رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

ثقافة وفنون

1743

أحمد الفيتوري: مدينة بنغازي مسباري لرؤية العالم

22 مارس 2014 , 08:19م
alsharq
حوار - خلود الفلاح

أحمد الفيتوري كاتب وروائي ليبي من مواليد بنغازي عام 1955، قضى في السجن عشر سنوات بتهمة الانضمام إلى حزب تقدمي محظور، وعمل في المسرح الأهلي حيث شارك في تأسيس فرقة المسرح الحديث، عمل في الصحافة ونشر العديد من المقالات تحت أسماء مستعارة في البدء مثل: فاطمة بازامة، وأنيس محمد، ونشرت مقالاته الأولى في جريدة الحقيقة في أعدادها الأخيرة قبيل إغلاقها عام 1971، أشرف على الصفحة الثقافية الأسبوعية في جريدة الفجر الجديد، وعمل سكرتير تحرير لصحيفة الأسبوع الثقافي وهي أول صحيفة ثقافية أسبوعية عربية مختصة صدرت أسبوعيا بين عامي 1971 - 1979، وأشرف على إعداد ملفات ثقافية ليبية في الصحف العربية، أسّس في شهر مايو 2011 جريدة ميادين الأسبوعية المستقلة التي يرأس تحريرها حتى الآن.

أحمد الفيتوري

مؤلفاته

من مؤلفاته: "سريب – شيء ما حدث شيء ما لم يحدث – قصيدة الجنود – جدل القيد والورد أو ستون الشريف – سيرة بني غازي - في ذكرى رفيق"، وفي كتابه "سيرة بنغازي" كتب سيرة مدينته التي شكلت بداياته مع الكتابة، حيث كانت محطته الأولى في منطقته "الصابري" التي تغنت بها الأغاني الشعبية بــ "الصابري عرجون الفل" وما تبرزه هذه السيرة في أنها تحاول أن تكون حية متفردة، مبنية على سرد نثري لذاكرة مسهبة في الحكي، في الكتاب هناك سيرة لشخصيات بنغازية معاصرة، وبمناسبة صدور الطبعة الثانية من كتابه "سيرة بنغازي" عن دار ميريت كان لملحق "الشرق الثقافي" معه هذا اللقاء:

* من يقرأ كتابك "سيرة بني غازي" يصاب بحالة نوستالوجيا، ما الذي يذهب إليه الروائي في كتابة السيرة؟

- لا أتفق معكِ من حيث أنها نوستولوجيا، ليست حنيناً عاطفياً مشبوباً لكنها كما كل البشر مشحونة بما يدعوه نيتشه بالعود الأبدي، أو الفردوس المفقود في كل ميثالوجيا، فالبشر لا يملكون إلا ما مضى وتسرب من أياديهم وطبع النفوس، لكن اللحظة غائمة، والمستقبل لا وجود له.

"سيرة بني غازي" ليست حنيناً عاطفياً مشبوباً بل هي الفردوس المفقود في كل ميثالوجيا

قناع السيرة

في "سيرة بني غازي" البنية السردية كما خريطة كل ذاكرة مشوبة بالعتمة، وغياب السياق المنطقي المحكم، فالمكان يبرر نفسه، وهو الراوي والمروي، السيرة هنا قناع طوطمي يؤدي مهمة مركزية في أنّ كل سرد هو سيرة كما أن كلّ سيرة سرد، المكان كائن حي وبهذا هو سرد لسيرة متعيّنة في مدينة هي بشر وأفعال وحكايا، وما يبان كشظايا هو كينونة كل تجمع بشري، التشظي هنا في التمظهر وليس بالقوى، وما يظهر كحنين هو كشف على أن كل ما سيكون كائن فيما كان، ليس بوصفه ماضياً، ولكن لأن الحياة تتجدد ولا تخلق من فراغ.

* قد يظن القارئ عندما يشرع في قراءة الكتاب أنك تكتب سيرة للمدينة، ولكنه بعد ذلك يكتشف أنك تكتب سيرتنا نحن، سكان هذه المدينة، ماذا تعني لك بنغازي؟

- لن نذهب بعيدا لو أعدنا قراءة ما كتبت، فقبل هذه الجملة نجد الجواب، بل إن كلّ مدن العالم هي سيرة مكونيها من العلماء والمهندسين والبحاثة.. إلخ، فنحن نجد في تكوين المدن سيرهم، وكل المكون البشري يكون بسيرته سيرة هذه المدن، حتى أن ثمة من يمر كعابر سبيل يترك بصماته، في "سيرة بني غازي" رصدت كثر من أولئك العابرين، مثل رومل ومونتجمري اللذين شكلا روح بنغازي، وهما يعبران المدينة في لحظة حرب لا تشكل إلا جزءاً من تاريخ الحرب العالمية الثانية. المدينة هي سيرتنا أكثر مما هي القرى والبوادي والصحارى، المدينة المستقر وفي كل مستقر نحن كحقيقة مميتة لا كأطلال.

غلاف رواية سيرة بني غازي

* هي بنغازي المدينة التي تسكنك إذاً؟

- بنغازي مدينتي ومسقط رأسي، قدري، هل من أحد يحب قدره، بنا توق سرمدي إلى قدر نختاره، هل من أحد اختار قدره؟ في المفارقة تكمن المسألة: نحن لا نراجع الأكسجين الذي نتنفس ولا ثاني أكسيد الكربون أي أن ما يلزم يلزم، لا أستطيع أن أقلع بنغازي من أن تسكنني حتى لو ذهبت بعيدا، أنا الآن أسكن بنغازي، قد أغير مسكني، قد أسكن المريخ لكن ما حدث حدث حتى وإن تمكن مني النسيان، في الجغرافيا بنغازي مدينة صغيرة، وفي التاريخ تطفو وتغرق، لكنها حين تحين ساعتها تبدو كما لو كانت مدينة المدن، هي كما الجزيرة تطلع في المحيط وتختفي، لكن السعيد من تبدّت له وهو في الرمق الأخير.

عاشق المكان

* تكتب التاريخ السري لمنارة خريبيش ونهر الليثي وميدان البلدية، لماذا يبوح عاشق المكان بأسراره؟

- السرد كتابة للسر السر ما يعرفه كل أحد ولا يعرفه أحد، في سيدي خربيش منارة وفي الليثي نهر النسيان الإغريقي وفي الميدان البلدية هل هذه أسرار؟ أليس الجميع يعلم هذا العلم؟ في السرد نميط اللثام عما نعلم لنكتشف غوره كما في البئر نبع، في "سيرة بني غازي" نعيد تشكيل هذه العلامات فنتبينها كما لم نتبين، نحن قد نعرف من المعلومات حول شيء ما أكثر مما يجيء في هذه السردية، لكن كما أن نهر النسيان أسطورة إغريقية فإن منارة خربيش في "سيرة بني غازي" تشي بالمدينة وميدان البلدية سرتها، هل من أحد كان يعلم ذلك قبل؟

النرجسية المفرطة هي الحد اللازم لاجتراح اللغة كي تكون الأنا

* هناك من يقول إن الغرباء هم أكثر صدقاً في الكتابة عن المدن التي سكنتهم، إلى أي حد تصدق هذه المقولة؟

- الغرباء عادة تسكنهم أوطانهم، كالمتصوفة مثلا، المناضلون والباحثون عن الحقيقة، المبدعون هم الذين يجنحون عن السياق، هؤلاء الغرباء يعشقون إلى حد المنتهى، ويرصدون نبض هذه المدن الحقة، كما المرأة العصية التي لا تمنح نفسها إلا للشقي، صاحب الوعي الشقي كما في اصطلاح "هيجل"، المكان الذي لا يؤنَّث لا يعول عليه كما قال ابن عربي.

لعبة الأنا

* في رواياتك "سريب" و"بيض النساء" ثمة سرد سيروي.. هل تعدّ الذاتية في العمل الأدبي نرجسية مفرطة أم أنها تجربة إنسانية؟

- كل كتابة سردية أو شعرية كتابة سيروية بمعنى ما، لأن كل إبداع ذاتي لا موضوعي، وأي إبداع هو شعر بمعنى ما، كما أنه سرد بالمعنى نفسه، هايدجر يقول اللغة سر الوجود وفي هذا السر تكمن الشعرية، حينما كتبت رواية "سريب" كانت الطفولة طفولتي وطفولتكِ، طفولتنا ساحة اللعبة السردية وكنت أغترف من بئرها، هاكِ سرّا: ذكرت في "سريب" اسم صديق لي بالكامل حين قرأ "سريب" جاءني مسرورا لأنني ذكرت أحداثا لم تغب عن ذاكرته، وأطنب في الحديث عن أحداث من الرواية التي عاشها ومدح ذاكرتي، في الحقيقة؛ لم يكن لما ذكره في الرواية صلة به، وكنت استعرتها من عمل روائي متأكّد أنه لم يطلع عليه، وأن ما حاكه السرد هو من سياق الرواية، وليس له وشيجة البتة بحياته، لكنها النرجسية التي تعني مما تعني أننا نكون حيث نرغب ونريد، فالسرد يوهمنا بأننا نحن في المرآة، مرآة النبع التي نبع منها نرسيس أو الأنا، في رواية "بيض النساء" أكتب عن امرأة فصل كامل من الرواية، عالم النفس يونغ تلميذ فرويد يتكلم بإسهاب عن الأنثى في الذكر والعكس، وبالتالي فالنرجسية المفرطة هي الحد اللازم لاجتراح اللغة كي تكون الأنا، لأن أي عمل إبداعي جوهره الأنا، ومسباره التجربة الإنسانية.

غلاف رواية في ذكرى رفيق

عرجون الفل

* منطقة "الصابري" التي أطلق عليها في بعض الأغنيات اسم عرجون الفل، دكاكين حميد، مخبز الوالد، الكتب... إلى أي مدى يبقى المكان الأول في حياة الكاتب ذا تأثير في كتاباته السابقة واللاحقة؟

- المكان هو الزمان، حتى في التجريد يندس المكان بعيداً عن الرائي، اللغة المكتوبة تجريد لكنها لصيقة بمكان ما في ذاكرة ما، من جهتي كنت أريد أن أكتب ما أعرف وما يمكن أن أعرف، لكي أعرف ما لا أعرف، أريد أن أعرف كينونتي؛ فالصابري منطقتي، وحي دكاكين حميد ومدينتي بنغازي صورة العالم، ومسباري لرؤية العالم، كما الأعمى الذي تمكن ذات مرة من الرؤية فرأى فأرا، ثم لما عاوده فقدان البصر كان كلما ذكر أحد شيئا تسأل أين هو من ذلك الفأر، المكان هو ذلكم الفأر، نحن نسوح العالم بأجسادنا نعم ولكن بالذاكرة الأولى، بالصابري ودكاكين حميد وبنغازي، فالكاتب ذاكرة حتى وهو يبدع رؤية للمستقبل، والسارد في أعمالي مهجوس بفسيفساء المكان التي كأنما هي تجاويف الذاكرة وخلائط النفس وروح الذاكرة، كما معماري أعيد نسج المكان فمعمار كل مسروداتي من معمار المكان، وكل مكان في هذه السرديات هو روح حية، أنا ابن المدينة حيث المعمار هو ما يشكل الروح.

جدتي هي أسطورتي وأنا أسطورة هذه الجدة والآداب أساطير الشعوب والجدة أصل كلّ سارد

الجدة الراوية

*الجدة في رواياتك منبع الحكايات، كيف يصور الفيتوري علاقته بها؟

- جدتي في رواية "سريب" استعارة وليست جدتي، فالطفولة في هاتيك السردية هي حجر الحكاية وردنها بل روحها، كل طفل هو ابن جدة أي حفيد، لأن الأب في سريب كما الأم وسيط، هل أذكرك بمرثية المتنبي لجدته؟ أو بتراث الشعوب البدائية ما حملته الجدات؟ أو بالأسطورة مكمن حكمة الشعوب جملة وتفصيلا؟ جدتي هي أسطورتي وأنا أسطورة هذه الجدة، وكل الآداب هي أساطير الشعوب، هي المفرد بصيغة الجمع فالجدة هي أصل كل سارد.

اقرأ المزيد

alsharq 9 دورات لتنمية المهارات بمعهد الجزيرة

ينظّم معهد الجزيرة للإعلام ضمن فئة إعلامي المستقبل خلال الشهر المقبل، حزمة من الدورات التدريبية الموجّهة للنشء، تتناول... اقرأ المزيد

58

| 05 نوفمبر 2025

alsharq المركز العربي الأمريكي يحتفي بالثقافة القطرية

د. زكية مال الله: - الوطن أول قصيدتي.. والبحر مصدر إلهامي - إبداعي الأدبي لا يتغلب على أبحاثي... اقرأ المزيد

138

| 05 نوفمبر 2025

alsharq الثقافة تطلق النسخة الثانية من مهرجان الدوحة للتصوير في أم صلال

أطلقت وزارة الثقافة مساء اليوم النسخة الثانية من مهرجان الدوحة للتصوير الذي ينظمه مركز قطر للتصوير حتى 9... اقرأ المزيد

72

| 04 نوفمبر 2025

مساحة إعلانية