محليات

262

خبراء دوليون بمؤتمر مكافحة الفساد يناقشون تحديات استرداد الأصول المنهوبة عبر الحدود

ناقشت جلسة خاصة بعنوان "استرداد الأموال المنهوبة مسار مليء بالعقبات: آليات جديدة؟" عقدت مساء اليوم، ضمن أعمال الدورة الحادية عشرة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، التحديات العملية والقانونية التي تعترض جهود استرداد الأصول المنهوبة عبر الحدود، وسبل تطوير آليات مكملة للإطار القائم بما يعزز الردع ويضمن إعادة الأموال إلى غاياتها الأصلية المرتبطة بالتنمية وخدمة المجتمعات.

وشارك في الجلسة نخبة من الخبراء والمسؤولين الدوليين من جنوب إفريقيا ونيجيريا وهولندا وكندا ولبنان في مجالات العدالة ومكافحة الفساد والتحقيقات المالية، مؤكدين أهمية الإرادة السياسية، وبناء القدرات، وتبادل المعلومات، ودور الأطر المؤسسية والتقنية الحديثة في تجاوز التعقيدات الإجرائية وضمان إعادة الأموال إلى الدول المتضررة بما يعزز سيادة القانون والتنمية المستدامة.

وافتتحت الجلسة بالتأكيد على أن الفساد الكبير لا يعد مجرد خلل قانوني أو إداري، بل يمثل عائقا مباشرا أمام مسارات التمويل من أجل التنمية، وأن استرداد الأصول يشكل ركيزة أساسية في أي استراتيجية جادة لمكافحة الفساد. وشدد المتحدثون على أن استعادة الأموال المنهوبة لا تعزز الثقة في مؤسسات العدالة فحسب، بل تسهم أيضا في حرمان الفاسدين من العائدات غير المشروعة، بما يرسخ الأثر الردعي ويعيد توجيه الموارد نحو الصالح العام.

وسلطت المداخلات الضوء على واقع استرداد الأصول بوصفه عملية معقدة تتشابك فيها القوانين الوطنية مع النظم المالية العابرة للحدود، حيث باتت الأموال غير المشروعة تنقل خلال ساعات عبر ولايات قضائية متعددة، باستخدام شركات وهمية وحسابات مصرفية في مراكز مالية مختلفة. وأشار المتحدثون إلى أن هذا الواقع يفرض تحديات كبيرة على السلطات الوطنية، في ظل غياب معايير دولية موحدة لتبادل المعلومات، واعتماد التعاون في كثير من الأحيان على اتفاقيات ثنائية أو ترتيبات محدودة الفعالية.

وفي هذا السياق، جرى التأكيد على أن أحد أبرز أوجه القصور يتمثل في شبكات "ممكني الفساد"، من مهنيين ووسطاء ماليين وقانونيين، يسهمون في إخفاء العائدات غير المشروعة، بينما يظلون في مأمن من المساءلة بسبب تشتت الاختصاصات القضائية. ورأى المشاركون أن التركيز الحصري على ملاحقة المسؤولين الفاسدين دون مساءلة هذه الشبكات يحد من فعالية جهود استرداد الأصول، ويبقي مسارات الإخفاء قائمة.

كما تناولت مداخلات الجلسة أهمية الأطر القانونية التي تتيح استرداد الأصول دون اشتراط صدور إدانة جنائية نهائية، باعتبارها أداة فعالة لتجاوز بطء الإجراءات الجنائية وتعقيداتها. وجرى عرض تجارب عملية أظهرت كيف أسهم هذا النهج في تسريع مصادرة الأصول، شريطة توافر الضمانات القانونية والشفافية في إدارة الأموال المستردة، بما يكفل توجيهها لخدمة المجتمع وتعزيز ثقة الجمهور.

وعلى المستوى الدولي، ناقش المتحدثون الحاجة إلى تعزيز التنسيق الإقليمي والدولي، سواء من خلال آليات قائمة أو مبادرات جديدة، مشيرين إلى أن ضعف التنسيق المؤسسي لا يقل خطورة عن الثغرات القانونية. وأبرزوا أهمية استخدام الأدوات المستحدثة في مجال تتبع الأصول، وتطوير أدوار المنظمات الدولية، بما في ذلك الشرطة الجنائية الدولية، في دعم عمليات التجميد والمصادرة العابرة للحدود.

وفي سياق البحث عن آليات جديدة، طرحت مقترحات عديدة لسد الفجوات القائمة مركزة على ضرورة إيجاد مقاربة تكاملية تجمع بين الأطر الوطنية والدولية، وتعزز دور المجتمع المدني، وتوظف كل الأدوات المتاحة لضمان ألا يبقى أي ملاذ آمن للأموال المنهوبة، وأن تعود إلى الشعوب بوصفهم أصحابها الحقيقيين.

واختتمت الجلسة بالتأكيد على أن استرداد الأموال المنهوبة ليس غاية تقنية بحتة، بل قضية تمس حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية، إذ تحرم المجتمعات من موارد كان يفترض أن توجه إلى التعليم والصحة والبنية التحتية.

اقرأ أيضاً

جابر الحرمي: اليوم الوطني تأكيد للولاء والانتماء وتعظيم لدور الإنسان في مسيرة التنمية الشاملة

مصرف قطر المركزي يعلن عن قبول بطاقة "هميان" في دولة الكويت

وزارة العدل تفوز بتحدي إعادة تصميم الخدمات الحكومية

أخبار ذات صلة

الدوسري أكثر لاعبي الأخضر مساهمة بالأهداف

مونديال العرب.. السفير المغربي لدى الدولة: نسخة استثنائية للتواصل بين الشعوب العربية