رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عيسى الشيخ حسن

[email protected]

مساحة إعلانية

مقالات

396

عيسى الشيخ حسن

«لماذا تتجاهلنا نوبل»؟

03 يناير 2025 , 02:00ص

في أمسية الجسرة الأخيرة، أمتعنا الدكتور محمد هاشم بمحاضرته الشائقة: «ذائقة عالمية في الأدب» وسلّط فيها الضوء على تجربة الروائية الكوريّة الجنوبية «هان كانغ»، من خلال روايتها المترجمة إلى العربيّة: «النباتيّة» التي تدعو فيها إلى لجم شهوات الكائن البشري والميل إلى ترك تناول اللحوم، في بناء سردي يجنح إلى الشعرية، وهو مسوّغ اللجنة في بيانها باسم الأكاديمية السويديّة: «إن هان كانغ -التي تكتب باللغة الكورية- نالت جائزة نوبل «عن نثرها الشعري المكثف الذي يواجه الصدمات التاريخية ويكشف هشاشة الحياة البشرية».

ولم يكن الحديث عن أدب «هان كانغ» وتجربتها شبه المجهولة عربيًّا، بل سار في اتجاهات مختلفة، عن تسييس الجائزة، وذهاب المحاضر والجمهور إلى حقول نوبل الأخرى، ولا أظنّ أنّي استوفيت رأيي في جائزة نوبل التي كنا ننظر إليها بوصفها التاج الذي لا يوضع إلى على رأس أكفأ الكتاب في العالم، ولعلّهم كانوا كذلك بداية الأمر.      

تعدّ «جائزة نوبل» ونوبل للآداب بخاصّة «فاكهة الحضارة الغربيّة» التي «مركزت» العالم حولها، فنشرت أبجديتها وتقويمها ورياضاتها ومسرحها و»سينماها» ومعجمها اللغوي والعلمي في القارات الستّ، ولم تعد جائزة نوبل للآداب إلّا أن تتوجّه في أوّل كلّ خميس من شهر أكتوبر، إلى كاتب بلغاتها، ولم يعد الأمر غير قلّة قليلة من الأمم الأخرى، حين منح «طاغور» شاعر الهند الجائزة عام 1913. 

ومنذ عام 1901 كانت الجائزة تذهب إلى أبناء أوروبا، في القارة العجوز وامتدادات أبنائها في الأمريكيتين وأستراليا، ولم تغادر إلى غيرهم خلا حالات قليلة لكتّاب شرق آسيويين أو أفارقة، وحازها عربيّ وحيد هو نجيب محفوظ. على الرغم من ازدهار الأدب الواضح في القرن الماضي في بلاد العرب وإيران وبلاد آسيا الوسطى، ولا تعد الذاكرة أرخبيلًا من الأسماء أبدعوا في زمن الجائزة من مثل أحمد شوقي- حافظ إبراهيم- أبو القاسم الشابّي- عمر أبو ريشة- نزار قباني- بدر شاكر السياب- محمود درويش- بدوي الجبل- إيليا أبو ماضي- جبران خليل جبران- عبد الحميد هدّوقة- عبد الرحمن الربيعي- جنكيز إيتماتوف- وغيرهم أكثر.   

في الختام أظنّ أن ألق الجائزة قد خفت كثيرًا في تحدّيات المرحلة الراهنة وفي تراجع دور الكلمة أمام الصورة واهتزاز منظومة الحياة برمّتها بعد هيمنة العولمة، وبروز أنماط جديدة في التواصل الاجتماعي، وتراجع الصحافة الورقيّة، وبروز ظاهرة «الذكاء الصناعي».

في السنوات الأخيرة اتّضح أن الجائزة تذهب إلى كتّاب معنيّين أو داعين إلى اتجاهات معيّنة، بغضّ النظر عن الجودة والكفاءة، كما في أعوام فائتة حين فازت بيلاروسية تكتب عن السلام من خلال عملها مراسلة حربية، أو فرنسية مغمورة تكتب عن الحبّ، أو كاتب كلمات أغانٍ شعبية أمريكي، أو كاتبة هذا العام المهتمّة بالنباتيّة، النباتيّة التي تبنّاها قبل ألف عام شاعر عربيّ، ظلّ رهين المحبسين.

مساحة إعلانية