رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

ثقافة وفنون

3420

الظروف ساعدته أن يكون أول مذيع قطري..

د. حسن رشيد لـ الشرق: الإذاعة هي المعادل الموضوعي للحياة

09 ديسمبر 2018 , 07:58ص
alsharq
حاورته ـ هاجر بوغانمي

ما زلنا نحن العشاق حتى هذه اللحظة نعيش كل لحظة عشناها في "إذاعة قطر"

في الإذاعة خلقنا نواة لرفقاء الدرب حيث كانت تجمعنا "اللقمة المغموسة"

لا يمكن أن أنسى زملاء كانوا معنا وتربطنا بهم علاقة صداقة وأخوة

أتمنى أن يكون لدينا نادٍ للإعلاميين أو برنامج للحديث عن الذكريات

لا يمكن أن يمر احتفال إذاعة قطر بمرور خمسين عاما على تأسيسها دون أن تكون هناك ومضة ورائية تجعل من الحنين مسكنا لضغوط الحياة اليومية، ومهدئا للسباق المحموم مع مستجدات الحياة، ولأن حديث الذكريات لا يحسن نظمه إلا من تشبع بالمكان والزمان، واستفاد من الخبرات التي عاصرها وتفاعل معها، كان لابد أن يكون الحديث مع أول مذيع قال "هنا إذاعة قطر من الدوحة". هو صاحب الرصيد الكبير من المواقف الإنسانية التي عاشها في الإذاعة، والتي شكلت وعيه الإبداعي والنقدي حتى بات قامة يُحتذى بها في مجاله. هو الإعلامي والناقد الدكتور حسن رشيد، التقته (الشرق) في زاوية من مشهد الذكريات، فكان الحوار التالي..

ما الذي يفسر شغفك أنت ومجموعة من الشباب في فترة الستينيات بهذه المؤسسة الإعلامية التي تسمى إذاعة قطر؟

الإذاعة بالنسبة إليّ كانت مثلما قال الشاعر:

كان حلما فخاطرا فاحتمالا ثم أضحى حقيقة لا خيالا

ربما كانت هناك بعض الإذاعات التي نستمع إليها خاصة وأن أجهزة الراديو لم تكن منتشرة في تلك الفترة. كان والدي يملك جهازا في البيت للاستماع إلى إذاعة البحرين وخاصة في يوم الجمعة، وإذاعة عمّان في الأردن عبر برنامج كان يستهوي الناس اسمه "نظافة أبو محمود". تطور الأمر، وكنا نسمع إذاعة الكويت وانتشار بعض الأغاني في المرحلة التي تلت مرحلة فن الصوت من خلال كوكبة من الفنانين أبرزهم شادي الخليج، وعوض الدوخي، وعبدالحميد السيد.. كنت خريج الثانوية العامة عندما تم استدعاؤنا لإجراء اختبار في الإذاعة. اجتزت الاختبار، وحصلت على المركز الأول كمذيع، وحصل الصديق والشاعر والإعلامي الكبير محمد المعضادي على المركز الثاني، وتم توزيع بقية الزملاء في هندسة الصوت وغيرها ولكن بعد فترة وجيزة أصيب الجميع بالملل، فانفرط عقد الموجودين وبقيت أنا الوحيد في الإذاعة حتى نهاية عام 1986، وكان الاقتراح أن أسافر إلى القاهرة وأدرس في المعهد الإذاعي. إذاعة قطر ولدت عملاقة. ربما تكوينها كان نواة لما يطلق عليه تجاوزا جامعة الدول العربية، اشقاء من سوريا وفلسطين والأردن ومصر والسودان يعملون في هذا الصرح. شخصيا عشت فترة من أفضل فترات الحياة التي يمكن أن يعيشها الإنسان، حيث كنت مادة خامة، وعندما أكون في غرفة فيها شخص بحجم حيدر محمود الذي أصبح بعد ذلك وزيرا للثقافة في الأردن، وإحسان رمزي ويتكلمان عن بدر شاكر السياب، وصلاح عبدالصبور، وارنست هيمنجواي، وغيرها من الأسماء الكبيرة التي تشكل في وعينا الجمعي رموزا.

دراستي في القاهرة كانت نقلة حقيقية في حياتي، وكان لابد أن أثبت نفسي، ومن حسن حظي أن طلبوا من كتابة عمل درامي وأخرجه الراحل يوسف الحطاب، وتم تقديمه في إذاعة صوت العرب، فيما بعد عدت الى قطر وكانت رحلتي مع حياة أخرى من خلال مواجهتي للجمهور عبر الميكروفون. كنت أقدم نشرات الأخبار والبرامج وعشقت الكتابة فكوّنت مع رفيق الدرب غازي حسين ثنائي أنا أكتب وهو يخرج.

في الإذاعة خلقنا نواة لرفقاء الدرب. كانت تجمعنا "اللقمة المغموسة". لم نكن نخرج من الإذاعة لأنها كانت تعني بالنسبة إلينا المعادل الموضوعي للحياة. وفي يومي الخميس والجمعة شكلنا فريق الرحلات في الإذاعة وكنا نصطحب كل الزملاء في جولة الى كل مناطق الدوحة لكسر الروتين، لذلك لم نكن نشعر بأن محمود الشاهد مدير الإذاعة.

أين يكمن سحر الإذاعة في تلك الفترة، وما أبرز المفاهيم التي رسختها؟

شعورك وأنت في سن صغيرة بأنك أصبحت مهما عندما يستوقفك أحدهم ويسألك عن آخر الأحداث التي وردت في نشرة الأخبار التي قرأتها، وتجيبه بثقة عن سؤاله. هذا يسمح لك بالتواصل مع الحياة والتي تمثل بالنسبة الي "الآخرين".

حدثنا عن البدايات وما الذي حفزك للاستمرار في هذه المغامرة التي تحولت بعد ذلك إلى حلم؟

شاركت في برنامج مع زميلي زهير قدورة، وكان يقدم برنامجا. أتذكر أنني قلت في البرنامج جملة كان لها وقع علي وهي "كلمات مضيئة"، ومن حسن حظي أن الظروف ساعدتني أن أكون أول مذيع قطري، وكذلك أن أقرأ نبأ استقلال وطني قطر، وأن أقرأ بيان الحركة التصحيحية التي قام بها الأمير الأب الشيخ خليفة بن حمد، والظروف ساعدتني كذلك أن أكون أول مذيع يقرأ نشرة الأخبار على تلفزيون قطر.. في نفس الوقت ساهمت الإذاعة في أن أكون غير محصور في إقليميتي.

لماذا لم تحاول أن تبرز هذه الخبرات وتخبر بها الأجيال الجديدة؟

أحيانا تشعر بأنك تريد أن تعطي هذا الجيل جزءا من تجربتك. نحن ظهرنا في ظرف زمني ساهم في تكويننا كانت فيه الساحة الشعرية تزخر بأسماء كبيرة في الشعر العربي، من بينهم نزار قباني وصلاح عبدالصبور وسميح القاسم ومحمود درويش وغيرهم. لو سألتك اليوم هل لدينا شعراء في قيمة الأسماء التي ذكرتها؟ طبعا الإجابة ستكون لا!

تظل إذاعة قطر ذلك الحلم الذي تحقق ومازال..؟

دائما ما أقول: مازلنا نحن العشاق حتى هذه اللحظة نعيش كل لحظة عشناها في هذا البيت الذي اسمه "إذاعة قطر". صحبة جميلة. زملاء عاشوا معنا من كافة الأقطار العربية. زملاء رحلوا سريعا ولكن يكفي أنني عندما أهاتف صديقا لي في دولة من الدول نجدد جزءا من ذكرياتنا ونسلم على بعض في مناسباتنا الدينية، اعتقد أن هذا هو الباقي في ذاكرتنا الجمعية، ولكن كنت أتمنى أن يكون لدينا نادٍ للإعلاميين يضم شتاتنا، أو يكون هناك برنامج للحديث عن الذكريات حتى ولو ساعة في الأسبوع. هناك مواقف كثيرة عشناها، وهناك زملاء ساهموا في تكويننا وساهمنا في تكوينهم، لكنها سنّة الحياة.

ما أبرز الأسماء التي تمثل بالنسبة إليك قيمة وتتمنى أن تكون حاضرة؟

لا يمكن أن أنسى شخصا عظيما جدا هو المرحوم محمود الشريف كان مدير الوزارة، وهو المؤسس لجريدة الدستور في الأردن. لا يمكن أن أنسى زملاء كانوا معنا في إذاعة قطر: محمد الحوت، وحسين ريان، محمد الدبسي. لا يمكن أن ننسى أبناء هذا الوطن الذين رحلوا عنا مثل غازي الدوسري، ومن الرفقاء الذين لا يمكن أن أنساهم ونحن على تواصل بشكل مباشر صديق رحلة الإذاعة والحياة غازي حسين، والإعلامي والصديق محمد المعضادي، وعلي البحر، والعديد من الزملاء، ولكن إيقاع الحياة سريع والدوحة تحولت الى مدينة انشطارية. أحيانا أمر على "فريجنا" القديم، أتذكر بيتنا لكن المكان تحول إلى شيء آخر.

مساحة إعلانية