رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

تقارير وحوارات

749

ديميروك: مشاركة الأمير في حفل تنصيب أردوغان تعزز الشراكة الاستراتيجية

30 أغسطس 2014 , 07:05م
alsharq
أجرت الحوار ـ يـارا أبو شـعر

أكّد السفير التركي بالدوحة، سعادة السيّد أحمد ديميروك أنّ مشاركة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في حفل تنصيب فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان رئيساً للجمهورية التركية تعكسُ عمق الشراكة الاستراتيجية بين قطر وتركيا وتعزّز من هذه الشراكة، وقال في حوارٍ ل الشرق إنّ الرؤى القطرية والتركية تتقاربُ إلى حدّ كبيرٍ فيما يتعلّق بالمسائل ذات الصلة الإقليمية والدولية،لافتاً إلى أنّ هناك تنسيقٌ مستمرٌّ بين قيادتي البلدين، وحوارٌ متواصلٌ حول أبرز القضايا الراهنة، منها المأساة التي تشهدها غزّة.

ونوّه سعادته في الحوار بالدور المتنامي لدولة قطر عالمياً، وبجهود الوساطة القطرية، منها الجهود التي أدّت إلى تحرير الطيارين التركيين في لبنان، وآخرها تلك التي ساهمت في الإفراج عن الصحفي الأمريكي "بيتر ثيو كيرتس" الذي كان مُختطفاً في سوريا. وأضاف: "تلعب قطر دوراً حيوياً وهاماً، ولديها أساليبها في التواصل مع كلّ الجماعات. وهذه الخطوة قد منحتها مزيداً من النفوذ وعزّزت من دورها الديناميكي على الساحة السياسية العالمية، ونحن نقدّر دور الوساطة القطري في تحرير الطيارين التركيين في لبنان.. إنّ عالم السياسة يحتاج إلى مثل هذا الدور الإيجابي".

ولفت إلى أنّ قطر وتركيا كانتا من أول الدول التي ساعدت أهل غزة في محنتهم، مؤكداً على أنّ من حقّ الشعب الفلسطيني أنْ يعيشَ حياةً كريمة، ومُندّداً بما أسماه "صمت العالم الإسلامي على السياسات الإسرائيلية الخاطئة".

كما قال إنّ بلده حريصةٌ على أنْ تنعم كلٌّ من سوريا والعراق بالسلام والاستقرار، مُشيراً إلى أنّ تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" استغلّ فراغ السلطة في هذين البلدين لصالحه، وأنّ "هذا النوع من الجماعات المتطرّفة يُمثّل مشكلةً كبيرةً للمنطقة".

علاقات ممتازة

وأشاد ديميروك بالعلاقات القطرية-التركية والتعاون المزدهر بين البلدين على كافة الأصعدة، قائلاً: "قطر وتركيا تتمتعان بعلاقات ممتازة، ويُمكن اعتبارهما من أكثر البلدان تقارباً من حيث الثقافة والسياسة وغيرها. ونحن نسعى في السفارة التركية إلى تعزيز هذه العلاقات ودفع التعاون القطري-التركي نحو مزيدٍ من الازدهار والتطوّر بما يحقّق المنفعة لشعبي البلدين الصديقين"، وأضاف: "على المستوى السياسي، هناك تعاونٌ ملحوظٌ تعكسه الزيارات المتبادلة المكثّفة بين الجانبين، كزيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لتركيا في الخامس عشر من شهر يوليو/تموز الماضي، والتي تلتها زيارة وزير الخارجيةالتركي أحمد داود أوغلو للدوحة في الخامس والعشرين من الشهر ذاته. وكان سمو الأمير قد زار تركيا ثلاث مراتٍ منذ تسلّمه مقاليد الحكم في قطر، كما كانت هناك زيارة لأردوغان قام خلالها المبنى الجديد للسفارة التركية بالدوحة.. كلّ هذه الزيارات تُعتبر دليلاً واضحاً على عمق العلاقات القطرية-التركية".

وأكّد أنّ تركيا ترغبُ في إضفاء مزيدٍ من التنوّع على التعاون الحالي بين البلدينحتى يشمل كافة المجالات، مع التركيز على مجال التجارة والاستثمار، لافتاً إلى أنّ بلده نتطلّع إلى زيادة حجم التبادل التجاري مستقبلاً، وأنّ كلا الجانبين القطري والتركي يبذل قصارى جهده في سبيل تحقيق هذا. وأشار إلى أنّ أبرز مجالات التعاون التي ينصبّ الاهتمام عليها هي مجال البناء، والزراعة، والصحة، مُضيفاً: "القطاع الصحي من القطاعات المتطوّرة في تركيا حيث تتوفّر فيها مستشفيات تواكب أحدث التكنولوجيا، وبإمكان قطر الاستفادة من هذا الأمر".

كما أوضح من جهةٍ أخرى أنّ قطر وجهةٌ مهمّة بالنسبة للشخصيات البارزة ورجال الأعمال الأتراك، وقال: "نتوقّع أنْ تكون قطر من أول الدول التي سيزورها الرئيس التركي المنتخب حديثاً، رجب طيب أرودغان، كما ستكون هناك زيارات رفيعة المستوى لشخصيات عديدة من الجانب التركي إن شاء الله. ومن المرجّح أنْ يحضر سمو الأمير احتفال تنصيب أردوغان رئيساً للجمهورية التركية".

مرحلة تاريخية

وحول الانتخابات الرئاسية التي شهدتها تركيا مؤخراً، قائل ديميروك: "هذه مرحلة هامّة في تاريخ تركيا، حيث أجريَت الانتخابات للمرة الأولى بالاقتراع الشعبي بعد أن كان يتمّ انتخاب رئيس الجمهورية يأتي بأغلبية أصوات البرلمان التركي. وهي المرة الأولى التي تتاح للجالية التركية المنتشرة حول العالم أنْ تختار الرئيس وتُدلي بأصواتها في الانتخابات"، واستطرد: "بموجب الدستور الحالي، تنبثق الحكومة (التي تُمثّل السلطة التنفيذية) من الأغلبية البرلمانية التي ينتخبها الشعب، في حين تكون صلاحيات الرئيس رمزية.. ولكنّ الرئيس التركي أردوغان قال مؤخّراً إنّه سيكون رئيساً فاعلاً يستخدم كلّ الصلاحيات التي يحدّدها الدستور".

دستور مدني

وعن إمكانية إجراء تعديلات على الدستور التركي الحالي، أوضح سعادته: "إنّ تركيا بلدٌ ديمقراطي، لكنّ تغيير الدستور لم يحدث لأنّ هذه الخطوة تحتاج إلى موافقة ثلثي أعضاء البرلمان، وهو أمرٌ غير متوفر حتى الآن.. لكنّ الرئيس أردوغان قال إنّ إحدى أبرز أولوياته ستكون تعديل الدستور، ما يتطلّب العمل أكثر على تحقيق موافقة أغلبية البرلمان. من وجهة نظري، تركيا بحاجة اليوم إلى دستورٍ مدني ليبرالي ديمقراطي، غير ذلك الذي أنشأته الحكومة العسكرية، وإلا فلن تتمكّن البلد من متابعة مسيرة التنمية"، وتابع: "إنّ جيل اليوم يتمتّع بفكرٍ حيويٍّ ومنفتح ولذلك فمن غير المناسب أن يحكمه دستورٌ كتبه الجنود".

وأكّد ديميروك أنّ الأجواء الديمقراطية التي تعيشها تركيا حالياً ستُسرّع بالطبع حصولها على عضوية كاملة في الاتحاد الأوروبي، مضيفاً: "ولا ننسى أنّ تركياأكثر ديمقراطيةً من كثيرٍ من الدول المنضمة حالياً للاتحاد. المشكلة التي تحول دون انضمانا إلى الاتحاد الأوروبي ليست نتيجة أسباب سياسية بحتة، بل تتعلّقبرفضِ بعض الدول الأعضاء عضويتنا.. لكنّ تحقيق تركيا لمزيدٍ من التطور سياسياً واقتصادياً واستراتيجياً سيؤدي عاجلاً أم آجلاً إلى قبول الاتحاد الأوروبي بها كعضوٍ من أعضائه؛ وهو الهدف الذي يُعدّ من أبرز أولويات السياسة الخارجية التركية".

رؤى مستقبلية

واستبعد إمكانية حدوث تغييرات في السياسة الخارجية التركية مستقبلاً، حيث قال: "لا نتوقّع أن تطرأ تغييرات جذرية في السياسة الخارجية التركية لأنّ كلا الرئيس والحكومة من الحزب نفسه. إنّ لدى تركيا رؤيا محدّدة، ونتوقّع أنّ الرئيس أردوغان ورئيس الوزراء أوغلو سيُتابعان السعي إلى تحقيق هذه الرؤية التي جوهرها أنْ يعمّ السلام والاستقرار في المنطقة".

وعلّق ديميروك على خطوة تعيين وزير الخارجية أحمد داود أوغلو رئيساً للوزراء، بالقول: "لقد كنت المستشار السياسي للسيد أوغلو، وتجمعني به علاقات وثيقة. رئيس الوزراء شخصٌ متميّزٌ، وسياسيٌّ مجتهد، ويتمتّع بنظرة ثاقبة. وهو على الأرجح سيستأنف العملَ انطلاقاً من ذات الرؤية التي كان يتبناها أردوغان، وستبقى تركيا تلعب نفس الدور الريادي على الساحة السياسية العالمية. ونحن سعداء لحصولنا على مثل هكذا رئيس وزراء".

سياسة توافقية

وأكّد في هذا الإطار على أنّ الرئيس التركي أردوغان سوف يتبنّى سياسات توافقية تحتضن الشعب التركي بمختلف أطيافه، قائلاً: "إنّ أردوغان قد أصبحرئيساً لكلّ الشعب التركي، وأتوقّع أنّه سينتهج سياسةً شموليّةً تضمّ كافة أجزاء المجتمع"، وأضاف: "تركيا بلدٌ ديمقراطي يُتيح للناس التعبير عن آرائهم وأفكارهم بحرّيةٍ مطلقة، وبعضهم ستُعجبه سياسات أردوغان، في حين سيرفض البعض الآخر تقبّلها، لكنّ جوهر الديمقراطية يتمثّل في حرّية التعبير، ويجب أنْ لا يتمّ إقصاء أي شريحة من شرائح المجتمع. أنا متفائلٌ جداً حيال مستقبل تركيا وقدرة الرئيس المنتخب رجب طيب أردوغان على تعزيز الوحدة الاجتماعية".

تحدّيات إقليمية

ولفت سعادته إلى أنّ تركيا محاطةٌ اليوم بصراعات عدّة تشهدها دول الجوار، منهاالعراق وسوريا وفلسطين وأوكرانيا، مؤكّداً أنّ بلده ستبقى متبنّيةً لِتلك الرؤية حتّى تحظى ببيئةٍ محيطةٍ تنعم بالسلام والاستقرار. وأضاف: "نحن حريصون على تعزيز علاقاتنا مع دول الجوار، وتطوير التعاون الثقافي والاقتصادي فيما بيننا".

وتطرّق في حديثه إلى الوضع الراهن في غزة، قائلاً: "قطر وتركيا حريصتان على إيجاد حلٍّ يضمن إيقافَ العدوان الإسرائيلي على غزة، ورفعَ الحصار المفروضعليها"، وأضاف: "كانت علاقاتنا مع إسرائيل جيدة قبل حادثة أسطول الحرية وسفينة مرمرة التي حالت إسرائيل دون وصولها إلى غزة، ولكنْ الآن لدينا مشكلة مع إسرائيل بسبب سياساتها الخاطئة. وفي خضمّ هذه الأزمة، لتركيا ثلاثة شروط: الاعتذار، والتعويض، ورفع الحصار عن غزة".

وشدّد ديميروك على أنّ تركيا يعنيها أمرُ الشعب الفلسطيني، وأنّها حريصةٌ على أنْ ينال حقّه في عيش حياة كريمة. ورأى أنّ أكثر ما يُحزن فيما يتعلّق الوضعالحالي الذي تعيشه غزّة اليوم هو "صمتُ دول العالم الإسلامي، فلو أبدى قادة تلك الدول موقفاً ثابتاً لما تجرّأت إسرائيل على قتل تلك الأعداد الكبيرة من أهل غزة". وأشار في هذا السياق إلى أنّ قطر وتركيا كانتا أوّل الدول التي ساعدت أهل غزة في محنتهم هذه، مُضيفاً أنّه حالما يتمّ وقف إطلاق النار ستُرسل تركيا سفينة توليد كهرباء ومساعدات إنسانية إلى القطاع. كما لفت سعادته إلى أنّ وزير الخارجية التركي، داود أوغلو كان قد أجرى أكثر من ستين اتصالاً هاتفياً مع قادة العالم؛ مع جون كيري وزير الخارجية الأمريكي، وبان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة، وعدد من وزراء الخارجية العرب، بهدف التوصّل إلى حلّ سلميٍّ للأزمة في غزة.

وأشار إلى تحدٍّ آخر تواجهه تركيا على الساحة الإقليمية، وهو تمدّد تنظيم "الدولة الإسلامية للعراق والشام"، قائلاً: "تركيا ضدّ مثل هذا التطوّر المتشدّد، ويُهمّها أنْ تنعم سوريا بالسلام في ظلّ حكومةٍ تضمّ كافة أفراد المجتمع.. لكنْ لسوء الحظ، الشعب السوري الذي قتل منه ما يُقارب الـ200 ألف يُعاني حالياً بسبب السياسات الخاطئة لبشار الأسد. الملايين من السوريين اضطرّوا إلى النزوح واللجوء، وقد بلغ عدد اللاجئين السوريين في تركيا 1.3 مليوناً. أما بالنسبة لـ(داعش) فإنّ وجود هذا النوع من الجماعات المتطرّفة يُمثّل مشكلة كبيرة للمنطقة.وبالنظر إلى التطوّرات الأخيرة، نرى أنّ (داعش) قد استغلّت فراغ السلطة في العراق وسوريا لصالحها. في العراق، لو كان نظام المالكي شاملاً لما واجهت البلد تلك المشكلة، حيث إنّ العديد من فئات المجتمع العراقي كانت تشعر بأنّها تمّ إقصاؤها.. لكن مع انتخاب رئيس وزراء جديد سيتوحّد البلد في مواجهة قوة (داعش)".

مساحة إعلانية