رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

3151

ناهض الأسدَين في نصف قرن.. قصة المعارض السوري ميشيل كيلو ووصيته للسوريين قبل رحيله

19 أبريل 2021 , 11:12م
alsharq
الدوحة - بلال رشيد

توفي المعارض والمفكر السوري، ميشيل كيلو. وبعد هذا الخبر لم يعد هناك من شخص يشبهه ويستمع لهموم السوريين المعارضين ويسألهم عن أحوالهم، أو حتى يبث الطمأنينة والأمل بأروحهم، ولو كان ذلك "عن بعد".

 

هو سلوكٌ وحال قلما يرتبط بسياسي بارز تصدر مشهد الملف السوري، سواء ما قبل أحداث الثورة السورية في عام 2011 أو بعدها، وصولا إلى الحقبة الحالية.

 

اعتاد كيلو في السنوات العشر الماضية على مشاركة السوريين في أحاديثهم، وبشكل أساسي عبر "تطبيق واتساب"، لتنشط تسجيلاته الصوتية على نطاق واسع، منها الموجه لملايين السوريين في شمال غرب البلاد، وأخرى استشرف فيها مستقبل سوريا، مؤكدا على أمل إسقاط النظام الاستبدادي، ولو طال الأمر لسنوات، وفقا لموقع "الحرة".

 

قبل وفاته بأسبوع كان لافتا تلك الوصية التي كتبها للشعب السوري بعنوان: "كي لا تبقوا ضائعين في بحر الظلمات"، وفي كل كلمة منها كان يدرك كيلو أن ما عانى منه السوريون خلال عقود حكم الأسد الأب والابن لن يبقى دون نهاية، داعيا إلى "الوحدة من أجل الخلاص" "فالحرية ثمنها كبير".

 

ليس كغيره من باقي الشخصيات السياسية السورية، التي عرفها السوريون في العقد المنصرم، فقد كان لكيلو السياسي والمفكر في آن معا حيزا فريدا من نوعه، لاسيما أنه يحسب على فئة "المحاربين القدامى لنظام الأسد".

 

إذ لم يكن نشاطه السياسي مقتصرا على حقبة الأسد الابن، بل تعود جذوره إلى عهد حافظ الأسد الأب. 

 

"نصف قرن ضد نظام الأسد"

81 عاما قضى ميشيل كيلو أكثر من نصفها في معارضة نظام الأسد ورفض سياسته الاستبدادية في سوريا، الأمر الذي جعله أمام خطر القمع والاعتقال. بداية في سبعينيات القرن الماضي، وحتى في الثمانينات والتسعينيات، ومن ثم بعد وفاة حافظ الأسد وتسلم ابنه، وما تبع ذلك من "ربيع دمشق" و"إعلان دمشق".

ومنذ تلك الفترة كان لكيلو مساهمات سياسية شتّى، وإلى جانبها سلك مسار آخر، وقدم من خلاله مساهمات فكرية وأدبية وروائية، بالإضافة إلى مساهمات في الترجمة، حتى أنه ترجم كتبا بارزة، من بينها "نظرية الدولة" و"الوعي السياسي والاجتماعي".

 

وُلد كيلو من عائلة مسيحية في مدينة اللاذقية عام 1940، وعاش طفولته في رعاية والده الذي عرف عنه سعة ثقافته.

 

وتعرض للاعتقال في سبعينيات القرن الماضي لعدة أشهر ثم سافر إلى فرنسا، ثم عاد إلى دمشق واعتقله النظام السوري مرة ثانية عام 2006، بتهمة "نشر أخبار كاذبة وإضعاف الشعور القومي"، وأُفرج عنه عام 2009.

 

بعد انطلاقة الثورة السورية كان من أوائل المعارضين القدماء المناهضين لنظام الأسد، ليشارك في العمل على توحيد أطياف المعارضة السورية "حديثة العهد" مع مجموعة من أصدقائه السابقين والمثقفين. 


بشار الأسد وشقيقه ماهر كانوا وراء العديد من الاغتيالات في سوريا


وحين فشلت جهودهم وتأسست "هيئة التنسيق الوطنية"، لم ينتسب إليها، وشارك عام 2012 في "تأسيس المنبر الديمقراطي"، وفي نهاية شهر سبتمبر 2013 أسهم في تأسيس "اتحاد الديمقراطيين السوريين".

 

كما أنه كان عضوا بارزا في "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" قبل أن يغادره عام 2016، نتيجة خلافات.

"ظل يحلم بسوريا مستقلة"

بعد انسحابه من "الائتلاف السوري" تفرغ كيلو للكتابة في صحف عربية، حيث أقام في منفاه بالعاصمة الفرنسية باريس، فضلا عن مشاركات تلفزيونية له على محطات عربية أيضا وأخرى أجنبية، قدم فيها تحليلات سياسية عما وصلت إليه سوريا بعد عشر سنوات من الحرب. 

 

وفي كل إطلالة لكيلو لم يقطع تعبيره عن الأمل في قرب الخلاص من النظام الاستبدادي في البلاد، في موقف لم يغيره، على الرغم من العقود "القاسية" التي عايشها، والانكسارات المتتالية التي تعرض لها في بداية شبابه وحتى وصوله لعمر الثمانين.

 

وعقب ذيع خبر وفاته تتالت نعوى السوريين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأجمعوا في كتاباتهم على أن "كيلو هو رجل الكلمة الصادقة"، لاسيما أنه ثبت على رسالته في السجون والشراد الطويل، وظل يحلم بسوريا "حرة مستقلة حتى لقى الله".

 

وقد يكون هذا الإجماع على نعيه، حسب أصدقاء له تحدث إليهم موقع "الحرة" كونه كان شخصية مقربة من الشارع في سوريا، على عكس باقي السياسيين، الذين "يجلسون في القصور"، بمعنى اصطلاحي.

 

أيضا كان كيلو قد امتاز من بين أقرانه السياسيين بأنه حاضر في المشهد على الدوام، ولا يستطيع أحد أن يمر على تاريخ الحركة السياسية في سوريا منذ الستينيات، من دون أن تستوقفه تجربة هذا الرجل.

ما الذي تميز به؟

عن هذا السؤال أجاب الصديق القديم لكيلو المعارض السوري، جورج صبرا.

 

ويقول صبرا الذي كان آخر لقاء بينهما في عام 2019: "المرحوم كان نموذج للمثقف العضوي ابن الشعب الحقيقي وابن الطبقات الاجتماعية المكافحة من أجل حياة أفضل، وابن الثقافة الديمقراطية التي تسعى من أجل بناء وطن حقيقي يتسع لجميع أبنائه، من مختلف المكونات القومية والدينية والطائفية".

ويشير صبرا في تصريحات لموقع "الحرة": "هذا النوع من الثقافة جعل من ميشيل كيلو يسبح في بحرين، الأول في بحر الثقافة السياسية والاجتماعية والأكاديمية ويكتب فيها ويؤلف، أما الثاني فهو بحر السياسة اليومية، التي تسعى من أجل التغير في حياة البلاد لمصلحة الطبقات الاجتماعية، وكذلك من أجل العقل الوطني".

 

بدوره يوضح المعارض السياسي، سمير نشار أن الراحل ميشيل كيلو تمايز عن أقرانه من المعارضين بـ"الكاريزما الشخصية والحضور اللافت".

 

ويتابع: "كما لا يمكن لي عدم ذكر مبادراته السياسية الجريئة والأفكار التي أنتجت حالات سياسية معارضة حاولت تعبئة الفراغ، نتيجة التصحر السياسي، الذي أصاب الحياة السياسية والعمل السياسي منذ انقلاب عام 1970 الذي أوصل حافظ الأسد للسلطة".

مساحة إعلانية