رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

712

السوريون في مخيمات النزوح.. فرحة عيد ناقصة

23 أبريل 2023 , 07:00ص
alsharq
إدلب - سونيا العلي

على أنقاض منزلها المدمر تقضي الطفلة سلمى العواد (12عاماً) من مدينة حارم شمالي إدلب صباح العيد، وهي تستعيد الذكريات الجميلة، وتتذكر أمها التي قضت جراء الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا في السادس من شهر فبراير الماضي.

ونجت الطفلة مع والدها وشقيقتها بعد انهيار منزلهم، فيما فقدت أمها وشقيقها البالغ من العمر 5 سنوات، وعن ذلك تقول لـالشرق: «كنا في السابق ننتظر العيد بفارغ الصبر لنجتمع في المنزل ونحتفل مع الأقارب، واليوم أصبح يوماً كئيباً يزداد فيه شوقي لأمي وحاجتي لوجودها إلى جانبي.»

وتضيف بغصة والدموع في عينيها فتقول: «كنت أزين المنزل بالورود، وأنشغل بشراء ملابس العيد، أما اليوم فقد أصبح العيد كئيباً، أحمل فيه الورود إلى قبر أمي لأعبر لها عن حبي وشوقي.»

يأتي عيد الفطر على أهالي إدلب وسط ظروف الفقر والنزوح واستمرار الحرب التي خطفت أرواح الكثير من الأبرياء، ليكون العيد مناسبة للحزن نتيجة الأوضاع الصعبة التي تعصف بهم على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي.

حليمة السبع (55 عاماً) من مدينة إدلب اعتقل ولدها البالغ من العمر 22 عاماً أثناء وجوده في جامعة حلب، وانقطعت أخباره منذ ذلك الحين، وجميع الأعياد لدى والدته مؤجلة لحين عودته، وعن ذلك تقول لـالشرق: «كان ولدي يدرس الهندسة في جامعة حلب، وقام عناصر من الأمن التابعين للنظام السوري باعتقاله نهاية عام 2020 بتهمة التواصل مع الإرهابيين، ومنذ ذلك اليوم لم نتمكن من معرفة أخباره أو المصير الذي آل إليه، ولست قادرة على فعل أي شيء سوى الترقب وانتظار عودته بفارغ الصبر.»

وتشير الأم أن الفرح مسجون خلف القضبان، حيث يمر يوم العيد كأي يوم عادي، لأن السعادة مؤجلة حتى سماع خبر عن ولدها يسكّن آلام الشوق والغياب.

 

ويشكل التهجير والنزوح في المخيمات عبئاً كبيراً على العائلات السورية، وخاصة الأمهات اللواتي فقدن المعيل، وغادرن منازلهن وأصبحن وحيدات في مواجهة ظروف الحياة الصعبة، وتأمين احتياجات الحياة وسط انتشار الفقر وتردي الأوضاع الاقتصادية، إضافة لتردي الأوضاع الأمنية في الشمال السوري. بثينة الأصلان (42 عاماً) تهجرت من ريف دمشق مع زوجها وولدها إلى الشمال السوري، دون أن تصطحب بناتها الثلاث اللواتي بقين برفقة أزواجهن في مدينتهم الأم، وتقيم حالياً في بلدة دير حسان شمالي إدلب، وعن احتفالها بالعيد تقول: «يأتي العيد ليفتح جراحاً لطالما حاولنا نسيانها، حيث أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة لرؤية بناتي وسماع أصواتهن بدل الزيارات المتبادلة، لذا أحاول التغلب على شعور الشوق من خلال التواصل معهن يومياً.» وتضيف: «فرحة العيد منقوصة، لأنني أعتبر أن فرحنا الحقيقي بالعودة إلى بلداتنا ومنازلنا والاجتماع مجدداً مع أبنائنا وأحبتنا.»

من جهتها سميرة الكيال (33 عاماً) نازحة من مدينة معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي إلى مخيم حربنوش شمالي إدلب، تصر على صنع حلويات العيد لبث الفرح في قلوب أبنائها الثلاثة، وعن ذلك تقول: «من حق الأطفال أن يفرحوا بالعيد مهما كانت الظروف، لذا أحاول أن ألبي طلباتهم بصناعة كعك العيد ضمن الإمكانيات المتاحة.»

وتؤكد الكيال أن طقوس العيد لم تعد بعد النزوح كما كانت في السابق، حيث كانوا يزورون قبور موتاهم صباح العيد، ثم يجتمعون في منزل العائلة ليعايدوا بعضهم بعضاً، أما اليوم فقد تفرقت الأسر، وغلبت على العيد ملامح اليأس والحزن، وتعمّقت في أحاديثهم سيرٌ عن الحنين والذكريات.»

المرشدة الاجتماعية نور الحسين (26 عاماً) من مدينة سرمدا شمالي إدلب تتحدث عن معاناة السويين بالقول: «في ظل الحرب السورية ما تزال مشاهد الألم والمعاناة تتكرر يومياً لتطول جميع السوريين وخاصة المرأة التي كان لها النصيب الأكبر من المعاناة التي أثقلت كاهلها بالحزن والفقدان والنزوح المتكرر، وزادت من أعبائها، ولكنها لم تثنها عن أداء دورها الرئيسي في تربية أبنائها وتعليمهم والتضحية في سبيلهم.»

وتؤكد أن العديد من الأمهات أصبحن المعيل الوحيد والأساسي لأسرهن وسط الفقر والغلاء وفرص معيشية محدودة.

وتلفت أن الحرب حرمت الكثير من الأبناء من أمهاتهم وآبائهم، ليعيشوا اليتم والحرمان، لذا يمر عليهم العيد حزيناً وكئيباً، ويكونون بأمس الحاجة للعطف والرعاية والاهتمام من الجميع.

في كل عام يضاف سبب جديد لحزن السوريين في بلد أنهكه الفقد والمآسي المتوالية، ما يفرض عليهم الاحتفال بالعيد بغصة وقهر وحرقة قلب، فتحولت المناسبة من فرصة لاجتماع العائلات وإدخال السرور على القلوب إلى ذكرى حزينة تحرك مشاعر الشوق والحنين للم شمل الأسر السورية التي فرقتها ظروف الحرب.

مساحة إعلانية