أهمية. فكلما طالت فترة إقامتهم في البلاد، ازدادت المنافع، حيث يكون المقيمون لفترات طويلة أكثر ميلاً للاستثمار في الاقتصاد المحلي، وتقل احتمالات تحويل مدخراتهم إلى الخارج. ويمكن تحسين سياسة قطر لتصبح أكثر جاذبية ووضوحًا، عبر توفير شروط وإجراءات الإقامة الدائمة بوضوح وسهولة عبر منصات إلكترونية، بما في ذلك إمكانية العمل في مختلف القطاعات وإنشاء المشاريع التجارية بدون نقل الكفالة. وفي الوقت الحالي، تتوفر المعلومات من مصادر متعددة، ولكنها ليست دقيقة أو متسقة في جميع الأحيان، ولا يوجد وضوح بخصوص إمكانية العمل أو الوقت المطلوب لإنهاء إجراءات الإقامة الدائمة. وقد أصبحت شروط إصدار «تأشيرات الإقامة الذهبية»، التي تمنحها العديد من الدول، أكثر تطورًا وسهولة. فهناك توجه للابتعاد عن ربطها بالثروة الصافية أو تملك العقارات فقط، وتقديمها لأصحاب المهارات والتخصصات المطلوبة في الدولة. وفي سلطنة عمان، يُمثل برنامج الإقامة الذهبية الجديد الذي يمتد لعشر سنوات توسعًا في البرامج القائمة. ويشمل هذا النظام الجديد شريحة أوسع من المتقدمين، ويُسهّل إجراءات التقديم إلكترونيًا، كما يتيح إمكانية ضم أفراد الأسرة من الدرجة الأولى. وتتوفر المعلومات اللازمة حول الشروط وإجراءات التقديم بسهولة. أما في دولة الإمارات العربية المتحدة، فهناك أيضًا مجموعة واضحة من المتطلبات لبرنامج التأشيرة الذهبية، حيث تمنح الإقامة لمدة تتراوح بين خمس و10 سنوات، وتُمنح للمستثمرين ورواد الأعمال وفئات متنوعة من المهنيين، مع إمكانية ضم أفراد الأسرة. ويتم منح الإقامة الذهبية خلال 48 ساعة فقط. وقد شهدت قطر نموًا سكانيًا سريعًا خلال أول عقدين من القرن الحالي، ثم تباطأ هذا النمو لاحقًا. فقد ارتفع عدد السكان من 1.7 مليون نسمة وفقًا لتعداد عام 2010 إلى 2.4 مليون نسمة في عام 2015، أي بزيادة قدرها 41.5 %. وبلغ العدد 2.8 مليون نسمة في تعداد عام 2020، ويُقدَّر حاليًا بحوالي 3.1 مليون نسمة. ومن المشاكل التي تواجه القطاع العقاري عدم تناسب وتيرة النمو السكاني مع توسع هذا القطاع. فخلال فترة انخفاض أسعار الفائدة والاستعداد لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، شهد قطاع البناء انتعاشًا كبيرًا. ومع ذلك، لا يُشكل هذا الفائض من العقارات المعروضة مشكلة كبيرة، بل يمكن تحويله إلى ميزة. فمثلاً، يُمكن للمقيمين الأجانب ذوي الدخل المرتفع الاستفادة وشراء المساكن الحديثة بأسعار معقولة. إن تطوير سياسات الإقامة في قطر ليكون التقديم عليها سهلًا وواضحًا عبر المنصات الإلكترونية سيجعلها أكثر جاذبية للكفاءات التي تبحث عن بيئة مستقرة وواضحة المعالم. فكلما كانت الإجراءات أسرع والمتطلبات أقل تعقيدًا، كلما شعر المستثمر والمهني أن وقته مُقدَّر وأن استقراره مضمون. كما أن السماح للمقيمين بالعمل مباشرة تحت مظلة الإقامة الدائمة، من دون الحاجة لنقل الكفالة أو الارتباط بصاحب عمل محدد، سيعزز حرية الحركة الاقتصادية ويفتح المجال لابتكار المشاريع وتأسيس الأعمال الجديدة. وهذا بدوره ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني عبر زيادة الإنفاق والاستثمار المحلي، وتقليل تحويلات الأموال إلى الخارج، وتحقيق استقرار سكاني طويل الأمد.
4809
| 05 أكتوبر 2025