رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات

8165

عبدالجبار: الإسلام أباح الإفطار للمريض النفسي وقاية له من الانتكاسة وتفاقم المرض

26 يونيو 2016 , 02:27م
alsharq
الدوحة - الشرق

يملك الناس في العموم معرفة محدودة بالأمراض النفسية، لذلك ما إن يروا شخصاً بالغاً يُفطر في رمضان حتى يتسابقوا بالقفز بالأحكام وينتابهم الاشمئزاز من إفطاره، وإذا قيل لهم إنه مريض نفسي وله رخصة الإفطار، نتيجة وضعه الصحي وما يتناوله من أدوية، فإنهم وبدون علم ودراية منهم قد يستنكرون ذلك، وربما نصحوا المريض بأنه لو صام لربما كان ذلك سبباً في شفائه، كون الاعتقاد الراسخ عند عامة الناس، يوثق الصِّلة بين ضعف الإيمان وقلة الوازع الديني وحدوث الأمراض النفسية، إلا أن حقيقة الأمر تكمن فيّ أن هناك أسبابا مختلفة وراء ظهور الأمراض النفسية وتفاقمها ومنْهَا الوراثية والاجتماعية والعقلية والعضوية، أو ربما مصاحبة للأمراض العضوية في حالات مختلفة، وقد تكون أشد وطأةً من المرض العضوي في أحيان كثيرة، لذلك يجب على الإنسان ألا يتحدّث إلا عن علم ومعرفة.

وفي هذا السياق حذر الدكتور خالد أحمد عبدالجبار — اختصاصي العلاج العرفي والسلوكي والطب النفسي، من عواقب استقاء النصائح ممن ليس لديهم علم وخبرة، مضيفا "بعض النصائح ممن يجهلون الأمراض أيا كانت هذه الأمراض قد تقود إلى التهلكة، ناهيك عن المرض النفسي ووطأته. وبذلك يقع المريض بين مطرقة المرض النفسي ومعاناته وسندان الوصمة وجهل المجتمع، فيصبح ضحية المشقة وخطورة الإتيان بالصيام والتي قد تكون كارثية، في حين أن أعلى مقاصد الإسلام وسماحته، تتمثل جلية في حفظ النفس، كواحدة من الضرورات الخمس في التشريع الإسلامي، وهي حفظ "الدين، النفس، العقل، المال، والنسل". لذلك رخص الله تعالى للمريض الإفطار في رمضان تخفيفاً ورحمة به وجعل الإتيان بهذه الرخصة من أسباب محبته لعبده كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "إن الله تعالى يحب أن تؤتى رخصه".

وأكد الحاجة إلى تضافر الجهود، من قبل الجهات ذات الاختصاص، والمقدمة للخدمات الصحية النفسية، سواء كانت حكومية أو خاصة، أو جمعيات مجتمعية خيرية متخصصة، مشيرا الى أهمية ذلك في وضع برامج استثنائية، تسبق المواسم الدينية، وتتواكب مع أيامها، وتمس الاحتياج الفعلي للمرضى النفسيين، بحيثيات مدروسة، تراعي التزامه، ونيته وحرجه من طرح أسئلة مرتبطة بمرضه وبرخصة الإفطار.

ونصح بتدخل الطبيب المعالج عندما يتردد المريض في مُناقشة مريضه من خلال التركيز على الضرورة الطبية وسماحة الإسلام في هذا السياق، والتي بدورها ستساعد على تهدئة شعوره الطبيعي بالذنب والذي قد ينتج عن إفطاره، وبالتالي ستعزز العلاقة العلاجية بينهما.

وقال الدكتور عبد الجبار "الحقيقة التي يعلمها الأطباء والباحثون هي وجود مخاوف سريرية لبعض الأمراض النفسية التي قد تنجم عن الصيام، نتيجة عدم شرب كميات كافية من الماء، وخاصة مع تناول بعض الأدوية مثل الليثيوم، الذي يُستخدم كمُثبت للمزاج، للمرضى الذين يعانون من اضطراب ثنائي القطب، لأن الجفاف الذي يسببه الليثيوم قد يسفر عن مشاكل في الجهاز البولي تصل إلى الفشل الكلوي الحاد وخاصة لكبار السن ومرضى السكري".

وأضاف "أيضا انخفاض الترشيح الكلوي لليثيوم، قد يزيد من مستوى هذا العلاج في الدم، وقد يكون ضاراً على الجسم، ونخص بالذكر هنا الغدة الدرقية، حيث يُحدث اضطراباً في عمل الغدة الدرقية، مما يُسبّب نقصا في إفراز مادة الثيروكسين، وهي مادة ضرورية لعملية الأيض في الجسم".

وأشار إلى أن إحدى الدراسات الحديثة، تم خلالها تسجيل نسبة عالية من الانتكاسة، لاضطراب ثنائي القطب وصلت لـ 45٪، وظهرت الانتكاسة كنوبات هوس أو اكتئاب، خلال شهر رمضان، على الرغم من مستويات الليثيوم المستقرة.

نصائح لنشر الوعي

واقترح عددا من التوصيات التي من الممكن العمل بها للوصول بالخدمات النفسية لمستوى يزيل العبثية والتشتت ويوحد الجهود لتخفيف معاناة مرضانا وذلك بمشاركة الجهات الحكومية والخاصة أو الجمعيات المجتمعية الخيريّة هي: تنظيم ندوات ومحاضرات وورش عمل تجمع المرضى وذويهم بفريق معالج متعدد التخصصات يتم ترشيحه من إدارة المستشفى بناءً على معرفة مسبقة بالحالات (تقييماً وخطةً) مكون من استشاري طب نفسي — اختصاصي نفسي — اختصاصي اجتماعي بمعيّة مفتٍ ترشحه وزارة الأوقاف ليستمع للاستفسارات ورأي الفريق المعالج ومن ثم يجيب على التساؤلات المطروحة بما يراه مناسباً.

ونصح أيضا باستضافة المختصين في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة لتناول خصوصية رمضان والأمراض النفسية، وتقديم برنامج إذاعي خلال شهر رمضان الكريم يجمع استشاري طب نفسي ومفتيا من وزارة الأوقاف لمناقشة الاضطرابات النفسية ورخصة الإفطار، بناءً على ما يتم عرضه من سيناريوهات تحاكي واقع المرضى أو تساؤلاتهم، وخلال الحلقة يتم استقبال مكالمات على الهواء من المستمعين وتتم الإجابة عليها برأي طبي وديني متبوعة بالنصائح والتوجيهات.

فقرات تمثيلية

ولفت إلى أهمية تأليف فقرات تمثيلية قصيرة، لبعض الأمراض النفسية الشديدة، لتعرض في الفواصل الإعلانية وتتكرر في أوقات مختلفة خلال أيام رمضان ولياليه، توضح للمرضى كيفية طلب المساعدة، وأخرى توضح مبادرة الطبيب أو مقدم الخدمة في تقديم النصح والإرشاد للمرضى ضمن إطار هدفه توثيق العلاقة العلاجية بين جميع الأطراف، وكذلك تأليف مقاطع تمثيلية أخرى، تستهدف أفراد المجتمع، تسعى لتخفيف ضغط المجتمع، وتقليل وصمة العار، والتروي في إصدار الأحكام والقفز للنتائج، في حال مشاهدة من يفطر من البالغين في نهار رمضان.

ودعا إلى إطلاق حملة قبل رمضان وخلال أيامه المباركة تهدف لنشر الوعي حول سماحة الإسلام وترفع الضغط المجتمعي عن المرضى لأخذ رخصة الإفطار التي تصدق الله بها على عباده، وتمكين أكبر للجمعيات الموجودة مثل جمعية وياك (جمعية أصدقاء الصحة النفسية) التي تعمل بجهد ملحوظ وأنشطة متنوعة وتقوم بدور مجتمعي مميز لمتلقي الخدمة ولمقدميها من الاختصاصيين والممارسين على كافة الأصعدة.

ودعا إلى تشجيع تأسيس جمعيات مجتمعية خيرية متخصصة للتعريف باضطرابات نفسية بالاسم مثل: الفصام، الاضطراب ثنائي القطب، أسوة بجمعيات أخرى ناجحة تخدم اضطرابات نفسية مثل التوحد، لتعمل على برامج مستديمة، وأخرى استثنائية موسمية، كخصوصية الشهر الكريم والأمراض النفسية، وتقوم بعمل عضويات لطلبة الكليات الطبية والصحية وأطباء الامتياز والمقيمين تحت إشراف نخبة من الاستشاريين والاختصاصيين وكذلك لجهات وأفراد من شرائح مختلفة في المجتمع، وهنا سيتم توزيع المسؤولية المجتمعية على الجميع، وسيكون إثراءً للخدمات الصحية التثقيفية والعمل ضمن مفهوم الوقاية خير من العلاج.

مساحة إعلانية