رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

1487

اعتقله سليماً وأخرجه مريضاً نفسياً وعصبياً..جريمة جديدة يرتكبها الاحتلال بحق أسير ومُعلّم فلسطيني

25 ديسمبر 2021 , 07:00ص
alsharq
ساعة نقل الأسير المحرر إلى الإسعاف
الخليل - حنان مطير

«أمك يا حبيبي.. أنا أمك.. أمك يا حبيبي».. لم تتوقّف والدة الأسير المحرر نبيل الرجوب من احتضانه وتكرار تلك الكلمات على مسمعه علّه يُطَمْئن بالَها ويخبرها أنه عاد يعرفها ويشعر بها، تغفو وتستيقظ وقد غرقت عيناها بالدموع أمام ثقل لسانِه وغياب عقله وعدم قدرته على الحركة أو معرفة أحد من أهله.

الأسير المُحرر نبيل الرجوب -40 عامًا حاصل على شهادة الماجستير في العلوم الشرعية ويعمل إمام مسجدٍ ومُعلّمًا للتربية الإسلامية في مدرسة المَجدل، لكن الاحتلال الصهيوني اعتقله اعتقالًا إداريًا وزجّه في السجن مدة 8 شهور.

قضى الرجوب محكوميته، كان آخرها عشرة أيام أمضاها في زنازين العزل الانفرادي وتعرض فيها لكل عمليات الإجرام. وبصوت بطيء مُرتجف وكلماتٍ بدت وكانها تخرج من اللاوعي وبالكاد تُفهّم، يعبر الأسير المحرر عن معاناته في الزنازين ويكرر:» شَبَحوني، وقيدوا يديّ وقدميّ، وأطلقوا عليّ الكلاب المتوحشة كي تمزقني».

أما أخوه أحمد الرجوب فقد فُجِع بمشهد أخيه الأسير وقد ألقته قوات الاحتلال الصهيوني على معبر الظاهرية، قبل موعد خروجِه المتفق عليه الجمعة، يقول لـ»الشرق»:» وصلتني رسائل عبر الواتساب من أصدقاء ومعارف وفيها صورة لشابٍ ملقى على وجهه على الأرض عصر الخميس ويسألونني إن كان هو أخي الأسير أم لا».

ويضيف:» كان يفرك وجهه بالأرض بطريقة مؤلمة تُظهر أنه يعاني من تشنجات وحالة نفسية وعصبية صعبة، وعلى الفور عرفت أنه أخي.. كان تلك صدمة بالنسبة لي ومن أكبر الفواجع التي مررنا فيها في حياتنا». هرع أحمد وأهله لنجدةِ أخيه الأسير المُحرّر والذي ألقي به بطريقةٍ وحشية من قبل جيش الاحتلال الصهيوني، حيث أُبقِيَ به بلا حذاء وبلا مقتنياته الشخصية وبدون إشعار المؤسسات الرسمية أو الصحية.

وعلى الفور نقِل نبيل للمستشفى، فتم إدخاله العناية المشدّدة مباشرة، لتكون النتيجة أنه تعرض لحالة نفسية وعصبية صعبة أودت به لتلك الحالة.

خرج الأسير المُحرر نبيل الرجوب من المستشفى بعد يومين محمولًا، لا يعرف أمّه ولا أولاده الأربعة، ولا إخوته، وكل ما كان يلفظ به لسانُه حتى اليوم «شبحوني وأطلقوا عليّ الكلاب ورموني في الزنازين وقيدوا يدي ورجليّ» وفق أخيه.

ويؤكّد أخوه أن المحرّر نبيل «كان إنسانًا خلوقًا واعيًا وذا سمعةٍ طيبة لا يملّ من الخطابة في المسجد وإعطاء المحاضرات وتقديم الخير في كل المجالات الممكنة، ناهيك عن أنه كان يحضر لدراسة الدكتوراه».

وكشّف أحمد أنه حين شعر بصفاء ذهن أخيه المُحرر قليلًا، وركون جسده في ساعةٍ ليل هادئة سأله عن السبب الذي دفع الاحتلال لوضعه في الزنزانة فكانت إجابة نبيل أنه قال للأسرى «سأجعل رسالتي في الدكتوراه حول كيفية إزالة دولة إسرائيل، وسأهديها لكل الأسرى والشهداء».

وصرح بأن «الاحتلال يعتقل المؤثرين في المجتمع اعتقالًا إداريًا فيغيبهم في سجونه بلا أي تهمة غير أنهم نشطون مؤثرون في المجتمع، أصحاب عقول واعية قادرة على التغيير، وهذا ما يخافونه، وهو ما حدث مع أخي، لقد غيب المجرمون عقلَه».

واستدرك: «لكن الله سيكون معه وسيخرجه من تلك المحنة إنه على كل شيء قدير، سيتعرف علينا جميعًا وسيقوم بكل ما كان يقوم به من خير قبل دخوله المعتقل الصهيوني الإجرامي». وأشار أحمد إلى أن والدته وإن كان الدمع لا يفارق عينيها والحزن لا يغادر قلبَها إلا أن لسانها رطب بالدعاء، والصبر سيد أخلاقِها معبرا: «حتى وإن كنا نشعر بالقهر والألم لكننا وأمي صابرون فليست تلك المرة الأولى لاعتقال نبيل فقد سبق واعتقله الاحتلال أكثر من مرة، وقد اقتحم الجيش بيتنا مرارًا ليلًا وفجرًا وفي وضح النهار بسبب وبلا سبب، فإجرام الاحتلال ليس جديدا علينا».

وكانت هيئة شؤون الأسرى قد صرحت في بيان لها أن ما قام بفعله الاحتلال استهتار بمشاعر الأسير وأسرته وذويه وأن طريقة الافراج هي جريمة بحق الإنسان الفلسطيني.

وكان أيهم الرجوب طالب في فصل المعلم نبيل، أوضح لـ»الشرق» أنه كان من أفضل المعلمين وأطيبهم قلبا وأحسنهم خلقا، وأنه لم يسبق وأن أذى طالبًا سواء باللفظ أو غيره، ولذلك كانت حصته هي الحصة المنتظرة التي لا نشعر فيها بالملل أبدًا، ويروي «لا أنسى كيف سعى هذا المعلم القدير لفضّ خلافٍ كبيرٍ وقع بيني وبين أعز أصدقائي موسى، لقد أنهى المشكلة بيننا تمامًا وعدنا صديقين حقيقيين من جديد، إنه نعمَ المعلّم والمُربّي، وما جرى له على يد جنود الاحتلال إجرامٌ وظلم كبير أحزننا جميعا».

مساحة إعلانية