رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

ثقافة وفنون

3969

مختصون: علاقة الفصحى بالعامية تكاملية وليست تصادمية

21 مارس 2022 , 07:00ص
alsharq
طه عبدالرحمن

واصلت وزارة الثقافة تنظيمها لموسم الندوات بالشراكة مع جامعة قطر والمركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات، حيث شهدت قاعة ابن خلدون في جامعة قطر أمس الندوة الثانية من فعاليات الموسم، تحت عنوان "هل اللهجات المحلية مكملة للفصحى؟"، تحدث فيها كل من د.محمد الرهاوي، عضو هيئة التدريس في قسم اللغة العربية بكلية الآداب والعلوم بجامعة قطر، ود. إلياس عطا الله، أستاذ المعجمية العربية بمعهد الدوحة للدراسات العليا، ود.عز الدين البوشيخي، المدير التنفيذي لمعجم الدوحة التاريخي، ود.أحمد حاجي صفر، أستاذ اللسانيات واللغة العربية بجامعة قطر، وأدارها الإعلامي حسن الساعي.

حضر الندوة عدد كبير من المهتمين والباحثين والدارسين، والذين أثروا الندوة بالنقاش والحوار، لإثراء ثقافة التنوع ومنح نخب المجتمع من المفكرين والمثقفين والخريجين فرص تعزيز البيئة الفكرية، وهو ما تحرص عليه وزارة الثقافة من خلال هذا الموسم بتأسيس بيئة فكرية تعزز دور الثقافة والمثقفين في خدمة المجتمع.

وتناول المتحدثون الأبعاد المختلفة للهجات العربية وارتباطها بالفصحى، مؤكدين أنه لا تصادم بين الفصحى واللهجات العامية، وأن العلاقة بينهما تكاملية، وأنه لا يمكن بحال أن تهدد الفصحى العامية، أو العكس، مشددين على أهمية الاعتناء باللغة الفصحى بما يكفل لها الحماية، ويحقق لها التداول في مختلف المنصات والمقامات الأدبية، والأخرى المتنوعة.

ازدواجية لغوية

استهل الندوة، د. محمد خالد الرهاوي، بالتأكيد على أن الازدواجية اللغوية المتمثلة بوجود لغة أدبية فصيحة ولهجات متعددة لها ليس خاصا بزمن دون آخر، ولا بلغة دون غيرها، بل هو واقع لغوي عام في كل اللغات وعلى مدار الأزمنة.

وقال: إذا كانت هذه الازدواجية وجدت في أرقى عصور الفصاحة والبيان العربي فوجودها في غيرها أمر طبيعي لا مناص عنه، وإذا كان القرآن الكريم، وهو آية البيان المعجز، قد نزل بلغة موحدة وبقراءات متعددة تتوافق ولهجات العرب، فإن هذه الازدواجية والتكامل في غيره أمر لا مفر منه.

وقال إن اللهجات المحلية العربية المعاصرة ليست وليدة اليوم، ولا من ابتكار أهل هذا العصر، بل هي في معظمها لهجات ضاربة في القدم ومتوارثة عن الآباء والأجداد، وامتلكت من القوة والخصائص ما مكنها من البقاء والاستمرار حية على ألسن الناس منذ العصر الجاهلي حتى يومنا، عاشت إلى جانب الفصحى خلال هذه القرون الممتدة، ولم تشكل خطرًا عليها ولا تهديدًا لها، بل ظلتا متعايشتين متناغمتين متكاملتين.

وبين التكامل بين الفصحى واللهجات، من حيث الأصل والاستعمال، وتأكيده على أن هذه العلاقة من حيث الأصل هي علاقة العام بالخاص، وعرج على العلاقة بين الفصحى واللهجات من حيث الاستعمال، مؤكدًا أنها علاقة الخاص بالعام، فاللهجة هي العامة في الاستعمال، والفصحى خاصة بالخطابات الرسمية والفنون الأدبية والتدوين، وأن اللهجة أعم استعمالًا من الفصحى، كما أن النثر لغة العامة والشعر لغة الخاصة؛ لأنها تعبر عن شؤون الحياة اليومية العادية والأعمال والحاجات والأغراض والطرف والنوادر والمجالس والأدب المحلي في كل بيئة، وأن الأصل في العلاقة بين العام والخاص أو الخاص والعام التكامل في اللغات وشؤون الحياة الإنسانية كلها، وإن اصطدما أحيانا لكنه ليس بأصل.

لغة عالمة

أما د.عز الدين البوشيخي، فتناول المدخل العلمي لموضوع العلاقة بين الفصحى واللهجات، لافتًا إلى أن العربية من اللغات الـ 23 في العالم التي أصبحت لغة عالمة، أي تكتب بها العلوم، وأنها من الناحية العلمية ليست بمعزل عن اللغات العامية، فضلاً عن ارتباطها بمنظومة الإدراك لدى المخلوقات البشرية.

وعرج على مستويات اللغات العامية محددًا إياها في ثلاث مستويات، الأول منها هو عندما تكون تلك اللغة أداة للتواصل فحسب، والثاني عندما تصبح معبرة عن جماعة معينة ثقافيا وأدبيا، بينما يكمن الثالث في أن تصبح تلك اللغة لغة عالمة.

وتوقف د.عز الدين البوشيخي عند اللهجات المحلية، مؤكدًا أنها الأسبق في الاستعمال، وأن اللغات الفصحى اذا انتقلت إلى مستوى التواصل اليومي أصبحت لغة وسيطة، لتصبح بعد ذلك لغة عالمة إذا استطاعت أن تعبر عن العلوم.

وشدد على أن وحدة اللغة تكمن في وحدة لسانها وكذلك وحدة فكرها، وهذا ما يجب الاستثمار فيه، لافتًا إلى أن الإشكال بين الفصحى والعامية لا يبدو إلا في اللغة العربية، مرجعاً ذلك إلى وجود موقف غير علمي، يستهدف جعل العربية الفصحى معزولة عن اللهجات العامية، بالإضافة إلى أن هناك موقفًا يتسع يوما بعد الآخر، ساهم فيه الجميع في العلاقة بين اللهجات العامية، واللغة الفصحى.

مهددات اللغة

وبدوره، وجه د.إلياس عطا الله، الشكر إلى وزارة الثقافة على تنظيمها لمثل هذه الندوات التي تثري المشهد الثقافي، وتسهم في النهوض باللغة العربية، خاصة وأن سيادة الأمم تبدأ بسيادة اللغة.

ووصف اللغة الفصحى بأنها لغة الأمة، ولا تشكل تهديدًا للعامية، وكذلك لايمكن للهجات أن تشكل تهديدًا للفصحى، غير أنه قال: إن التهديد الذي تواجهه اللغة هو من أهلها، فنحن الذين نهددها، بالحديث عما يقال عن تهديد الفصحى للعامية، أو العكس.

وتابع: إنه من هذا المنطلق فإنه لا يرى تهديدًا من العامية للفصحى، بل إن الأولى حامية وسادنة للأخيرة، معرجًا على أبرز الفوارق بين الفصحى والعاميات، وفي مقدمة هذه الفوارق الإعراب، بالإضافة إلى عدم تقيدها بالبنى الصوتية.

ولفت د.الياس عطاالله إلى أن مداخلته هذه لا تعني موقفًا له من اللغة الفصحى، إذ أنه يعشق الفصحى، ومعها العامية، غير أن لكل منها مذاقها، ووظيفتها، ولايمكن لواحدة منها أن تشكل تهديداً أو خطراً على الأخرى.

تعايش الفصحى والعامية

أما د.أحمد حاجي صفر، فشدد على ضرورة ألا تكون اللغة الفصحى هي لسان النخبة فقط، بل يجب أن يدرك قيمتها وأهميتها جميع المتحدثين بها، وأن إهمالها من قبل الكثيرين جعل الأمر بحاجة لقانون وقواعد ترعاها وتحفظ سلامتها، لافتًا إلى أن تغليب العامية في التعليم والإعلام والفن ينال من الفصحى.

وقال: إن الحفاظ على الفصحى، يتوزع على خطابين أحدهما عقلي والآخر عاطفي، وأن الخطاب الأخير تحركه ثلاثة أسباب أولها ديني، حيث يرى البعض أن ارتباط اللغة العربية بالدين يعني التمسك بها، أما السبب الثاني، فهو اجتماعي حيث يرى الكثيرون أن الأمر نابع من الارتباط بالأصالة والشخصية العربية، بينما السبب الثالث وطني قومي وخلاله يذهب البعض إلى أن التفريط في اللغة يعني التفريط في مقومات العروبة وطمس الهوية، والنيل من الحس القومي.

وأشار د.أحمد صفر إلى أنه في مقابل ذلك يأتي الخطاب العاطفي، والذي يتجلى في وجهة نظر علمية يمكن معها طرح عدة حلول تتوافق مع الأمر الواقع.

وشدد على ضرورة توصيف الواقع، بضرورة التعايش بين الفصحى والعامية، واصفًا الأخيرة بأنها سريعة النمو والتطور بمعنى انتقالها من طور إلى آخر، بالإضافة إلى ما تشهده من دخول تراكيب جديدة ومصطلحات، تتوارثها الأجيال، وهو ما يجعلها غير جديرة بأن تكون لغة للآداب أو العلم، وهو الأمر الذي تستطيع أن تحققه الفصحى باعتبارها أكثر رصانة.

تفاعل حضور الندوة مع مداخلات المشاركين

تفاعل عدد من الحضور مع مداخلات المتحدثين في الندوة، إذ أكد سعادة الدكتور محمد صالح السادة أن هناك إجماعاً على أنه ليس هناك تضاد بين الفصحى والعامية، وأن كليهما يكمل الآخر، وأن اللهجات نبت طبيعي من اللغة، وتساءل عن الخطط التي يمكن بموجبها تعزيز التكامل بين الفصحى والعامية، دون إحداث ضرر لكليهما؟ وهو ما رد عليه د.محمد الرهاوي بأنهما لابد أن يكونا معاً، فلا تحتل الفصحى مكان العامية، أو العكس. وقال: إن الفصحى تعبر عن الإبداع والمقامات الرسمية، بينما العامية تعتبر وسيلة التواصل اليومي، وأن لكل منهما مجاله المحدد.

وبدوره، حذر سعادة الدكتور محمد عبدالرحيم كافود من اختراق اللهجات المحلية لمجال التعليم، للتأثير السلبي لذلك على الأجيال، لافتًا إلى أن اللغة العربية منذ القرن العشرين، وهى مستهدفة، حيث شهدت محاولات لتوسيع الهوة بين الفصحى والعامية.

وقال د.كافود إن دول الخليج العربية، تعتبر هي المركز للغة الفصحى، وأن شبه الجزيرة العربية حافظت على هذه اللغة، مشددًا على أهمية إعادة النظر بشأن اللهجات الدخيلة على العامية المحلية.

أما د.أحمد عبدالملك، أستاذ الإعلام في كلية المجتمع، فأبدى اتفاقه مع تعقيب سعادة الدكتور محمد صالح السادة، محذرًا من خطورة طغيان اللهجات المحلية في وسائل وأجهزة الإعلام، وخاصة في نشرات الأخبار.

وشدد د.عبدالملك على أهمية الاهتمام بالتعليم، وتقديمه بلغة راقية، بعيداً عن تقديمه باللهجات المختلفة، حرصاً على سلامة اللغة العربية في أوساط الطلاب، داعيًا إلى التخلي عن استخدام العامية واللهجات المختلفة وكذلك اللغات غير العربية في وسائل وأجهزة الإعلام.

واختتم د.الياس عطا الله الندوة بتعقيب على مداخلات الحضور، مؤكداً أن حماية اللغة العربية والاهتمام بها مسؤولية الجميع، ولا يتحملها فرد أو مؤسسة بعينها في المجتمع.

مكانة الضاد في ندوة اليوم

تنظم وزارة الثقافة عند الساعة الحادية عشرة صباح اليوم الندوة الثالثة بعنوان "هل تراجعت مكانة اللغة العربية في مجتمعاتنا"، وذلك ضمن فعاليات موسم الندوات، والذي تنظمه الوزارة بالشراكة مع كل من جامعة قطر والمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.

يتحدث في الندوة كل من" د.علي الكبيسي، والأستاذ عبدالرحمن الدليمي، والأستاذة أمل عراب. وتقام الندوة في جامعة قطر، مدرج كلية القانون.

مساحة إعلانية