رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

1364

خبراء أمريكيون لـ الشرق: إجراءات عزل ترامب وصمة في إرثه الرئاسي

15 يناير 2021 , 07:00ص
alsharq
واشنطن- زينب إبراهيم

لا حد للفوضى في المشهد السياسي الأمريكي، في أوقات كل ما سيذكره التاريخ عنها أنها وصمة عار في تاريخ الديمقراطية الأمريكية، وإرث من الفوضى سيلحق دائماً باسم الرئيس الأمريكي ترامب؛ ولهذا تعد إجراءات العزل التي وافق عليها مجلس النواب الأمريكي بتفويض عدد من الأعضاء بكلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي، تاريخية في توقيتها وأيضاً في ما تذهب إليه؛ خاصة إن ترامب يصبح بذلك أول رئيس أمريكي في التاريخ يتم التصويت لعزله لمرتين، وتبقى واقعة الاعتداء على الكونغرس الأمريكي في مشهد تضمن كل أشكال العبث السياسي والاستهتار بالأرواح وتقويض المؤسسات حسبما اعتبره أعضاء الكونغرس ليس فقط من الحزب الديمقراطي بل من الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه الرئيس، وهذا ما ولَّد رغبة سياسية استثنائية في أن يكون للكونغرس رد فعل قوي على المشهد المهين باقتحام مقر الكونغرس وعبث مثيري الشغب بالملفات والوثائق المهمة بمكاتب قياداته، وسرقة وتخريب المنصات والمجسمات التاريخية وأيضاً التعدي على قوات الأمن ما خلف 6 قتلى من شرطة الكونغرس الأمريكي وعشرات الضحايا من صفوف قوات الشرطة.

تحريض وتمرد

حول اختلاف إجراءات العزل الحالية عن نظيرتها الأولى قال مات ديكسون، أستاذ العلوم السياسية والباحث بمعهد بروكينغز للدراسات والأبحاث السياسية، في تصريحات لـ الشرق: إن الإجراءات الحالية تختلف عن نظيرتها الأولى لأنها تضم أصوات عشرة أعضاء جمهوريين بمجلس النواب وافقوا على وثيقة عزل ترامب الثانية، كما أن إجراءت العزل الرئاسي التي أعلنت عنها نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب بعد تفويض من كلا الحزبين، تعني أنه قد تم تكليف ستة لجان رئيسية من لجان مجلس النواب-المخول إجرائياً ببدء إجراءات العزل- وتشمل اللجان اللجنة القضائية ولجنة الاستخبارات والخدمات المالية والعلاقات الخارجية، والتي باشرت التحقيق في الاتهامات على أن رأس بنود الاتهام والعزل المقدمة كانت قضية "التحريض على التمرد" هي العنوان الرئيسي لوثيقة العزل التي وقعتها نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب التي تم التصويت عليها بأغلبية.

وأضاف أن تقديم وثيقة العزل إلى مجلس الشيوخ الأمريكي يعني بدء إجراءات المحاكمة، وفي مجلس الشيوخ حينها تتحول بنود العزل إلى ما يشبه محاكمة قضائية تجرى داخل مجلس الشيوخ تجرى على نظام قانوني مشابه لإجراءات التقاضي الأمريكية الخاصة بوجود ادعاء وهيئة قضائية وهيئة محلفين يتناوب أعضاء مجلس الشيوخ واللجان أدوارهم في تلك «المحاكمة» البرلمانية، ويجري حق استدعاء الرئيس نفسه للمثول أمام مجلس الشيوخ، مع مراعاة أن للرئاسة وضعا قانونيا ودستوريا معقدا، وهو الامتياز الرئاسي الذي يمنح خيار قبول أو رفض المثول أمام الاستدعاءات القانونية، وفيما لم يلتفت كثيرون لعبارة أنه لا أحد فوق القانون التي أكدتها بيلوسي، إلا أن هناك هدفا أوسع فيما يتعلق بتحديد مواد واختصاصات الرئاسة، في ظل الاعتقاد بسوء استغلال السلطة الرئاسية وتقويضها لسلطة الكونغرس أو استخدامها للتحايل على المحاكمات القضائية.

الوقت غير كاف

وأوضح ديكسون أنه في حين أن الأمور أصبحت بيد مجلس الشيوخ الذي يعد في عطلة مؤقتة يعود فيها في الـ19 من يناير أي قبل يوم واحد من تنصيب الرئيس بايدن، لكن تحركت الضغوط من ميتش ماكونيل قائد الأقلية في مجلس الشيوخ وأيضاً الدعوات العامة لوضع استثنائي لتبكير عودة مجلس الشيوخ للتصويت على محاكمة العزل، ومن المهم التأكيد على أن التصويت في مجلس الشيوخ لا يخضع لقانون التصويت العام والأغلبية المحدودة، لكنه يتطلب لإقرار قرار عزل الرئيس من منصبه، موافقة ثلثي أعضاء المجلس الشيوخ، وبالتأكيد أن خمسة أيام وحسب الباقية لتنصيب بايدن ليست وقتاً كافياً لإجراء محاكمة في مجلس الشيوخ، ومن غير المرجح عقدها والانتهاء منها قبل أن يتنحى الرئيس ترامب عن موقعه كرئيس للولايات المتحدة.

تبعات سياسية

ويتابع أستاذ العلوم السياسية أن السؤال الأبرز المتعلق بما هي أهمية الخوض في إجراءات العزل وترامب بالفعل تنتهي ولايته الرئاسية في غضون أيام، ولكن دلالات ذلك بالنسبة للديمقراطيين هي منع ترامب من إمكانية الترشح مرة أخرى لمنصب الرئيس الأمريكي، فترامب لم يشغل سوى فترة رئاسية واحدة ويمكنه إجرائياً إعادة الترشح مرة أخرى للرئاسة، لكن في حال تمت إدانته بالكونغرس فسيكون هناك حراك دستوري وتشريعات يكون من شأنها منعه من إعادة الترشح لمرة أخرى وتلك هي الغاية الأبرز للديمقراطيين.

مأزق بايدن

بالمقابل أكد سبينسر أركمان، الخبير السياسي الأمريكي المتخصص في تغطية اللجان البرلمانية وملفات الكونغرس أن الرئيس بايدن وضع في مأزق بين جانبين أولهما هو بداية تقلد منصبه الرئاسي والبدء في التعافي ومحاولات تقريب الصفوف، ومن جانب آخر الرغبة في تحميل ترامب مسؤولية أفعاله خاصة ما شهدناه في السادس من يناير باقتحام الكونغرس، وبالنسبة لترامب إذا ما بدأت إجراءات محاكمته فهو سيخسر على الفور عدد من السلطات القضائية في أيامه الأخيرة بالبيت الأبيض ولن يتمكن المحامي القانوني للبيت الأبيض من تمثيله، والأمر في مجلس الشيوخ يبقى محيراً حول إمكانية أن يستطيع الديمقراطيون تحويل أصوات سبعة عشر جمهورياً من أجل التصويت لعزل رئيسهم هذا أمر ما زال غير واضح إلى الآن، والأمر المغاير في إجراءات العزل هذه أن ترامب الذي كان نشطاً بصورة هائلة على تويتر في إجراءات العزل الأولى، سحبت منه تلك المنصات الآن في نقل رسائله وتعليقاته على المسألة.

سابقة تاريخية

وأوضح أركمان أن عملية العزل الرئاسي المعقدة لا توجد في التاريخ الأمريكي سوى لأربعة رؤساء فقط، أبرزهم ريتشارد نيكسون بكل تأكيد، والتي جاءت استقالته التاريخية كجزء من إدراكه التام بأن إجراءات عزله سيتم إقرارها بمجلس الشيوخ على خلفية فضيحة «ووتر جيت» الرئاسية، ولكن لم يسبق عموماً أن قام الكونغرس بعزل أحد الرؤساء تاريخياً، والآن تشمل الرئيس الجمهوري دونالد ترامب، للمرة الثانية، والأولى في التاريخ الأمريكي من تدشين إجراءات العزل الرئاسي لمرتين، وكان الرئيس الثالث هو الرئيس الديمقراطي بيل كلينتون الذي تعرض لإجراءات العزل الرئاسي من الكونغرس على خلفية فتح تحقيق بقضية «وايت ووتر»، كما تكبد الرئيس الأمريكي أندرو جونسون أيضاً كما هائلا من الضغوط أوقفها صوت واحد بمجلس الشيوخ كان فاصلاً في عدم إزاحته من منصبه، كما تعتبر فضيحة ووترغيت أشهر فضيحة سياسية في تاريخ الولايات المتحدة، حيث أدت إلى استقالة الرئيس نيكسون من منصبه ليصبح الرئيس الوحيد المستقيل في تاريخ البلاد، وأصبحت بعد ذلك رمزا للفضائح السياسية في أمريكا والعالم.

مساحة إعلانية