رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

2210

طفل التنور صورة من مآسي أطفال سوريا في المخيمات

24 أكتوبر 2022 , 07:00ص
alsharq
إدلب - سونيا العلي

أمام تنور متوهج يقف الطفل السوري وائل السلوم(12 سنة) النازح من مدينة معرة النعمان إلى مخيم في بلدة حزانو بريف إدلب الشمالي، منذ ساعات الصباح الباكر حتى المساء، وهو يحمل رقائق العجين لدفعها داخل التنور، وخبزها، ويستمر عمله على هذا النحو طوال اليوم للحصول على مورد رزق يساعد به أسرته، يتحدث وائل عن عمله بابتسامة خجولة: "العمل في هذا المكان يعتبر الوسيلة الوحيدة لديَّ، لكسب القليل من المال بعد وفاة والدي، فلم أجد أمامي سوى الخروج إلى الشارع ومواجهة الحياة اليومية، لأنني أصبحت المسؤول عن تأمين الدخل اليومي، لأسرتي المكونة من أربعة أفراد".

ويبدو التعب واضحاً على وجه الطفل الذي وجد نفسه مضطراً للعمل رغم صغر سنه لساعات طويلة خلال النهار، لكنه مصمم على المضي قدماً في العمل، لافتاً إلى أنه يسعى جاهداً ليتعلم المهنة، ويتمكن من تأسيس عمله الخاص، ومساعدة أمه وأختيه.

ويشير السلوم أن العمل يصبح أكثر صعوبة في الصيف، بسبب بقائه لمدة طويلة أمام التنور تزامناً مع ارتفاع درجات الحرارة، لكنه يحمد الله لأنه وفق بالحصول على هذا العمل، فرغم طول مدته، إلا أنه أقل صعوبة من العمل في ورش إصلاح السيارات، أو ورش البناء أو الحدادة أو النجارة.

ويعامل وائل معاملة الرجال مع الأطفال القادمين من مخيمات النزوح بحثاً عن الرزق، فساعات العمل الطويلة تتخللها استراحة قصيرة لا تتجاوز نصف ساعة فقط لتناول الطعام.

وتحصل أسرة الطفل على سلة إغاثية شهرية من إحدى الجمعيات الإنسانية، لكنها لا تكفي لسد الاحتياجات، مؤكداً أنه يحصل من عمله على أجر زهيد، لا يتعدى "دولار ونصف" يومياً، ويعطيه لوالدته لشراء الخبز وتغطية بعض النفقات الضرورية.

تخلى الطفل عن التعليم وترك مقاعد الدراسة ليتفرغ للعمل، لكنه يحن إلى رفاقه ومدرسته، وعن ذلك يقول: "حين أشاهد الأطفال الذاهبين إلى المدرسة، أشعر بالحزن والحنين، وأحلم بالعودة للمدرسة التي تركتها منذ عام، لأحقق حلم والدي بأن أكمل تعليمي وأصبح محامياً أساعد المظلومين".

إذا كانت قسوة الظروف قد حرمت الطفل من متابعة دراسته، فهو يصر أن تتابع أختاه اللتان تصغرانه سناً، وعن ذلك يقول: "أعمل من أجل أن تكمل أختاي دراستهما، فلا ذنب لهما، ولا يجب أن تحرما مثلي من التعليم".

من جانبها والدة وائل تحزن لحال ولدها الذي تحمل مسؤولية كبيرة تفوق قدراته بسبب الفقر والحاجة، وحول ذلك تقول: "فقدنا كل ما نملك بالحرب والنزوح، وبعد وفاة زوجي لم أتمكن من العثور على فرصة عمل لإعالة أولادي، فاضطررت للاعتماد على ولدي وائل رغم صغر سنه".

وتضيف بحزن: "بدل تلقي طفلي للرعاية والتعليم فرضت الظروف على عاتقه أن يصبح كبيراً قبل أوانه، ويتحمل مسؤولية الإنفاق على المنزل".

وتشير الأم أن ولدها حين يصل إلى الخيمة مساء يكون منهكاً ومتعباً، وكل ما يحلم به الخلود إلى النوم ليرتاح، استعداداً ليوم جديد يحمل مزيداً من الهموم والمتاعب.

عروبة الحسين (36 عاماً) من مدينة إدلب، عاملة صحة مجتمعية تتحدث عن عمالة الأطفال بالقول: "أدت الحرب السورية إلى انتشار الفقر وفقدان العديد من الأسر لمعيلها الأساسي، الأمر الذي أثر سلباً على الأطفال الذين باتوا ضحية حرب، قضت بدورها على مستقبلهم، ودفعت بهم إلى العمل بظروف قاسية لتغطية نفقات أسرهم، وتعتبر المخيمات الحدودية من أعلى المناطق بنسبة عمالة الأطفال".

وتبين أن عمل الأطفال يحرمهم من عيش حياة طبيعية ويضيع فرصهم بالتعلم، ويهدد أمنهم ومستقبلهم.

وتؤكد على ضرورة إيجاد قوانين تحمي الأطفال، والعمل على إعادة دمجهم في المجتمع على المستوى الطبي والتعليمي والنفسي.

في الحرب السورية التي شردت وقتلت ودمرت وفتكت بالبشر والحجر، كان الأطفال الضحية الأولى، بعد أن ضاعت طفولتهم في أسواق العمل، لكسب لقمة العيش والبقاء على قيد الحياة.

 

 

 

 

مساحة إعلانية