رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات

244

مطالبات بتشريعات رادعة للتنمر الإلكتروني

24 أكتوبر 2025 , 06:41ص
alsharq
❖ نشوى فكري

- الحاجة ملحة لتكثيف حملات التوعية لوقف انتشاره بين الشباب

أكد عدد من القانونيين والأخصائيين النفسيين على أهمية التصدي المنظم لظاهرة التنمر الإلكتروني التي باتت تهدد مختلف شرائح المجتمع.

وقالوا في استطلاع أجرته «الشرق» إن التعامل مع هذه الظاهرة لم يعد خيارًا بل أصبح ضرورة ملحّة في ظل التطورات الرقمية المتسارعة وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي وما يصاحبها من ممارسات سلبية تمس الصحة النفسية والأمن الشخصي والسلم الاجتماعي.

وحذر المختصون من تجاهل خطورة الاعتداءات الرقمية التي قد تتخذ أشكالًا من التشهير أو الابتزاز أو الإساءة النفسية، مؤكدين أن آثارها قد تمتد إلى العزلة والاكتئاب والانتحار أو تدني مستوى التحصيل الدراسي لدى الشباب والمراهقين. ولفتوا إلى 

وشدد القانونيون على ضرورة رفع مستوى الوعي المجتمعي بالجوانب القانونية المرتبطة بالتنمر الإلكتروني، موضحين أن قوانين مكافحة الجرائم الإلكترونية تجرم هذه الممارسات وتفرض عقوبات صارمة تصل إلى الحبس والغرامة بحسب نوع الجريمة وشدة أثرها. 

من جانبهم، دعا الأخصائيون النفسيون إلى تفعيل حملات توعوية وتربوية شاملة تستهدف جميع الفئات العمرية، وتعزيز قيم الاحترام والتسامح والمسؤولية الرقمية.

وأكدوا أن مواجهة الظاهرة تتطلب تكاتف الأسرة والمدرسة والإعلام في إطار مجتمعي متكامل يهدف إلى بناء وعي رقمي آمن ومسؤول.

   - التعدي عبر الشبكة الإلكترونية جريمة 

أكدت المحامية فوزية العبيدلي أن المُشرّع القطري أولى اهتمامًا كبيرًا بمواجهة ظاهرة التنمر الإلكتروني، موضحةً أن التعدي على الغير بالسب أو القذف عبر الشبكة المعلوماتية أو إحدى وسائل تقنية المعلومات لا يُعد جنحة بل جريمة يعاقب عليها القانون.

وأشارت إلى أن المادة (8) من الباب الثاني من قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية رقم (14) لسنة 2014 تنص على أن:

«يُعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات، وبالغرامة التي لا تزيد على مائة ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من تعدى على أي من المبادئ أو القيم الاجتماعية، أو نشر أخباراً أو صوراً أو تسجيلات صوتية أو مرئية تتصل بحرمة الحياة الخاصة أو العائلية للأشخاص، ولو كانت صحيحة، أو تعدى على الغير بالسب أو القذف، عن طريق الشبكة المعلوماتية أو إحدى وسائل تقنية المعلومات».

وأضافت العبيدلي أن بعض الأفراد يسيئون استخدام وسائل التواصل الاجتماعي من خلال سبّ أو قذف أشخاص اعتباريين أو أفراد، ظنًّا منهم أنهم في مأمن خلف الشاشات الرقمية وأنه يصعب تعقبهم. وأوضحت أن هذا الاعتقاد خاطئ، إذ إن الجهات المعنية قادرة على تحديد هوية صاحب الحساب حتى وإن استخدم اسمًا وهميًا، في حال قام المتضرر بالتبليغ عن الإساءة.

ولفتت إلى أن المحاكم في قطر تنظر بالفعل في العديد من القضايا المرتبطة بالتهديد أو الإساءة عبر الإنترنت، سواء من أشخاص معلومين أو مجهولين، وهو ما يدل على تفعيل قانون الجرائم الإلكترونية بشكل فعّال، مؤكدة أن الجميع خاضع لأحكام القانون دون استثناء.

   - عقوبته السجن والغرامات الكبيرة 

قال المحامي أحمد موسى أبوالديار إن التنمر الإلكتروني أصبح من أبرز الجرائم الرقمية التي تواجه المجتمعات الحديثة، لما يتركه من آثار نفسية واجتماعية عميقة على الضحايا، خصوصًا الأطفال والفئات الأكثر ضعفا في المجتمع.

ولفت إلى أن المشرّع في دولة قطر تعامل مع هذه الجريمة بحزم ووضوح، حيث تضمّن قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية مواد تُجرّم كل أشكال الإساءة أو التهديد أو التشهير التي تُمارس عبر الوسائط الرقمية. وأشار إلى أن خطورة التنمر الإلكتروني لا تتوقف عند كونه تعديًا على خصوصية وحقوق الأفراد، بل تمتد لتهديد استقرارهم النفسي والاجتماعي، ونشر مشاعر الخوف والعزلة وربما الاكتئاب بينهم.

وبيّن أبو الديار أن العقوبات التي يواجهها المتورطون في هذه الأفعال تعتبر رادعة، إذ قد تصل إلى السجن والغرامات المالية الكبيرة، وتتصاعد العقوبات في حال تكرار الجريمة أو استهداف أشخاص بعينهم أو تسبب أضرار واضحة. وأكد أن الردع القانوني يجب أن يترافق مع جهود توعوية شاملة، وعمل دورات تشمل المدارس والمؤسسات التعليمية والمجتمعية، لتعريف الأفراد بحقوقهم وواجباتهم عند استخدام الإنترنت.

وأشار إلى أن التنمر الإلكتروني يختلف عن التنمر التقليدي بقدرته السريعة على الانتشار وصعوبة ملاحقة الجناة في بعض الحالات، مما يجعل توثيق الأدلة وجمعها بدقة خطوة أساسية لضمان العدالة، مؤكداً على أن مواجهة هذه الظاهرة مسؤولية مشتركة، تتطلب تعاون المؤسسات القانونية والتعليمية والإعلامية، لحماية كرامة الأفراد وحماية الأمن الرقمي وصورة المجتمع ككل.

   - تداعيات نفسية خطيرة للظاهرة 

أكد الدكتور خالد المهندي، الاستشاري النفسي، أن التنمر الإلكتروني يُعد من الظواهر المتفاقمة في العصر الرقمي، إذ يحدث عبر أجهزة الهواتف والحواسيب وعبر تطبيقات الألعاب ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة. وأوضح أن التنمر يتخذ أشكالًا متعددة تشمل الاستفزاز، الابتزاز، الإساءة اللفظية، ونشر الشائعات أو الصور المسيئة بحق الآخرين، وأكثر الفئات عرضة لها هم المراهقون حسب ما ترصده إدارات الجرائم الإلكترونية.

وبيّن المهندي أن الدراسات الحديثة تشير إلى أن 13% من الأفراد حول العالم تعرضوا لجريمة تنمر إلكتروني خلال الشهر الأخير فقط، محذرًا من تطور الأساليب التي يستخدمها البعض، خاصة القراصنة، في استدراج الضحايا أو الضغط عليهم نفسيًا عبر الفضاء الرقمي. وأكد أن التنمر الإلكتروني يترك تداعيات نفسية جسيمة، أبرزها ضعف الثقة بالنفس، التحول لشخصيات تابعة للمتنمر، والإصابة بحالات من القلق، الاكتئاب، اضطرابات النوم والأكل، والعزلة الاجتماعية، مما ينعكس سلبًا على الأداء الدراسي أو العملي للضحية. وتابع قائلا: معاناة الضحايا من الخوف المستمر من التشهير أو استغلال المعلومات والصور الشخصية، وبخاصة إذا اُستخدمت بطريقة تسيء لهم أو تنشر دون علمهم، داعيًا المجتمع وأولياء الأمور لتعزيز الوعي الوقائي وتقديم الدعم النفسي للمراهقين. 

وأشار إلى أن الاستسلام للمتنمر يزيد من جرأته واستمراره في الابتزاز، سواء كان ذلك بابتزاز مادي أو عاطفي أو حتى جنسي، خصوصًا بين فئة المراهقين.

  - ظبية المقبالي: الوعي الرقمي ضرورة لتوفير الحماية 

قالت الأستاذة ظبية المقبالي، اختصاصي اجتماعي ومرشد نفسي مجتمعي، إن التنمر الإلكتروني بجميع أشكاله، سواء كان على السلوك أو الشكل أو العرق أو الجنس، مرفوض دينيًا وقانونيًا، مستشهدة بقول الله تعالى: «ولا تَنابَزوا بالألقاب»، مؤكدة أن القوانين الوطنية تجرّم مثل هذه الأفعال وتفرض عليها عقوبات تصل إلى الغرامة والسجن، داعية الأسر إلى توعية الأبناء بعدم ممارسة التنمر أو السماح للآخرين بالتنمر عليهم، وغرس قيم الاحترام والتسامح والمسؤولية الرقمية في سلوكهم اليومي.

وأشارت إلى إن الوعي في العالم الرقمي أصبح ضرورة ملحّة في ظل التطور التكنولوجي الكبير، مؤكدة على أهمية استخدام الأجهزة الإلكترونية بطريقة آمنة وإيجابية، بما ينسجم مع توجه الدولة في هذا المجال، لافتة إلى أن الجهات المختصة، مثل الوكالة الوطنية للأمن السيبراني ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، تبذل جهودًا حثيثة لنشر الوعي حول الاستخدام الآمن للمنصات الرقمية وتجنب سلبياتها، خصوصًا ما يتعلق بالتنمر والابتزاز والدخول إلى المواقع الضارة أو المشبوهة التي قد تمس القيم أو تؤثر على الصحة النفسية للأفراد.

وبيّنت أن الدراسات الحديثة أظهرت أن التأثيرات السلبية للتكنولوجيا على الأفراد أصبحت تفوق الإيجابية منها، ليس بسبب التكنولوجيا ذاتها، بل نتيجة سوء استثمارنا لها، حيث يقضي كثير من الناس ساعات طويلة في تصفح مواقع التواصل الاجتماعي ومتابعة صناع المحتوى والبلوغرز، مما يخلق صورة غير واقعية عن الحياة ويؤدي إلى الإدمان والمقارنة والقلق والاكتئاب والعزلة الاجتماعية.

كما وجّهت نصيحة للأهالي بضرورة متابعة أبنائهم وتنظيم أوقات استخدام الأجهزة الذكية، ووضع ضوابط للاتصال بالإنترنت ومراقبة المحتوى الذي يصلهم.

مساحة إعلانية