رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

تقارير وحوارات

1061

بين الخوف والجوع.. سوريا تعيش مأساة القرن

13 أبريل 2014 , 09:33ص
alsharq
الدوحة - قنا

وكأن الشعب السوري تنقصه مأساة جديدة لتضاف إلى سلسلة المآسي التي يعاني منها حتى يتهدده شبح مجاعة تقف على أبواب وطنه بعضها من صنع نظامه حصارا وتجويعا، وبعضها صناعة دولية ناجمة عن مخاوف أمنية من إيصال المساعدات الغذائية إليه، وآخرها وبعضها الآخر عوامل مناخية ناجمة عن ندرة الأمطار لبلد عرف جغرافيا بغناه المطري، ما يعني جفافا يضرب محاصيله الزراعية خاصة إنتاجه من الحبوب التي تعد زاده اليومي.

الموت بالجوع أم بالقتل

ومن هنا يجد الشعب السوري نفسه واقعا تحت طائلة الجوع بعد وقوعه أصلا تحت طائلة القتل والتهجير والتشرد والحصار.. وبين سيف جوع وبندقية خوف يقف الشعب السوري حائرا متسائلا عن قدرة يستطيع بها مواجهة كارثة الموت بالجوع أم بالقتل.

الشعب السوري الآن في مواجهة أزمة مستجدة ألا وهي "قلة أو انعدام الأمن الغذائي" وهي القضية المتعلقة بأكثر المشاكل الغذائية انتشارًا وأكثرها أهمية وإلحاحًا في منطقة الشرق الأدنى، خاصة سوريا حيث تنتج هذه المشاكل عن تضافر عدد من العوامل الخاصة بهذه المنطقة جغرافيًا وديموجرافيًا وسياسيًا واقتصاديًا وأمنيا .

فمن الناحية الجغرافية، تعتبر منطقة الشرق الأدنى أكثر مناطق العالم شحا بالمياه.. فبينما تبلغ مساحتها 12.1% من مساحة العالم، ويبلغ عدد سكانها أكثر من 6.2% من سكان العالم فإن نسبة ما تمتلكه من مياه عذبة متجددة لا تزيد عن 1.5% من المصادر المتوافرة على الأرض، كذلك لا تزيد نسبة الأراضي الصالحة للزراعة فيها عن 8.6% والأراضي المروية عن 11% من تلك المتوفرة في العالم.

ومن الناحية الديموجرافية، تشهد هذه المنطقة نموًا سريعًا للسكان فيها بمعدل 2.2 % في السنة، ما يجعلها من أكثر مناطق العالم نموًا في السكان، وبالتالي يزيد من الضغوط على مواردها الزراعية المحدودة أصلاً جاعلاً منها غير قادرة هيكليًا على إطعام سكانها.. لذلك تعتمد هذه المنطقة على الاستيراد لتلبية حاجات سكانها من الطعام.

ونظراً لأن قيمة الواردات الزراعية إلى المنطقة تعادل ثلاثة أضعاف قيمة صادراتها، فإن المنطقة بمجملها تعتبر مستوردًا صافيًا لهذه السلع، وهو ما يزيد من تأثرها بتقلبات أسعار السلع الغذائية الأساسية في السوق العالمي.

أما من الناحية الاقتصادية فتتفاوت بلدان الشرق الأدنى في مستويات دخلها تفاوتًا كبيرًا، ويمكن بالتالي تصنيفها ضمن ثلاث مجموعات حيث تصنف سوريا كواحدة من الدول ذات الدخل المتوسط "هذا قبل اندلاع الحرب فيها، لكنها الآن تصنف ضمن الدول ذات الدخل المنخفض إن لم يكن شبه الضعيف".

وفيما تتكرر وتتجدد تحذيراتُ منظماتٍ عالمية ودراساتٍ متخصصة من احتمالات نشوب اضطرابات اجتماعية ونزاعاتٍ أهلية ما لم يخطط المجتمع الدولي لمواجهة مخاطر الأمن الغذائي المتفاقمة، تقفز سوريا بشعبها إلى مقدمة الدول والشعوب المرشحة لتفاقم مشكلتها الأمنية الغذائية مع استمرار الحرب فيها.

جفاف الشرق الأوسط

وفي تقريرٍ بثته منظمة "الفاو" من عمّان مؤخرا تحت عنوان "جفاف الشرق الأوسط قد ينذر بارتفاع أسعار الغذاء العالمية"، قال: "فيما يتعلق بسوريا فإن الجفاف والصراع قد يقلّصان إنتاج القمح الإجمالي إلى أقل من ثلث المحصول قبل بدء الأزمة".. فيما يعزو بعض الخبراء في سوريا ارتفاع أسعار الغذاء الذي فاقم التوترات الاجتماعية ومن ثم أشعل شرارة انتفاضة 2011 إلى الجفاف الذي بلغ ذروته خلال عامي 2008 و2009 لكنه استمر حتى 2010.

وتقول "الفاو"، في تقريرها الأخير الصادر قبل أيام حول موضوع الأمن الغذائي في سوريا، بسبب الأحداث الجارية إن الأمن الغذائي في سوريا يتجه نحو مرحلة خطيرة.

الأمن الغذائي في سوريا

وقالت إليزابيث بيرز، المتحدثة باسم البرنامج: "هناك قلقا بالغا حيال مجريات الأمن الغذائي في سوريا لأن ما يصل إلى ستة ملايين وخمسمائة ألف شخص في الداخل سيتعرضون لانعدام الأمن الغذائي ، ويحتاجون إلى مساعدات غذائية خارجية عاجلة لإبقائهم على قيد الحياة".

وعبرت بيرز عن شعور البرنامج بالقلق الشديد أيضا إزاء أثر الجفاف الوشيك الذي يهدد شمال غرب سوريا ، خاصة منطقتي حلب وحماه مع انخفاض معدل هطول الأمطار إلى اقل من نصف المعدل العام بما لذلك من انعكاسات سلبية محتملة على موسم حصاد الحبوب المقبل.

وفيما لم يتبق سوى نحو نصف شهر من موسم أمطار هذا العام الذي يمتد حتى أوائل شهر مايو المقبل ، فمن غير المرجح أن تعوض هذه الأمطار ما يحتاجه الموسم الزراعي في سوريا .

وأعلن برنامج الغذاء العالمي أنه قدم مساعدات لرقم قياسي من السوريين خلال شهر مارس المنصرم بلغ أربعة ملايين شخص.. بينما قال مهند هادي، منسق عملية البرنامج للأزمة السورية، إن الوصول إلى تلك الملايين تتطلب جهودا مكثفة وضخمة من البرنامج وشركائه، لكنه أعرب عن القلق من أن يعرّض الجفاف المحتمل حياة ملايين آخرين للخطر.

وفي السياق، أعلنت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أنها قامت بالتنسيق مع جمعية الهلال الأحمر السورية بعملية نادرة ومحفوفة بالمخاطر لتقديم المساعدات الإنسانية والغذائية إلى حي "بستان القصر" الواقع شرق حلب قبل يومين حيث لم تصل آية مساعدات إنسانية إلى سكان تلك المنطقة منذ شهر يونيو 2013.

وتبدو الازمة الانسانية والمعيشية المروعة في سوريا الآن قد بلغت حد الكارثة ، ما يعني حاجة ماسّة الى معالجة جذرية لها تتضافر خلالها جهود الدول والامم المتحدة ومنظماتها مع منظمات المجتمعات المدنية في العالم لابتداع وسائل واساليب جديدة تتناسب وحجم المأساة تتمكن عبرها من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه من حياة أبناء الشعب السوري.

مساحة إعلانية