رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

تقارير وحوارات

1082

مورو لـ "الشرق": الشعوب العربية انتخبت الإسلاميين بالعاطفة وليس عن دراسة

17 مارس 2015 , 07:44م
alsharq
أجرى الحوار: عبد الحميد قطب

أثار اختلاف وجهات النظر بين الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة التونسية ونائبه، الرجل الثاني في الحركة، الشيخ عبد الفتاح مورو تكهنات حول صناعة القرار داخل الحركة، لكن الأيام أثبتت أن حركة النهضة عصية على التفتت كما هو الحال حتى في الحزب الذي وصل إلى السلطة وها هو يتشظى بشكل متسارع مفاجئ حتى للقيادة السياسية في تونس .

" الشرق" التقت الشيخ عبدالفتاح مورو نائب رئيس حركة النهضة التونسية والرجل الثاني فيها في حوار يكشف فيه عن وضعيته في الحركة كنائب لرئيسها وموقعه الحالي حيث يجيب عن الأسئلة ويوضح ملابسات صناعة القرار داخل الحركة، وكيف وصل التيار الإسلامي إلى الحكم في تونس حيث ينفي بشكل قاطع أن يكون قد أقيل أو استقال من حركة النهضة، قائلا: لا أحد يستطيع أن يخرجني من الحركة التي قمت بتأسيسها منذ أن كان عمري 16 سنة وحملت معها مشروعي الذي هو نهضة الأمة.

وفي الحوار يؤكد مورو أن الشعوب العربية عندما اختارت التيار الإسلامي في الاستحقاقات الانتخابية لم تكن قد اختارته عن دراسة واقعية وإنما بقرار عاطفي نتج عن رغبة هذه الشعوب في تعويضهم عن فترات سجنهم وإقصائهم.

وفند مورو نظرية أن الشرعية الوحيدة لأغلبية الصندوق والتي يستند إليها التيار الإسلامي موضحا أن هناك شرعيات أخرى تتمثل في القدرة على التمسك بالحكم والاستمرار فيه من خلال آليات التوافق مع القوى الأخرى.

كما اعتبر مورو أن الجهل والفقر والفرقة أمراض ثلاثة تنخر في عظم الأمة الإسلامية والقضاء عليها يضعها في بداية الطريق الصحيح.

وعن تراجع الحركة في الانتخابات الأخيرة قال مورو إن الحركة لم تتراجع بل ما حدث قراءة واقعية من الحركة للحياة السياسة ولتوازن القوى معتبراً أن النجاح في أي ظرف يقتضي أن نعرف ما لنا وما علينا وأن نرضى بما يختاره شعبنا الذي وكلنا له حرية الاختيار.

كما نفى أيضا خذلان الحركة للرئيس المرزوقي وقال إن الحركة أقامت مع الرئيس المرزوقي تحالفا سياسيا من خلال الترويكا التي استفاد منها الرئيس أكثر من غيره بل إن الحركة خرجت من السلطة قبل أن يخرج الرئيس بسنة ونصف فكيف نتهم بأننا قد خذلناه .وفيما يلي نص الحوار.

# فوجئ الجميع بتراجع حركة النهضة وعدم تصدر المشهد أثناء الانتخابات الرئاسية كما كان سابقا.. لماذا؟ هل هي إعادة حسابات أم تراجعات ؟

ما حدث قراءة واقعية للحياة السياسة ولتوازن القوى لأن النجاح في أي ظرف يقتضي أن نعرف ما لنا وما علينا وأن نرضى بما يختاره شعبنا الذي وكلنا له حرية الاختيار والذي يخطئ في التقديرات هو الذي يخطئ بعد ذلك في المسارات والمآلات ونحن تصورنا أن النجاح في السياسة سيحسن القبول بنا لأن العمل السياسي ليس منطلقا من فكرة ثقتك بنفسك فقط وإنما في قبولك وثقة الناس بك فكثير من الإسلاميين أخطأوا عندما اعتبروا أن ثقتهم بنفسهم تكفيهم لثقة الناس بهم ولذا فقد وقعوا في المطب والخطأ.

لكن حركة النهضة ليست بالهينة وهي حركة كبيرة فلماذا لا يكون لها السبق في تصدر المشهد ؟

## حركة النهضة حركة متواضعة حركة ناشئة، دعوة انطلقت منذ أكثر من40 سنة كدعوة لكنها دخلت مرحلة جديدة منذ الثورة في 2011 وبالتالي تعتبر حركة مستجدة غضة وطرية ومن ثم هي بصدد رسم مسار ستتبعه لكن تتبعه بتؤدة عندما أخطأت قالت إنها أخطأت وعندما أحسنت قالت إنها أحسنت وهي في الانتخابات الأخيرة تفطنت إلى أن القبول بها قد نزل وقبلت هي بهذا النزول وتصرفت على أساس الوضع المتاح لها الآن فهي لا تريد أن تغيب عن الساحة السياسية وتعتبر وجودها تأمينا للمسار التعددي الذي نرغب فيه ولا يحق لنا أن نغيب عنه ولا يحق لغيرنا أن يُغيبنا عنه.

لكن التقديرات ذكرت أن التيار الإسلامي في الوطن العربي وخاصة بعد الثورات هو الأكثر تنظيما والأكثر تجهيزا خلافا للتنظيمات الأخرى، فهل هذا الأمر أعطى التيار الإسلامي انطباعا بأنه الأقوى وأنه الأجدر بقيادة المرحلة؟

## في المنطلق من سَلم لهم بأنهم الأفضل في التنظيم وأفضل البدائل فهو شهد لنفسه والرجل لا يشهد لنفسه وكذلك التنظيم والحركة لا يشهدون لأنفسهم فالموضوعية تقضي علينا بألا نشهد لأنفسنا.

لكن هناك من شهد لهم من جهات أخرى؟

## مَن ِمن الآخرين شهد لهم فالشهادة المقبولة هي شهادة شعوبنا لنا.

لكن التيار الإسلامي اكتسح في جميع الاستحقاقات الانتخابية التي أجريت في بلاد الثورات العربية .. ألا يعد ذلك شهادةً مقبولة ؟

## نعم نحن نجحنا بنسبة فاقت الـ50% لكن ما زلنا لا نمثل كل التيارات لشعوبنا ويجب أن ندرك أن حالة البناء التي نعيشها تفرض علينا ألا نتعامل مع شعوبنا بنظرية الأغلبية والأقلية فحالة البناء تقتضي منا أن نبني لمدى طويل يمكن أن تتغير فيه النسب فاليوم أغلبية غدا سنبقى أقلية فالذي نبنيه ليس لظرف حكمنا وإنما ما نبنيه لأمد ستتغير فيه أفكار الناس فمن يضمن أن يكون بعد 50 سنة هناك تيار شيوعي وتيار يساري نحن نبني لمجتمع سيمر بحقبات متعددة علينا أن نراعي الوفاق في المنطلق لننتهي عند التزام النهاية لمقرراتنا وإلا ما التزم خصمك بالمقررات التي تقررها وهذا ما رأيناه فقد كنا أغلبية وقررنا ولم يساعدنا غيرنا بقول ذلك القرار لأننا لم نأخذ بعين الاعتبار تغير الظروف وأنت ترى الشعوب تتقلب وخاصة الشعوب التي لم تتكون لديها تقاليد الديمقراطية فنحن نبني أحزابا مستجدة وشعوبنا جديد عليها الرأي والرأي المخالف تميل ميلة واحدة فنحتاج أن نأخذ بعين الاعتبار ذلك نحتاج أن نأخذ بعين الاعتبار أن شعوبنا من الممكن أن تختارنا لظرف عاطفي لا لقرار واقعي قام على دراسة الواقع وربما تختار غيرنا للعاطفة وهذا ما حصل في تغير من موقف لموقف فالاختيار لم يكن على أساس دراسة موضوعية بل كان على أساس عاطفة.

ما هو النموذج للاختيار العاطفي ؟

## عندما خرج الإسلاميون من السجون اعتبروا أفضل من غيرهم لماذا ؟ لا لأنهم قدموا بديلاً ولكن لكون شعوبهم حنت عليهم وأحست بأن هناك دينا لهذا التيار عليهم، فالشعوب تقول نحن مقابل سكوتنا عن الظلم الذي وقع بكم وعجزنا عن مناصرتكم نؤهلكم الآن لأن تحكموا.

إذا هذا اختيار وقتي وعاطفي وهذا ما أهلنا لأن نحكم كتيار إسلامي لكن كان واجبنا أن ندرك أن هذه ليست شهادة مصداقية لنا كان ينبغي أن نرتقي وأن نسهم بارتفاع في الوعي ربما يحتاج منا وقتا لكن لا يمكن أن نتجاهله.

لكن البعض نصح التيار الإسلامي بعدم التسرع في التصدر للمشهد بعد الثورات؟

## بعض الناس شجبوا علينا أننا سارعنا إلى الحكم بعد حصول ذلك التغير في أوطننا باعتبار أن الكرسي ليس متاحا لنا لأننا أهل له، بل هو متاح لأن غيرنا لم يطلبه فوجدناه فارغا.

أتتصور أن فراغ الكرسي يجعلك تحتله أنت لا يمكن أن تحتله إلا بكفاءة ترتقي بك لمستوى القيام بمهمة الحكم وهذا يجعلني لا أنتقد في هذا الأمر أحدا.

ما استندنا عليه وسميناه شرعية استندنا عليه لنعزز بقاءنا في الحكم ونتمسك به وكنا نقول لقد اختارنا الشعب وكنا مخطئين في فهمنا للشرعية فالشرعية شرعيات فشرعية الوصول للحكم هي أغلبية الصندوق لكن هناك شرعية أخرى بعد أن تصل هي أن تبقى في الحكم وهذه نسميها شرعية المسك بتلبيب الحكم والتحكم في أعصابه ومفاصله، فالذي لا يقف بجانبه رجال الأعمال ولا يقف بجانبه رجال الفن والأدب ولا يقف بجانبه نخبة المجتمع الفكرية وأبناء الجامعات ولا تقف بجانبه العلاقات الدولية ولا يلبي حاجة الناس من طعام وشراب لا يستطيع أن يحكم، نعم معك أغلبية لكن الكل يقف ضدك فالذين صوتوا لك اليوم سوف يقفون غدا على بابك يقولون لك أعطنا حوائجنا فنحن انتخبناك وبالتالي هم أصبحوا وبالاً عليك.

إذا لماذا اختارت الشعوب التيار الإسلامي؟

## هم لم يختاروك لسواد عينك ولكن اختاروك لأنهم يظنون أنك ستقضي حوائجهم وبسرعة لأن الشعوب لا تنتظر فإذا كنت تستند إلى هؤلاء فأنت في الحقيقة تستند إلى غير ظهر أنت تحتاج أن يكون معك الذي يسخر طاقته بأن يكون إعلامياً يخدم مشروعك وأن يكون جامعياً يقوم خيارك وأن يكون رجل أعمال ينشئ المشاريع التي تعزز مسارك فإن كان هؤلاء معك فأنت قادر على تحويل شرعية الصندوق الاختيارية إلى شرعية استقرار للحكم وتهيئة للإنجاز وهذا لم نفهمه نحن لأننا مستجدون في العمل السياسي، فالعمل السياسي لا نتعلمه من المدارس الشرعية التي نُقوم بها سلوكنا الفردي إنما العمل السياسي يقتضي قبل أن نباشر الحكم أن نباشر مصالحة مع مجتمعنا، هذا لا يعني أننا المتسببون في القطيعة مع المجتمع فيمكن أن يكون غيرنا متسببا فيها، فنحن كالذي يقدم بضاعة فهل تقدمها لقوم يكرهونك وتكرههم وأنت كالطبيب الذي يفرق بين المرض الذي يجب عليك أن تقاومه وبين المريض الذي من الممكن أن تختلف معه.

هل نعتبر ما فعلته حركة النهضة في الانتخابات الرئاسية الماضية عملية استيعاب للوضع المصري؟

## النهضة لم تتراجع لأنها حركة سياسية وهي تعيش بواقعها قبل الدرس المصري فنحن حركة تونسية وطنية ننظر إلى واقعنا أولا، أما عن الوضع في مصر فأنا كنت أنادي قبل أن يقع ما وقع في مصر بتغيير أسلوب التعامل مع خصومنا السياسيين وعندما ذهبت إلى مصر قلت للرئيس مرسي ذلك كما قلته في منتدى الوسطية ولمت الحركة الإسلامية في مصر على توجهها.

وما هي أوجه اللوم التي وجهتها للحركة الإسلامية في مصر؟

## لمتها على إرادة اكتساح المواقع جميعها باعتباره اختيارا غير صائب فلا بد أن نمحو من أذهاننا النسبة العددية التي نجحنا بها وأن يكون تعاملنا مع مكونات المجتمع تعامل، الند للند، حتى الذي لا يمثل سوى جزء بسيط من المجتمع، وأن يكون الدستور الذي سنبنيه، والنظام السياسي الذي نقيم قواعده، والإدارة التي سنحلها محل الإدارة القديمة، هي من اختيارنا جميعا ولا يشعر أحد بأننا طرف متغول على السلطة وللأسف هذه القيمة غابت عنا لأننا نتعامل على أننا على حق والحق لا يكفي أن تنجح بدليل أن الذين فشلوا في العالم ليسوا على باطل ألم يكن عمر بن الخطاب على حق وقتل وكذا عثمان وقتل وعلي وقتل والحسن على حق وسمم والحسين على حق واستشهد.

لو طلب من جماعة الإخوان التراجع كيف تنظر إلى هذا التراجع وهل هو مقبول حركيا ومنهجيا ؟

## واقع الإخوان في مصر واقع مؤلم الآن وما آل إليه المجتمع المصري نفسه الآن من انقسام هو شيء مؤلم لا يحق لعربي أو مسلم أن يتفكه به لأنه مأساة في الحقيقة ومع احترامي لهذا الواقع الوطني المصري يفرض علي أن أقف موقف المحايد حتى لا أميل لطرف دون طرف لكن أقول من حق المصريين من كل الفئات المختلفة وهم ينتسبون إلى حضارة عريقة، وإلى واقع مجيد، وإلى موقع مؤثر لا تنقصه الكفاءات والرأي الحصيف، ولا ينقصه الجرأة، أن يخرجوا من هذه الأزمة.

وكيف لهم أن يخرجوا من هذه الأزمة ؟

## الخروج من الأزمة يقتضي عدم تبادل التهم وعدم إضفاء القداسة على ما سبق ووجوب التنازل من كل الأطراف للوصول إلى قاعدة مشتركة تحمي النسيج الوطني المصري حتى لا يتفتت ولا يتفكك وحتى لا تبذل كل الجهود عوضاً عن التنمية في مقارعة الخصوم الإسلاميين وأنا أرأف بهم لأنهم الآن في وضع لا يحسدون عليه ينبغي أن يدركوا أنهم أخطأوا لكن من حقي أن أحاكمهم وهم بعد في السجون لكن إذا خرجوا نجلس معهم ونتشاور ما هي المطبات التي حدثت في عملهم وهذا ليس تثريبا عليهم ولا إنقاصا من قدرهم لأنهم بشر.

الا تعتبر اكتساح الإسلام السياسي نوعا من الحق ؟

## ربما .. لكن كوننا على حق يحق لنا أن نتكلم عن ذلك في داخلنا، أما لكى نبرزه لغيرنا على أنه حجة عليهم هذا لا يحق لنا لأن غيرنا لا يتعامل معنا من نفس المنطلقات.

قد يفهم من كلامك هذا أنك تبرر ما حدث للتيار الإسلامي من إقصاء وقتل وسجن لقادته ؟

## لا أبداً فأنا لا أبرر ما حصل للإسلاميين وخاصة في مصر لكن أنا ألقي الضوء على ما حدث فنحن لم نتعلم السياسة سوى في مدارسنا الخاصة القائمة على أصول ترجع لثمانين سنة ماضية، لم نطورها حسب الوضع الجديد فحركة الإخوان مثلا قامت أثناء وجود المستعمر الإنجليزي وكان هناك آنذاك إنجليز وفرنسيون فلم تبرز بعد قوة أمريكا ولم تبرز قوة العالم الشيوعي ولكن اليوم العالم تغير فمواقع القرار، وواقعنا الإستراتيجي تغير وانتقلنا إلى مرحلة الاستقلال فأصبح لنا آليات جديدة للحكم لم نكتسبها ولم نتعلمها ولقد كنت حريصا بعد الثورة أن يتهيأ أبناء النهضة لأن يتسلموا الحكم ولم أكن داخل النهضة في تلك الفترة فقد استغنوا عني وأبعدوني لكن قلت لهم أعطوني مائة كادر منكم أرسلهم للأحزاب الأوربية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار لكي يتدربوا كيف يباشر العالم الآخر العمل السياسي وقلت لهم أقيموا مراكز الدراسات لكي تدرسوا فيها مراكز التأثير في العالم وللأسف لم أجد أحدا يستجيب رغم أن هناك وزراء أعرفهم تولوا المناصب ولم يقرأوا صحيفة أجنبية واحدة.

هل ترى أننا ما زلنا لا نملك قرارنا بيدنا ؟

## نحن في عالم لا نمسك فيه قرارنا فقرارنا بيد غيرنا رغم أننا نمارس العمل السياسي، والعمل السياسي ليس متابعة للقرار وإنما هو استشعار مسبق لواقع يستوجب قرارا منك فهو عمل استباقي وليس عملا استتباعيا فينبغي أن نصنع نحن قرارنا .

وهل التيار الإسلامي أهمل أشياء كثيرة على رأسها الإعلام ؟

نعم .. فاليوم الإعلام جزء من العمل السياسي ومظهرك أيضا جزء وخطابك جزء وبالتالي إهمالنا للإعلام تبعه خسارات كثيرة .

بعض أبناء التيار الإسلامي ذهبوا لضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية بعد الثورات معتبرين أن الظرف مناسب جدا ..برأيك هل كان الظرف مناسباً ؟

## ما بين الثورات وما قبلها لم يتغير شيء حتى نطالب بتطبيق الشريعة فالذي تغير فقط أنك أصبحت لك حرية التعبير التي كنت ممنوعاً منها البارحة ثم ما هي الشريعة الإسلامية التي تطالب بها فإلى الآن لم يتحدد مفهوم الشريعة الإسلامية فالبعض يعتبرها ما قاله الله ورسوله.

أنا أرى أننا في ديار إسلام وبالتالي لا ينقصنا شيء منها فرأس الشريعة إلى الآن لم ندركه نحن ولم نناضل من أجله وهو "الحريات "فنحن نتحدث عن كل شيء في الحلال والحرام لكننا لم نتحدث عن الشيء الذي بوأ الإنسان مكانة في الأرض من أجله، وهو الحرية فالله اختار الإنسان بديلا عن الملائكة ولو أراد الطاعة العمياء لاختار الملائكة لأنه أراد الاختيار على إرادة لدى الإنسان والإرادة تقتضي المضادة لذا فقد خلق آدم وعدوه والعداوة بدأت منذ التكليف واستمرت إلى الآن لأن قوام الإنسان هي تلك المضادة؛ فالله يريد منا المضادة والمصارعة فإذا صارعنا ونجحنا يكتب لنا أجران وإذا صارعنا ولم ننجح يكتب لنا أجر واحد هو أجر الصراع، لذا فالكثيرون سيدخلون الجنة لأنهم صارعوا والمصارعة بمعنى الحرية.

وهل غابت قيمة الحرية عنا كمسلمين ؟

## منذ الدولة الأموية والعباسية ننظر لحاكم مطلق اليد حتى الشورى كنا نقول إنها غير ملزمة وكان تاريخنا كله مطبات على المستوى السياسي فاليوم لا بد أن نُدخل الحرية إلى ساحتنا بعد أن امتلكناها فمن قبل كان الحاكم يملك البلاد والعباد والحرية ليست شعار مرحلة بل شعار كيان وجودي للإنسان.

لكن الحرية قد تجعلك تقبل ما هو محرم في الإسلام ؟

## دع العري وبيع الخمر فكرامة الإنسان فوق كل شيء فحرية الاختيار مع ذلك التمازج في الآراء والأفكار تجعل الناس يرجعون إلى الحق وإن كنت تطمع أن تُوجد مجتمعا صافيا 100% فلن يوجد في الأرض هذا المجتمع فالعالم فوق الأرض قائم على التمازج والتدافع والخلاف الذي خلقنا من أجله ولذا فأقول إن الشريعة قائمة على كرامة الإنسان وحريته، فيجب أن نجعلها هدفا لنا في تشريعاتنا وفي برامجنا السياسية حتى يكتب لنا البقاء على الساحة ولا نظل ماضويين وغير تقدميين.

هل ترى أن الإسلاميين ينقصهم مشروع ؟

## الإسلاميون ينقصهم مشروعهم الحضاري الذي يتمايزون به عن غيرهم وإلا كيف نحكم الناس ودواؤنا وملابسنا وعيشنا من غيرنا ونكتفي أن يكون مطمحنا الأول والأخير أن يكون لنا مقعد في البرلمان أو الوزارة.

برأيك المشروع الحضاري يتحقق أفضل من خلال الحكم أم بعيدا عنه؟

## ليس هناك فارق بل الأولى أن يكون بعيدا عن الحكم أو قبله فالمشروع الحضاري هو المعيار لحكم الناس وإلا هل ترددنا على المساجد هو الذي يؤهلنا لحكم الناس ؟

وهل للغرب الآن مشروع حضاري ؟

## نعم لديه للأسف مشروعه وهو متقدم عنا ويحفظ كلمته ومتحضر فعندما تقول للأوربي ممنوع التدخين لا يدخن أما نحن المسلمين عندما تقول لشخص ممنوع التدخين تجده يقول لك أنا ابن عمي مسؤول في مخفر كذا يعني أن المنع لا يتناولني لأنني لدي واسطة كبيرة فنحن لم يعد لدينا قيم إنما منافع ومصالح فكيف تكون لنا الأفضلية عمن دوننا .

لو لم تقم الثورات العربية بماذا كنت تنصح التيار الإسلامي؟

## لقد نصحتهم قبل الثورة وبعدها بألا نغتر بشغور مكان القيادة وأن نعول على الارتقاء ذاتيا .

كيف يكون الارتقاء الذاتي ؟

## بأن نطور أداءنا وأدواتنا فنحن في المساجد لا نستطيع أن نحافظ على مستوانا إلا إذا قال لنا الإمام استووا.

وكيف تقيم تجربة الإسلاميين في الحكم ؟

## لا أعتبرها تجربة لأنهم لم يمضوا أكثر من عام في الحكم وبالتالي لم يستطيعوا أن يتعرفوا على الأقسام التي بداخل الدول.

وهل تتوقع عودة الإسلاميين للحكم مرة أخرى ؟

## نعم سيعودون ولكن بأصول جديدة غير الأصول السابقة فالبليد هو الذى يكرر تجربة الفشل لكن العاقل هو الذي يأخذ بعين الاعتبار الإعداد الجيد .

وكيف يكون الإعداد الجيد ؟

## أن تراجع مسألة القبول بك والنجاح والكفاءة ووجودك في مواقع التأثير ودخولك للقطاعات التي لم تستطع دخولها أو حيل بينك وبين دخولها واستغلها خصمك للهجوم منها عليك .

ما هي مواقع التأثير التي تقصدها ؟

## المؤسسات الإعلامية والاقتصادية والأمنية والجامعات أيضا.

بوجهة نظرك هل يتعرض التيار الإسلامي لمؤامرة ؟

## ربما يكون هذا صحيحا لكن علينا ألا نعلق عليه فشلنا لأن المؤامرة لا تنطلي إلا بعوامل ذاتية يجب أن نعالجها وأن نغير منهجنا في حركاتنا وجماعتنا وألا نعتبر منهجنا معتقدات ثابتة لا يجوز الحياد عنها ومن يناقشها يتهم بالردة والكفر ويجب ألا نخلط بين الثابت من الدين وبين المتغير من واقع المسلمين.

ما هي نصيحتك للشباب الإسلامي الآن ؟

## أقول لهم طوروا نظرتكم إلى مجتمعكم، وانفتحوا على غيركم، واعملوا لواقعكم، واجعلوا أوطانكم قصدكم وغايتكم، فلقد اتهمنا وضيعنا أوطاننا في اهتماماتنا العالمية بتحدثنا عن عالمية الإسلام وغطى ذلك عنا واقعنا الحقيقي .

هل ينفصم التطوير مع وضعكم كإسلاميين ؟

## إننا لن نطور واقعنا كوننا إسلاميين فالشعار الذي كنا نرفعه سابقا "الإسلام هو الحل" شعار فضفاض لا قيمة له ودون محتوى فلا بد من الخروج من الشعارات وتقديم ما يغير المجتمعات .

وهل المجتمعات العربية مؤهلة لتقبل الإسلاميين كمصلحين تنويريين ؟

## إذا ما استطعنا القضاء على الأمراض الثلاثة فيمكن بكل سهولة التقبل.

ما هي الأمراض الثلاثة ؟

## الجهل أولا فيجب أن نقدم ما يقضي عليه بفروعه سواء الجهل المعرفي أو غيره.

الفقر ثانيا يجب أن نقدم منهجا يجعل الشعب كله يستثمر خيراته ثم يحسن توزيعها فنحن نستخرج بترولا مثلا لكنه ليس ثروة وليس تنمية إنما هو عطية من الله فالتنمية هي استخدام العقل والجهد.

الفرقة ثالثا فأنت ترى الشخص الآن يتخير إمامه إذا لم يجد الإمام الذي يفضل أن يصلي خلفه فتجد المسجد الواحد منقسما لأربع جماعات فكيف لنا أن نقيم منهجا سياسيا، وإذا كان المسلم يقتل المسلم على الهوية لمجرد أنه خالفه فكيف نبني مستقبلا، إنما الوحدة تمكنك من أن تكون طرفا يُستمع إليه مع الآخرين.

وهل الغرب والإسلام في حالة تمازج أم تنافر ؟

## نحن ظللنا 12 قرنا نطرق أبواب أوروبا ولم تفتح لنا، لوجود عداء ديني فالمسيحية كانت ومازالت تحكم الغرب وبالتالي رفضت الإسلام.

وهل ازداد العداء أكثر بعد حادثة شارلي إيبدو الأخيرة ؟

## يجب أن نفرق بين هؤلاء الموتورين الذين نفذوا العملية وهم في تقديري مرضى نفسيون وبين الـ15 مليون مسلم في الغرب وهم جزء منه الآن .

لكن الغرب أسهم بجزء كبير في تردينا وتخلفنا بل واحتلال أراضينا وقتل شعوبنا ؟

## هذا لا يبرر فما تقوله أنت هو الذي يسوق الإرهاب فأنت إذا أبحت القتل على الهوية وجعلت اليهودي يقتل كونه يهودييا والمسيحي يقتل كونه مسيحيا فأنت إذاً جعلت دمك هدرا فهذه قضية قيم ومبادئ ليس كوننا لدينا مشكلة مع إسرائيل يعني ذلك أن نقتل اليهود في أي مكان .

وكيف نرد للغرب إساءته لمقدساتنا كما حدث في شارلي إيبدو؟

## من شتم في شارلي إيبدو لم يشتم أو يسب الرسول بل هو سبنا نحن فمثلا عندما يشتمك شخص ويقول لك يا ابن كذا هل يقصد أباك أم يقصدك أنت، هو يقصدك أنت من خلال أبيك وكذلك من شتم النبي بالنسبة لي الرد على شارلي إيبدو هو أن نجمع من كل شخص مقيم في أوروبا دولارا واحدا ثم نبني 4 جامعات تخرج كل عام 1000 طبيب و500 مهندس و600مكتشف ونبرز للعالم أننا قادرون على أن نكون كفأ لهم.

هل من هذا المنطلق ذهبت لتأبين اليهودي الذى قُتل في فرنسا ؟

## لأنه تونسي مثلي ومطلوب مني حمايته وأن أتنازع عليه مع نتانياهو لأنه عندما يخرج من تونس يستدعيه نتانياهو ويقول له اقرب منا نحميك لأنك لن تجد لك حماية بعيدا عنا وأنا أريد أن أقول له أنت محمي في بلادك تونس.

وبذلك أكون قد أبطلت مبرر نتانياهو في احتلال الأراضي الفلسطينية بحجة حماية اليهود وأفقدته سبب وجود إسرائيل ومن ثم أستطيع أن أقول له اخرج من أرض الناس لأنك ظالم مستبد واليهود أنا أحميهم ليس أنت.

لكن إسرائيل قائمة على ادعاءات أخرى غير حماية اليهود مثل ادعاء أنها أرض الميعاد؟

## نعم لكنني أرجع إلى الأساس فإذا حمى الفرنسي اليهودي عنده وكذا الإنجليزي وكذا التونسي أفقدنا إسرائيل سبب وجودها .

ما هو موقع القضية الفلسطينية الآن بعد تراجع التيار الإسلامي؟

## القضية الفلسطينية قضية أمة لن نتنازل عنها والذي يتنازل عنها يعتبر خائنا؛ فهذه القضية يجب أن ننصرها بكل وسائل النصر وأمامنا وسائل نصر كثيرة وقد أوصلنا إسرائيل الآن إلى مخنق ومكان ضيق فالآن ستقاضى عالميا، فما حدث في غزة السنة الماضية جعل العالم يثور ضدها وهناك من نازع نتانياهو في الكونجرس مؤخرا وينازعون إسرائيل وهذا بكل المقاييس تطور إيجابي.

وهل قصرنا في نصرتها وانشغلنا بأمور أخرى ؟

## بالطبع قصرنا كثيرا فكل المتضامنين مع إسرائيل من أجل المصلحة والنفوذ والمنفعة كونهم ضحية إعلام مضلل لم نستطع نحن أن نوفر لهم بديلا له ولم نستطع توصيل صوتنا إليهم فكثير مما تفعله إسرائيل من جرائم لا يصل إلى قطاع كبير من الغرب ومن يصل إليه يتغير موقفه فورا ما جعل شبابا غربيين يخاصمون إسرائيل وينقطعون عن توجهات آبائهم السابقة في دعم وتأييد إسرائيل .

وماذا تطلب من علماء الأمة الإسلامية ؟

## العلماء مطالبون الآن بأن يوجدوا لنا خيارا آخر غير الفوضى والدكتاتورية أمثال داعش فليس خافيا على أحد أن العالم الإسلامي منغلق ليس فيه ديمقراطية ولا مجتمع مدني والأنظمة تقول لنا إذا ما خفتم من الفوضى فعليكم أن تقبلوا بالدكتاتورية ومن ذلك المنطلق فالعلماء مطالبون بتقديم خيار آخر قائم على الوعي بقيم الإسلام وهذا عمل ميداني لا يستطيع عمله إلا من كان نافذا للناس .

بذكرك داعش ..هل تمثل الخلافة الإسلامية الحقيقية ؟

## أي خلافة إسلامية هذه؟ هل الخلافة الإسلامية أن تقهر الناس وتعتدي عليهم؟! معنى الخلافة الإسلامية هي المنطلق الذي انطلق منه النبي والذي أقام على أساسه نظاماً شعبيا هو أن الأمة تنفذ مشروعها فالمشروع الإسلامي ليس مشروعا قهريا يغلب به الناس.

الإسلام نجح لكونه مشروعا شعبيا يفوضون فيه من يأتمنونه على شريعة الله فالأحكام الشرعية التي نزلت في عهد النبي مثلا لم يقم لها جهاز ينفذها إنما قال هناك حد للزنا وحد للحرابة وحد للسرقة لكنه لم يقم جهازا تنفيذيا يفتش على الناس في بيوتهم بل إن الحالات التي نفذت فيها الحدود تقدم أصحابها إلى النبي معترفين بها .

لكن الكثيرين يرون أن السياسة القهرية التي ينتهجها تنظيم الدولة الإسلامية هي ردة فعل لسياسية أنظمة شمولية وطائفية وليست فعلا ومن ثم اكتسبوا حاضنة شعبية كبيرة ؟

## قد يكون هذا مقبولاً إذا كنا نبحث عن تفسير لوجود هذا الكيان أما أن يكون هذا تبريرا لأفعالهم فلا يجوز التبرير لأن هذا مخالف لطرق الفهم فالحمى تداوى بالبرد هذا أسلوب بدائي لأن الداء لا يداوى بنقيضه إنما الأسلوب الحقيقي هو معرفة سبب الداء واجتثاث أسبابه.

نحن للأسف أمة مستباحة من كل الأطراف ليست لنا كيانات عقلية وعاقلة توجهنا للأسف، يجيء إلينا ويقول أنا أفهم في كذا اتبعناه ومن جاء إلينا بالنقيض اتبعناه أيضا.

وهل ما يفعلونه في تنظيم الدولة يعد جهادا ؟

## الجهاد مشروع أمة وليس مشروعا فردياً والجهاد يكون لتوحيد الأمة وليس لتفكيكها.

أخيرا ما وضعك الآن في حركة النهضة وهل الأمور معها على ما يرام ؟

## أنا نائب رئيس حركة النهضة ولم أخرج منها قط هم ظنوا أنهم أخرجوني منها وهذا لم يحدث فكيف أخرج من شيء لصق بي خمسين سنة، أنا حامل ورقة إسلامية منذ أن كان عمري 16 سنة والآن عمرى 66 فكيف يخرجونني منها أنا لا أستطيع أن استعيض عن هذه الورقة ولم أجد بديلا لها فأنا لم أخرج من الحركة ولم أدخل وما يفعلونه معي دليل على أنهم يراوحون هم مواقعهم.

فأنا عندي مشروع إن استطعت تنفيذه من خلال آلية تسمى النهضة فأهلا وسهلا .

ما هو عنوان مشروعكم ؟

## نهضة الأمة ..فأنا لا أرضى لبلدي الذي أقيم فيه المصانع في القرن الأول الهجري واكتشف فيه أول قلم حبر أن يأتيه الدبوس والقلم من الصين فنحن نرفض أن تمد لنا اليد ولكن أريد أن نمد نحن اليد لغيرنا.

وهل النهضة خذلت الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي ؟

## ليس خذلانا ولكن لأن الرئيس المرزوقي رئيس حزب اتفقنا معه في مرحلة من المراحل التي هي الترويكا هذه المرحلة انتهت بسقوط هذه الترويكا بل لقد كان الرئيس المرزوقي أكثر الناس تمتعا بهذه الترويكا لأن حركة النهضة خرجت من الحكم قبل خروجه بسنة ونصف ومن ثم نحن سقطنا قبله وكان من المفترض أن يأخذ هو بيدنا لا نأخذ نحن بيده وعموما هي كانت مرحلة وفاق ولم تكن زواجاً كاثوليكيا.

مستقبل جماعة الإخوان المسلمين بمصر من وجهة نظرك ؟

## المستقبل بيدها فهي حركة عريقة تمتد في الزمان لأكثر من 80 سنة فلا تمحى أبدا بقرار لكن هذا رهين أن يكون لها قرار وأن تراجع نفسها بنفسها.

هل بوجهة نظرك الأفضل للتيار الإسلامي الابتعاد عن السلطة في هذه المرحلة ؟

## هذه الأمور رهينة الواقع وإذا كان أهل مكة أدرى بشعابها فأهل كل بلد أدرى بواقعهم وبكيفية التطرق لهذا الواقع لكن لا يوجد مبدأ عام لهذا الأمر .

كيف تنظرون إلى الوضع الليبي كحركة النهضة ؟

## مقلق ومزعج ويبدو أن ليبيا مقبلة على انقسام بما يؤثر سلبا على جيرانها.

اقرأ المزيد

alsharq هام للمسافرين.. تعرف على المسموح به على الطائرة بشأن الشواحن المتنقلة والسجائر الإلكترونية

جددت الخطوط الجوية القطرية تأكيدها على أن سلامة المسافرين على متنها تتصدر دائماً قائمة أولوياتها، منبهة إلى مخاطر... اقرأ المزيد

7486

| 17 أكتوبر 2025

alsharq وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل في سوريا: مشاركتنا في المؤتمر الإسلامي لوزراء العمل بالدوحة يكرس عودة سوريا إلى محيطها العربي والإسلامي

أكدت سعادة السيدة هند قبوات وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل في الجمهورية العربية السورية، أن مشاركة سوريا للمرة الأولى،... اقرأ المزيد

262

| 16 أكتوبر 2025

alsharq سلسلة جبال التاكا شرق السودان.. رحلة عبر الزمان وشموخ يحكي عظمة المكان

تعد سلسلة جبال التاكا التي تحتضنها مدينة كسلا حاضرة ولاية كسلا بشرق السودان من أجمل المعالم الطبيعية التي... اقرأ المزيد

324

| 15 أكتوبر 2025

مساحة إعلانية