رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
إن الأحداث الأخيرة في اليمن وتشكيل الحكومة والتحديات تجعلنا نناقش الواقع اليمني في المنطقة من منطلق عقلي وواقعي وليس في الخيال، ويجب على العقلاء في اليمن أن يفكروا الآن في مصالح بلادهم وإعادة الإعمار. إن الدول الخليجية هي الشريك الحقيقي في اليمن بعدة عوامل:
1- إن أكثر العمالة اليمنية في منطقة الخليج ولولا ظروف الموقف الخاطئ الكارثي من تأييد صدام لكانت الأمور أفضل بكثير ودفع اليمن ثمناً باهظاً لمواقف مرتجلة.
2- إن أكثر المشاريع والدعم والتمويل والقروض الميسرة هي من دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.
3- إن المساعدات الغربية محدودة جداً وشروطها قاسية والخدمات الإدارية تأخذ أغلب المساعدات والكل يعرف ذلك.
4- إن اليمن لا يستطيع أن يخرج من محنته بدون دول الخليج وهو بحاجة ماسة لها وهو جزء من واقعها وتربطه بها مصالح مشتركة.
لكن يجب أن ننظر للموضوع من منظور استراتيجي واقعي.
لذا يجب على اليمن وحكومته الجديدة أن تقدم مبادرة حسن نوايا تخدم مصلحة الجميع وستكون لها آثار كبيرة، فلو فكرت اليمن في ظل الظروف الراهنة التي تواجهها دول الخليج التي هي شقيقة ولديها رابطة العروبة والدين فيما يخص التهديد بمضيق هرمز، ولو أن اليمن تقوم بإعطاء ميناء ومنفذ مشترك مع دول الخليج كما كانت تفعل سوريا ولبنان في خط التابلاين وتؤجره بعد توفير شروط الحماية ومقابل ذلك تقدم دول الخليج امتيازات خاصة لليمن من حيث العمالة والاستثمار وتعويض اليمن عن الخسائر في البنية التحتية.
على اليمن كذلك أن يقدم تطمينات حول الوضع الأمني وإنهاء المظاهرة المسلحة والاتحاد لكل القوى ضد الجماعات المتطرفة والفئات التي ترفع المذهبية والطائفية تبعاً لأجندة خارجية لدول تريد أن تستغل اليمن في تحويله إلى نقطة توتر في المنطقة، لئن كانت المعارضة التي تحكم حالياً تنتقد استخدام الحكم السابق بأنه استخدم الحوثيين كورقة ضغط أو تجارة... إلخ، فالآن هم أمام المسؤولية في إنهاء هذا الوضع ورفض تدخل دول تريد استخدام الأراضي اليمنية في صراعات تضر بالمصلحة العربية العليا وتهدد استقرار المنطقة، لذا لابد من التحرك في إجماع وطني لهذا الأمر، وقد رأى الكثير موقف هذه الفئات ضد الحكومة والفئات وبدأوا يمارسون العنف، وبالمقابل فإن مسؤولية مجلس التعاون الخليجي تبني مؤتمر مصالحة وطنية يقوم على أساس:
1- الشراكة الجماعية والعمل من خلال الانتخابات.
2- رفض المذهبية والمناطقية وتقسيم البلاد.
3- محاربة حمل السلاح وجعله في أيدي الدولة ومنع تجارته.
4- رفض معوقات التنمية كالقات والمخدرات والمتاجرة بها.
5- وضع آلية للمستقبل بما يحفظ حقوق الجميع والمساواة بعيداً عن النظرات الضيقة والحوار من خلال المؤسسات الدستورية.
ويجب الضغط على جميع الفئات في هذا الإطار، أن التكامل الخليجي سيفرض نفسه من خلال الظروف والتحديات الإقليمية والدولية، ويجب على اليمن أن تعرف مستقبلها مع هذه المنظومة قبل غيرها، كما على دول الخليج أن تضع استراتيجية لاحتواء وتأهيل العمالة اليمنية لأنهم أفضل من العمالة الوافدة التي تأتي بعادات وتقاليد غريبة تضر بسلوك المجتمع وربما تشكل تهديدا لسلامة المنطقة، وقد كان سيدنا عمر بن الخطاب يحافظ على عادات العرب في الجزيرة العربية.
ولا شك أن هناك وسائل ومناهج توجيهية وبرامج ستكون ذات أثر بالتعاون مع الغرف التجارية والأجهزة المختصة لتأهيل وحسن سلوك أخلاقي عربي إسلامي، وتستبعد العمالة الضارة المنحرفة ذات المبادئ والأفكار والسلوك الذي يسيء إلى اليمن والعرب من خلال لجان متخصصة، واليمن هي قوة لدول الخليج.
على دول الخليج أن تضع دراسات شاملة وليست اقتصادية وسياسية فقط وإنما فكرية وتربوية وغيرها لدراسة المعضلات والمعوقات، وعلى العقلاء في اليمن أن يناقشوا بشجاعة معوقات العلاقة مع دول مجلس التعاون، وأن تقوم الحكومة الحالية بتجنب أخطاء الماضي للحكومة السابقة وتبدأ خطوات عملية واستراتيجية وشراكة في كافة المجالات وتحافظ وتدافع عن استقرار المنطقة من التهديدات والمخاطر، وإبداء موقف شجاع وصريح في هذا المجال وتوحيد النظرة والشراكة الدفاعية والأمنية مع دول مجلس التعاون.
إن قيام مشروع سكة حديد خليجية تمر باليمن سيكون له أثر كبير في الاندماج والتداخل أضف إلى تخفيف شروط الانتقال والدخول بعد تقديم اليمن للضمانات الأمنية وفق خطوات إيجابية بدعم خليجي وشراكة في التربية والتعليم والصحة والإعلام والثقافة وغيرها، والعمل على قيام لجان متخصصة من دول المجلس واليمن لمناقشة كافة القضايا بوضوح، سيكون له أثر كبير.
على اليمنيين أن يفكروا الآن بمصالح بلادهم وأن ينهوا المظاهر المسلحة ويرمموا ما خسروه في الماضي بمساعدة اخوانهم الذين يجب أن يدعموهم في المؤتمر الوطني للمصالحة برعاية خليجية، وكذلك التنازل من الجميع لمصلحة الوحدة والأخوة العربية الإسلامية وتجنب السلبيات وعدم النظر إلى الصفحات السوداء الماضية بل المستقبل المشرق، والله الموفق.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم خارج إطار العطاء، بل نراهم ذاكرة الوطن الحية، وامتداد مسيرة بنائه منذ عقود. هم الجيل الذي زرع، وأسّس، وساهم في تشكيل الملامح الأولى لمؤسسات الدولة الحديثة. ولأن قطر لم تكن يومًا دولة تنسى أبناءها، فقد كانت من أوائل الدول التي خصّت المتقاعدين برعاية استثنائية، وعلاوات تحفيزية، ومكافآت تليق بتاريخ عطائهم، في نهج إنساني رسخته القيادة الحكيمة منذ أعوام. لكن أبناء الوطن هؤلاء «المتقاعدون» لا يزالون ينظرون بعين الفخر والمحبة إلى كل خطوة تُتخذ اليوم، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله – فهم يرون في كل قرار جديد نبض الوطن يتجدد. ويقولون من قلوبهم: نحن أيضًا أبناؤك يا صاحب السمو، ما زلنا نعيش على عهدك، ننتظر لمستك الحانية التي تعودناها، ونثق أن كرمك لا يفرق بين من لا يزال في الميدان، ومن تقاعد بعد رحلة شرف وخدمة. وفي هذا الإطار، جاء اعتماد القانون الجديد للموارد البشرية ليؤكد من جديد أن التحفيز في قطر لا يقف عند حد، ولا يُوجّه لفئة دون أخرى. فالقانون ليس مجرد تحديث إداري أو تعديل في اللوائح، بل هو رؤية وطنية متكاملة تستهدف الإنسان قبل المنصب، والعطاء قبل العنوان الوظيفي. وقد حمل القانون في طياته علاوات متعددة، من بدل الزواج إلى بدل العمل الإضافي، وحوافز الأداء، وتشجيع التطوير المهني، في خطوة تُكرس العدالة، وتُعزز ثقافة التحفيز والاستقرار الأسري والمهني. هذا القانون يُعد امتدادًا طبيعيًا لنهج القيادة القطرية في تمكين الإنسان، سواء كان موظفًا أو متقاعدًا، فالجميع في عين الوطن سواء، وكل من خدم قطر سيبقى جزءًا من نسيجها وذاكرتها. إنه نهج يُترجم رؤية القيادة التي تؤمن بأن الوفاء ليس مجرد قيمة اجتماعية، بل سياسة دولة تُكرم العطاء وتزرع في الأجيال حب الخدمة العامة. في النهاية، يثبت هذا القانون أن قطر ماضية في تعزيز العدالة الوظيفية والتحفيز الإنساني، وأن الاستثمار في الإنسان – في كل مراحله – هو الاستثمار الأجدر والأبقى. فالموظف في مكتبه، والمتقاعد في بيته، كلاهما يسهم في كتابة الحكاية نفسها: حكاية وطن لا ينسى أبناءه.
8757
| 09 أكتوبر 2025
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة الترويج، برنامج إعداد المدربين، يطرحونه كأنه عصا سحرية، يَعِدون المشترك بأنه بعد خمسة أيام أو أسبوع من «الدروس» سيخرج مدربًا متمكنًا، يقف على المنصة، ويُدير القاعة، ويعالج كل التحديات، كأن التدريب مجرد شهادة تُعلق على الجدار، أو بطاقة مرور سريعة إلى عالم لم يعرفه الطالب بعد. المشكلة ليست في البرنامج بحد ذاته، بل في الوهم المعبأ معه. يتم تسويقه للمشتركين على أنه بوابة النجومية في التدريب، بينما في الواقع هو مجرد خطوة أولى في طريق طويل. ليس أكثر من مدخل نظري يضع أساسيات عامة: كيف تُصمم عرضًا؟ كيف ترتب محتوى؟ كيف تُعرّف التدريب؟. لكنه لا يمنح المتدرب أدوات مواجهة التحديات المعقدة في القاعة، ولا يصنع له كاريزما، ولا يضع بين يديه لغة جسد قوية، ولا يمنحه مهارة السيطرة على المواقف. ومع ذلك، يتم بيعه تحت ستار «إعداد المدربين» وكأن من أنهى البرنامج صار فجأة خبيرًا يقود الحشود. تجارب دولية متعمقة في دول نجحت في بناء مدربين حقيقيين، نرى الصورة مختلفة تمامًا: • بريطانيا: لدى «معهد التعلم والأداء» (CIPD) برامج طويلة المدى، لا تُمنح فيها شهادة «مدرب محترف» إلا بعد إنجاز مشاريع تدريبية عملية وتقييم صارم من لجنة مختصة. • الولايات المتحدة: تقدم «جمعية تطوير المواهب – ATD» مسارات متعددة، تبدأ بالمعارف، ثم ورش تطبيقية، تليها اختبارات عملية، ولا يُعتمد المدرب إلا بعد أن يُثبت قدرته في جلسات تدريب واقعية. • فنلندا: يمر المدرب ببرنامج يمتد لأشهر، يتضمن محاكاة واقعية، مراقبة في الصفوف، ثم تقييما شاملا لمهارات العرض، إدارة النقاش، والقدرة على حل المشكلات. هذه التجارب تثبت أن إعداد المدرب يتم عبر برامج متعمقة، اجتيازات، وتدرّج عملي. المجتمع يجب أن يعي الحقيقة: الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع أن TOT ليس نقطة الانطلاق، بل الخطوة المعرفية الأولى فقط. المدرب الحقيقي لا يُصنع في أسبوع، بل يُبنى عبر برامج تخصصية أعمق مثل «اختصاصي تدريب»، التي تغوص في تفاصيل لغة الجسد، السيطرة على الحضور، مواجهة المواقف الحرجة، وبناء الكاريزما. هذه هي المراحل التي تُشكل شخصية المدرب، لا مجرد ورقة مكتوب عليها «مدرب معتمد». لكي نحمي المجتمع من أوهام «الشهادات الورقية»، يجب أن يُعتمد مبدأ الاختبار قبل الدخول، بحيث لا يُقبل أي شخص في برنامج إعداد مدربين إلا بعد اجتياز اختبار قبلي يقيس مهاراته الأساسية في التواصل والعرض. ثم، بعد انتهاء البرنامج، يجب أن يخضع المتدرب لاختبار عملي أمام لجنة تقييم مستقلة، ليُثبت أنه قادر على التدريب لا على الحفظ. الشهادة يجب أن تكون شهادة اجتياز، لا مجرد «شهادة حضور». هل يُعقل أن يتحول من حضر خمسة أيام إلى «قائد قاعة»؟ هل يكفي أن تحفظ شرائح عرض لتصير مدربًا؟ أين الارتباك والتجربة والخطأ؟ أين الكاريزما التي تُبنى عبر سنوات؟ أم أن المسألة مجرد صور على إنستغرام تُوهم الناس بأنهم أصبحوا «مدربين عالميين» في أسبوع؟ TOT مجرد مدخل بسيط للتدريب، فالتدريب مهنة جادة وليس عرضا استهلاكيا. المطلوب وعي مجتمعي ورقابة مؤسسية وآليات صارمة للاجتياز، فمن دون ذلك سيبقى سوق التدريب ساحة لبيع الوهم تحت عناوين براقة.
6936
| 06 أكتوبر 2025
في زمن تتسابق فيه الأمم على رقمنة ذاكرتها الوطنية، يقف الأرشيف القطري أمام تحدٍّ كبيرٍ بين نار الإهمال الورقي وجدار الحوسبة المغلقة. فبين رفوف مملوءة بالوثائق القديمة، وخوادم رقمية لا يعرف طريقها الباحثون، تضيع أحيانًا ملامح تاريخنا الذي يستحق أن يُروى كما يجب وتتعثر محاولات الذكاء الاصطناعي في استيعاب هويتنا وتاريخنا بالشكل الصحيح. فلا يمكن لأي دولة أن تبني مستقبلها دون أن تحفظ ماضيها. لكن جزءًا كبيراً من الأرشيف القطري ما زال يعيش في الظل، متناثرًا بين المؤسسات، بلا تصنيف موحّد أو نظام حديث للبحث والاسترجاع. الكثير من الوثائق التاريخية المهمة محفوظة في أدراج المؤسسات، أو ضمن أنظمة إلكترونية لا يستطيع الباحث الوصول إليها بسهولة. هذا الواقع يجعل من الصعب تحويل الأرشيف إلى مصدر مفتوح للمعرفة الوطنية، ويهدد باندثار تفاصيل دقيقة من تاريخ قطر الحديث. في المقابل، تمتلك الدولة الإمكانيات والكوادر التي تؤهلها لإطلاق مشروع وطني شامل للأرشفة الذكية، يعتمد على الذكاء الاصطناعي في فهرسة الوثائق، وتحليل الصور القديمة، وربط الأحداث بالأزمنة والأماكن. فبهذه الخطوة يمكن تحويل الأرشيف إلى ذاكرة رقمية حيّة، متاحة للباحثين والجمهور والطلبة بسهولة وموثوقية. فبعض الوثائق تُحفظ بلا فهرسة دقيقة، وأخرى تُخزَّن في أنظمة مغلقة تمنع الوصول إليها إلا بإجراءاتٍ معقدة. والنتيجة: ذاكرة وطنية غنية، لكنها مقيّدة. الذكاء الاصطناعي... فرصة الإنقاذ، فالذكاء الاصطناعي فرصة نادرة لإحياء الأرشيف الوطني. فالتقنيات الحديثة اليوم قادرة على قراءة الوثائق القديمة، وتحليل النصوص، والتعرّف على الصور والمخطوطات، وربط الأحداث ببعضها زمنياً وجغرافياً. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحوّل ملايين الصفحات التاريخية إلى ذاكرة رقمية ذكية، متاحة للباحثين والطلاب والإعلاميين بضغطة زر. غير أن المشكلة لا تتوقف عند الأرشيف، بل تمتد إلى الفضاء الرقمي. فعلى الرغم من التطور الكبير في البنية التحتية التقنية، إلا أن الإنترنت لا يزال يفتقر إلى محتوى قطري كافٍ ومنظم في مجالات التاريخ والثقافة والمجتمع. وحين يحاول الذكاء الاصطناعي تحليل الواقع القطري، يجد أمامه فراغًا معرفيًا كبيرًا، لأن المعلومة ببساطة غير متاحة أو غير قابلة للقراءة الآلية. الذكاء الاصطناعي لا يخلق المعرفة من العدم، بل يتعلم منها. وعندما تكون المعلومات المحلية غائبة، تكون الصورة التي يقدمها عن قطر مشوشة وغير مكتملة، ما يقلل من فرص إبراز الهوية القطرية رقمياً أمام العالم. فراغ رقمي في عالم متخم بالمعلومات.....حين يكتب الباحث أو الصحفي أو حتى الذكاء الاصطناعي عن موضوع يتعلق بتاريخ قطر، أو بأحد رموزها الثقافية أو أحداثها القديمة، يجد أمامه فراغًا معلوماتيًا واسعًا. مثالنا الواقعي كان عند سؤالنا لإحدى منصات الذكاء الاصطناعي عن رأيه بكأس العالم قطر2022 كان رأيه سلبياً نظراً لاعتماده بشكل كبير على المعلومات والحملات الغربية المحرضة وذلك لافتقار المنصات الوطنية والعربية للمعلومات الدقيقة والصحيحة فكثير من الأرشيفات محفوظة داخل المؤسسات ولا تُتاح للعامة، والمواقع الحكومية تفتقر أحيانًا إلى أرشفة رقمية مفتوحة أو واجهات بحث متطورة، فيما تبقى المواد المحلية مشتتة بين ملفات PDF مغلقة أو صور لا يمكن تحليلها والنتيجة: كمٌّ هائل من المعرفة غير قابل للقراءة الآلية، وبالتالي خارج نطاق استفادة الذكاء الاصطناعي منها. المسؤولية الوطنية والمجتمعية تتطلب اليوم ليس فقط مشروعاً تقنياً، بل مشروعاً وطنياً شاملًا للأرشفة الذكية، تشارك فيه الوزارات والجامعات والمراكز البحثية والإعلامية. كما يجب إطلاق حملات توعوية ومجتمعية تزرع في الأجيال الجديدة فكرة أن الأرشيف ليس مجرد أوراق قديمة، بل هو هوية وطنية وسرد إنساني لا يُقدّر بثمن. فالحفاظ على الأرشيف هو حفاظ على الذاكرة، والذاكرة هي التي تصنع الوعي بالماضي والرؤية للمستقبل، يجب أن تتعاون الوزارات، والجامعات، والمراكز الثقافية والإعلامية والصحف الرسمية والمكتبات الوطنية في نشر محتواها وأرشيفها رقمياً، بلغتين على الأقل، مع الالتزام بمعايير التوثيق والشفافية. كما يمكن إطلاق حملات مجتمعية لتشجيع المواطنين على المساهمة في حفظ التاريخ المحلي، من صور ومذكرات ووثائق، ضمن منصات رقمية وطنية. قد يكون الطريق طويلاً، لكن البداية تبدأ بقرار: أن نفتح الأبواب أمام المعرفة، وأن نثق بأن التاريخ حين يُفتح للعقول، يزدهر أكثر. الأرشيف القطري لا يستحق أن يُدفن في الأنظمة المغلقة، بل أن يُعاد تقديمه للعالم كصفحات مضيئة من قصة قطر... فحين نفتح الأرشيف ونغذي الإنترنت بالمحتوى المحلي الموثق، نصنع جسرًا بين الماضي والمستقبل، ونمنح الذكاء الاصطناعي القدرة على رواية قصة قطر كما يجب أن تُروى. فالذاكرة الوطنية ليست مجرد وثائق، بل هويةٌ حيّة تُكتب كل يوم... وتُروى للأجيال القادمة.
2340
| 07 أكتوبر 2025