رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات

120

الحي الثقافي كتارا .. عنوان للتواصل بين التراث والفنون مع التطور والحداثة

16 أكتوبر 2025 , 01:46م
alsharq
كتارا
الدوحة - قنا

شكل الحي الثقافي كتارا في العاصمة القطرية الدوحة، منذ انطلاقه، أحد أبرز المشاريع الثقافية الرائدة في الدولة، بما يحمله من رؤية استثنائية تجسد الهوية القطرية وتبرز ملامحها في محيطها الإقليمي والعالمي.

جاء تأسيس كتارا ليكون منصة للتبادل الثقافي والفني، ونافذة مشرقة للحوار الإنساني بين الشعوب، عبر احتضانه فعاليات تراثية وفنية عالمية تسهم في تعزيز التفاهم والتقارب بين الثقافات.

ويعد المشروع انعكاسا لرؤية صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وإيمانه العميق بدور الثقافة والفن في بناء الجسور بين الأمم، وترسيخ مكانة قطر كمركز إشعاع ثقافي في المنطقة والعالم.

وقد تطور دور الحي الثقافي "كتارا" الذي تم الإعلان عنه رسميا في عام 2008، وافتتح في 2010، ليصبح بمرور السنوات بفضل زخم المعارض والفعاليات، معلما متميزا ومحط رحال كثير من زوار دولة قطر وجمهورها للتعرف على ثقافات العالم، عبر مسارحها الرائعة وقاعات الاحتفالات الموسيقية، وقاعات العرض ومرافق أخرى متطورة، وليحمل مشعل الريادة في مجال الأنشطة الثقافية المتنوعة.

ويعود اسم "كتارا" إلى كونه أول وأقدم مسمى استخدم للإشارة إلى شبه الجزيرة القطرية في الخرائط الجغرافية والتاريخية منذ عام 150م، فقد ظهر هذا الاسم لأول مرة في خرائط كلوديوس بطليموس عام 150م، والتي أعيد نشرها عام 882 هـ / 1477م، ثم في أطلس تاريخ الإسلام تحت اسم Catara، حيث حددت تلك الخرائط موقع شعوب شبه الجزيرة العربية في منتصف القرن الثاني الميلادي.

وفي بدايات القرن الثامن عشر، برز الاسم بصيغته الحديثة Katara في الخرائط الجغرافية والتاريخية، ومنها خريطة فرنسية للساحل الشرقي لشبه الجزيرة العربية والخليج، حيث استبدلت الصيغة القديمة Catara بـ Katara، وقد استمر استخدام هذا الاسم من قبل الجغرافيين منذ خريطة بطليموس وحتى عام 1738م، ليظل شاهدا على الجذور التاريخية العريقة لاسم قطر وهويتها الحضارية المتجذرة.

وفي هذا السياق، قال سالم مبخوت المري مدير إدارة العلاقات العامة والاتصال في المؤسسة العامة للحي الثقافي كتارا، في حديث لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، إن فكرة إنشاء مشروع كتارا بدأت من رؤية طموحة لتكون قطر مركزا ثقافيا يجمع بين الحداثة والتراث، ويبرز الهوية الثقافية القطرية للعالم، وترسيخ مكانة قطر كصرح ثقافي متقدم عبر توفير بيئة حاضنة للمواهب الفنية والمبادرات الإبداعية، وتعزيز التواصل بين الثقافات من خلال نشر قيم الحوار والانفتاح، وتعزيز الفهم المتبادل بين الحضارات.

وأضاف أن كتارا تولي اهتماما خاصا بتنشيط السياحة الثقافية، وجعلها جزءا من التجربة السياحية المتكاملة في قطر، مع التركيز على إشراك المجتمع المحلي في هذه الحركة الثقافية، من خلال برامج تعليمية وتوعوية تكرس قيم الانتماء والهوية، فتكون بذلك نموذجا حيويا يجمع بين الفن، والمعرفة، والتراث، ويحول الثقافة إلى ركيزة من ركائز التنمية المستدامة، وبالتالي فإن كتارا ليست مجرد مشروع عمراني، بل رؤية استراتيجية تهدف إلى ترسيخ دور الثقافة كجسر بين الشعوب.

ولفت إلى أنه على مر السنوات، أثبتت كتارا حضورها كصرح ثقافي عالمي من خلال تنظيمها مجموعة واسعة من الفعاليات والمهرجانات المحلية والدولية، التي تمزج بين التراث القطري والفنون العالمية، وتفتح المجال أمام التفاعل بين مختلف الثقافات والفنون، مما يعزز دور قطر كوجهة سياحية في المنطقة، حيث أصبحت كتارا اليوم من أهم الوجهات السياحية في قطر، إن لم تكن الأهم على الإطلاق، نظرا لما توفره من تجربة متكاملة واستثنائية للزوار. 

وأوضح أن المؤسسة نجحت في الدمج بين الترفيه والثقافة بطريقة تجعل زيارتها تجربة غنية، تمكن السائح من اكتشاف الفن، والتاريخ، والطبيعة، والطعام، في مكان واحد ينبض بالحياة، وبهذا تمثل كتارا نموذجا فريدا للسياحة الثقافية المستدامة، وتسهم بشكل مباشر في تعزيز مكانة قطر على خارطة السياحة العالمية، كدولة تحتفي بالثقافة وتستثمر فيها كقوة ناعمة فاعلة.

وفي معرض حديثه عن تفرد تصميم "كتارا"، أشار السيد سالم المري إلى أن شكل المباني ودروبها وحواريها يمثل مزيجا متناغما بين الطابع التراثي المحلي المستلهم من العمارة القطرية التقليدية، والأنماط العالمية المعاصرة، إلى جانب حضور واضح للعناصر المعمارية الإسلامية والزخارف، والنوافير، التي تضفي على المكان روحا وجمالية عميقة. هذا التنوع المعماري لا يقتصر على الإبهار البصري فقط، بل يعكس رغبة حقيقية في إبراز الثقافة بجميع أوجهها: التراثية، والدينية، والحديثة، من خلال بيئة عمرانية ناطقة بقيم الانفتاح والحوار.

وأشار إلى أن المتابع لمسيرة نشأة كتارا ودورها الثقافي والفني، وما شهدته من تطور ملحوظ على كافة المستويات، سواء من حيث نوعية الفعاليات وشموليتها أو من خلال التوسعات العمرانية المستمرة، سيلمس أنها لم تكن مشروعا تقليديا أو مرحلة زمنية عابرة، بل وضعت رؤيتها لتكون مواكبة للتطور المستمر، منفتحة على المستقبل، وقادرة على التكيف مع متغيرات الثقافة العالمية، وأن تقوم على ترسيخ موقعها كمركز ثقافي حيوي يربط بين الماضي والحاضر، ويجمع بين الهوية القطرية والانفتاح على العالم. 

 

وعلى صعيد الفعاليات، اتسع نطاق ما تقدمه كتارا ليشمل مزيجا غنيا من الأنشطة الثقافية التي تتنوع ما بين التراث المحلي والفنون العالمية، وهو ما ساهم في استقطاب جمهور واسع من مختلف الثقافات والفئات العمرية. أما على المستوى العمراني، فقد تم افتتاح عدد من المباني والمرافق الثقافية الجديدة على مدار السنوات الماضية، بما يعكس التزام كتارا بالتوسع المدروس الذي يخدم رسالتها الثقافية والاجتماعية، ويعزز حضورها على الساحة الإقليمية والدولية.

وقد استضاف الحي الثقافي مهرجانات دولية تعبر عن مختلف الثقافات من أهمها مهرجان التنوع الثقافي ومهرجان كتارا الأوروبي للجاز، وفعاليات ومعارض متعددة للفنون والمسارح العالمية، بالإضافة إلى استضافة المسرح الروماني الذي شهد حفل افتتاح دورة الألعاب العالمية الشاطئية الأولى عام 2019، حيث يضم حي كتارا 10 ملاعب لكرة السلة والقدم والتنس الشاطئي والكاراتيه.

    ويعد المسرح المكشوف "جوهرة كتارا" تحفة فنية تلتقي فيه الهندسة المعمارية الرومانية بالفن العربي الإسلامي الخالد وقد بني ليعكس الفسيفساء الثقافية العالمية، ويتسع المدرج لما يقارب من 5 آلاف شخص، مما يجعله من أكبر المسارح الموجودة في الشرق الأوسط، وافتتح رسميا في 11 ديسمبر 2011 بحفل موسيقي عالمي بهيج قاده الأسطورة اليوناني فانجليس، فضلا عن ذلك فإنه استضاف بطولات متعددة منها "بطولة الدوحة المفتوحة للملاكمة" عام 2016، و"بطولة كتارات المفتوحة للملاكمة" عام 2022، إلى جانب فعاليات المهرجان الثقافي الهندي عام 2015.

كما تضم "كتارا" مسرح الدراما الذي استوحي طرازه من المعالم المعروفة في الدوحة، ليعكس إحساسا بالتمازج بين الروح العصرية والنمط التقليدي في قطر، ويتسع لحوالي 430 شخصا، وتم تصميمه لاستضافة طيف متنوع من الفعاليات الثقافية المتنوعة والعروض المسرحية والفنية وحتى عروض الأفلام.

ولا يمكن إغفال دار الأوبرا في كتارا، وهي الوحيدة من نوعها في قطر، حيث تحتضن عروض أوركسترا قطر الفلهارمونية، وتعد وجهة فنية راقية يقصدها أبرز الموسيقيين والفنانين من مختلف أنحاء العالم.

تمثل دار الأوبرا نموذجا معماريا استثنائيا يجمع بين روح التصميم الإسلامي التقليدي وجماليات العمارة الحديثة، ما يجعلها تحفة فنية بصرية وصوتية في آن واحد، ويتسع مسرحها لنحو 550 متفرجا، ويضم الشرفة الأميرية وصالة فاخرة مخصصة لضيوف الشرف وكبار الشخصيات، ما يعكس مكانتها المرموقة على خريطة الفنون والثقافة في قطر والمنطقة.

ومن أهم معالم "كتارا" القبة الفلكية وتتيح عروضها للزوار من مختلف الأعمار، المجال للتعرف على المكنونات الفلكية بأسلوب تفاعلي يتيح لهم فرصة توسيع مداركهم وجذب اهتمامهم بالعلوم الحديثة، وتحتوي على تقنيات رقمية حديثة وتتسع لحوالي 200 زائر وتمتد شاشة القبة فوق الزوار بعرض 22 مترا، وتدعم عروض القبة الفلكية عدد من أجهزة العرض الرقمية الحديثة التي تولد مشاهد بانورامية للفضاء، وتعرض النجوم والمجرات وكذلك المذنبات وعناصر النظام الشمسي، فهي تقدم تجربة مثيرة وفريدة لمشاهدة عجائب الكون الفسيح.

مساحة إعلانية