رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في كل يوم تزداد ثقتنا في الاقتصاد القطري، لكونه بني قويا وتم تأسيسه على خطى مدروسة وتخطيط له أبعاده الاستراتيجية من قبل اصحاب القرار لخدمة المواطنين، وبشكل خاص في الظروف الحالية التي تقوم على رؤى مستقبلية واضحة كل الوضوح.
وهذا التخطيط الذي ننعم به الآن يجعلنا نفكر جيدا في كيفية الادخار لأبنائنا وتسخير كل ما نملك من أموال في الوقت الراهن لاسعاد الاجيال القادمة لانها امل المستقبل لبناء هذا الوطن ليشبوا معتمدين على انفسهم عبر الادخار بالشكل الصحيح والمدروس عبر بوابة البورصة القطرية.
وبما ان البورصة القطرية تشهد هذه الفترة خطوة غير مسبوقة في تاريخها من خلال الارتفاعات المشجعة، فان ذلك يجعلنا نؤمن ايمانا راسخا بان التفكير الايجابي يجب ان ينبع في التركيز على الاستثمار في اقتصادنا الوطني وفي البورصة القطرية على وجه الخصوص، مع عدم استعجال النتائج، لان الادخار على المدى الطويل في البورصة يتطلب عدم الاستعجال في الكسب، فالامل في اقتصادنا يجعلنا نؤمن كذلك بان اجيالنا يتطلب منا التفكير لهم من الآن بشكل يجعلنا اكثر تأنيا ومرونة في مثل هذا الاستثمار طويل الاجل. هذا من ناحية.
** لا تفوّتوا الفرص لخدمة الأجيال
ومن ناحية اخرى، فان الفرص باتت متاحة في عدم التفريط في مثل هذه المنح للمواطن في البورصة التي قد لا تتوافر في المستقبل، ومن تلك الشركات التي يجب الادخار فيها لأجيالنا اليوم في بورصتنا القطرية:
البنوك والمصارف القطرية، والشركات الصناعية الحكومية، العقارات والاتصالات، مع البعد عن الشركات الصغيرة التي لا تقوم على الاستثمار الآمن، لان الشركات الحكومية تؤمن ايمانا كاملا انها تدخر اولا للمواطن وللدولة، فهي شبه مضمونة.
من تلك الشركات التي ارى انه لا يجب التفريط في اسهمها والادخار فيها لابنائنا وبناتنا " شركة مسيعيد "، فسهم هذه الشركة ما زالت قيمته المعروضة في البورصة رخيصة جدا مقارنة بارباحه الماضية، فهو يتم التداول عليه في حدود أعلى من (الثلاثين ريالا) بقليل، مثله مثل "سهم بنك الريان " الذي كان في حدود هذا السعر قبل فترة قصيرة، وقفز بين يوم وليلة الى أعلى من (الستين ريالا) وقد يصل الى الثمانين أو أكثر كما هو متوقع له قريبا.
وما حدث خلال الاسبوع الماضي في البورصة القطرية من ارتفاعات مهولة يجعلنا نعيد حساباتنا من جديد تجاه الادخار فيها مع عدم بيع الاسهم القطرية بل الاحتفاظ بها، فقد تكون ارباح الشركات لهذا العام اكثر بكثير من السنوات الخمس الماضية.
فدخول المحافظ المحلية والاجنبية زاد من الاقبال على شراء اسهم البورصة القطرية دون البورصات الخليجية الاخرى، وهو ما يؤشر الى ان بورصتنا قادمة على طفرة كبيرة لم تحدث منذ زمن طويل لانها غدت مأمونة العواقب.
فقد وصل حجم التداول يوم الخميس الماضي الى أقل من خمسة مليارات ريال ويعد من الارقام الخيالية والكبيرة التي تحدث في يوم واحد، وهو ما لم يحدث في تاريخ البورصة القطرية، حيث حطم كل الارقام السابقة ليصل الى مستوى 13700 نقطة تقريبا.
** التفاؤل بدخول الأسهم القطرية الأسواق الناشئة
مع تفاؤل المستثمرين بقرب ترقية البورصة القطرية إلى مصاف الأسواق الناشئة على مؤشر (مورجان ستانلي) للأسواق الناشئة، وارتفاع المؤشر العام الخميس الفائت بنسبة 8.02 % محققًا أعلى مستوياته منذ التدشين، اصبح الكثير متفائلا بكسبها المالي الكبير وعوائدها غير المتوقعة في المستقبل القريب.
وقد قال احد الخبراء:
" حققت المؤشرات القطرية أداءً إيجابيًا خلال تعاملات شهر مايو مع تفاؤل المستثمرين بالإعلان عن الأسهم التي ستدرج على مؤشر مورجان ستانلي والمقرر أن تتم في مطلع شهر يونيو ، وبرفع نسب تملك الأجانب في أسهم الشركات المقيدة من ضمن الأسباب الرئيسية وراء صعود السوق، ما أعطى فرصة كبيرة للاستثمار الأجنبي لضخ مزيد من السيولة بالسوق، مع توجيه سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، رئيس المجلس الأعلى للشؤون الاقتصادية والاستثمار بالعمل على رفع نسبة تملك غير القطريين في الشركات المدرجة ببورصة قطر وفقاً للإجراءات القانونية المتبعة وأتوقع استمرار الحركة الصاعد خلال تعاملات شهر يونيو مع استمرار المحافظ الأجنبية في الشراء، وقد يكون هدف المؤشر في الأسبوع القادم عند 14 ألف نقطة، وفي حال استمرار وتيرة الارتفاعات على نفس مستوى جلسة الخميس قد نشهد 14500 نقطة في التداولات القادمة أما في حال جني الأرباح فالدعم الأول سيكون عند 13500 ثم 13350 نقطة ".
من جهة أخرى أعلنت مؤسسة (إم.إس.سي.آي) مورجان ستانلي في منتصف شهر مايو عن قائمة الشركات القطرية التي سيتم إدراجها في المؤشر القياسي للأسواق الناشئة، وشملت قائمة الأسهم القطرية:
— قطر الوطني — وقطر الإسلامي — وبنك الدوحة
— والبنك التجاري
— ومصرف الريان
— وبروة
— وأوريدو
— والكهرباء
— وصناعات قطر
— وفودافون.
** كلمة أخيرة:
الادخار في البورصة القطرية للاجيال القادمة فرصة لا تعوض ولا يجب التردد في ذلك، مع التمسك بالاسهم وعدم بيعها لخدمة الاجيال القادمة.
أثناء تصفحي لمواقع التواصل الاجتماعي استوقفني أحدهم ممن يصفونهم بالمنجمين والذين يدّعون العلم بالمستقبل ولا يعلم بالغيب سوى... اقرأ المزيد
147
| 05 أكتوبر 2025
يقول الاسكندر الأكبر: أنا مدين لمعلمي لأنه قدم لي حياة جديدة. يحتفل العالم أجمع بيوم المعلم الذي ينظم... اقرأ المزيد
150
| 05 أكتوبر 2025
ضغوط عالمية وداخلية شعبية لوقف الحرب وانهاء الابادة، تسارع مكوكي لا يوصف في مفاوضات الصلح بين حماس واسرائيل... اقرأ المزيد
96
| 05 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
هناك لحظات تفاجئ المرء في منتصف الطريق، لحظات لا تحتمل التأجيل ولا المجاملة، لحظات تبدو كأنها قادمة من عمق الذاكرة لتذكره بأن الحياة، مهما تزينت بضحكاتها، تحمل في جيبها دائمًا بذرة الفقد. كنتُ أظن أني تعلّمت لغة الغياب بما يكفي، وأنني امتلكت مناعة ما أمام رحيل الأصدقاء، لكن موتًا آخر جاء هذه المرة أكثر اقترابًا، أكثر إيغالًا في هشاشتي، حتى شعرتُ أن المرآة التي أطل منها على وجهي اليوم ليست إلا ظلًّا لامرأة كانت بالأمس بجانبي. قبل أيام قليلة رحلت صديقتي النبيلة لطيفة الثويني، بعد صراع طويل مع المرض، صراع لم يكن سوى امتحان صعب لجسدها الواهن وإرادتها الصلبة. كانت تقاتل الألم بابتسامة، كأنها تقول لنا جميعًا: لا تسمحوا للوجع أن يسرقكم من أنفسكم. لكن ماذا نفعل حين ينسحب أحدهم فجأة من حياتنا تاركًا وراءه فراغًا يشبه هوة بلا قاع؟ كيف يتهيأ القلب لاستيعاب فكرة أن الصوت الذي كان يجيب مكالماتنا لم يعد موجودًا؟ وأن الضحكة التي كانت تفكّك تعقيدات أيامنا قد صمتت إلى الأبد؟ الموت ليس حدثًا يُحكى، بل تجربة تنغرس في الروح مثل سكين بطيئة، تجبرنا على إعادة النظر في أبسط تفاصيل حياتنا. مع كل رحيل، يتقلص مدى الأمان من حولنا. نشعر أن الموت، ذلك الكائن المتربّص، لم يعد بعيدًا في تخوم الزمن، بل صار يتجوّل بالقرب منا، يختبر خطواتنا، ويتحرّى أعمارنا التي تتقارب مع أعمار الراحلين. وحين يكون الراحل صديقًا يشبهنا في العمر، ويشاركنا تفاصيل جيل واحد، تصبح المسافة بيننا وبين الفناء أقصر وأكثر قسوة. لم يعد الموت حكاية كبار السن، ولا خبرًا يخص آخرين، بل صار جارًا يتلصص علينا من نافذة الجسد والذاكرة. صديقتي الراحلة كانت تمتلك تلك القدرة النادرة على أن تراك من الداخل، وأن تمنحك شعورًا بأنك مفهوم بلا حاجة لتبرير أو تفسير. لهذا بدا غيابها ثقيلاً، ليس لأنها تركت مقعدًا فارغًا وحسب، بل لأنها حملت معها تلك المساحة الآمنة التي يصعب أن تجد بديلًا لها. أفكر الآن في كل ما تركته خلفها من أسئلة. لماذا نُفاجأ بالموت كل مرة وكأنها الأولى؟ أليس من المفترض أن نكون قد اعتدنا حضوره؟ ومع ذلك يظل الموت غريبًا في كل مرة، جديدًا في صدمته، جارحًا في اختباره، وكأنه يفتح جرحًا لم يلتئم أبدًا. هل نحن من نرفض التصالح معه، أم أنه هو الذي يتقن فنّ المداهمة حتى لو كان متوقعًا؟ ما يوجعني أكثر أن رحيلها كان درسًا لا يمكن تجاهله: أن العمر ليس سوى اتفاق مؤقت بين المرء وجسده، وأن الألفة مع الحياة قد تنكسر في لحظة. كل ابتسامة جمعتها بنا، وكل كلمة قالتها في محاولة لتهوين وجعها، تتحول الآن إلى شاهد على شجاعة نادرة. رحيلها يفضح ضعفنا أمام المرض، لكنه في الوقت ذاته يكشف جمال قدرتها على الصمود حتى اللحظة الأخيرة. إنها واحدة من تلك الأرواح التي تترك أثرًا أبعد من وجودها الجسدي. صارت بعد موتها أكثر حضورًا مما كانت عليه في حياتها. حضور من نوع مختلف، يحاورنا في صمت، ويذكّرنا بأن المحبة الحقيقية لا تموت، بل تعيد ترتيب نفسها في قلوبنا. وربما لهذا نشعر أن الغياب ليس غيابًا كاملًا، بل انتقالًا إلى شكل آخر من الوجود، وجود نراه في الذكريات، في نبرة الصوت التي لا تغيب، في اللمسة التي لا تزال عالقة في الذاكرة. أكتب عن لطيفة رحمها الله اليوم ليس لأحكي حكاية موتها، بل لأواجه موتي القادم. كلما فقدت صديقًا أدركت أن حياتي ليست طويلة كما كنت أتوهم، وأنني أسير في الطريق ذاته، بخطوات متفاوتة، لكن النهاية تظل مشتركة. وما بين بداية ونهاية، ليس أمامي إلا أن أعيش بشجاعة، أن أتمسك بالبوح كما كانت تفعل، وأن أبتسم رغم الألم كما كانت تبتسم. نعم.. الحياة ليست سوى فرصة قصيرة لتبادل المحبة، وأن أجمل ما يبقى بعدنا ليس عدد سنواتنا، بل نوع الأثر الذي نتركه في أرواح من أحببنا. هكذا فقط يمكن أن يتحول الموت من وحشة جارحة إلى معنى يفتح فينا شرفة أمل، حتى ونحن نغالب الفقد الثقيل. مثواك الجنة يا صديقتي.
4587
| 29 سبتمبر 2025
في ظهوره الأخير على منصة الأمم المتحدة، ملامحه، حركاته، وحتى ضحكاته المقتضبة لم تكن مجرد تفاصيل عابرة؛ بل كانت رسائل غير منطوقة تكشف عن قلق داخلي وتناقض صارخ بين ما يقوله وما يحاول إخفاءه. نظراته: قبل أن يبدأ حديثه، كانت عيونه تتجه نحو السلم، وكأنها تبحث عن شيء غير موجود. في لغة الجسد، النظرات المتكررة إلى الأرض أو الممرات تعكس قلقًا داخليًا وشعورًا بعدم الأمان. بدا وكأنه يراقب طريق الخروج أكثر مما يراقب الحضور، وكأن المنصة بالنسبة له فخّ، والسلم هو طوق النجاة. يداه: حين وقف أمام المنصة، شدّ يديه الاثنتين على جانبي البوديوم بشكل لافت إشارة إلى أن المتحدث يحتاج إلى شيء ملموس يستند إليه ليتجنب الارتباك، فالرجل الذي يقدّم نفسه دائمًا بصورة القوي الصلب، بدا كمن يتمسك بحاجز خشبي ليمنع ارتعاشة داخلية من الانكشاف. ضحكاته: استهل خطابه بإشارات إلى أحداث جانبية وبمحاولة لإضحاك الجمهور حيث بدا مفتعلًا ومشحونًا بالتوتر. كان الضحك أقرب إلى قناع يوضع على وجه مرتبك، قناع يحاول إخفاء ما لا يريد أن يظهر: الخوف من فقدان السيطرة، وربما الخوف من الأسئلة التي تطارده خارج القاعة أكثر مما يواجهه داخلها. عيناه ورأسه: خلال أجزاء من خطابه، حاول أن يُغلق عينيه لثوانٍ بينما يتحدث، ويميل رأسه قليلاً إلى الجانب ويعكس ذلك رغبة لا واعية في إبعاد ما يراه أو ما يقوله، وكأن المتحدث يحاول أن يتجنب مواجهة الحقيقة. أما مَيل الرأس، فكان إشارة إلى محاولة الاحتماء، أو البحث عن زاوية أكثر راحة نفسيًا وسط ارتباك داخلي. بدا وكأنه يتحدث إلى نفسه أكثر مما يخاطب العالم. مفرداته: استدعاؤه أمجاد الماضي، وتحدثه عن إخماد الحروب أعطى انطباعًا بأنه لا يتقن سوى لغة الحروب، سواء في إشعالها أو في إخمادها. رجل يحاول أن يتزين بإنجازات الحرب، في زمن يبحث فيه العالم عن من يصنع السلم. قناعه: لم يكن يتحدث بلسانه فقط؛ بل بجسده أيضًا حيث بدا وكأنه محاولة لإعادة ارتداء قناع «الرجل الواثق» لكن لغة جسده فضحته، كلها بدت وكأنها تقول: «الوضع ليس تحت السيطرة». القناع هنا لم يخفِ الحقيقة بل كشف هشاشته أكثر. مخاوفه: لعلها المخاوف من فقدان تأثيره الدولي، أو من محاكم الداخل التي تطارده، أو حتى من نظرات الحلفاء الذين اعتادوا سماع خطاباته النارية لكنهم اليوم يرون أمامهم رجلاً متردداً. لم نره أجبن من هذا الموقف، إذ بدا أنه في مواجهة نفسه أكثر من مواجهة الآخرين. في النهاية، ما قدّمه لم يكن خطابًا سياسيًا بقدر ما كان درسًا في لغة الجسد. الكلمات قد تخدع، لكن الجسد يفضح.
3399
| 29 سبتمبر 2025
بعض الجراح تُنسي غيرها، ليس بالضرورة أن تكون أعمق، لكن الوجدان لا يتحمل كل هذه الأوجاع. في الوقت الذي نقف في قلب الحسرة ونحن نطالع ذلك الجرح النازف في غزة دون أن نستطيع إيقاف نزفه، يتملكنا الشعور أحيانًا بأنها المأساة الوحيدة في أمتنا وذلك من فرط هولها وشدتها، ويسقط منا سهوًا الالتفات إلى مصائبها الأخرى، تأتي أزمة السودان في صدارة هذه المآسي. أوجاع السودان كثيرة ومتعددة، كلها بحاجة لأن تكون حاضرة دائما في الوجدان العربي الإسلامي، لكن أولاها في الوقت الراهن مأساة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، التي تخضع منذ العاشر من يونيو/حزيران 2024 لحصار خانق فرضته قوات الدعم السريع للضغط على الجيش الوطني السوداني. سكان مدينة الفاشر يفتك بهم الجوع والقصف المدفعي اليومي الذي يحول دون دخول المساعدات الإنسانية، في ظل ضعف التعاطي العربي مع القضية وتجاهل دولي تام لهذه المأساة، على الرغم من أنها تقترب من الإدراج في صفحات الإبادة الجماعية. قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) التي تحاصر الفاشر، تسيطر على أربع ولايات من أصل خمس ولايات في إقليم دارفور، لذا تقصف بوحشية مدينة الفاشر عاصمة الولاية الخامسة (شمال دارفور)، التي تمثل أكثر من نصف مساحة الإقليم وتعادل حوالي 12 بالمائة من مساحة السودان، وذلك بهدف إتمام السيطرة على الإقليم بأسره. إضافة إلى الوضع الكارثي للمدنيين في الفاشر بسبب الحصار والقصف الهمجي، ينذر سقوط الفاشر ووقوعها بقبضة ميلشيات الدعم السريع، بكارثة عظمى للسودان بشكل عام. الفاشر ليست مدينة عادية في أهميتها، فهي مفتاح السيطرة على مساحات إستراتيجية واسعة تصل إلى حدود تشاد وليبيا، وهي كذلك تقع على الطرق المؤدية بين شرق وغرب السودان، بما يعني أن سيطرة قوات الدعم عليها سيحول دون قيام دولة مركزية، وفرض واقع عسكري يتحكم في جغرافيا المنطقة، إضافة إلى أن السيطرة عليها ستؤمن لقوات الدعم ممرات تهريب الأسلحة. سيطرة قوات حميدتي على الفاشر يؤمن لها كذلك خطوط الإمداد ويقوي شوكتها ويجعل الولاية مركزا لمهاجمة الولايات الأخرى والسيطرة على المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش السوداني. لذا نستطيع الجزم، بأن الفاشر هي آخر الخطوط الفاصلة بين سودان موحد وسودان مجزأ، ولن يكون مجرد سقوط مدينة، بل انهيار وحدة الدولة السودانية، والذي سيتحول إلى شمال مركزي تحت سيطرة الجيش، وغرب تحت سلطة الميلشيات، وشرق تتجاذبه الانقسامات والنزعات القبلية، وجنوب منهك مهمش. إذا سقطت الفاشر، فإن الخطورة ستتجاوز حينئذ القتال بين الجيش وميليشيات الدعم، فمن أخطر تداعيات سقوط الفاشر – لا قدر الله - انفجار الصراع الإثني في السودان الذي يكتظ بالتنوع الإثني والقبائل المسلحة مختلفة الولاءات، لأن هذا البلد يرقد على بركان تسليح الهوية، وفي هذه الحال سيمتد الصراع الإثني بلا شك إلى الدول المجاورة. الدول العربية، والدول المحيطة بالسودان وعلى رأسها مصر، منوطة بالعمل الفوري الجاد على منع سقوط الفاشر والذي يعني تفتيت وحدة السودان وما له من تداعيات على الجوار، وذلك عبر مسارين، الأول هو كسر هذا الحصار على المدينة وإدخال المساعدات، والثاني تقدم الدعم العسكري واللوجستي للجيش السوداني المنهك لفرض سيطرته التامة على ولاية شمال دارفور ومنع سقوطها في أيدي حميدتي، والضغط كذلك على الدول والجهات التي تدعم ميلشيات الدعم السريع المتمردة. وعلى المستوى الشعبي، يتعين على نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي وضع مأساة الفاشر والملف السوداني بشكل عام في بؤرة الاهتمام، وتسليط الضوء على الأحوال الكارثية التي يعانيها أهل المدينة، وأهميتها الإستراتيجية وخطورة سقوطها في أيدي قوات الدعم على وحدة السودان، لتكوين رأي عام عربي ضاغط على الأنظمة والحكومات العربية لسرعة التدخل، إضافة إلى لفت أنظار الشعوب الغربية إلى هذه المأساة لإحراج حكوماتها والعمل على التدخل الفوري لإدخال المساعدات الإنسانية.
1362
| 28 سبتمبر 2025