رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

1928

الصحافة العالمية تحذر من تأثيرات انفجار بيروت على الاستقرار

07 أغسطس 2020 , 07:00ص
alsharq
ميناء بيروت بعد الانفجار- رويترز
احمد البيومي

تساءلت وسائل إعلام عالمية عن مستقبل لبنان بعد انفجار بيروت. وقال موقع بلومبيرغ إن الأحوال المعيشية والظروف الاقتصادية في لبنان تزداد سوءا حتى قبل وقوع الانفجار بسبب جائحة كورونا والأوضاع المضطربة في البلاد من سنوات.

 

وأضاف الموقع أن تلك الأوضاع أدت إلى تفاقم الأزمة المصرفية التي تركت معظم اللبنانيين غير قادرين على الوصول إلى مدخراتهم أو الاقتراض، كما بدت الحكومة وكأنها مفلسة، علاوة على أن المحادثات مع صندوق النقد الدولي من أجل إنقاذ البلاد لا تسير جيدا. ثم جاء الانفجار الكارثي يوم الثلاثاء الذي اندلع في منطقة ميناء العاصمة وحطم كل شيء مما أسفر عن مقتل 135 شخصًا على الأقل وإصابة الآلاف.

 

ونقل الموقع عن أحد اللبنانيين: "لقد كنا نتعثر بالفعل، ونعيش خطوة بخطوة، لكننا الآن تعرضنا للضرب القاسي. لا أستطيع تحمل تكاليف الإصلاح. نحن مدمرون بالفعل، وإذا لم يستيقظوا على ما يحدث الآن، فإن هذا الشعب قد انتهى".

وأوضح الموقع أن الانفجار الذي غذته شحنة ضخمة من نترات الأمونيوم المخزنة في الميناء على الرغم من تحذيرات السلامة المتكررة، لم يكن ليأتي في وقت أسوأ بالنسبة للبنان الذي يعاني من أعمق أزمة سياسية ومالية منذ انتهاء الحرب الأهلية التي استمرت 15 عامًا وانتهت عام 1990. ومع انحسار القتال، أصبح أمراء الحرب السابقون حكام البلاد، واقترضوا حتى النهاية ثم ضاعت خزائن الدولة لمدة ثلاثة عقود حتى لم يتبق شيء تقريبًا. وغالبًا ما تكون النتيجة دولة بالاسم فقط.

وأشار الموقع الأمريكي إلى أن التيار الكهربائي ينقطع يوميًا في الساعات الأخيرة، في حين يتم ترك القمامة دون تحصيل في الشوارع. كما أدى انهيار العملة إلى دفع التضخم إلى ما فوق 50٪، مما تسبب في محو مدخرات الحياة. وأخرج الانفجار الميناء الرئيسي في البلاد عن العمل ودمر صوامع الحبوب الرئيسية، مما يضمن أن ترتفع الأسعار مع تعطل سلاسل التوريد. ونوه الموقع إلى أن أسابيع من الاحتجاج الذي بدأ في أكتوبر الماضي ضد المحسوبية والفساد، تلاشت إلى يأس حيث يتطلع المزيد من اللبنانيين إلى اتباع الأجيال السابقة واللجوء إلى الهجرة.

ولذلك ناشد لبنان العالم بمساعدته مع تزايد المخاوف من نقص الغذاء في بلد يعتمد بشكل كبير على الواردات. وقدمت الكثير من البلدان مساعدات طبية ومساعدة في عمليات الإنقاذ. لكن عقودًا من الفساد والفشل في إثبات أن الطبقة السياسية في لبنان جادة بشأن الإصلاح تعني أن المانحين يظلون مترددين في تزويد الحكومة بدعم الميزانية. ومن المحتمل أن تكون أي مساعدة إنسانية أو تستهدف قطاعات محددة مثل الصحة. وبالأمس زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بيروت لتنسيق جهود المساعدة الدولية، كما زار الأحياء المدمرة حيث لم يجرؤ بعض قادة لبنان على زيارتها خوفا من الغضب الشعبي. وأوضح ماكرون أن المساعدة ستذهب مباشرة إلى الشعب وليس عبر دولة لم تظهر أي استعداد لتغيير أساليبها.

أوضاع مروعة

وأضاف الموقع الأمريكي أن الحكومة الحالية التي جاءت بعد احتجاجات حاشدة أسقطت الحكومة السابقة قد لا تدوم، نظرًا لعدم قدرتها على الحصول على دعم أجنبي كبير أو الإشراف على التعافي الاقتصادي أو ضمان السلامة العامة. وعلى الرغم من أن مشكلات لبنان هي تراكم لسياسات المحسوبية وسوء الإدارة العامة على مدى عقود، إلا أنه يواجه انتقادات لأنه لم يفعل سوى القليل لإدارة أزمات البلاد المتعددة. وبعد العجز عن سداد الديون المتراكمة البالغة 90 مليار دولار، وقبل الكارثة الأخيرة، كان لبنان يسعى للحصول على 10 مليارات دولار من المساعدات لدعم تحوله المالي. وقال محافظ بيروت مروان عبود لوسائل الإعلام المحلية إن فاتورة إصلاح العاصمة وحدها ستكلف ما يصل إلى 5 مليارات دولار لا تستطيع الحكومة تحملها.

وقال أيهم كامل، رئيس أبحاث الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة أوراسيا في مذكرة: "لم يعد قطاع كبير من الجمهور يعتقد أن الحكومة قادرة على إدارة شؤونه". وستتفاقم الأزمة الاقتصادية أيضًا لأن الميناء هو الصمام التجاري الرئيسي والقاعدة للعديد من السلع المخزنة التي تنتظر التخليص.

ونبه الموقع إلى أنه أصبح من الواضح أن السياسيين والمصرفيين لا يمكنهم الاتفاق حتى على حجم الخسائر المالية، ناهيك عما يجب أن يدفع ثمنها. فقدت الحكومة مستشارين ومسؤولين رئيسيين واستقال وزير الخارجية هذا الأسبوع، محبطًا لأن النخب السياسية كانت مشغولة جدًا بحماية مصالحها الخاصة لاتخاذ الخطوات التي يطالب بها المقرضون المحتملون لإنقاذ الاقتصاد من الانهيار.

وأكد بلومبيرغ أن المناطق الواقعة خلف مرفأ بيروت كانت من أكثر المناطق حداثة. وكانت كل من جميزة ومار ميخائيل والصيفي مليئة بالمطاعم والمحلات التجارية بالإضافة إلى المباني السكنية، والتي كانت مليئة بمزيج من المحتفلين العصريين والمقيمين منذ فترة طويلة. وخارج الميناء نفسه كانت الأحياء القديمة أيضا بهندستها المعمارية المميزة من بين الأكثر تضررًا.

ونقلت بلومبيرغ مشاهد قيام الشعب اللبناني بتنظيف الشوارع بعد الانفجار، كما وزع متطوعو بنك الطعام اللبناني الماء والسندوتشات بينما سارعت سيارات الإسعاف في الشوارع لنقل الجرحى الذين ما زالوا محاصرين. وقال أحد المارة: "لقد أغلقت الحكومة بالفعل منذ أربعة أشهر بسبب فيروس كورونا، الدولة لا تهتم. لا أعتقد أنهم يستطيعون مساعدتنا".

ولفت الموقع إلى أن لعبة اللوم قد بدأت بالفعل. حيث وعد رئيس الحكومة بالتحقيق عن ترك المواد الكيميائية القاتلة في المخزن لمدة ست سنوات على الرغم من خطرها. وطالب المنتقدون بفتح تحقيق دولي في هذه المأساة. ورغم وضع بعض مسؤولي الموانئ قيد الإقامة الجبرية بانتظار التحقيقات إلا أن الحكومة لم تذكر بعد ما ستفعله لتعويض أصحاب المنازل والأعمال.

مستقبل مدمر

من جانب آخر، كتب أليكس وارد، على موقع Vox تحليلا أعطى فيه صورة متشائمة للوضع اللبناني، محذرا من أن البلاد تتجه نحو مستقبل مدمر، خاصة أنه وقع في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة متفاقمة، بسبب الديون المتراكمة، وانهيار العملة، وإفلاس البنوك، ليأتي الانفجار الهائل ويضع البلاد أمام عبء جديد، ويطرح تساؤلات حول مستقبل البلاد.

وقال الكاتب إن الانفجار يزيد الوضع الاقتصادي سوءا، وينذر بانتفاضة شعبية واسعة النطاق، بعد أن أدى إلى تفاقم مشكلات اللبنانيين طويلة الأمد.

 

ويشير إلى المشكلات التي يعاني منها الاقتصاد حاليا، وأهمها نفاد مدخرات اللبنانيين وانهيار العملة، وارتفاع معدل البطالة، إلى نحو 25 في المائة، فيما يعيش حوالي ثلث السكان تحت خط الفقر. ودفع نقص الأموال ملايين اللبنانيين إلى براثن الفقر، ما أجبر البعض على تناول الطعام مرة كل يومين، وقد ازداد الأمر سوءا مع انهيار الليرة، ما رفع أسعار المواد الضرورية مثل الطعام.

ويحذر العديد من الخبراء من أن يصبح العديد من اللبنانيين لاجئين خارج البلاد، لكنهم لن يجدوا الكثير من البلدان المجاورة التي قد تستقبلهم، بسبب موقع لبنان الجغرافي. ومن المحتمل أيضا ألا يقدم صندوق النقد الدولي أي مساعدة للحكومة بسب سوء إدارة الحكومة لاقتصاد البلاد، بحسب التقرير، الذي أشار إلى اختفاء نحو 49 مليار دولار من خزينة البنك المركزي، في يونيو الماضي، وهو ما يعادل حوالي 91 في المائة من الناتج الاقتصادي للبنان لعام 2019. والسبب الثاني لعدم رغبة الصندوق تقديم مليارات الدولارات للحكومة، هو أن أقوى لاعب سياسي في لبنان الآن هو حزب الله.

وقالت لي لورا بيل، الخبيرة في جامعة ويست تكساس، للموقع إن "الوضع مروع: أزمة سياسية، أزمة اقتصادية، نقص الموارد، وباء كورونا، والآن الانفجار"، مشيرة إلى أن لبنان "يمكن أن يصبح بسهولة دولة فاشلة إذا لم تكن المساعدة الدولية كافية". ويخشى خبراء أيضا من أن يصبح لبنان مثل فنزويلا، وهو ما يعني حدوث انهيار تام للبلاد. ويقول تقرير الكاتب إن السؤال الذي يطرحه الكثيرون الآن هو ما إذا كانت الأزمة الاقتصادية، ممزوجة بالانفجار، وتفشي الفيروس، ستؤدي إلى انتفاضة شعبية، ويقول إن استمرت الانتقادات الشعبية للحكومة، وصمد المحتجون في الشوارع، فإن ذلك سيعني أن "الأزمة السياسية المتفاقمة تزداد سوءا".

وكان تقرير صادر عن "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" قد قال إن لبنان يمر بأزمة مالية أدت إلى انهيار الاقتصاد وتفاقم الديون وانهيار العملة حتى أصبحت البلاد بحاجة إلى 93 مليار دولار للخروج من هذه الأزمة. وأكد التقرير الذي كتبه المحامي والكاتب الاقتصادي جيمس ريكاردز، والرئيس التنفيذي للمؤسسة مارك دوبويتنز، أن مشكلة لبنان الأساسية التي أدت إلى هذا الوضع هو حزب الله الذي يسيطر على الحكومة.

مساحة إعلانية