رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

اقتصاد

4693

أمستردام.. مدينة الحياة تفيض بالمغامرات

19 أبريل 2019 , 07:00ص
alsharq
أمستردام - الشرق

أغلب الزائرين القادمين إلى هولندا تبدأ رحلتهم من امستردام. وفي كل المرات التي يزورون فيها امستردام من جديد سيرونها بشكل مختلف باختلاف سبب زيارتهم ومرافقيهم والوقت الذي يزورونها به. فإن كانوا حالمين يروها كفينيسيا رومانسية حالمة مليئة بالحب. وإن كانوا صاخبين يروها مجنونة فائضة بالمغامرات. وإن كانوا هادئين يروها بهيئة صامتة ودودة غير متكلفة. أما الذي يراها جميلة فيراها بعيني عاشق؛ لا يمل من المشي والتأمل بتفاصيلها كمتيم بهذه المدينة. امستردام مدينة ستحبها بتفاصيلها الكثيرة، لا تشبع منها، لا تكتفي من حبها ولا تريد أن تفقد متعتك معها.

في تلك المحطة الكبيرة القديمة الواسعة المليئة بالحياة تستقبلك امستردام عند بوابات تلك المحطة. عند خروجك من المحطة ستصادف أشخاصا من جنسيات مختلفة مسرعة بكل الاتجاهات. الجميع قادمون أو راحلون يلتقطون أولى صورهم أو آخرها أمام أبواب المحطة المركزية بامستردام. قنوات امستردام تستقبلك على عتباتها، ترحب بك بطريقتها الخاصة. تجذبك جسورها المحملوة على أكتاف تلك القنوات. بيوتها المتراقصة على ضفاف قنواتها، والتي تأسرك بألوانها وتصاميمها المرتبة والمتناسقة والتي تشعرك لوهلة وكأنك أمام لوحة تتكرر كلما اتجهت قدماً. ستحتار من تحديد مشاعرك تجاهها. لكن من المؤكد أن لامستردام رهبة تسكنك دون أن تعلم. تدعوك لتخطو أولى خطواتك باتجاهها، كطفل يمشي أولى خطواته مترنحاً ستمشي مع الجموع إليها. الدراجات الهوائية المصطفة على جنبات الطريق والتي تعطي للناظر إليها متعة الاحساس برؤيتها. سيستقبلك فندق فيكتوريا عند زاوية الطريق ليروي لك تصميمه الغريب سراً من أسرار امستردام الكثيرة. فالفندق العصري والذي تم وضع مخطط لبنائه عام 1888 مقابل المحطة المركزية يحتوي في جزء منه على منزل قديم لم يتم إضافته للبناء! فأنت ترى منزلاً يبرز فجأة في منتصف واجهة بناء الفندق.

القصة التي ذاع صيتها بأنه تم تقديم المال لجميع السكان كتعويض مادي لمغادرة الموقع حيث يجب أن يكون الفندق. ماعدا شاغل البناء رقم 46، وهو صانع كمان يدعى والتر فيدر لا يوافق على المال المعروض. فقد طلب المزيد ورفض مغادرة ورشته ومنزله. جنباً إلى جنب مع ابن عمه الصيدلي والذي كان آنذاك في مأزق بسبب بعض الاجراءات غير القانونية التي قام بها. ويقومان بوضع خطة للتوصل إلى حل للحصول على المزيد من المال. بعد مضي الكثير من الوقت يفقد الباني أعصابه ويبدأ في بناء الفندق على أي حال حواليّ المنزل. تم الانتهاء من بناء الفندق بعد أن تم تغليف المنزل القديم بواسطة مبنى الفندق. تنتهي خطط صانع الكمان نهاية مأساوية بموته منتحراً. المفاجئ هو ما وجدوه في ورشته بعد وفاته، حيث أنهم عثروا على كمان من صنع ستراديفاريوس، والذي قدمته له سابقاً عائلة يهودية كانت تنوي الهرب إلى أمريكا، والذي قدر بثروة آنذاك!

المنزل أصبح الآن جزءاً لا يتجزأ من الفندق، ومن غير السهل استئصال هذا الجزء من الفندق خاصة بعدما اشتهرت تلك القصة برواية كتبت عنه، ومن ثم تم تحويلها إلى فيلم يحكي قصة بناء ذلك الفندق. وتحول جزء من هذا المنزل لمحل بيع تذكارات سياحية. أحياناً القصص المروية عن المكان تصبح أكثر أهمية من المكان نفسه.

بعدها ستسحبك طرقات امستردام مع قنواتها المائية لتدخلك لعالمها. عالم امستردام مختلف عن عوالم العواصم الأوروبية الأخرى. لها سحر مختلف يشعرك بأنك أنت نفسك مختلف. هواء امستردام الذي يحمل مع نسماته رائحة الماريوانا سيشعرك بهذا الاختلاف. لم نعتد نحن كشرق أوسطيين من أن نتعامل بهذا الوضوح مع الحشيش. فأن تشعر بأنك تواجه قدرتك على استخدامه هو شعور مميز بحد ذاته وخاصة أنه قانوني. يحق لك أن ترفضه بالقدر ذاته الذي يحق لك به أن تستخدمه، شعور لم نعتد عليه.

ساحة الدام سترشدك إلى طريقك فيما بعد، منها ستصل إلى وجهاتك الرئيسية في امستردام. تستطيع أن تكمل طريقك باتجاه ساحة رامبرانت مروراً بساحة لايدز بلاين. ساحة رامبرانت من الساحات المشهورة جداً بامستردام والتي تضاهي شهرة الدام. ستشعر وكأنك في ضيافة الرسام رامبرانت الذي يقف متوسطاً تلك الساحة. سترغب حتماً في زيارة المكان في ساعات الصباح الباكر. قبل أن تبدأ الساحة بالامتلاء بالسياح الذين يتوافدون لالتقاط الصور التذكارية هناك. ستجذبك رائحة البن المتطايرة لشرب كوب قهوة صباحي في أحد المقاهي المشهورة، والتي تقع في تلك الساحة في بناء بنك قديم تم تحويله لمقهى ذو هيئة مختلفة. تستطيع أن تعود بأدراجك بعد ذلك إلى سوق التوليب المصغر ومنه إلى أحد أقدم محلات الكوكيز الأشهر في امستردام (فان ستابيل). بعد ذلك يمكنك التوجه إلى حديقة فوندل، وهي الأكثر شهرة على الإطلاق في امستردام. والتي تم بناؤها عام 1865 وأطلق عليها اسم الحديقة الجديدة ليتغير اسمها لحديقة فوندل، بعد أن توسط الحديقة تمثال للكاتب والشاعر الهولندي يوست فان دين فوندل. في أثناء الحرب العالمية الثانية احتلت القوات الألمانية الحديقة وجعلتها مقراً لخيامها ومستعمراتها إلى أن حصل التحرير والاستقلال. ستمضي قدماً في رحلتك القصيرة داخل متاهات تلك الحديقة دون أن تشعر بالوقت. بعد انتهاء نزهتك هناك تستطيع أن تتجه عائداً إلى مركز المدينة عبر شوارع امستردام الملتفة حول مركز مدينتها كشبكة عنكبوتية. القنوات المائية التي تزين شوارع امستردام هي التي تضيف الرونق لها. ومع مرور الوقت خلال النهار ستلاحظ ازدياد أعداد المارة والمتجولين والسياح والزائرين.

مساحة إعلانية