رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
لم أكتب منذ فترة أي مقال خاصةً "المقالات العنقودية" التي غالباً ما تُحرك ذيول البعض وتحرق أعصابهم، فقلما يمر على هاجس الكتابة هذه الأيام، فقد أصبحت الكتابة بالنسبة لي مجرد هواية بعد أن كانت واجباً مفروضاً، ربما كانت الكتابة عبر المدونات الإلكترونية وبرامج التواصل الاجتماعي أكثر وأوسع حريةً، وكأنك تقف على منبر حر، فالمدونات تجعلك تتخيل أنك في مكتبك الخاص تنشر وتبث همومك دون أن تنظر إلى ثغرة الباب والتي غالباً ما تُرمى عليها الآذان الصاغية السلبية المتردية، تكتب في مدونتك دون أن تنتظر موافقة طباعة مقالاتك ونشرها وأن يذيل عليها موافقة دار النشر وسلطة الرقابة.. أي تكتب كما شئت فالمهم والأهم أن يكون الضمير حاضراً معك أثناء الكتابة.
الكتابة هي محور أمسي الذي لم يغب عن الوعي آنذاك ولكنه حالياً في استراحة مقاتل سيعود يوماً لاختراق صفحات الكتب وشاشات الكمبيوتر، فكل إنسان له محور يومي أو روتين قد يكون جيداً أو منعكساً رأساً على عقب بسبب وجوهاً غابرة يراها يومياً في مكان عمله أو وقت فراغه القاتل الذي يُستغل في المهاترات دون أن يجدد ويمضي لتحقيق هدفه فتصبح حياته ليست إلا مجرد فوضى عارمة، هل قلت وجوهاً؟ نعم.. الوجوه وما أدراك ما الوجوه؟ طوال فترة تجاربي والتي مازالت تسير مع مستقبلي العلمي والعملي آمنت بأن التعامل مع سلبيات البشر وأطباعهم تقرّب الشيب قبل المشيب، بعض الوجوه الغابرة أمر أمامها مرور الكرام وقلبي يدعو بصمت:"لا ولّاكم الله على مسلم ولا مؤمن ولا ذمي ولا معاهد ولا مسالم ولا حتى بعير، حسبنا الله عليكم وكفانا الله شركم فلا خير لكم فينا".
غالباً ما يشعر الكاتب بالغربة خاصةً حينما يبقى في زاوية التفكير لتأليف مقطع أدبي لم يُكتب من قبل، تمهيداً لعرضه على جموع القرّاء الذين يختفون شيئاً فشيئاً عن عالم القراءة، فموجز الحديث ذو سطرين بات ذا نفوذ على عقلية البشر خاصة في عالمنا العربي، فالكثيرون منهم قليلو القراءة ضيقوا المدارك، يجمعون العلم من المجالس وأحاديث العابرين وإشاعات المغرضين، شتّان بين "المسلمين من غير إسلام" وبين بعض معتنقيه الذين تناسوا قوله تعالى "اقرأ وربك الأكرم" إلى أن باتت أمة اقرأ لا تقرأ، نحن نحتاج إلى قراءة على الأقل أربع صفحات في اليوم من أي كتاب لا أكثر علّنا نساهم في توسيع مداركنا وننقذ عقولنا من الجهل، لقد أصبحت أصابعنا محشورة في شاشات الهواتف الذكية بدلاً من تقليب صفحة من كتاب ما أصبح في زمننا مجرد ديكور في صالة المنزل لإيهام الزائرين بأننا نشجع على الثقافة متناسين أن هؤلاء منا وفينا ومثلنا لا يقرأون!.
هذيان:
أصعب شعور هو شعور الفقدان..
وأقتل شعور هو شعور ما بعد الفقدان!
وأدمر شعور هو تذكر ما بينهما!
فتحتاج حينها إلى علاج مشاعرك بالكيماوي!
هذيان:
أنت حر إذاً أنت موجود..
هذه هي إحدى عبارات الثورة..
ومنطق آخر للحرية..
لذلك العرب الآن خارجون عن منطقة التغطية!
هذيان:
أثناء رحيلهم عني..
سقطت مني دمعة..
وبعد رحيلهم سقطت أنا!
فلقد مت بعدهم ألف مرة.
هذيان:
أن تكون وحيداً هو أن تضع قلبك على منحدر..
أن تعيش في دنيا غريبة..
أن تكون غريباً يبحث عن عابر سبيل!
وحيداً.. تبحث عن حب ينسيك معنى الوحدة..
ثم تجد قلباً يهديك حباً ولكنه مشترك..
واحد لك وواحد لآخر..
أن تكون وحيداً.. هو أن تُجبر على تحمل واقعك على مضض..
وأن تبتسم وفي عينيك ألف دمعة أو أكثر..
أن تكون وحيداً... هو أن تسير مع العالم وقلبك يسافر إلى مكان آخر..
وأن تجلس بالقرب من الأصدقاء وأنت جسد بلا روح..
أن تكون وحيداً.. هو أن تنام ويعتريك شيء من الخوف..
أن تكون وحيداً.. هو أن تكون عبارة عن كومة من غموض..
ولن يفك رموزها سواك!.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم خارج إطار العطاء، بل نراهم ذاكرة الوطن الحية، وامتداد مسيرة بنائه منذ عقود. هم الجيل الذي زرع، وأسّس، وساهم في تشكيل الملامح الأولى لمؤسسات الدولة الحديثة. ولأن قطر لم تكن يومًا دولة تنسى أبناءها، فقد كانت من أوائل الدول التي خصّت المتقاعدين برعاية استثنائية، وعلاوات تحفيزية، ومكافآت تليق بتاريخ عطائهم، في نهج إنساني رسخته القيادة الحكيمة منذ أعوام. لكن أبناء الوطن هؤلاء «المتقاعدون» لا يزالون ينظرون بعين الفخر والمحبة إلى كل خطوة تُتخذ اليوم، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله – فهم يرون في كل قرار جديد نبض الوطن يتجدد. ويقولون من قلوبهم: نحن أيضًا أبناؤك يا صاحب السمو، ما زلنا نعيش على عهدك، ننتظر لمستك الحانية التي تعودناها، ونثق أن كرمك لا يفرق بين من لا يزال في الميدان، ومن تقاعد بعد رحلة شرف وخدمة. وفي هذا الإطار، جاء اعتماد القانون الجديد للموارد البشرية ليؤكد من جديد أن التحفيز في قطر لا يقف عند حد، ولا يُوجّه لفئة دون أخرى. فالقانون ليس مجرد تحديث إداري أو تعديل في اللوائح، بل هو رؤية وطنية متكاملة تستهدف الإنسان قبل المنصب، والعطاء قبل العنوان الوظيفي. وقد حمل القانون في طياته علاوات متعددة، من بدل الزواج إلى بدل العمل الإضافي، وحوافز الأداء، وتشجيع التطوير المهني، في خطوة تُكرس العدالة، وتُعزز ثقافة التحفيز والاستقرار الأسري والمهني. هذا القانون يُعد امتدادًا طبيعيًا لنهج القيادة القطرية في تمكين الإنسان، سواء كان موظفًا أو متقاعدًا، فالجميع في عين الوطن سواء، وكل من خدم قطر سيبقى جزءًا من نسيجها وذاكرتها. إنه نهج يُترجم رؤية القيادة التي تؤمن بأن الوفاء ليس مجرد قيمة اجتماعية، بل سياسة دولة تُكرم العطاء وتزرع في الأجيال حب الخدمة العامة. في النهاية، يثبت هذا القانون أن قطر ماضية في تعزيز العدالة الوظيفية والتحفيز الإنساني، وأن الاستثمار في الإنسان – في كل مراحله – هو الاستثمار الأجدر والأبقى. فالموظف في مكتبه، والمتقاعد في بيته، كلاهما يسهم في كتابة الحكاية نفسها: حكاية وطن لا ينسى أبناءه.
8796
| 09 أكتوبر 2025
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة الترويج، برنامج إعداد المدربين، يطرحونه كأنه عصا سحرية، يَعِدون المشترك بأنه بعد خمسة أيام أو أسبوع من «الدروس» سيخرج مدربًا متمكنًا، يقف على المنصة، ويُدير القاعة، ويعالج كل التحديات، كأن التدريب مجرد شهادة تُعلق على الجدار، أو بطاقة مرور سريعة إلى عالم لم يعرفه الطالب بعد. المشكلة ليست في البرنامج بحد ذاته، بل في الوهم المعبأ معه. يتم تسويقه للمشتركين على أنه بوابة النجومية في التدريب، بينما في الواقع هو مجرد خطوة أولى في طريق طويل. ليس أكثر من مدخل نظري يضع أساسيات عامة: كيف تُصمم عرضًا؟ كيف ترتب محتوى؟ كيف تُعرّف التدريب؟. لكنه لا يمنح المتدرب أدوات مواجهة التحديات المعقدة في القاعة، ولا يصنع له كاريزما، ولا يضع بين يديه لغة جسد قوية، ولا يمنحه مهارة السيطرة على المواقف. ومع ذلك، يتم بيعه تحت ستار «إعداد المدربين» وكأن من أنهى البرنامج صار فجأة خبيرًا يقود الحشود. تجارب دولية متعمقة في دول نجحت في بناء مدربين حقيقيين، نرى الصورة مختلفة تمامًا: • بريطانيا: لدى «معهد التعلم والأداء» (CIPD) برامج طويلة المدى، لا تُمنح فيها شهادة «مدرب محترف» إلا بعد إنجاز مشاريع تدريبية عملية وتقييم صارم من لجنة مختصة. • الولايات المتحدة: تقدم «جمعية تطوير المواهب – ATD» مسارات متعددة، تبدأ بالمعارف، ثم ورش تطبيقية، تليها اختبارات عملية، ولا يُعتمد المدرب إلا بعد أن يُثبت قدرته في جلسات تدريب واقعية. • فنلندا: يمر المدرب ببرنامج يمتد لأشهر، يتضمن محاكاة واقعية، مراقبة في الصفوف، ثم تقييما شاملا لمهارات العرض، إدارة النقاش، والقدرة على حل المشكلات. هذه التجارب تثبت أن إعداد المدرب يتم عبر برامج متعمقة، اجتيازات، وتدرّج عملي. المجتمع يجب أن يعي الحقيقة: الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع أن TOT ليس نقطة الانطلاق، بل الخطوة المعرفية الأولى فقط. المدرب الحقيقي لا يُصنع في أسبوع، بل يُبنى عبر برامج تخصصية أعمق مثل «اختصاصي تدريب»، التي تغوص في تفاصيل لغة الجسد، السيطرة على الحضور، مواجهة المواقف الحرجة، وبناء الكاريزما. هذه هي المراحل التي تُشكل شخصية المدرب، لا مجرد ورقة مكتوب عليها «مدرب معتمد». لكي نحمي المجتمع من أوهام «الشهادات الورقية»، يجب أن يُعتمد مبدأ الاختبار قبل الدخول، بحيث لا يُقبل أي شخص في برنامج إعداد مدربين إلا بعد اجتياز اختبار قبلي يقيس مهاراته الأساسية في التواصل والعرض. ثم، بعد انتهاء البرنامج، يجب أن يخضع المتدرب لاختبار عملي أمام لجنة تقييم مستقلة، ليُثبت أنه قادر على التدريب لا على الحفظ. الشهادة يجب أن تكون شهادة اجتياز، لا مجرد «شهادة حضور». هل يُعقل أن يتحول من حضر خمسة أيام إلى «قائد قاعة»؟ هل يكفي أن تحفظ شرائح عرض لتصير مدربًا؟ أين الارتباك والتجربة والخطأ؟ أين الكاريزما التي تُبنى عبر سنوات؟ أم أن المسألة مجرد صور على إنستغرام تُوهم الناس بأنهم أصبحوا «مدربين عالميين» في أسبوع؟ TOT مجرد مدخل بسيط للتدريب، فالتدريب مهنة جادة وليس عرضا استهلاكيا. المطلوب وعي مجتمعي ورقابة مؤسسية وآليات صارمة للاجتياز، فمن دون ذلك سيبقى سوق التدريب ساحة لبيع الوهم تحت عناوين براقة.
7161
| 06 أكتوبر 2025
المشهد الغريب.. مؤتمر بلا صوت! هل تخيّلتم مؤتمرًا صحفيًا لا وجود فيه للصحافة؟ منصة أنيقة، شعارات لامعة، كاميرات معلّقة على الحائط، لكن لا قلم يكتب، ولا ميكروفون يحمل شعار صحيفة، ولا حتى سؤال واحد يوقظ الوعي! تتحدث الجهة المنظمة، تصفق لنفسها، وتغادر القاعة وكأنها أقنعت العالم بينما لم يسمعها أحد أصلًا! لماذا إذن يُسمّى «مؤتمرًا صحفيًا»؟ هل لأنهم اعتادوا أن يضعوا الكلمة فقط في الدعوة دون أن يدركوا معناها؟ أم لأن المواجهة الحقيقية مع الصحفيين باتت تزعج من تعودوا على الكلام الآمن، والتصفيق المضمون؟ أين الصحافة من المشهد؟ الصحافة الحقيقية ليست ديكورًا خلف المنصّة. الصحافة سؤالٌ، وجرأة، وضمير يسائل، لا يصفّق. فحين تغيب الأسئلة، يغيب العقل الجمعي، ويغيب معها جوهر المؤتمر ذاته. ما معنى أن تُقصى الميكروفونات ويُستبدل الحوار ببيانٍ مكتوب؟ منذ متى تحوّل «المؤتمر الصحفي» إلى إعلان تجاري مغلّف بالكلمات؟ ومنذ متى أصبحت الصورة أهم من المضمون؟ الخوف من السؤال. أزمة ثقة أم غياب وعي؟ الخوف من السؤال هو أول مظاهر الضعف في أي مؤسسة. المسؤول الذي يتهرب من الإجابة يعلن – دون أن يدري – فقره في الفكرة، وضعفه في الإقناع. في السياسة والإعلام، الشفافية لا تُمنح، بل تُختبر أمام الميكروفون، لا خلف العدسة. لماذا نخشى الصحفي؟ هل لأننا لا نملك إجابة؟ أم لأننا نخشى أن يكتشف الناس غيابها؟ الحقيقة الغائبة خلف العدسة ما يجري اليوم من «مؤتمرات بلا صحافة» هو تشويه للمفهوم ذاته. فالمؤتمر الصحفي لم يُخلق لتلميع الصورة، بل لكشف الحقيقة. هو مساحة مواجهة بين الكلمة والمسؤول، بين الفعل والتبرير. حين تتحول المنصّة إلى monologue - حديث ذاتي- تفقد الرسالة معناها. فما قيمة خطاب بلا جمهور؟ وما معنى شفافية لا تُختبر؟ في الختام.. المؤتمر بلا صحفيين، كالوطن بلا مواطنين، والصوت بلا صدى. من أراد الظهور، فليجرب الوقوف أمام سؤال صادق. ومن أراد الاحترام فليتحدث أمام من يملك الجرأة على أن يسأله: لماذا؟ وكيف؟ ومتى؟
3312
| 13 أكتوبر 2025